
اننا اهل السنة قدانكرنا على الشيعة دعواهم العصمة للائمة الاثنى عشر عليهم السلام وجاهرناهم بصيحات النكير وسفهنا بذلك احلامهم ورددنا ادلتهم بمارددنا افبعد ذلك يجمل بنا ان ندعي ان مائة وعشرين الفا حاضرهم وباديهم وعللهم وجاهلهم وذكرهم وانثاهم كلهم معصومون أو كما نقول محفوظون من الكذب والفسق ونجزم بعدالتهم اجمعين .
قال الزبير في الغزو اني ممسك بباب هذا الشعب ان تتفرق اصحاب محمد في الناس فيضلوهم وقال في سعد بن عبادة سيد الأنصار رضي الله عنه اقتلوا سعدا اقتلوه فانه منافق وقال لقد اكثر علينا ابو هريرة وطعن في روايته وشتم خالد بن الوليد وحكم بفسقه وخون عمرو بن العاص ومعاوية ونسبهما إلى سرقة مال الفئ.
وقال عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه ماكنت ارى اني اعيش حتى يقول لي عثمان يا منافق وقال لو استقبلت من امرى ما استدبرت ما وليت عثمان شسع فعلي.
وهذه عائشة أم المؤمنين خرجت بقميص رسول الله صلى الله عليه واله وسلم تقول ان هذا قميص رسول الله لم يبل وعثمان قد ابلى سنته وروى بعض الصحابة حديث الشؤم في ثلاثة فكذبته وروى بعضهم حديث التاجر فاجر فكذبته.
وانكر العباس وعلى وفاطمة عليهم السلام حديث الصديق نحن معاشر الانبياء لا نورث وقالوا كيف كان النبي يعرف هذا الحكم غيرنا ويكتمه عنا ونحن الورثة واولى الناس بان يؤدي هذا الحكم إليه.
ولم يقبل سعد بن عبادة وكثير من الانصار حديث الصديق الائمة من قريش.
وقيل لابن عباس رضي الله عنهما ان عبدالله بن الزبير يزعم ان موسى صاحب الخضر ليس موسى بني اسرائيل فقال كذب عدو الله.
وكذب عروة بن الزبير وهو تابعي بن عباس وهو صحابي حين اخبر ان ابن عباس يقول ان النبي صلى الله عليه وآله اقام بمكة بعد البعثة ثلاثة عشرة سنة فقال كذب ابن عباس.
وقد جاء امثال هذا عن كثر من الصحابة رضي الله عنهم مما لا يمكننا الا طالة بذكره فلو كانوا يعتقدون عدالة الكل كما قال هؤلاء لما ساغ لاحد منهم رد رواية الآخر بل يجب عليه قبولها والاذعان بما فيها وبالجملة فالقول بعموم التعديل مردود مهدوم بما تقدم ولم يبق بعد هذه النقول والايرادات لدى القائلين به من حجة يدافعون بها عن هذه القاعدة التي اصطلحوا عليها الا ان يقول هذا لا يصح وهذا لم يثبت وان كان ثابتا وصحيحا في نفس لامر والله اعلم.
وقد اهمل كثير من اهل الحديث واجب لتثبت في الرواية كما امر الله من جانب وتجاوزوا القدر المطلوب من التثبت من جانب آخر فتراهم يصححون ويقبلون بلا ادنى توقف رواية من اخبر الله عنه في كتابه انه فاسق كالوليد بن عقبة ومن اخبر النبي انه وزغ ملعون كالحكم ومن اخبر عنه انه في النار كسمرة ومن اخبر النبي انه داع إلى النار كمعاوية وعمرو وامثالهم.
ثم تراهم يضعفون رواية من يقول فيه يحيى بن معين أو ابو حاتم أو ابن القطان أو ابن ابي خيثمة أو العجلي أو امثالهم لااعرفه اولا أحب حديثه أو في نفسي منه شئ أو كان يتشيع أو ربما كان يهم وأمثال هذا مما لا يثبت به جرح ولم يقم عليه دليل ولو كان من قيل فيه ما قاله احدهم من اصدق الناس واتقاهم درج على هذه طائفة وقبيل بعد قبيل داء عضال لا علاج له الا الابتهال إلى الله تعالى ان يجعلنا على بصيرة من هذا الامر توفيقا منه واحسانا.
