الاقتصاديون و حُمَّى المزادات

كانت أفكار عالم الاقتصاد بول ميلجروم بالغةَ الأهمية في مساعدة لجنة الاتصالات الفيدرالية على تصميم مزادات الطيف المقدرة بعدة ملياراتٍ من الدولارات. لقد كان تفكيره الاقتصادي المدروس وانتباهه للتفاصيل العملية يسهمان في نجاح
Saturday, December 16, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
الاقتصاديون و حُمَّى المزادات
 الاقتصاديون و حُمَّى المزادات



 

كانت أفكار عالم الاقتصاد بول ميلجروم بالغةَ الأهمية في مساعدة لجنة الاتصالات الفيدرالية على تصميم مزادات الطيف المقدرة بعدة ملياراتٍ من الدولارات. لقد كان تفكيره الاقتصادي المدروس وانتباهه للتفاصيل العملية يسهمان في نجاح المزادات. ريد هانت،الرئيس السابق للجنة الاتصالات الفيدرالية.
في ١٩ أغسطس ٢٠٠٤، طرحت شركة جوجل، أشهر محرك بحثٍ للإنترنت في العالم، أسهُمها للتداول والاكتتاب، بإصدار ١٩٫٦ مليون سهمٍ بسعر ٨٥ دولارًا للسهم. كان الشيء غير التقليدي بشأن الطرح الأوَّلي للاكتتاب لشركة جوجل يكمن في طريقتها في الطرح: مزاد علني بنظام المظاريف المغلقة مفتوح لأي شخصٍ يرغب في تقديم عطاء. وباستخدام تلك الوسيلة المثيرة للجدل، تجعل جوجل مسألة تحديد سعر المقاصة بيد جمهور المستثمرين، وليس مصرفيي وول ستريت الاستثماريين.
نظرية المزادات هي واحدة من قصص نجاح علم الاقتصاد. / بول كليمبرر، جامعة أكسفورد
لم تُجْدِ هذه الخطوة الخلافية التي تميل إلى العدل والمساواة مع خبراء المال بوول ستريت؛ ففي أي طرحٍ عامٍّ تقليدي، يتعهَّد المصرفيون الاستثماريون بتغطية عملية الاكتتاب، ويقررون سعرَ فتحٍ محدَّدًا سابقًا أقل من القيمة السوقية المتوقَّعة. ومن خلال إنشاء إصدارٍ نشط، يمكن لشركات الوساطة تخصيص أسهمٍ لعملائها المميزين. ويفضِّل هذا النظامَ مسئولو الشركات، والمضاربون من الداخل، والمستثمرون الاعتباريون، والعملاء ذوو الرصيد المالي الضخم. وبمجرد عرض السهم للاكتتاب، يستطيع المضاربون من الداخل والعملاء المميزون، الذين يحالفهم الحظُّ كفايةً لشراء الأسهم التي تغلق على ارتفاعٍ، مضاعفةَ أموالهم مرتين أو ثلاثًا من خلال بيع الأسهم سريعًا بمجرد شروع العامة في المزايدة ورفع السعر في السوق الثانوية الموازية.
لم تكن جوجل أُولى الشركات استخدامًا لمزاد الطرح العام الأوَّلي، ولكنها كانت صدمةً لوول ستريت، بالنظر إلى حجم جوجل، وقيمتها السوقية التي تتجاوز جنرال موتورز. لم يكن مُلَّاك جوجل الصغار بحاجةٍ إلى النقد، ولم يكونوا مدينين لخبراء وول ستريت الماليين. لقد أرادوا طرحًا أوَّليًّا يعوِّض موظفيهم المخلصين، ويظل يوفر وسيلةً لجمهور المستثمرين للمشاركة؛ شكلًا من أشكال الرأسمالية الديمقراطية.
اختارت جوجل تصميم مزادٍ يُعرف ﺑ «المزاد الهولندي الموحد السعر»، وهو نفس التصميم الذي تستخدمه وزارة الخزانة الأمريكية لإدارة مديونيتها. وإليك كيف آتى المزاد الهولندي ثمارَه مع جوجل: قامت الشركة بجمع العطاءات من كل مستثمرٍ قام بتحديد عدد الأسهم المطلوبة والسعر الذي يرغب المستثمر في دفعه مقابلها. وفي يوم الطرح العام الأوَّلي، قامت الشركة بتخصيص أسهمٍ للمزايدين بترتيبٍ تنازليٍّ للسعر حتى استنزاف الأسهم المتاحة (البالغة ١٩٫٦ مليونًا). وكان السعر المحدد في آخر عطاءٍ تم ملؤه — والمعروف ﺑ «سعر المقاصة للسوق» — هو السعرَ الذي دفعه جميع المزايدين الرابحين لأسهُمهم (٨٥ دولارًا للسهم).
نظريًّا، يحبط المزاد الهولندي احتمالية حدوث ارتفاعٍ سريعٍ وقصيرِ الأجل في سعر السهم بالطرح العام الأوَّلي في أول أيام التداول؛ لأن سعر المقاصة للسوق ينبغي أن يُمثِّل الحكمة الجمعية للجمهور وسعرًا يتساوى عنده الطلب مع المعروض. غير أنه حين طُرح السهم للاكتتاب في ١٩ أغسطس ٢٠٠٤، حقق السهم قفزةً بنسبة ٢٨ بالمائة ليغلق على ١٠٠ دولارٍ للسهم. وقد جاء هذا الارتفاع لسببين، هما: تقليص الكثير من شركات الوساطة المشاركة في الطرح العام الأوَّلي لجوجل لعدد العطاءات التي يستطيع المستثمر تقديمها؛ واحتفاظ جوجل بخيار تحديد سعرٍ أقل من سعر المقاصة للسوق إذا أرادوا. ولكن هذا الارتفاع السريع كان أقلَّ كثيرًا من قفزة اليوم الأول التي شهدتها معظم أسهم شركات التكنولوجيا في أواخر التسعينيات (التي بلغت ١٠٠ إلى ٢٠٠ بالمائة).

