الشام في القرآن والروايات

إنّ من يراجع الآيات والروايات الواردة في مدح الشام خاصّة دمشق يجد لهذه الأرض قداسة عظيمة في الإسلام ، فمن الآيات الواردة في مدح أرض الشام هي قوله تعالى : (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ)
Saturday, October 28, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
الشام في القرآن والروايات
 الشام في القرآن والروايات



 

إنّ من يراجع الآيات والروايات الواردة في مدح الشام خاصّة دمشق يجد لهذه الأرض قداسة عظيمة في الإسلام ، فمن الآيات الواردة في مدح أرض الشام هي قوله تعالى : (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) (١).
وقد نصّت روايات العامّة والخاصّة على أنّ المراد من الأرض المقدّسة هي بلاد الشام ، فقد نقل المحدّث الجليل الفيض الكاشاني في تفسيره «الصافي» اثر تفسير للآية الكريمة نقلاً عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال : الأرض المقدّسة يعني الشام (٢).
أمّا شيخ المفسّرين الطبرسي قدس سره فقد قال في تفسير الآية : وهي ـ الأرض المقدّسة ـ دمشق ، وفلسطين ، وبعض الأردن ....
والمقدّسة : المطهّرة ، طهرت من الشرك ، وجعلت مكاناً وقراراً للأنبياء والمؤمنين (٣).
وجاء في بعض الكتب أنّ نبي الله إبراهيم عليه وعلى نبيّنا وآله السلام عندما كان مقيماً في بعض جبال لبنان اشتاق إلى رؤية الأرض المقدّسة ، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه فقال : اصعد على رأس الجبل وانظر ، فما أدرك نظرك فهو مقدّس ، فنظر فانتهى نظره إلى دمشق وفلسطين والأردن.
ومن الآيات الكريمة الواردة في مدح الشام أيضاً قوله تعالى : (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) (4) فقد قيل أنّ المراد بقوله : باركنا حوله هي دمشق وفلسطين.

أربعة قصور من الآخرة

أمّا الروايات الشريفة الواردة عن طريق أهل البيت عليهم السلام في مدح الشام منها ما ورد عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنّه قال : أربعة من قصور الجنّة في الدنيا : المسجد الحرام ، ومسجد الرسول صلى الله عليه واله ، ومسجد بيت المقدّس ومسجد الكوفة (5).
وقد وردت العديد من الروايات الشريفة المؤكّدة على كثرة الثواب لكلّ من يصلّي في المسجد الأقصى منها ما عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : صلاة في بيت المقدس تعدل ألف صلاة وصلاة في المسجد الأعظم تعدل مائة ألف صلاة ، وصلاة في مسجد القبلة تعدل خمساً وعشرين صلاة ، وصلاة في مسجد السوق تعدل اثنتي عشرة صلاة ، وصلاة الرجل في بيته تعدل صلاة واحدة (6).
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : صلاة في بيت المقدس ألف صلاة ، وصلاة في المسجد الأعظم مائة صلاة وصلاة في مسجد القبيلة خمس وعشرون صلاة وصلاة في مسجد السوق إثنا عشر صلاة ، وصلاة الرجل في بيته وحده صلاة واحدة (7).
وعن رسول الله صلى الله عليه واله قال : الصلاة في المسجد الحرام مائة الف صلاة ، والصلاة في المسجد الأعظم مائة صلاة ، والصلاة في مسجد القبيلة خمس وعشرون صلاة ، والصلاة في مسجد السوق اثنا عشرة صلاة ، وصلاة الرجل وحده في بيته صلاة واحدة (8).
وعن ابن عبّاس أنّه قال : فانطلقوا ـ بنو اسرائيل ـ يؤمّون الأرض المقدّسة وهي فلسطين وإنّما قدسها لأنّ يعقوب عليه السلام ولد بها وكانت مسكن أبيه إسحاق ويوسف ونقلوا كلّهم بعد الموت إلى أرض فلسطين (9).