اننا اهل السنة قدانكرنا على الشيعة دعواهم العصمة للائمة الاثنى عشر عليهم السلام وجاهرناهم بصيحات النكير وسفهنا بذلك احلامهم ورددنا ادلتهم بمارددنا افبعد ذلك يجمل بنا ان ندعي ان مائة وعشرين الفا حاضرهم وباديهم وعللهم وجاهلهم وذكرهم وانثاهم كلهم معصومون أو كما نقول محفوظون من الكذب والفسق ونجزم بعدالتهم اجمعين فنأخذ رواية كل فردمنهم قضية مسلمة نضلل من نازع في صحتها ونفسقه ونتصامم عن كل ما ثبت وصح عندنا بل وما تواتر من ارتكاب بعضهم ما يخرم العدالة وينافيها من البغي والكذب والقتل بغير حق وشرب الخمر وغير ذلك مع الاصرار عليه لا ادري كيف تحل هذه المعضلة ولا اعرف تفسير هذه المشكلة.
اليك فاني لست ممن إذا اتقى / عضاض الافاعي نام فوق العقارب
أما الامر بحسن الظن فحسن ولكنه ليس في مقام بيان الحق وابطال الباطل والكلام على جرح أو تعديل ولو سوغنا هذا لتعطلت الاحكام وبطلت الحدود والشهادات وكبكب الشرع على ام رأسه اذلا وجه لتخصيص اشخاص دون آخرين بحسن الظن بهم في كل ما يفعلونه إذا ترتب على فعله حكم شرعي الا بمخصص شرعي واني بذلك ولو عممنا القول بذلك لكان حسن الظن حسنا بكل فرد من افراد المسلمين في كل ما يفعله كما يقول به بعض الصوفية فيتأول حينئذ لكل منهم ما ارتكبه من القبائح والبدع المضلة والكبائر ويحمل كل ذلك على محمل حسن وقصد صالح ويدخل في ذلك الخوارج وغلاة الرافضة فيما يرتكبونه من البدع والتفكير والسب وهلم جرا اللهم غفرانك ان بهذا يتعطل الشرع وتلتبس الامور ويختلط الحابل بالنابل بل الواجب اجرء كل شئ في مجراه عند ارادة ايضاح الحقائق وبيان المشروعات وبهذا عمل الصحابة رضي الله عنهم فيما بينهم وهكذا عمل جهابذة اصحاب الحديث في الجرح والتعديل في رواة الحديث الا فيمن له صحبة على حسب اصطلاحهم في تعريف الصاحب وهي نقطة الانتقاد عليهم ومحل الاشكال إذ كيف يمكن طالب الحق ان يعتمد ما قالوه ويجري على ماجروا عليه من التسوية صحة واحتجاجا بين روايات الحكم والوليد ومعاوية وعمرو واشباههم سبحان الله افمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله لا والله ثم لا والله ان الاذعان للحق شان المنصفين ولكن اكثرهم للحق كارهون.
ودونك الآن ـ كما وعدنا ـ بعض ما جاء من الآيات والاحاديث الدالة على فضائل زمر من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ورضي عنهم يعرف بها علو مقدارهم عند الله وعظيم منزلتهم لديه مما يوجب علينا توقيرهم واحترامهم ومحبتهم واعتقاد حسن سلوكهم ومصيهم غير ان كثيرا من الناس يوردونها مغالطة في فضائل عموم كل من سمى باصطلاح المحدثين صحابيا ليدخلوا في تلك الفضائل معاوية واشباهه ولكن إذا تأملها المنصف المقيد نفسه باتباع الحق والاذعان له لم يجد لمعاوية وامثاله فيها ناقة ولا جملا وعرف ان بينه وبين تلك الفضائل بعد المشرقين (اما الآيات) فمنها قوله تعالى كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون وتنهون عن المنكر الآية قال ابن عبد البر قال ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله عزوجل كنتم خير امة اخرجت للناس هم الذين هاجروا مع محمد صلى الله عليه وآله.
اثبت الله سبحانه وتعالى لهذه الامة الخيرية على سائر الامم ولا شئ يعدل شهادة الله بذلك ولا شك ان الصحابة رضوان الله عليهم هم المقصودون اولا بالخطاب وهم صدر الامة وخيرها وهذه الخيرية هي بحسب مجموع هذه الامة على مجموع غيرها لا بحسب افرادها على افراد الامم الاخرى إذ لو كان كذلك للزم ان يكون الفاسق من هذه الامة خيرا من حواريي عيسى عليه السلام وانبياء بني اسرائيل وهو باطل اجماعا وإذا كان بحسب المجموع حرج اهل الكبائر والبوائق من هذه الامة عن هذه الخيرية كمعاوية وابنه وكثيرين غيرهما على ان الله تعالى بين جهة الخيرية بقوله تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ومعاويد واعوانه بضد ذلك على خط مستقيم فانهم كما قدنا ذلك عنهم واثبتناه يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويدعون إلى النار قاتلهم الله انى يؤفكون.