الاقتصاديون وراء الطرح العام الأوَّلي لجوجل

يمكن أن نُرجع الفضل في نجاح الطرح الأوَّلي العام لجوجل إلى العديد من الاقتصاديين المتخصصين في تصميم المزادات، ومن بينهم عالم الاقتصاد بجامعة ستانفورد، بول ميلجروم، الذي أسس سمعته من خلال المساعدة في تصميم مزادات الطيف الخاصة بلجنة الاتصالات الفيدرالية. ومنذ ذلك الحين تم استنساخ وتعديل مزادات لجنة الاتصالات الفيدرالية لعشرات المزادات في أسواق الكهرباء وصناعاتٍ أخرى تشتمل على أكثر من ١٠٠ مليار دولارٍ حول العالم.
ويُعَدُّ مزاد الطرح العام الأوَّلي لشركة جوجل مثالًا ممتازًا لمدى التقدُّم التكنولوجي الذي صارت عليه التجارة عبر المزادات. ويمكن أن نَعزيَ النجاح الأخير للمزادات في مجموعةٍ كبيرةٍ من الأسواق الجديدة إلى صفوةٍ من الاقتصاديين المتخصصين في نظرية الألعاب. فإلى جانب طرح أسهم جوجل للاكتتاب، قام هؤلاء المستشارون الخبراء بتطبيق تقنياتهم من أجل تصميم مزاداتٍ ناجحةٍ لتَذاكِر مباريات البيسبول وغرف الفنادق على شبكة الإنترنت، والمنتجات والمقتنيات على موقع إي باي، وأذون الخزانة والأوراق المالية الحكومية الأخرى، والصرف الأجنبي، والماشية والأسماك والخشب وحقول البترول، وغيرها من السلع الأخرى، والحجوزات العقارية على العقارات التجارية والسكنية، وتصاريح التلوث الخاصة بنظام الحد الأقصى للانبعاثات والاتجار بها، وعرض النطاق الترددي لموجات الراديو وتراخيص الهواتف الخلوية، والأصول والشركات والأراضي التي تسعى الحكومة لخصخصتها. وفي هذه الأيام، عندما تقرر الحكومات بيعَ مواردَ مملوكةٍ للدولة بالمزاد العلني، فإنها عادةً تستعين برجال اقتصادٍ لمشاورتهم حول كيفية تصميم المزاد. في الوقت ذاته، يستعين المزايدون أيضًا بالاقتصاديين لمعرفة كيفية التغلب على النظام. والنتيجة سوق قائمة على سعة المعرفة يشعر فيها كلٌّ من البائع والمشتري بالرضا.

ويليام فيكري، رائد نظرية المزادات

تقر غالبية خبراء المزادات بأن عالَم تصميم المزادات الجديد قد بدأ بورقةٍ بحثيةٍ نُشرت في جريدةٍ مغمورةٍ في عام ١٩٦١ من تأليف ويليام فيكري، أستاذ علم الاقتصاد بجامعة كولومبيا.(2)
أوصى فيكري في ورقته البحثية الإبداعية بما يطلق عليه الآن «مزاد المظاريف المغلقة على أساس السعر الثاني» على الطريقة الهولندية، كطريقةٍ مفضلةٍ لتعظيم القيمة لكلٍّ من البائعين والمزايدين في المزادات التي تتضمَّن قائمةَ جردٍ كبيرةً للأصول. وبعد خمسةٍ وثلاثين عامًا، حصل فيكري على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية عن عمله الرائد في نظرية المزادات (يشاء القدر أن يُتوفَّى بعد أسبوعٍ واحدٍ فقط من حصوله على الجائزة). تم تنقيح عمل البروفيسور فيكري وتوسيع نطاقه على يد عشرات الاقتصاديين على مدار العقود القليلة الماضية. إنها نظرية فعالة، أسفرت عن العديد من الرؤى المهمة التي كان لها تأثير مهم على تصميم المزادات.
ولاستيعاب مزاد فيكري، كما يُسمَّى بمزاد المظاريف المغلقة على أساس السعر الثاني على الطريقة الهولندية، نحتاج إلى تقديم بعض المعلومات الأساسية عن المزادات. إن أشهر طرق بيع الأغراض الفردية هي طريقة المزاد التقليدي، مثلما تفعل صالات المزادات الفنية الإنجليزية مثل سوثبي وكريستي. وبمقتضى النظام الإنجليزي، يبدأ المزايدون بسعرٍ منخفض، أعلى من السعر الاحتياطي المحدد من قِبل المالك، ويشرعون في المزايدة حتى لا يتبقى سوى مُزايدٍ واحد. ويفوز المزايد النهائي بالجائزة مقابل السعر النهائي الذي يُقدِّمه.

