الشجرة الملعونة

قال الله تعالى : (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً)
Tuesday, August 29, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
الشجرة الملعونة
الشجرة الملعونة



 

قال الله تعالى : (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً) (1).
ذكر المفسّرون في سبب نزول هذه الآية أنّ رسول الله صلى الله عليه واله رأى في منامه قروداً تصعد منبره وتنزل فساءه ذلك واغتمّ به ، وروي أنّ جبرئيل أخبره أنّ هؤلاء هم بنو أُميّة أخبره الله سبحانه بتغلّبهم على بني هاشم وقتلهم ذريته ، فلم يستجمع النبي صلى الله عليه واله بعد ذلك ضاحكاً حتّى مات (2) فبنوا أُميّة هم الشجرة الملعونة.
ومن جملة الآيات النازلة في ذمّ بني أُميّة ، هي آيات سورة القدر المباركة فإنّ المقصود من قوله تعالى «ألف شهر» هي مدّة حكم بني أُميّة لانّهم حكموا البلاد ألف شهر بعدما حُرموا من البركات الأُخروية لهذه الليلة طيلة سنين حكمهم ، فقد روى الفخر الرازي في تفسيره وابن الأثير في أُسد الغابة عن الإمام المجتبى عليه السلام أنّ رسول الله رأى بني أُميّة في منامه وهم قرود ينزون على منبره فساءه ذلك فأنزل الله تعالى قوله : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ...) حيث أخبره أنا مدّة ملكهم ألف شهر ، يقول القاسم ـ الراوي ـ : عددنا السنين فوجدنا أنّ أيّام بني أُميّة كانت ألف شهر (3).
وقال المسعودي في مروج الذهب : كانت مدّة حكم بني أُميّة إلى زمان انقراضهم ومجيء بنو العبّاس الف شهر بلا زيادة ولا نقيصة.
هل كان بنو أُميّة من قريش؟
هناك كلام كثير في صحّة نسبة بني أُميّة إلى قريش لا سيّما البارزين منهم ، بل صرّح بعدم اتّصالهم بقريش وذلك لأن أُميّة وهو جدّهم الأعلى كان عبداً رومياً لعبد شمس اشتراه في إحدى سفراته وكان العرب أيّام الجاهلية يلحقون الولد بالتبنّي بسيّده فعُرف في الأوساط أنّه ابن عبد شمس وفقاً لتقاليدهم الجاهلية وقد صرّح أمير المؤمنين علي عليه السلام في إحدى رسائله إلى معاوية حيث خاطبه : ليس أُميّة كهاشم ولا حرب كعبد المطّلب ولا أبو سفيان كأبي طالب ، ولا المهاجر كالطليق ولا الصريح كاللصيق» (4)
وصرّح العالم المصري محمّد عبده في شرحه لنهج البلاغة عن كلمة «صريح» وهو كلّ من كان نسبه صحيحاً و «اللصيق» كلّ مَن لم يكن نسبه صحيحاً بل لُصق بغير أصله من القبائل.
وقد عُرف أُميّة بالانحراف فقد كان يتعرّض للنساء ويعمل الفواحش والزنا ، وحينما حُكم عليه بترك مكّة عشرة سنين غادرها إلى الشام وهناك مارس الزنا مع امرأة يهودية متبّعلة من يهودي فحملت منه ـ من أُميّة ـ ثمّ أنجبت ولداً اعتبره أُميّة ولده وأطلق عليه كنية أبو عمرو وسمّاه ذكوان وهو والد أبي معيط وجدّ العقبة ، وعقبة هذا هو والد الوليد بن عقبة أخو عثمان بن عفّان من أُمّه (5).

أُسرة أبي سفيان :

من بين الذين صدّوا دعوة الإسلام ووقفوا منها موقفاً سلبيّاً تمثّل في العناد واللجاج والمقاومة والحرب هو أبو سفيان الذي كان أكثرهم عناداً ، فقد عمل على إطفاء نور الإسلام في معركة بدر وأُحد والخندق التي قاد فيها المشركين ، بل كان زعيمهم وقائدهم في أُحد والخندق.