ومنها قوله تعالى والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين انبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه واعد لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا ذلك الفوز العظيم اعد الله الجنات للسابقين الاولين من المهاجرين والانصار ورضى عنهم كما اخبر وللذين اتبعوهم باحسان اترى معاوية واتباعه من المتبعين بالاحسان لا والله بل سلكوا سبيلا معاكسا لما سلكه السابقون وركبوا متن طرق البغي والجور والضلالة.
سارت مشرقة وسرت مغربا / شتان بين مشرق ومغرب
ومنها قوله تعالى واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه هؤلاء هم اهل الصفة رضي الله عنهم وليس منهم ذلك الطاغية ولا احد من انصاره كما اجمع على ذلك اهل التفسير اخرج البيهقي في شعب الايمان وابن مردوية وابو نعيم في الحلية عن سلمان قال جاءت المؤلفة قلوبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله عيينة بن بدر والاقرع بن حابس فقالوا يا رسول الله لو جلست في صدر المجلس وتغيبت عن هؤلاء وارواح جبابهم يعنون سلمان وابا ذر وفقراء المسلمين وكانت عليهم جباب الصوف جالسناك وحدثناك واخذنا عنك فانزل الله تعالى اتل ما اوحي اليك من كتاب ربك إلى قوله اعتدنا للظالمين نارا. يهددهم بالنار واخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه عن عبدالرحمن بن سهل ابن حنيف قال نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في بعض ابياته واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي فخرج يلتمسهم فوجد قوما يذكرون الله فيهم ثائر الرأس وجاف الجلد وذو الثوب الواحد فلما رآهم جلس معهم وقال الحمد لله الذي جعل في امتي من امرني ان أصبر نفسي معهم.
(ومنها) قوله تعالى لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة الآية هؤلاء هم اهل بيعة الرضوان اختصهم الله تعالى برضاه حين بايعوا رسول الله تحت الشجرة على الموت في قتال ابي سفيان ومعاوية ومن معهما من كفار قريش وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال لايدخل النار احد بايع تحت الشجرة.
(ومنها) قوله تعالى للفقراء المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم واموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله اولئك هم الصادقون والذين تبؤوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما اوتوا ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولا خواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا انك رؤف رحيم.
يشهد الله وملائكته والمؤمنون ان معاوية وانصاره ليسوا من الذين جاؤا من بعد يستغفرون لسابقيهم بل جاء معاوية بسب اول المهاجرين اسلاما واقربهم قرابة إلى النبي صلى الله عليه وآله ويلعنه واهل بيته على المنابر وقتاله وبغيه علي الله وعلى رسوله عاش هو وابوه وبنوه حربا لله تعالى ولرسوله واهل بيته عاملهم الله بما يستحقون.
(ومنها) قوله تعالى محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيما هم في وجوههم من اثر السجود إلى ان قال جل وعلا وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة واجر عظيما وصف الله اصحاب رسوله بشدتهم على الكفار والتزاحم بينهم وبكثرة الركوع والسجود ابتغاء فضل الله ورضوانه ثم ودعهم إذ ذاك بالمغفرة والاجر العظيم وهذا كله فيمن اسلم قبل صلح الحديبية لان الآية نزلت عقيبة كما ذكره المفسرون ومعاوية وابوه وانصاره إذ ذاك يسجدون للات والعزى وهبل وهم الكفار الذين اغاظهم الله كما ذكر في الآية بأصحاب محمد صلى الله عليه وآله وماذا يغني من اورد هذه الآية في فضائل كل من سماه المحدثون صحابيا مدعيا عموم قوله تعالى والذين معه حتى يدخل طاغية الاسلام وحزبه في هذا العموم وهيهات هيهات.
(ومنها) قوله عزوجل لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والانصار الذين اتبعوه في ساعة العسره من بعدما كاد تزبغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم انه بهم رؤف رحيم.