تقديس الامبراطوريتين للبيت المقدس

عندما انتصر الروم على الفرس استرجح الامبراطور «هراكليوس» البيت المقدس من الملك خسرو خرج الامبراطور «هراكليوس» من الحدود الايرانية حافي القدمين إلى البيت المقدس شكراً لله تعالى لهذا النصر بينما كان الناس ينشرون في طريقه الورود والرياحين (10).
وفي «منتخبات التواريخ» للحصني نقل عن السهيلي أنّه قال : أنّ المراد بـ «باركنا حوله» هي الشام ، وأنّ المراد بالشام في اللغة السريانية بمعني النظيفة ، ومن هنا قالوا : أنّ أرض الشام نظيفة مليئة بالخيرات والنعم.
وقيل أيضاً أنّ المراد من قوله تعالى «باركنا فيه» في الآية الكريمة : (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدَاً وسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدَاً فَجَعَلْنَاهُمْ الْأَخْسَرِينَ) (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا) (11) وقوله تعالى : (تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا) (12) هي الشام.
وذكر أبو بكر الخوارزمي فقال : جنّات الدنيا أربع : غوطة دمشق وصفد سمرقند وشعب بوان وايلة البصرة. وأفضلها غوطة دمشق.
وفي روايات العامّة ورد الكثير من المدح لأرض الشام خاصّة دمشق وإن كان يقوى الظنّ أنّ معظمها قد جعلت من وعّاظ السلاطين ليرضوا رؤوساءهم ويغطّوا جرائمهم أمثال أبي هريرة وضّاع السنّة الشهير الذي روى العديد من الروايات في مدح أرض الشام ، ومنها قوله : أربع مدن من مدن الجنّة : مكّة والمدينة وبيت المقدس والشام.
وروى أيضاً أنّ رسول الله صلى الله عليه واله قال : ستكون فتن ، قيل : يا رسول الله فماذا تأمرنا؟ قال : عليكم بالشام.
ونحن نتساءل منه قائلين كيف يكون ذلك والحال أنّ الشام منذ وفاة رسول الله صلى الله عليه واله إلى اليوم محلّ للقردة الأمويين بحيث إنّ الإمام الباقر عليه السلام لا يذكر أهل هذه البلادة إلّا واستاء؟ ففي الحديث أنّه عليه السلام قال : نعم الأرض الشام ، وبئس القوم أهلها ، وبئس البلاد مصر؛ أما إنّها سجن من سخط الله عليه ، ولم يكن دخول بني اسرائيل إلّا معصية منهم لله. لأنّ الله قال : (ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) (13) ، يعني الشام ، فأبوا أن يدخلوها بعد أربعين سنة. قال : وما خروجهم من مصر ودخلوهم الشام إلّا بعد توبتهم ورضا الله عنهم (14).
وفي تفسير الإمام العسكري عليه السلام أنّه لمّا بلغ أمير المؤمنين عليه السلام أمر معاوية ، وأنّه في مائة ألف قال : من أي القوم؟ قالوا : من أهل الشام. قال : لا تقولوا من أهل الشام ، ولكن قولوا من أهل الشؤم ، هم من أبناء مصر ، لعنوا على لسان داود ، فجعل منهم القردة والخنازير (15).