فكان أبو سفيان وزوجته وأولاده في طليعة الذين عملوا على إيذاء رسول الله صلى الله عليه واله وصدّه ومنعه ، والعمل على حماية المشركين والدفاع عنهم ، فقد اشترك فيم عركة بدر مع أولاده معاوية وحنظلة وعمرو فقتل الإمام علي عليه السلام حنظلة منهم وأسر عمرو ولاذ معاوية بالفرار من الحرب الضروس وانطلق إلى مكّة هارباً ولمّا وصلها كانت قدماء قد ورمتا (6).
هند آكلة الكبد :
عرفت هند أُمّ معاوية بهذا الاسم «آكلة الأكباد» لأنّها مثّلت بحمزة سيّد الشهداء عمّ النبي صلى الله عليه واله بعد حرب أُحد بسبب حقدها وكرهها له ثمّ استخرجت كبده وقطعته ولاكته في فيها ثمّ استخرجته وعملت منه ثلادة حول عنقها وهذا دليل كفرها وشدّة بغضها للإسلام فهي كأبي سفيان لا تختلف عنه في عدائها للرسول صلى الله عليه واله وللإسلام بل كانت أكثرهم عداوة.
عداء أبي سفيان :
لقد كان أبو سفيان في كفره وعدائه للإسلام أوضح بكثير من كفر إبليس منذ بدايات البعثة وإلى ىخر يوم توفّي فيه النبي صلى الله عليه واله ، فقد كان من قادة المشركين في عداوة النبي صلى الله عليه واله ، وتولّى بنفسه التصدّي لرفع راية الكفر والشرك وصدّ الشباب الذين يعتنقون الإسلام ، فقد كانت له في مكّة شباك وخداع ومكر يتصيّد بها هؤلاء ويمنعهم من الدين الجديد ، وحتّى لمّا هاجر النبي صلى الله عليه واله إلى المدينة عمل أبو سفيان على صدّه ومنعه من نشرالدين فأوجد له الحرب تلو الأُخرى كلّ ذلك دفاعاً منه عن الشرك وعبادة الأصنام والاطاحة بالرسالة الإلهية وبثّ التحلّل الأخلاقي مقابل الدعوات الأخلاقية التي كان النبي صلى الله عليه واله يعمل النشرها بين الناس (7).
فقد ذكر الزمخشري وهو أحد أعلام أهل السنّة قائلاً :
كان أبو سفيان رجلاً قصير القامة قبيح المنظر وزوجته هند ، وكانت له أجيرة وعاملة تعمل له اسمها صباح (ذات جمال وطراوة في قمّة أُنوثتها) فكانت هند تنظر لها على أنّها أجيرة وأمة إلّا أنّ الأُمور لم تدم هكذا بل اندفع أبو سفيان إلى صباح ليشكّل معها علاقة غير مشروعة في الخفاء ، حتّى اعتقد بعض المؤرخين أنّ عتبة ـ فضلاً عن معاوية ـ ابن أبي سفيان من صباح وليسا من هند ، ولهذا كانت هند غيرسعيدة بهذا الولد الجديد بعدما فضلت صباح أن تضعه بعيداً عن بيت أبي سفيان بل اختارت أن تضعه في الصحراء وهكذا كانت ولادة عتبة (8).
أُسرة بني أُميّة :
قال رسول الله صلى الله عليه واله : «بنو أُميّة عائلة مطرودة ومكروهة ليسوا من المهاجرين ولا من الأنصار ، حصلوا على ثروات المسلمين بالغارات والمكر والتظاهر بالدين واستعبدوهم» (9).
وخلال فترة حكم بني أُميّة لم يكن منهم شيء يذكر سوى الرجوع إلى عصر الجاهلية والكفر والإلحاد (10).
وكان أبو سفيان يقول : اللهمّ أرجع إلينا أيّام الجاهلية لنحمي فيها حكمنا ، واستقلالنا (11).
وقال أيضاً : أقسم بالله إنّي إن بقيت حيّاً لانتزعت الحكم من بني هاشم (12).