المزادات الإنجليزية ولعنة الرابح

غير أن هناك العديد من السلبيات المحتملة للمزاد الإنجليزي؛ أولًا: في حرب المزايدة العلنية المفتوحة، قد تعاني من حمَّى المزادات، وفي وجود مزايدين منافسين، قد تُقدِّم عطاءً متسرعًا، وهو ما يُطلِق عليه الاقتصاديون «لعنة الرابح». هل تذكر المزاد الشهير الذي بِيع فيه منزل جاكلين كينيدي؟ لقد دفع المزايدون العاطفيون، الذين كانوا متلهفين لامتلاك قطعةٍ من «الكاميلوت»، ثلاثةَ أضعاف الأسعار المتوقَّعة. وهل تذكر مشجِّع البيسبول الذي دفع أكثر من مليونَي دولارٍ مقابل الكرة التي أحرز بها باري بوندز ضربته الآمنة رقم ٧٣ في عام ٢٠٠١، ليرى قيمتها تهبط لأقل من ١٠٠ ألف دولارٍ بعد ذلك ببضع سنوات. وتضم الأمثلة الأخرى سهمًا في طرحٍ أوَّليٍّ عامٍّ هبط لاحقًا إلى النصف في السوق الموازية؛ مزادًا لسوق الهواتف الخلوية في سوقٍ صغيرةٍ يتضح أنه باهظ الثمن للغاية؛ حقلَ بترولٍ يساوي أقلَّ بكثيرٍ مما دفعه منتج البترول؛ مقاولَ مبانٍ يفوز بمزادٍ متفوقًا على جميع منافسيه، ولكن تنتهي به الحال بخسارة أمواله لأنه لم يُقدِّر تكاليفه على نحوٍ دقيق.
يشرح بول كليمبرر، أستاذ الاقتصاد بجامعة أكسفورد المتخصص في اقتصاد المزادات، لعنةَ الرابح لطلابه بعرض برطمان به عدد غير معلنٍ من العملات الصغيرة في مزاد. يُقدِّر الطلاب محتويات البرطمان ثم يعرضون سعرًا أقل قليلًا من تقديرهم لترك هامش ربح. ولكن، في كل مرةٍ يكون الفائز التعيس الحظ بالبرطمان هو الطالبَ الأكثر مبالغةً في تقدير عدد العملات؛ ومن ثَمَّ تكون الزيادة المدفوعة من جانبه هي الأكبر. وكما سنرى، هناك طرق لتجنُّب لعنة الرابح.
ثانيًا: قد يعاني المزاد من تواطؤٍ بين المزايدين لإبقاء السعر منخفضًا بشكلٍ مصطنع؛ مما ينتج عنه عطاء منخفض للبائع. ويسري هذا بشكلٍ خاصٍّ في حالة المزادات بين الشركات؛ حيث يزايد عدد صغير من الشركات على راديو، أو هاتفٍ خلوي، أو رخصة اتصالات، أو عقد إيجار استثمار معادن مهم. لا حاجة حتى للشركات لمخالفة القانون، فلو أن بضع شركاتٍ فقط تتنافس على عمليةٍ تجاريةٍ لأحد العملاء، فبإمكانهم أن يعقدوا اتفاقًا ضمنيًّا سابقًا على أن المصلحة المشتركة تقتضي عرض نفس السعر المرتفع واقتسام العملية. وإذا انشق أحد الموردين عن المجموعة بخفض سعره، فبإمكان خصومه معاقبته بخفض أسعارهم.
على سبيل المثال، في عام ١٩٩٥ عرضت الحكومة الأمريكية رخصة لوس أنجلوس للهواتف الخلوية ذات النطاق الترددي العريض في مزادٍ علني. لم تكن شركتا «جي تي إي» و«بل أتلانتيك» مؤهلتين للمزاد، وعجزت شركة إم سي آي عن دخول هذا المزاد. وسُمح لشركة باسيفيك تليفون، المقدم العملاق لخدمة الهاتف المحلي في منطقة لوس أنجلوس، بدخول المنافسة وأرهبت منافسيها الأصغر. وكانت النتيجة أن توقفت المزايدة عند سعرٍ منخفضٍ للغاية، مدرَّة عائدًا يُقدر ﺑ ٢٦ دولارًا فقط عن كل شخصٍ للرخصة. في المقابل استبعد مزاد سوق شيكاجو مقدم خدمة الهاتف المحلي الرئيسي؛ ونتيجة لذلك، كان المزاد بين عدة شركاتٍ صغيرةٍ قويًّا، وبِيعت الحقوق مقابل ٣١ دولارًا عن كل فرد، على الرغم من أن شيكاجو كانت تُعَدُّ أقلَّ قيمةً بكثيرٍ من لوس أنجلوس من حيث متوسط دخل الفرد. في مثالٍ آخر، قامت ألمانيا في عام ١٩٩٩ ببيع ١٠ وحدات من الطيف الراديوي، ولم يقدم عطاءات سوى شركتَي اتصالات فقط، هما «مانسمان» و«تي موبايل». ونظرًا لأن كلًّا منهما كانت تتبنى فلسفة عِش ودَعِ الآخرين يعيشوا؛ أُغلق المزاد بعد جولتين فقط، بعد أن استحوذ كلُّ مزايدٍ على نصف الوحدات بنفس السعر المنخفض.2
ابتكر فيكري وآخرون من واضعي نظرية الألعاب طريقتين جديدتين لتعظيم العائدات بالنسبة إلى البائعين مع تحسين درجة رضا المشترين في المزادات. في مزاد فيكري، يدخل المزايدون مزادًا بنظام المظاريف المغلقة، ويفوز صاحب العطاء الأعلى، ولكنه يدفع سعر ثاني أكبر عطاءٍ إلى جانب رسومٍ صغيرة. قد يبدو الأمر غير منطقي، ولكنه منطقي بالفعل؛ إذ يتأكَّد البائعون من أن المشترين سوف يقدمون عطاءاتٍ واقعية، ولا يجد المشترون داعيًا للقلق بشأن تقديم عرضٍ أكبر مما قدموه في اللحظة الأخيرة كما في أنواعٍ أخرى من المزادات.