ما ادعى أحد ان معاوية من المهاجرين ولامن الانصار فلا مدخل له في توبة الله عليهم وان كان من جيش العسرة فان التوبة وقعت للمهاجرين والانصار فحسب.
(ومنها) قوله عزوجل لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل اولئك اعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير.
كلا الطائفتين المقاتلتين موعود من الله بالحسنى ولا ريب في ان النار محرمة على كل من سبقت له لان الله جل جلاله يقول ان الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون ومعاوية لم يكن ممن انفق وقاتل لا قبل الفتح ولا بعده فلا نصيب له من ذلك الوعد بالحسنى وحضوره ان صح مع النبي في غزوة تبوك لا يفيد دخوله في الطائفة الثانية لانه لم يقع في تلك الغزوة قتال اصلا اما دعوى من ادعى ان التقييد بالانفاق والقتال في هذه الآية وتقييد الاتباع بأحسان في الاخرى لا مفهوم له ولا يخرج به من لم تكن له هذه الصفات فدعوى ساقطة وتلاعب بمعاني كلام الله ومكابرة وعناد للحق افمن زين له سوء عمله فرآه حسنا (واما) الاحاديث فمنها ما اخرجه الشيطان وغيرهما عن ابي سعيد قال : كان بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف شئ فسبه خالد فقال النبي صلى الله عليه وآله لاتسبوا اصحابي فلو ان احدكم انفق مثل احد ذهبا ما بلغ مد احدهم ولا نصيفه (قال) الحافظ بن حجر وغيره من شراح الحديث فيه اشعار بأن المراد بقوله اصحابي اصحاب مخصوصون لان الخطاب كان لخالد ومن معه من باقي الصحابة وقد قال لو ان احدكم انفق وهذا كقوله تعالى لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل (وبمثل) هذا اللفظ جاءت احاديث كثيرة وكلها تشير ان المراد منها اصحاب مخصوصون بل لا يمكن حملها على العموم والشمول فلا نطيل بذكرها ولاخفاء في ان الطاغية في معزل بعيد عن ما يترتب عليها من الفضل (مما يؤكد ان المقصود بالاصحاب حيث ذكروا في الاغلب الاحاديث هم الاصحاب مخصوصون كما اقتضاه العرف العام ما رواه ابن بابويه في كتاب عيون اخبار الامام علي الرضا بن موسى الكاظم رضي الله عنهما اخرج بأسناده احمد بن محمد الطالقاني قال : حدثني ابي قال حلف رجل في خراسان بالطلاق ان معاوية ليس من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله في ايام علي الرضا رضي الله عنه فافتى الفقهاء بطلاقها فسئل الرضا فافتى انها لا تطلق فكتب الفقهاء رقعة فانقذوها إليه وقالوا من اين قلت يابن رسول الله انها لم تطلق فوقع في رقعتهم قلت هذا من روايتكم عن ابي سعيد الخدري ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : لمسلمة الفتح وقد كثروا عليه انتم خبرة واصحابي خبرة ولا هجرة بعد الفتح فأبطل الهجرة ولم يجعل هؤلاء اصحابا له قال : فرجعوا إلى قوله )
(ومنها) ما اخرجه المحاملي. والطبراني والحاكم عن عويمر بن ساعدة رضي الله عنه انه صلى الله عليه وآله قال ان الله اختارني واختار لي اصحابا فجعل لي منهم وزراء وانصارا فمن سبهم فعلية لعنة الله والملائكة والناس اجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا. لاريب في ان الاصحاب والاصهار في الحديث إذا فرضت صحته هم اصحاب واصهار مخصوصون وليس المراد الصحبه بالمعنى اللغوى إذ لو كانت مرادة لدخل فيها كثير من المنافقين واهل الكبائر ولدخل في الاصهار حيي بن اخطب وغيرهم من المشركين والفسقة وانما المراد بالاصحاب كما في الاصحاب الاخرى من نصره ووازره وجاهد معه واتبعه باحسان كما ان المراد بالاصهار الخلفاء الاربعة ومن قاربهم لاحيي ومعاوية وابوه وزمعة ومن شاكلهم ولفظ الاختيار في الحديث في مشعر بهذا المعنى واول من يصدق وينطبق عليه وعيد هذا الحديث هو معاوية وعمرو واعوانهما لانهما اول من فتح باب السب واعلنه فقدسبا اول الاصحاب اسلاما واشرفهم مصاهرة واقواهم موازرة وسبا ايضا معه الحسن والحسين وابن عباس وعمارا وسعد وقيس بن سعد وغيرهم ومن سب أو لعن هؤلاء فعلية لعنة الله والملائكة والناس اجمعين.