وقال معاوية ابنه بعد ما صالح الإمام الحسن عليه السلام : إنّي لم أُحاربكم لتصوموا وتصلّوا بل قاتلتكم لأتأمّر عليكم (13).
وحينما وصلت الخلافة لعثمان ودخل عليه أبو سفيان قال لمن كان عند عثمان من بني أُميّة : تلقّفوها تلقّف الكرة فوالذي يقسم به أبو سفيان لا جنّة ولا نار (14).
لقد حكم معاوية بلاد الشام طيلة اثنين وأربعين عاماً من بعد رحيل النبي صلى الله عليه واله ، (أي من بعد استشهاد الإمام علي عليه السلام عشرين عاماً وعشرة سنين من بعد استشهاد الإمام الحسن عليه السلام) إلى أن توفّي عام ستين للهجرة في النصف من رجب.
فقد حكم الشام خمس سنوات من قبل عمر بن الخطّاب ، وبقي حاكماً فيها أيّام عثمان بن عفّان ، وخمس سنوات (أو أقل) في زمان خلافة أمير المؤمنين علي عليه السلام وستّة أشهر في خلافة الإمام الحسن عليه السلام وخلال هذه السنين كان في صراع مرير مع أمير المؤمنين علي والحسن صلوات الله عليهما وخاض ضدّهما الحروب ، ثمّ حكم الشام بعدهما عشرون عاماً ، وامتازت فترة حكمه هذه بالحروب الظالمة وفي نهاية عمره أخذ البيعة لابنه يزيد الطاغية من المسلمين.
وبُعّد عثمان بن عفّان ومعاوية في طليعة الحكّام الأربعة عشر المنحدرين من السلالة السفيانية والمروانية الأموية الذين حكموا المسلمين من عام ٤١ هـ وإلى عام ١٣٢ هـ بما يعادل الف شهر (15).
وأمّا عن جرائم معاوية فهي كثيرة جدّاً منها أنّه نقض عهده مع الإمام الحسن عليه السلام حينما صالحه على شروط ، ووضعه لعهوده وتعهّداته تحت قدميه بالنسبة لشيعة علي عليه السلام ولذلك فإنّه أسرف في قتلهم وشدّد عليهم ولاحقهم في كلّ مكان ، وكان من جملة الذين قتلهم الزاهد المعروف حجر بن عدي وستّة أشخاص من أصحابه وبلغ الأمر بمعاوية أنّه كان يفعل ما يشاء!!
الشجرة المدعو عليها :
قال رسول الله صلى الله عليه واله : «إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه» (16).
وذات مرّة أرسل النبي صلى الله عليه واله ابن عبّاس خلف معاوية ، فلمّا ذهب إليه وجده مشغولاً بالأكل فلمّا عاد أخبر النبي بذلك فقال صلى الله عليه واله : «لا أشبع الله بطنه» (17)
وبالنتيجة فقد استجاب الله دعاء النبي صلى الله عليه واله في حقّ معاوية ، فكان كلّما جلس على طعام لا يقوم منه وكان يقول عن نفسه : ما تركت الطعام عن شبع وإنّما تركته عن ملالة!! وكان يشرب الخمر ويحكم الناس باسم الإسلام (18)!
بين جارية ومعاوية :
في عهد معاوية كان أحد رؤوساء عشائر العرب اسمه جارية وهو بمعنى : الحيّة من جنس الأفعى كما قال به صاحب كتاب أقرب الموارد في اللغة ، وكان جارية رجلاً قويّاً صريحاً ذو شخصية مهيبة ، وكان قد أعرب من عدم رضاه من حكم معاوية ومن كان معه بل كان يكرهه ويعاديه ، فقرّر معاوية ذات يوم أن يهينه أمام الناس من خلال اسمه ولمّا حانت الفرصة الجيّدة والتقى به قال له : ما أقلّ قدرك وحقارتك عند قومك حين سمّوك أفعى ، فأجابه جارية على البداهة : وما أقلّ قدرتك وحقارتك في قومك حين سمّوك معاوية (وهي أُنثى الكلب) فغضب معاوية لمّا سمع ذلك منه وقال له : اسكت لا أُمّ لك ، فقال جارية : إنّ لي أُمّاً أنجبتني ، أُقسم بالله أنّ القلوب التي أبغضناك بها ما تزال في صدورنا ، والسيوف التي قاتلناك بها ما تزال بأيدينا ، وإنّك لعاجز عن حكمنا واهلاكنا بالقوّة ، فإنّك قد عاهدتنا في ملكك ونحن موفون بعهدنا معك على الطاعة وعدم الخروج عليك ، فإن وفيت بعهدك معنا وفينا لك بالطاعة ، وإن نقضت عهدك فاعلم أنّ خلفنا رجال أشدّاء ورماح قاطعة ، فلمّا سمع معاوية ذلك منه ورأى انكساره أمامه قال : لاكثّر الله من أمثالك.