طريقة مزاد فيكري

قبل حضور مزادٍ مباشر، عادةً ما يقوم المشترون المحتملون ببعض الدراسة، وسوف يقرءون قائمة الأشياء المعروضة للمزايدة، ومعاينة هذه الأشياء إن أمكن، وإجراء بعض الأبحاث لتحديد السعر العادل. يضاف إلى هذا السعر عامل المرغوبية؛ أي شعور المشتري المحتمَل بضرورة الحصول على الشيء. والمشتري الحكيم يصل إلى المزاد بسعرٍ أقصى محددٍ سابقًا، وينسحب من المزايدة حين يتخطَّى المزايدون الآخرون هذا السعر. في بعض الأحيان تحلُّ حمَّى المزادات، ويتصاعد السعر متجاوزًا الحدودَ المحددة سلفًا من قِبل المشترين، ولكن في معظم الأحيان يعود الشخص صاحب السعر السابق الأعلى إلى منزله بالشيء محل المزايدة. غير أن المُزايد صاحب أعلى عطاءٍ نادرًا ما يدفع السعر الأقصى الذي يرغب في دفعه. لمَ لا؟ لأنه في أيِّ مزادٍ حيٍّ، دائمًا ما يعرف المزايدون السعر السابق. وحين ينسحب المزايد قبل الأخير، لا يكون على المزايد الأخير سوى عرض سعرٍ أكبر قليلًا من ثاني أعلى سعرٍ للمزايد المنسحب؛ ومن ثَمَّ إذا الْتزم المزايدون الهدوء ولم يتجاوزوا الحدَّ الأقصى المحدَّد سلفًا، فإنهم دائمًا ما يعودون إلى المنزل وقد دفعوا أقل مما كانوا على استعدادٍ لدفعه.
أما مزاد المظاريف المغلقة، فهو أمر مختلف؛ إذ يكون التواطؤ أكثر صعوبة؛ فالسعر لا يتصاعد تدريجيًّا مع دخول المشترين المحتملين عملية المزايدة وخروجهم منها. فلا بد أن يقدم المشترون الواعدون عطاءً واحدًا، مقدمًا، بعد حسابٍ دقيقٍ ليس فقط للمبلغ الذي لديهم الاستعداد لإنفاقه، بل أيضًا لقيمة العطاء المحتمل من جانب المنافسين. ولكن ماذا لو كانت حساباتهم خاطئة؟ ماذا لو حددوا مبلغ ١٠ آلاف دولار، بينما يُزايد الآخرون في نطاق مئات الدولارات؟ في مزادٍ مباشرٍ كانوا سيتوقفون عند ١٠٠٠ دولار، ولكنهم الآن متورطون في دفع ١٠ أضعاف قيمة الشيء. وعادةً ما يكون المستثمرون حذرين من الدفع أكثر مما ينبغي أكثر من حذرهم من خسارة الصفقة؛ ولذا إن لم يكن بوسعهم معرفة ما يرغب الآخرون في إنفاقه، يكونوا أكثر ميلًا إلى تقديم عطاءٍ أقل من تقديم عطاءٍ أعلى، ويقل ربح البائعين. ولتهدئة مخاوف المشترين من المزايدة المبالغة، يتعهَّد البائع بمنح المزايد الرابح سعرًا أعلى قليلًا من سعر ثاني أعلى مزايد. وهذه السياسة تشجِّع المزايدون على المزايدة أكثر؛ لأنهم يعرفون أنهم لن يتورطوا إن تجاوزوا سعر ثاني أعلى مزايد. بإيجاز، إذا فاز المشتري بالجائزة، فإنه دائمًا ما يحصل على سعرٍ أقلَّ مما عرضه. وباستخدام طريقة فيكري، يحظى البائع بمشاركةٍ أعلى في المزاد.