الآثار التاريخية في الشام

هنك عدّة أُمور جعلت منطقة الشام خاصّة تنال اهتمام الطواغيت الذين أخذوا يتنافسون لبسط قدراتهم عليها منها نقاء هواءها ولطافت الجو وكثرة نعمها وموقعها السياسي الحسّاس فضلاً عن الآثار التاريخية والمشاهد العظيمة والمزارات المباركة ، فمن أهم تلك الآثار التاريخية هو :
آثار الشام في عهد الأنبياء عليهم السلام
نقل محمّد أديب الحصني في كتابه «منتخبات التواريخ» عن رحلة ابن بطوطة فقال : قاسيون هم اسم لجبل يقع في شمال دمشق ، والصالحية تقع في ساحل هذا الجبل ، وهو جبل معروف بالبركة إذ أنّ الأنبياء كانوا يتسلّقون عليه. ومن المشاهد المقدّسة في هذا الجبل هو غار نبي الله إبراهيم عليه السلام الذي ولد فيه وغار ضيّق ، كما يوجد على الجبل مسجد كبير وصومعة ، وقيل إنّ نبي الله إبراهيم عندما كان يشكّك في الآلهة المزيّفة ـ كما هو مذكور في القرآن الكريم ـ إنّما شكّك فيها في هذا الغار.
وفي خلف الغار يقع مقام نبي الله إبراهيم عليه السلام حيث كان يجلس فيه عندما يخرج من الغار ، ناهيك عن «مغارة الدم» التي تقع بالقرب من الغار وعليها صخرة حمراء يقال إنّ قابيل عندما قتل أخيه هابيل أخذ يجرّ جسده إلى هذا الغار فحفظ الله تبارك وتعالى دم هابيل وأبقاه كعبرة على هذه الصخرة.
ويقال إنّ في هذا الغار صلّى نبي الله إبراهيم وموسى وعيسى وأيّوب ولوط عليهم السلام ، وفي نفس الغار وعندما يصعد الإنسان بعض الدرجات يوجد مسجد وبعض البيوت والحجر التي كانوا يسكنون فيها.
بالاضافة إلى ذلك هناك كهف فوق الجبل ينسب لنبي الله آدم عليه السلام وله بناء لا بأس به ، وبالأسفل منه يقع «غار الجوع».
ونقل القزويني وابن الوردي بشكل مختصر عن هذه الآثار فقالا : جبل قاسيون يطلّ على دمشق وفيه آثار الأنبياء فضلاً عن الغارات والكهوف ومنها غار «الدم» الذي نقل أنّ قابيل قتل هابيل فيه ، وهناك صخرة يقال إنّ قابيل هشّم رأس أخيه هابيل بها ، ويوجد أيضاً غار يسمّى بغار الجوع.
ونقل شهاب المينني فقال : يطلّ جبل قاسيون على مدينة دمشق ، وعلى ساحل الجبل هناك مدينة الصالحية وكانت تسمّى قديماً بـ «قرية النخل» أو «قرية الجبل». وعلى ساحل الجبل هناك قبور لا تحصى للأنبياء والصلحاء وقد اندرس أكثرها ولم يبق منها سوى قبر ذي الكفل عليه السلام.
ومن الآثار التاريخية أيضاً هو الكهف الذي أُشير إليه في القرآن الكريم كما نقل البعض ، إلّا أنّ الأصحّ أنّ هذا الكهف هو كهف طرطوس ، وفي هذا الجبل مقام بعض الصالحين كانوا يتعبّدون ويدعون الله تعالى هناك ، وبالجنب من هذا المقام يوجد «غار الدم» وبالأعلى من هذا المقام هناك مكان يستجاب فيه الدعاء يقال له «المستغاث» يقصده أصحاب الحوائج ويدعون فيه ويتوسّلون.
الآثار التاريخية في عهد الإسلام
١ ـ المسجد الجامع : من الأبنية التاريخية في الشام هو مسجد الجامع في دمشق الذي يعدّ من عجائب هذه البلاد.
شيّد هذا المسجد الوليد بن عبد الملك سنة ٨٦ أو ٨٧ أو ٨٨ بعد أن صرف عليه خراج البلاد لمدّة سبع سنين وقد بالغ المؤرخون في الحديث عنه ، فمن كلام لابن بطوطة قال فيه : أنّ مسجد دمشق هو من أكبر مساجد الدنيا من حيث السعة ومن أقواها بناءً وأبدعها جمالاً فهو مسجد عديم النظير ولا شبيه له ، ثمّ أخذ يشرح خصوصيات بناءه وحال أعمدته ومحرابه وقبّته المسمّاة بالنسر.
 الشام في القرآن والروايات
وعلى أيّة حال فالإنصاف أنّ المسجد هو في غاية الجمال والدقّة خاصّة أحجار المحراب والمنبر التي تجذب الأنظار وتنال اعجاب كلّ من ينظر إليها.
ففي وسط المسجد هناك قبّة تسمّى بـ «قبّة النسر» فضلاً عن الأعمدة الحجرية الجميلة والتي يصل عددها إلى أربعين عموداً.
وفي القسم الغربي من المسجد يوجد بئر فوقه حوض حجري قد غطّى فم البئر فمن كلام للحموي في معجم البلدان قال فيه : مسجد دمشق ... وكان قد بناه الوليد بن عبدالملك بن مروان ... وكان الابتداء بعمارته في سنة ٨٧ ، وقيل ٨٨.
وقال أيضاً : وعمل له أربعة أبواب : في شرقية باب جيرون ، وفي غربيّة باب البريد ، وفي القبلة الزيادة وباب الناطفانيين مقابله وباب الفراديس في دبر القبلة (16).