شريك بن الأعور ومعاوية :
كان شريك بن الأعور رئيس قومه المطاع في زمان معاوية ، وكان ذو شكل قبيح ، علاوة على اسمه واسم أبيه ، وكان شريك من جملة الذين حاول معاوية الاستهزاء بهم وإذلالهم أمام الناس كعادته الحقيرة ، فقال له معاوية يوماً حينما دخل عليه وهو ـ معاوية ـ في أوج قدرته : اسمك شريك وليس لله شريك ، وأنت بن الأعور والصحيح أحسن منه ، ولك وجه قبيح والجميل أفضل منه ، كيف مع كلّ ذلك ولّاك قومك أمرهم؟!
فقال شريك : أقسم الله إنّك معاوية وهي الكلبة العوّاء فكأنّي بك تعوي حتّى سمّاك أهلك معاوية ، وأنت ابن حرب وصخر ، والأرض الصافية خير من الأرض الصخرية ، ومع كلّ هذا كيف ولّاك المسلمون زمام أمرهم؟!
فغضب معاوية وانكسر امام اتباعه فأقسم على شريك أن لا يخرج من مجلسه (19).
سياستان متضادّتان :
من كلام للإمام علي عليه السلام وجّهه إلى جيشه : لا تريقوا دماً بغير حقّ على الأرض وإن قلّ.
بينما قال معاوية لجيشه : لا تتركوا النساء والأطفال من دون قتلٍ (20).
وبالمقابل فإنّ معاوية لمّا استتبّت له الأُمور أوصى جلاوزته أن يبحثوا عن أتباع الإمام علي عليه السلام ويقتلوهم تحت كلّ حجر ومدر.
أين قبر معاوية اليوم؟
ينقل أنّ السيّد محمّد صادق الطباطبائي وهو رجل معروف في ايران كان في عصر المشروطة في عهد الپهلوي نائباً لرئيس مجلس الشورى الوطنوي ، وقد سافر في عام ١٩٥٧ م إلى سوريا ، وهناك فكّر في نفسه في أن يرى قبر معاوية ، فأخذ يسأل الناس عن ذلك ولكن كلّ مَن سأله رأى عليه آثار النفور والفرار من الجواب ، فبقي يواصل البحث والسؤال إلى أن انتهى به الأمر إلى محلّ خارج المدينة فالتقى بصاحبه وعرض عليه السؤال مع مبلغ من المال ، فوافق الأخير إلّا أنّه اشترط عليه أن يدلّه من خارج المدينة وعن بعد ثمّ يتركه ويعود ماشياً ليبقى الأمر على السيّد الطباطبائي ، فوافق السيّد ومضيا معاً إلى قبر معاوية.
والآن لنترك السيّد نفسه يصف الموقف حيث قال : لم تكن المسافة بعيدة كثيراً إلى أن وصلت إلى منزل خرب فدخلتُ فيه وكان وسطه باحة حقيرة وخربة وكان فيه غرفتان صغيرتان في حدود ٢٠ متراً فتقدّمت إلى أن وصلت إلى سلّم صغير من ثلاث درجات نزلت منها إلى باحة الدار الذي كان يتوسّطه حوض فيه ماء غضّ راكد تسبيح فيه بطّتين ، وفي جانب من الدار هناك امرأة عجوز طاعنة في السنّ بيدها مغزل وأمامها قليل من الصوف فلمّا رأتني قالت : ماذا تعمل هنا؟ فقلت لها : جئت لأرى قبر معاوية ، فقالت : أنت من العراق أليس كذلك؟ وذلك لأنّ أهل الشام لا يأتون هذا المكان أبداً ، فأشارت بيدها إلى إحدى الغرفتين العتيقتين فذهبت إليها وكانت بابها من الخشب ففتحتها ودخلت وكانت غرفة تبلغ مساحتها ١٢ متراً تقريباً في وسطها قبرين على أحدهما خرقة خضراء مندرسة وشمعدان فضّي قديم فوقفت عليه لحظات متظاهراً بقراءة سورة فاتحة إلّا أنّني لعنته وبني أُميّة معه ثمّ خرجت (21).