مزادات الطوابع ومخاوف الغش

تعتبر قاعدة مزادات المظاريف المغلقة على أساس السعر الثاني (طريقة فيكري) غيرَ شائعةٍ نسبيًّا، ولكنها كانت تُستخدم في سبعينيات القرن التاسع عشر في المزادات الخاصة بأشياء مثل الطوابع والأوتوجرافات التي كانت تُباع من خلال عطاءاتٍ بالمظاريف المغلقة مرسلة عبر البريد قائمة على قوائم مدرجة من كتالوجات البيع. وهو إجراء تقليدي في الأسواق بالنسبة إلى المقتنيات الورقية، من خطابات الجنود المشاركين في الحرب الأهلية إلى الطوابع البريدية. وقد أُقيمت المزادات الأولى للطوابع من عام ١٨٧٠ إلى عام ١٨٨٢، وكان معظمها في مدينة نيويورك، وبحلول عام ١٨٩٠، كانت قاعدة المظاريف المغلقة على أساس ثاني أعلى سعرٍ في طور التفعيل. استمرت الطوابع التي كانت تباع في المزادات المباشرة في استخدام المزاد الإنجليزي، ولكن مزادات الطلب عبر البريد تحوَّلت إلى العطاء على أساس ثاني أعلى سعر، إلى جانب زيادةٍ ضئيلةٍ في العطاء. وفي عام ١٨٩٧، أصبح تاجر الطوابع الرائد ويليام بي براون بنيويورك، أول تاجر طوابع يُقدِّم مثل هذا المزاد، وسرعان ما انتشرت الفكرة. وقد شرحت شركة «توليدو ستامب» نسق مزاداتها في الكتالوج التالي للبيع عبر المزادات البريدية الصادر عام ١٩٠٧:بالنسبة إلى من لم يشاركوا مطلقًا في عمليات البيع بالمزاد من قبلُ، نود أن نقول إن هذه واحدة من أفضل الطرق للإضافة إلى مجموعتك من الطوابع التي لم تكن لتستطيع شراءها بهذا السعر بطريقٍ آخر. عليك فقط أن تُحدِّد السعر الذي ترغب في دفعه مقابل مجموعةٍ ما، وإذا لم يُقدِّم أحد سعرًا أعلى، فسوف تحصل على الطوابع. وإذا كان عطاؤك أعلى كثيرًا، فإننا نشتري لك بزيادةٍ طفيفةٍ على ثاني أعلى عطاء؛ لذا فأنت محميٌّ في كل الحالات.
يكمن العيب الوحيد لمزادات السعر الثاني في الخوف من التعرُّض للاحتيال من جانب باعة المزادات. فإذا قدَّمت سعرك الأقصى، فما الذي يمنع البائع إذن من فتح مظروف عطائك المغلق وادعاء تلقِّي عطاءٍ آخر أقل قليلًا من المبلغ الأقصى الذي عرضته؟ لقد أثنى هذا الخوفُ الكثيرَ من جامعي الطوابع عن إرسال مثل هذه العطاءات إلى تجار الطوابع الصغار المغمورين. ويعترف أحد تجار الطوابع في كونيتيكت:بعد قضاء فترةٍ في هذا المجال، أقمت مزادًا ببعض العطاءات البريدية المرتفعة من سيدٍ مسنٍّ كان عميلًا جيدًا لنا وكان يثق بنا بشكلٍ واضح. في اليوم التالي للبيع إذا بزوجتي، التي كانت تدير العمل معي، تقتحم مكتبي غاضبةً لأنني وضعت عطاءه كاملًا على كل مجموعةٍ من المجموعات المعروضة، حتى عندما كان يُعتبر أعلى كثيرًا من ثاني أعلى عطاء. وألقت بفاتورته على مكتبي وقالت: «لم أكن أظن أننا سنرتكب هذا الحمق!» نظرت إلى الأوراق نظرة خاطفة ودون أدنى تفكيرٍ قلت: «لا أحب أن أُضطر إلى القيام بهذا يا عزيزتي، ولكن تعلمين أن قرضنا البنكي يستحق السداد غدًا.» بالنظر إلى الماضي، عرفت أن العقل يُبدع بشكلٍ مذهلٍ حين يتعلق الأمر بتبرير السلوك السيئ. وبعد قدرٍ من التفكير، قالت: «حسنًا، سوف أفعل هذا، ولكن فقط إذا وافقت على تغيير القواعد في مزادنا القادم، لتنص هذه القواعد على أن «جميع المجموعات تُباع لأعلى مُزايد عبر البريد بزيادة واحدة عن ثاني أعلى عطاء، ما لم نكن بحاجةٍ إلى المال».» وبهذه الجملة جردتني من كل التبريرات والأعذار. لقد وضعت مرآةً أمام سلوكي وكرهت ما رأيت. لم يكن لديَّ اختيار سوى إعادة حساب جميع فواتيرنا لهذه الصفقة لتتفق مع قواعدنا. وكانت تلك هي اللحظةَ التي قررت فيها ترك مجال إدارة المزادات.»(3)