ومنها ما اخرجه البزار عن سلام بن سليم قال : حدثنا الحرث بن غصين عن الاعمش عن ابي سفيان عن جابر قال : قال رسول صلى الله عليه وآله اصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم (قال) ابن عبد البر هذا اسناد لا تقوم به حجة لان الحرث بن غصين مجهول وقال : ايضا عن محمد بن ايوب الرقى قال : قال لنا ابو بكر احمد بن عمر بن عبد الخالق البزار سألتهم عن ما يروى عن النبي صلى الله عليه وآله مما في ايدي العامة يروونه عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال : انما مثل اصحابي كمثل النجوم أو اصحابي كالنجوم فبأيها اقتدوا اهتدوا قالوا هذا الكلام لا يصح عن النبي صلى الله عليه وآله وربما رواه عبدالرحيم عن ابيه عن ابن عمرو انما ضعف هذا الحديث من قبل عبدالرحيم بن زيد لان اهل العلم قد سكتوا عن الرواية لحديثه والكلام ايضا منكر عن النبي صلى الله عليه وآله وقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله بأسناد صحيح عيلكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين (كون علي عليه السلام احد الخلفاء الراشدين لا يمتري فيه عالم فالاخذ بسنته مأمور به ومن سنته لعن معاوية واشياعه ) بعدي فعضوا عليها بالنواجذ وهذا الكلام يعارض حديث عبدالرحيم لو ثبت فكيف ولم يثبث والنبي صلى الله عليه وآله لا يبيح الاختلاف بين اصحابه والله اعلم قال ابن عبد البر هذا آخر كلام البزار ثم قال قد روى ابن شهاب الخياط عن حمزة الجزري عن نافع عن ابن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله انما اصحابي مثل النجوم فايهم اخذ تمبقوله اهتديتم وهذا لا يصح ولا يرويه عن نافع من يحتج به انتهى.
قلت قد علمت ما في هذا الحديث من الضعف والنكارة وعلى فرض الصحة فلا يستقم الا إذا كان المراد بالاصحاب في هذا الحديث العلماء منهم فيما رووه وحملوه عن النبي صلى الله عليه وآله لا ماكان من قبيل الاجتهاد والرأي فانه صواب وخطأ ولا يشرع الاقتداء بالمخطئ قطعا ولا يأمر صلى الله عليه وآله وسلم بالاقتداء بالجاهلين البته وكما قيل في حديث اني تارك فيكم لثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ما ان تمسكتم بهم لن تضلوا بعدي ابدا قالو ان المراد من اهل البيت في هذا الحديث العلماء منهم فكذلك هنا ولادخل لمعاوية هنا لانه ليس من العلماء بالدين ولا بالمأمون على حمل شريعة سيد المرسلين (اخرج البخاري والترمذي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال : ما اظن فلانا وفلانا يعلمان من ديننا شيئا وبالجملة يفكل ما جاء من هذا القبيل من الآيات التي سبق ذكرها ومن الاحاديث العامة المارة بك وما جرى مجراها كقول النبي عليه وآله الصلاة والسلام ان الله اطلع على اهل بدر ونحوه كل مشروط بسلامة العاقبة ومراعاة الاستقامة إذ لا يجوز ان يخبر الحكيم مكلفا غير معصوم انه لاعقاب عليه فليفعل ما شاء فليكن هذا من طالب الحق على بال.
وإذا تتبعت ايها المنصف كل الفضائل التي استحق بها اصحاب النبي صلى الله عليه وآله الفضل والثواب والمنزلة الرفيعة وجدت معاوية واعوانه صفر الايدي عنها وبعيدين عنها بعدا شاسعا ووجدت عليا عليه السلام اوفرهم حظا واعظمهم قسما.