جواز لعن معاوية :
روي عن كتاب «عين الأئمّة» عشرة أدلّة لجواز لعن معاوية وهي :
١ ـ خروجه عن طاعة أمير المؤمنين علي عليه السلام.
٢ ـ محاربته بالسيف لخليفة المسلمين وأمير المؤمنين علي عليه السلام.
٣ ـ غصبه لخلافته عليه السلام.
٤ ـ التنكّر لأهل البيت عليهم السلام وإنكار منزلتهم.
٥ ـ اعتقاده بأحقّيته للإمامة.
٦ ـ كتمان فضائل أمير المؤمنين عليه السلام.
٧ ـ لعنه لأمير المؤمنين علي عليه السلام على المنبر.
٨ ـ تحميله قتل عثمان للإمام علي عليه السلام بهتاناً.
٩ ـ اعطاءه الولاية بعده ليزيد الكافر.
١٠ ـ قتله للإمام الحسن عليه السلام ووصيّته لمن بعده بقتل الحسين عليه السلام ولذلك فهو يستحقّ اللعن من دون أي شرط أو محذور (22).
المحامي الأوحد عن الإسلام :
لقد عمل معاوية لعنه الله طيلة أيّام حكمه ـ عشرون عاماً ـ على تقوية أساس الحكم لمن سيأتي بعده وهو ابنه الحقير يزيد ، رأس الفساد والثمرة المشؤومة من الشجرة الأموية الملعونة ، فبعد أن هلك معاوية جاء الطاغية يزيد إلى السلطة وهو يحمل كرهاً وحقداً شديدين للنبي صلى الله عليه واله وكان ينظر إلى حروبه ـ بدر وأُحد والأحزاب وغيرها ـ بنظره المخالف الكاره ، وهكذا صارت زمام الإسلام وهو الدين الذي يُراد منه انقاذ الإنسان من كلّ ألوان التخلّف من خلال قوانينه ومبادئه التي تسمح للناس في المشاركة وابداء وجهة النظر .. صارت زمامه اليوم بيد يزيد الرجس الذي انكر الرسالة المحمّدية والوحي بكلّ وضوح وصراحة كجدّه أبي سفيان الذي لم يعترف بكلّ شيء في هذا الاتجّاه (23)
ففي مثل هذه الأوضاع من انتشار الفساد في أرجاء الحكومة الإسلامية ، وعودة العناصر الرذيلة إلى السلطة الذين يعملون على إعادة الجاهلية إلى مسرح الحياة من جديد ماذا يعمل الإمام الحسين عليه السلام الذي هو رمز التقوى والطهارة وسنبل الحرّية والمدافع الوحيد عن الدين الإسلامي؟ فهل يبايع مثل يزيد ويؤيّد جرائمه وانحرافه ويقرّ بصحّة نواياه القذرة؟ بالطبع لا ، فالحسين عليه السلام لا يفعل ذلك ، كما صرّح هو بنفسه حينما دعاه الوليد والي المدينة وقرأ عليه رسالة يزيد التي تطالبه بأخذ البيعة من الحسين عليه السلام فقال عليه السلام حينها : «إنّا أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة بنا فتح وبنا يختم ومثلي لا يبايع مثله ..» (24).