وزارة الخزانة الأمريكية توفر ملايين

لحسن الحظ أن المستثمرين، على الأرجح، ليسوا بحاجةٍ إلى القلق بشأن مثل تلك الأخلاقيات عند المزايدة من خلال الشركات الكبرى مثل إي باي وجوجل، أو الحكومة الأمريكية، الذين كانوا جميعًا يتبنَّوْن مزادَ فيكري على الطريقة الهولندية عند شراء كمياتٍ كبيرةٍ من السلع والأوراق المالية الموحدة. ويتناقض المزاد الهولندي مع المزاد الإنجليزي، حيث تبدأ الأسعار منخفضةً وتأخذ في الارتفاع. أما في المزاد الهولندي، فيعلن البائع سعرًا عاليًا، ثم يستمر في خفضه إلى أن يصبح هناك مشترٍ. على سبيل المثال، حين تقوم وزارة الخزانة الأمريكية ببيع صكوك دَين، تقبل الحكومة عطاءاتٍ أقل وأقل حتى بيع مبلغ الدَّين بأكمله. بعد ذلك يُقدِّم كلُّ مَن يقدِّم أسعارًا أعلى أقلَّ سعرٍ مقبول.
ويُعَدُّ تبنِّي وزارة الخزانة للمزاد الهولندي ذي التسعير الموحد لبيع أذون الخزانة والأوراق المالية الحكومية الأخرى حالةً أخرى من حالات التأثير الأكاديمي؛ ففي عام ١٩٥٩، مَثُلَ للشهادة عالِم الاقتصاد بجامعة شيكاجو، ميلتون فريدمان، أمام اللجنة الاقتصادية المشتركة برئاسة السيناتور بول دوجلاس عالِم الاقتصاد الأسبق بجامعة شيكاجو، واقترح الطريقة المثلى لبيع الأوراق المالية الحكومية. وانتقد الممارسة التقليدية لوزارة الخزانة آنذاك لفرض رسومٍ على العطاءات الأعلى وأشار إلى أنه كان بوسع الحكومة كسْب المزيد من المال عن طريق استخدام مزادٍ هولنديٍّ موحد التسعير؛ لأنه كان سيزيد من الطلب. ولم يتم اتخاذ أي إجراءٍ حيال مقترح فريدمان حتى عام ١٩٧٢، حين أصبح جورج شولتز (من جامعة شيكاجو أيضًا) وزيرًا للخزانة؛ فقد أقنع فريدمان صديقه شولتز بتجربة المزادات الهولندية لبعض إصدارات سندات الخزانة الطويلة الأجل. وقيَّم اثنان من رجال الاقتصاد بوزارة الخزانة أداء إصدارات السندات المماثلة التي تُباع عن طريق المزاد الهولندي وبالإجراء التقليدي. وخلص فريدمان إلى أن «النتائج كانت قاطعة؛ فقد حصلت وزارة الخزانة على صفقةٍ أفضل مع المزادات الهولندية.»(4)
ولكن انتهتِ التجارب في عام ١٩٧٤، حين تولى بيل سايمون الوزارة. كان بيل سايمون تاجر سنداتٍ في وول ستريت، وعارَض بشدةٍ هذه الطريقة الجديدة لزيادة الأموال للحكومة.
في عام ١٩٩١، اتُّهم بنك سالومون براذرز بالتلاعب بمزادٍ للأوراق المالية لوزارة الخزانة، وبعدها بفترةٍ وجيزةٍ قامت وزارة الخزانة بتعديل طريقتها في المزايدة على الأوراق المالية لصالح مزايدةٍ تنافسيةٍ موحدة التسعير بقواعدَ مشابهةٍ للغاية لمزاد فيكري على الطريقة الهولندية. يقول موقع وزارة الخزانة:يتيح المزاد الموحد السعر، المعروف أيضًا بعملية المزاد الهولندي، لكلِّ مزايدٍ تنافسيٍ ناجحٍ وكلِّ مزايدٍ غيرِ تنافسيٍّ أن يمنح أوراقًا مالية بسعرٍ مكافئٍ لأعلى سعرٍ أو عائدٍ مقبول. ويُستخدم هذا النوع من المزادات الآن لجميع أذون الخزانة، والسندات الإذنية المتوسطة الأجل [والأوراق المالية المرتبطة بمؤشر التضخم]. في الماضي كان هذا المزاد ينطبق فقط على مزادات السندات الإذنية ذات العامين وخمسة الأعوام. وتقيم الحكومة الفيدرالية المزادات لهذه الأوراق المالية. وعند إعلان حجم مزادٍ وشيك، يتاح لصغار العملاء فرصة للمشاركة من خلال تقديم عطاءاتٍ أو عروضٍ غير تنافسية. وتكون هذه الطلبات أقل من مليون دولارٍ في الحجم بالنسبة إلى أذون الخزانة، و٥ ملايين أو أقل بالنسبة إلى سندات الخزانة الإذنية وسندات كوبون. أما باقي المشاركين في المزاد، فهم التجار الاعتباريون الذين يُقدِّمون عطاءاتٍ تنافسيةً لوزارة الخزانة. وسوف تتباين أسعار التجار الاعتباريين وفقًا للمستوى التنافسي لعطائهم. وبعد تقديم كل العطاءات التنافسية من قِبل التجار، سوف يحصل صغار العملاء على متوسط سعرٍ من المزاد يتحدد على أساس جميع العطاءات التنافسية.