احتراق في المسجد الجامع في دمشق

أشار أحمد غسّان سباكو في كتابه «دمشق في دوائر المعارف العربية والعالمية» ص ١١٩ إلى المسجد الجامع في دمشق فقال : لقد صرف من خراج الشام لمدّة سنتين أو أكثر ـ كما في بعض الأقوال ـ في تشييد المسجد الجامع حتّى صار من أجمل المساجد في العالم الإسلامي. وبقي المسجد على ذلك الحال إلى عام ٤٦ ، وفي ذلك العام ـ وكان في عهد الفاطميين ـ اندلع حريق عظيم في المسجد ... وقد احترق المسجد بعد ذلك ما يقارب ست مرّات آخرها كانت سنة ١٣١٠ ه ، وكما يشير الكاتب ، أنّ المسجد كان في البداية عبارة عن كنيسة بناها الامبراطور «كليودسيوس» (17).
أمّا ابن عساكر الذي ألّف ثمانين كتاباً في تاريخ دمشق قال : إنّ أصل المسجد الجامع كان كنيسة للنصارى ، وبعد أن فتح المسلمون الشام أخذوا يصلّون في زواية منه بينما كان النصارى يصلّون في القسم البقيّة إلى أن استولى الوليد بن عبدالملك بن مروان على البقية وصار المسجد كلّه للمسلمين (18).
وقد وصف صاحب كتاب «زيارات الشام» مسجد الجامع في دمشق ، ومن ضمن الأُمور التي أشار إليها في كتابه هي «صخرة القربان» فقال : بالقرب من «باب الساعات» صخرة كبيرة كانوا يجعلون القرابين عليها.
ومن كلام لابن عساكر في تاريخه قال فيه : كانوا يجعلون القربان على الصخرة فإذا كان مقبولاً فإنّ النار تنزل من السماء وتحرقه ، أمّا إذا لم يكن مقبولاً فيبقى على حاله (19) ، وقد ذكر ياقوت الحموي صاحب كتاب «معجم البلدان» هذا الكلام أيضاً.
ومن كلام لابن عساكر أيضاً في هذا المقام قال فيه : أنّ مسجد علي بن الحسين عليهما السلام معروف في مسجد الجامع وكان عليه السلام يصلّي في القسم الشمالي الشرقي من المسجد في كلّ يوم وليلة ألف ركعة (20).
باحة المسجد
إنّ مساحة باحة المسجد في العصر الراهن تسع ١٥٣٢ متر مربع ، وفي هذه الباحة يوجد ٤٤ عموداً وبناء مكوّن من طبقتين ، وتنقسم هذه الباحة إلى ثلاثة أقسام في القسم المتوسّط منها هناك قبّة كبيرة تسمّى بـ «العقاب».
وهناك منبر داخل المسجد مشهور بأنّ الإمام السجّاد عليه السلام ارتقاه وخطب الناس خطبته المعروفة عندما أُدخلوا على الطاغية يزيد بن معاوية ، وفي الناحية الأُخرى من المسجد توجد قبّة صغيرة تعتمد على أربعة أعمدة ويعرف هذا المكان بمقام الإمام زين العابدين عليه السلام حيث نقل إنّه عليه السلام كان يستريح في هذا المكان.
وإلى جنب المسجد المذكور ـ في الجهة الشرقية منه ـ يقع مقام رأس الإمام الحسين عليه السلام ـ وهو موضع زيارة يقصده الشيعة الموالون والمحبّون من شتّى أطراف العالم (21).