ولنذكر لك ما قاله العلامة المسعودي في هذا المعني قال : رحمه الله والاشياء التي استحق بها اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله الفضل هي السبق إلى الايمان والهجرة والنصرة لرسول الله صلى الله عليه وآله والقربى منه والقناعة وبذل النفس له والعلم بالكتاب والتنزيل والجهاد في سبيل الله والورع والزهد والقضاء والحلم والفقه والعلم وكل ذلك لعلي عليه السلام منه النصيب الاوفر والحظ الاكبر إلى ما يتفرد به من قول رسول الله صلى الله عليه وآله حين آخي بين اصحابه انت اخي وهو صلى الله عليه وآله لا ضد له ولا ند وقوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لانبي بعدي وقوله عليه وآله الصلاة والسلام من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وآل من والاه وعاد من عاداه ثم دعاؤه عليه الصلاة والسلام وعلى آله وقد قدم إليه انس الطائر اللهم ادخل الي احب خلقك اليك يأكل معي من هذا الطائر فدخل عليه علي إلى آخر الحديث فهذا وغيره من فضائله وما اجتمع فيه من الخصال مما تفرق في غيره ولكل فضائل ممن تقدم وتأخر وقبض النبي صلى الله عليه وآله وهو عنهم راض مخبر عن بواطنهم بموافقتها لظواهرهم بالايمان وبذلك نزل التنزيل وتولى بعضهم بعضا (اتنهى) بحروفه.
وما احسن ما قاله خزيمة بن ثابت الانصاري ذو الشهادتين في الامام علي عليه السلام.
كل خير يزينهم فهو فيه / وله دونهم خصال تزينه
وقوله فيه ايضا :
صهر النبي وخير الناس كلهم / وكل من رامه بالفخر مفخور
ونحا نحوه ابو الفتح كما ذكره في الاستيعاب من ابيات :
من فيه ما فيهم لا يمترون به / وليس في القوم ما فيه من الحسن
وما احسن ما قاله فيه الصفى الحلي :
انت نفس النبي والصنو وابن / العم والصهر والاخ المستجاد
لو رآى مثلك النبي الخا ه والا فأخطأ الانتقاد
وفي القصص الحق في مدح خير الخلق في هذا المعنى.
وان يكن في فتى من صحبه شرف / سام فان عليا فيه ما فيه
كم للقرابة من فضل ومن شرف / وللصحابة من نيل يدانيه
كفاطم وسليليها كذاك بنا ت الطهر طبن كما طابت ذراريه
والطيبات نساء الطهر من رودت / فيهن آيات تشريف وتنزيه
وحمزة ثم عباس وجعفرهم / وابنيهما وابي بكر وثانيه
ومثل عثمان مع سعد سعيدهم / وطلحة وابن عوام حواريه
وكأبن جراحهم جمت فضائلهم / ونسل عوف عديد العشر يوفيه
وسعد بن معاذي الكرامة من / لموته اهتز عرش الله باريه
كذاك باقي سعود النصر صار لهم / قرب من الله سامي القدر عاليه
وكم همام من الاصحاب كان له / وصف النبيين لولا الختم حاميه
كم موطن قد رأوا فيه ملائكة / مخاطبين وعونا في مغازيه
وبعضهم كانت الاملاك تشبهه / وبعضهم كان نور السوط يهديه
وبعضهم كانت الاملاك تقرئه / السلام قبل التداوي إذ تناجيه
للعباس بن عبدالمطلب وذكر في الاصابة ان هذا البيت للفضل بن عباس اللهبي حين بويع بالخلافة لابي بكر رضي الله عنه من ابيات مطلعها.
ماكنت احسب هذا الامر منصرفا / عن هاشم ثم منها عن ابي حسن
من فيه ما فيهم من كل صالحة / وليس في كلهم ما فيه من حسن
اليس اول من صلى لقبلتكم / واعرف الناس بالقرآن والسنن
واقرب الناس عهدا بالنبي ومن / جبريل عون له في الغسل والكفن
ماذا عنه فنعرفه / ها ان بيعتكم من اول الفتن
سبحان ربي ما اوحى خروجهم / من الظلام إلى نور يجليه
من نور من نوره هاد لامته / داباالى ان يجئ الحشر جائيه
وكم ثناء لمن جاء الثناء لهم / في الذكر من غير فضل من مثانيه
وكلهم عندنا عدل رضى ثقة / حتم محبته حتم توليه
الا اناسا جرى من بعده لهم / أحداث سوء وماتوا في اثانيه
من ردة ومروق والخروج عن الا / مر الالهي والقسط المنافية
ما قلت الا الذي قد قال خالقنا / في ذكره أو رسول الله حاكيه
فكل حادثة في الدين قد وردت / وفتنة وامتحان من اعاديه
في محكم الذكر والنقل الصحيح عن / الرسول في لفظ تنصيص وتنبيه
المصدر: راسخون 2017