لجنة الاتصالات الفيدرالية ورُخص الطيف الخلوي

في ثمانينيات القرن الماضي، بدأت لجنة الاتصالات الفيدرالية إجراءَ مسابقات اليانصيب لتخصيص رخص الطيف الخلوي في المدن عبر الولايات المتحدة. ولكن في مطلع التسعينيات أدركت الحكومة أنها كانت تخسر ملايين الدولارات في العائدات المحتملة. ومنذ عام ١٩٩٤، أقامت لجنة الاتصالات الفيدرالية مزاداتٍ ذات عطاءاتٍ تنافسيةٍ لرخص الطيف الخلوي والراديوي. تُدار هذه المزادات إلكترونيًّا ويمكن الدخول إليها عبر الإنترنت. وهكذا يمكن للمزايدين المؤهلين وضع عطاءاتٍ وهم في منازلهم أو مكاتبهم. علاوةً على ذلك، يمكن لأي شخصٍ يتوافر لديه كمبيوتر مزوَّد بمتصفحٍ للشبكة أن يتابع سير أي مزادٍ ويشاهد نتائج كل جولة. وقد وجدت لجنة الاتصالات الفيدرالية أن مزادات الطيف أكثر فاعلية في تخصيص الرخص من جلسات الاستماع المقارنة أو اليانصيب.
من يقف وراء هذه التغييرات؟ الاقتصاديون المتخصصون في تصميم المزادات؛ فقد كانوا يضغطون من أجل المزادات لسنوات. وكان رونالد كوس، وهو اقتصادي آخر من جامعة شيكاجو، من بين أوائل الداعمين لطرح تراخيص الطيف الراديوي للمزاد في عام ١٩٥٩. ومن أحد مصممي المزادات البارزين بول ميلوجروم من جامعة ستانفورد. وكما يقول جوزيف ستيجليتز، الحائز جائزةَ نوبل، عن البروفيسور ميلوجروم: «إن من بين الثورات الحديثة في عالم الاقتصاد إدراكَ أن الأسواق لا تعمل بشكلٍ جيدٍ من تلقاء نفسها؛ فالتصميم مهم، وتصميم مزاد لجنَة الاتصالات الفيدرالية للطيف الراديوي الذي أبدعه ميلوجروم إنما كان انطلاقًا لعهدٍ جديدٍ لتصميم السوق باستخدام النظرية الاقتصادية لجعل الأسواق الحقيقية تعمل بشكلٍ أفضل.»
كان للأستاذ بجامعة أكسفورد، بول كليمبرر، دور فعال ومؤثر في تصميم أول مزادٍ للحكومة البريطانية لتراخيص خدمات الجيل الثالث للهواتف الخلوية. وقد كتب يقول:كان شهر فبراير من عام ٢٠٠٠ شهرًا مرهقًا لي؛ فقد كان مزاد المملكة المتحدة للجيل الثالث على وشك البدء. ظللت لعامين أعمل مع الحكومة البريطانية لتصميم أول مزاد طيف في العالم لخدمات «الجيل الثالث» للهواتف الخلوية. كان هناك الكثير على المحك. ولو سار مزادنا على ما يرام، فسيتم تخصيص الطيف بفعاليةٍ وسيجمع الكثير من الأموال، ولكن الكثير من المزادات السابقة واجه إخفاقاتٍ مخجلةً وفشل في جلب المبالغ المتوقعة. وهذه المرة كان السياسيون يأملون في جلب ملايين الدولارات …
ولم يتصاعد التوتر إلا على مدار الأسابيع السبعة التي استغرقها المزاد؛ فقد بدأ المزاد بشكلٍ جيد، ويومًا بعد يومٍ تصاعدت الأسعار، ولكن ظل القلق يساورنا بشأن ما قد نكون أغفلناه، وما يمكن أن يكون قد سار على نحوٍ خاطئ. ومع تواصُل ارتفاع الأسعار عبر ١٥٠ جولةً من المزايدة، وتحطُّم الأرقام القياسية المسجلة واحدًا وراء الآخر، حلَّت الدهشة محل العصبية والتوتر. ولكن ساد شعور هائل بالارتياح حين نزلت مطرقة المزاد على خمسة عطاءاتٍ تزيد قيمتها إجمالًا عن ٣٤ مليار دولار؛ لقد جمع مزادنا أموالًا تفوق بكثيرٍ ما جمعه أي مزادٍ سابقٍ في التاريخ.(5)
والشركات ليست المكان الوحيد الذي تكتسب فيه المزادات شعبية؛ فالأفراد يشترون ويبيعون كلًّا من أسطوانات الدي في دي المستعملة، حتى بطاقات البيسبول عبر إي باي، وياهو، وأمازون، ومواقع الإنترنت الأخرى؛ فالتجارة الإلكترونية هي النشاط الأكبر. ويحظى موقع إي باي وحده ﺑ ١٠ ملايين عميلٍ وقيمةٍ سوقيةٍ تُقدَّر ﺑ ٢١ مليار دولار.