مقامات الأنبياء

١ ـ مقام رأس نبي الله يحيى عليه السلام : وفي هذا المسجد يوجد مقام رأس نبي الله يحيى عليه السلام ، أمّا موضع جسده الشريف كما في «منتخبات التواريخ» فهو في مسجد القلب في الزبداني وهي إحدى مدن سوريا.
ونقل صاحب «منتخبات التواريخ» أيضاً عن زيد بن واقد أنّه قال : عندما أرادوا بناء المسجد شاهدت رأس نبي الله يحيى عليه السلام أخرجوه من تحت أحد أركان القبّة وكانت محاسن الرأس الشريف بما فيها الشعر لم تتغيّر أصلاً.
 الشام في القرآن والروايات
وقال زيد بن واقد أيضاً : كنت مشرفاً على العمّال من قبل الوليد أيّام تشيّد المسجد ، وفجأة عثرنا على غار فنقلنا الخبر إلى الوليد وكان الوقت ليلاً فأخذوا الشموع أمامه ودخل الغار فوجدنا آثار إحدى الكنائس ومعها مصلّى صغيرين لعلّ مساحتهما ثلاث أذرع في ثلاثة أذرع ، وفي هذه الكنيسة يوجد صندوق صغير فتحه الوليد فوجد رأس نبي الله يحيى عليه السلام وقد وضع في سلّة وجعلت داخل الصندوق وكتب على السلّة : «هذا رأس يحيى بن زكريا عليهما السلام» فأمر الوليد أن يرجع الرأس الشريف مكانه ويبنو فوق عموداً يتميّز عن بقيّة الأعمدة.
ولا يخفى أنّ القرآن أشار إلى هذا العبد الصالح في بداية سورة مريم حيث قال تعالى : (كهيعص * ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ...) (22) الخ ، وقد أُوتي هذا العظيم النبوّة في طفولته فقال عزّ من قائل : (وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً) (23) ، وكان لنبي الله يحيى عند الله عزّوجلّ مقام عظيم ، وكما يشير الإمام الباقر عليه السلام في «الكافي» أنّه كلّما ذكر الله تعالى أجابه بـ «لبّيك يا يحيى» (24).
وقد بكى هذا النبيّ عليه السلام من خشية الله تعالى إلى أن تساقط لحم وجهه فكان يضع القماش على وجهه حتّى لا تؤذيه الدموع إذا بكى (25).
وبالاضافة إلى مرقد رأس نبي الله يحيى هناك الكثير من قبور الأنبياء في مسجد الشام ، وكما نقل صاحب «منتخب التواريخ» عن مؤلّف «روضة الأنام» أنّه قال : إنّ قبر نبي الله هود عليه السلام في الحائط الجنوبي من المسجد الجامع في مقابل مقام رأس نبي الله يحيى عليه السلام إلّا أنّه ليس له علامة ظاهرة تدلّ عليه وقد ذكر الكثير من مؤرخين الشام ذلك.
٢ ـ قبر نبي الله هود عليه السلام : نقل الهروي أيضاً في «الاشارات» أنّ قبر نبي الله هود عليه السلام في حائط في جهة قبلة المسجد
 الشام في القرآن والروايات