ومنذ ذلك الحين انطلق الإمام الحسين عليه السلام في نهضته وحركته ليعرّف المسلمين حقيقة يزيد القذرة ويحذّرهم من نواياه الخطيرة وذلك من خلال إعلان الثورة عليه حتّى قتل مظلوماً شهيداً وحينها عرف الناس حقيقة بني أُميّة ، فانطلقوا في محاربتهم من خلال الثورات المتواصلة في أرجاء البلاد الإسلامية حتّى سقط هذا النظام في نهاية الأمر وأدّى إلى زوال بني أُميّة (25).
وكما قلنا سابقاً ففي عهد معاوية ثمّ تصفية أكبر وأبرز رجال الشيعة أمثال حجر بن عدي ورشيد الهجري جرّاء حبّهم ولائهم لأهل البيت والتزامهم بولاية أميرالمؤمنين عليه السلام ، فضلاً عن تمهيده المقدّمات لقتل الإمام الحسن عليه السلام سبط رسول الله صلى الله عليه واله عن طريق دسّ السمّ إليه (26).
المصادر :
1- سورة بني اسرائيل : ٦٠ وقد صرّح القمّي في تفسير ج ٢ ص ٢١ طبع النجف ١٣٨٧ ه والعياشي في تفسيره ج ٢ ص ٢٩٨ طبع علمية إسلامية وغيرهما إنّ الشجرة الملعونة هم بنو أُميّة.
2- مجمع البيان ج ٣ ص ٤٢٤.
3- تتمّة منتهى الآمال للمحدّث القمّي ص ١٠٨ / فارسي.
4- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١٦ ص ١١٨.
5- قبس من عظمة الإمام الحسين عليه السلام لآية الله العظمى الشيخ لطف الله الصافي الگلپايگاني ص ٢٣٠ / فارسي ، نقلاً عن شرح نهج البلاغة ج ٣ ص ٢٥٤ وص ٤٦٧.
6- المصدر السابق ص ٢٣٧ / فارسي.
7- فلسفة ثورة الحسين عليه السلام ص ٨٠ / فارسي.
8- ربيع الأبرار.
9- الف شهر أسود ص ٨٤ / فارسي.
10- المصدر السابق ص ٧٦ / وقد ترجمت النصوص بالمعنى.
11- المصدر السابق ص ٦٣ / وقد ترجمت النصوص بالمعنى.
12- الإمام علي عليه السلام ص ٢١٢.
13- عائشة في عهد معاوية للعلّامة السيّد مرتضى العسكري ص ١٢٥.
14- فلسفة ثورة الحسين ص ٢٨.
15- بررسي تاريخ عاشوراء ص ٤٧ (دراسة تاريخ عاشوراء) للدكتور أيتي بيرجندي / فارسي.
16- الغدير ج ١٠ ص ١٤٢ لآية الله الشيخ عبد الحسين الأميني طبع بيروت ، وفضائل الخمسة ج ٣ ص ٢٤٣ لآية الله السيد مرتضى الفيروزآبادي ، وميزان الاعتدال للذهبي ج ٢ ص ٧ و ١٢٩.
17- سفينة البحار ج ١ ص ٦٨٣ للمحدّث المرحوم عبّاس القمّي.
18- الغدير ج ١٠ ص ٨٣.
19- الطفل بين الوراثة والتربية ج ٢ ص ٢٣٢ فلسفي / فارسي.
20- عائشة في عصر معاوية ص ١٢٠ / فارسي.
21- الف شهر أسود ص ١٦٧ نقلاً عن مجلّة المطالعة العدد ١٣١ / فارسي.
22- كامل البهائي ج ٢ ص ٢١٠ / فارسي.
23- انظر البداية والنهاية ص ١٩٧ ، ومقاتل الطالبيين ص ١٢٠.
24- البحار ج ٤٤ ص ٣٢٥ ، والدمعة الساكبة ص ٢٧٣ ، وأعيان الشيعة ج ٤ ص ١١٢ ، ومقتل الخوارزمي ج ١ ص ١٨٤.
25- مجلّة مكتب اسلام رقم ٢ ص ١٢ / فارسي.
26- اقتباس من كتاب : تحقيق قصير عن الشيعة للعلّامة الشيخ يحيى النوري ص ٩٣ / فارسي.
 


نظرات کاربران
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.
المقالات ذات صلة