وقد تعلَّم مؤسسو إي باي من ويليام فيكري وغيره من الاقتصاديين؛ فيستعين هذا الموقع التجاري البارز عبر الإنترنت بقواعد مزاد السعر الثاني؛ حيث لا يلزم صاحب العطاء الأعلى إلا بدفع قيمة ثاني أعلى عطاءٍ إلى جانب رسمٍ إضافي. وهكذا تساعد قاعدة السعر الثاني المتبعة لدى إي باي في تجنُّب لعنة الرابح. ثَمَّةَ ميزة أخرى هي أنه بإمكان المزايدين دراسة المزادات السابقة لسلعٍ مماثلة. ويمكنهم أيضًا معرفة المزيد عن مدى أمانة وموثوقية البائعين عن طريق قراءة ردود أفعال العملاء عنهم. وإذا ظلوا في ريبةٍ من أمرهم، فغالبًا ما يراقب المزايدون سلوك مزايدين آخرين.
ويحث الدليل الرسمي للموقع المستخدمين على تقديم أعلى عرضٍ لديهم ثم يسترخون؛ فلن يدفعوا ذلك السعر فعليًّا إلا إذا وصل شخص آخر بعطائه إلى هذا الحد. ومع انضمام آخرين، يبدأ الموقع في المزايدة على ثاني أعلى عرضٍ تلقائيًّا وبشكلٍ تزايدي، مخفيًا العطاء الأقصى المقدَّم منك إلى أن تتصاعد عملية المزايدة لتُغطيه. فإذا عرض أحدهم سعرًا يفوق عرضك الأقصى، فلا بأس؛ من الواضح أن هذا الشيء يساوي لدى هذا الشخص أكثر مما يساويه لديك. ولكن كين ستيجليتز، مؤلِّف كتاب «القناصة، والعملاء المزيفون، وأسماك القرش: إي باي والسلوك البشري» يقول إن هذه الاستراتيجية «ساذجة بشكلٍ مخجل»، ويقول إن أي عرضٍ مبكرٍ يجذب المنافسة. وتوضح الدراسات أنه كلما جلبت السلعة عطاءاتٍ أكثر، ازداد احتمال أن تنهال عطاءات أخرى؛ لذا، حتى إذا لم يتفوَّق أي عرضٍ آخر على عطائك الأقصى، فمن الممكن أن يشهد ثاني أعلى عطاءٍ ارتفاعًا كبيرًا. ونصيحة السيد ستيجليتز: «قدِّم عطاءك متأخرًا؛ فالأسابيع القليلة الأولى لأي مزادٍ لا تعني شيئًا؛ فالأمر كله يكمن فيما يحدث خلال تلك الثواني القليلة الأخيرة.» فلدى إي باي قاعدة «إغلاق ثابت»؛ أي إنه بعد موعدٍ محدد، لا يُسمح بأي مزايداتٍ أخرى؛ مما يثير عاصفة محمومة من المزايدة قبل نزول المطرقة الإلكترونية.(6)
وختامًا، لقد استفاد الجميع من التحسُّن الذي أدخله الاقتصاديون على تصميم المزادات؛ المشترون الذين تقل لديهم احتمالات الدفع أكثر مما ينبغي دفعه، والبائعون الذين تزداد احتمالات حصولهم على سعرٍ أفضل لبضائعهم، وصالات المزادات التي تكتظ بمزيدٍ من الجمهور.
المصادر :
1- William Vickrey, “Counterspeculation, auctions, and competitive sealed tenders,” Journal of Finance
2- Paul Klemperer, Auctions: Theory and Practice (Princeton University Press).
3- Quoted in David Reiley, “Vickrey Auctions in Practice: From Nineteenth Century Philately to Twenty-First Century E-commerce,” Journal of Economic Perspectives 16:3 (Summer 2000), 183–192.
4- Milton and Rose Friedman, Two Lucky People (University of Chicago Press, 1998), 385-386.
5- Paul Klemperer, Auctions: Theory and Practice (Princeton University Press, 2004), preface.
6- Why we do what we do on eBay: Economists mine the online auction site to find out why shoppers act irrationally,” Christian Science Monitor (July 16, 2007
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.