وحسب قول البعض أنّ هناك حجراً بالقرب من قبره مكتوب عيه : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) (26)
أنا هود بن الجلود ابن عاد بن عوص بن سام بن نوح ، جئتهم بالرسالة وبقيت فيهم مدّة عمر فكذّبوني فأخذهم الله بالريح العظيم (27).
٣ ـ مقام الخضر عليه السلام :
كان نبي الله الخضر عليه السلام يصلّي دائماً في هذا المسجد ، وهو يقع من الجهة الشرقية للقبلة بالقرب من المنارة الشرقية.
أمّا الآن فهو يقع بالقرب من المحراب الأصلي للمسجد موازياً لمقام نبي الله هود عليه السلام وقد كتب على جدار القبلة «هذا مقام خضر النبي عليه السلام».
وكما في الأخبار الشريفة أنّ نبي الله الخضر عليه السلام سيبقى حيّاً إلى عصر ظهور الإمام الحجّة عجّل الله تعالى فرجه الشريف ثمّ يظهر ويتقدي هو وجماعته بالإمام الحجّة عليه السلام ويصلّون خلفه.
٤ ـ مكان نزول نبي الله عيسى عليه السلام : ورد عن رسول الله صلى الله عليه واله أنّه قال : إنّ نبي الله عيسى بن مريم عليهما السلام ينزل بالجنب من المنارة الشرقية في دمشق ـ أي في المسجد الجامع ـ يوجد حجر كان نبي الله موسى عليه السلام قد ضربه بعصاه فانفجرت عنه اثنتا عشرة عيناً (28).
المصادر :
1- سورة المائدة : ٢١.
2- راجع مستدرك الوسائل ج ١٣ ص ٢٩١ ح ١٥٣٨٥.
3- مجمع البيان ج ٦ مج ٣ ص ٣٠٨.
4- سورة الإسراء : ١.
5- وسائل الشيعة ج ٥ ص ٢٨٢ ح ٦٥٥٦.
6- من لا يحضره الفقيه ج ١ ص ٢٣٣ ح ٧٠٢.
7- تهذيب الأحكام ج ٣ ص ٢٥٣ ح ١٨.
8- مستدرك الوسائل ج ٣ ص ٤٣٠ ح ٣٩٣٣.
9- بحار الأنوار ج ١٣ ص ١٧٨ ح ٧.
10- بيت المقدس وتحويل القبلة تأليف آية الله ميرزا خليل كمره اى ص ٥٢.
11- سورة الأنبياء : ٦٩ ـ ٧١.
12- سورة الأنبياء : ٨١.
13- سورة المائدة : ٢١.
14- سفينة البحار ج ٤ ص ٣٦١.
15- سفينة البحار ج ٤ ص ٣٦١.
16- معجم البلدان ج ٢ ص ٤٦٥ ـ ٤٦٦.
17- مراقد أهل البيت عليهم السلام ص ١٤.
18- مهذّب تاريخ دمشق لابن عساكر ج ١.
19- مهذّب تاريخ دمشق لابن عساكر ج ١ ص ١٩٧.
20- مراقد أهل البيت في الشام ص ٧ ـ ١٥.
21- شام سرزمين خاطره ها ص ٦٣.
22- سورة مريم : ١.
23- سورة مريم : ١٢.
24- الكافي ج ٢ ص ٥٣٤ ح ٣٨.
25- للاطّلاع على المطلب أكثر راجع مراقد أهل البيت عليهم السلام في الشام.
26- سورة الإسراء : ٢٣.
27- مراقد أهل البيت عليهم السلام في الشام ص ٢٤.
28- تاريخ الأماكن السياحية في سوريا ص ٩٢ ـ ٩٣ ، ومراقد أهل البيت عليهم السلام في الشام ص ٢٤.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.