علاقة معاوية بالخلفاء

تولية عمر بن الخطاب لمعاوية بن ابي سفيان علی دمشق الشام واعمالها وابقاؤه واليا عليها حتى قتل عمر وعمر من اهل الفراسة الصادقة والنظر الصائب قال انصار معاوية لو كان معاوية غير متأهل للولاية لما ولاه عمر و
Wednesday, December 27, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
علاقة معاوية بالخلفاء
 علاقة معاوية بالخلفاء



 


تولية عمر بن الخطاب لمعاوية بن ابي سفيان علی دمشق الشام واعمالها وابقاؤه واليا عليها حتى قتل عمر وعمر من اهل الفراسة الصادقة والنظر الصائب قال انصار معاوية لو كان معاوية غير متأهل للولاية لما ولاه عمر و لو كان ممن يستحق العزل لعزله فدلت توليته وعدم عزله على رضا عمر عن افعاله ورضى عمر منقبة عظيمة ؟
هذه الشبهة لا توجب توقفا عن سلوك طريق فرقة الحق القائلة بجواز لعنه ووجوب بغضه الثابتين بالادلة الصحيحة كما سبق بل هذه ليست شبهة اصلا فان عمر لا يعلم الغيب ولا يطلع على الضمائر حتى لا يولي الا تقيا و لا يستعمل الا نقيا ولا يلزم من مجرد اختياره ثبوت فضيلة ولانفي رذيلة هذا موسى كليم الله (عليه السلام) وهو بلا ريب افضل من عمر قد اختار قومه سبعين رجلا لميقات الله فما كان منهم الا ان قالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة واخذتهم الرجفة على بوائق معاوية وجرائمه التي بسببها استجيز لعنه ووجب بغضه انما ظهرت بعد زمن عمر وكان معاوية ايام ولايته لعمر يخافه ويهابه وقد ضربه بالدرة على رأسه كما رواه ابن سعد حين دخل عليه في جبة خضراء معجبا بها لكي يضع من تكبره وعاتبه حين دخل الشام على اتخاذه الموكب العظيم واعرض عنه وتركه يمشي راجلا حتى اتعبه ثم سأله عن ذلك فخادعه معاوية بقوله انا في بلاد لا نمتنع فيها من جواسيس العدو فلا بدلهم مما يرهبهم من هيبة السلطان فان امرتني بذلك اقمت عليه وان نهيتني عنه انتهيت فقال عمر لئن كان الذي قلت حقا فانه رأى اريب ولئن كان باطلا فأنها خدعة اديب وقد كان عمر يقول من خدعنا في الله انخدعنا له الا ترى انه بلغه عن احد عمله انه يقول من ابيات له.
اسقني شربة الذ عليها / واسق بالله مثلها ابن هشام
فأستدعاه عمر إلى المدينة وعرف العامل السبب فتهيأ للخداع ولما حضر قال : له عمر هيه اأنت القائل اسقني شربة. البيت السابق قال : نعم يا امير المؤمنين وهل اسمعك الساعي ما بعده قال لا فما هو قال :
عسلا باردا بماء قراح / انني لا احب شرب المدام
قال إذا كان هكذا فأرجع إلى عملك وذكر أبو جعفر الطبري من حديث عبدالله بن محمد عن ابيه في ذكر مراجعة علي لعثمان رضي الله عنهما قال : قال عثمان انشدك الله يا علي هل تعلم ان المغيرة بن شعبة ليس هناك قال نعم قال فتعلم ان عمر ولاه قال نعم قال فلم تلومني ان وليت ابن عامر في رحمه وقرابته قال : علي سأخبرك ان عمر بن الخطاب كان كل من ولى فأنما يطأ على صماخه ان بلغه عنه حرف جلبه ثم بلغ به اقصى الغاية وانت لا تفعل ، ضعفت ورفقت على اقربائك قال : عثمان اقرباؤك ايضا فقال لعمري ان رحمي منهم لقريبة ولكن الفضل في غيرهم قال : عثمان هل تعلم ان عمر ولى معاوية خلافته كلها فقد وليته فقال علي انشدك الله هل تعلم ان معاوية كان اخوف من عمر من يرفا غلام عمر منه قال نعم قال علي فان معاوية يقتطع الامور دونك وانت تعلمها فيقول للناس هذا امر عثمان فيبلغك ولا تغير على معاوية (انتهى) واليك واقعة من وقائع عمر تدلك على انه لو كان عمر يعلم ادنى شئ مما يصير إليه معاوية من البغي والفساد وارتكاب الجرائم وتفريق الامة لما ولاه ساعة واحدة على شبر من الارض فيه مسلم واحد.
قال ابن ابي شيبة حدثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب قال حدثني غير واحد ان قاضيا من قضاة الشام اتى عمر فقال يا امير المؤمنين رأيت رؤيا افظعتني قال : ماهي قال رأيت الشمس والقمر يقتتلان والنجوم معهما نصفين قال : فمع ايهما كنت قال : كنت مع القمر على الشمس فقرأ عمر وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة انت مع الآية الممحوة فأنطلق فوالله لاتعمل لي عملا أبدا قال عطاء فبلغني انه ـ يعني القاضي المعزول ـ قتل مع معاوية بصفين (انتهى) افترى عمر إذ لم يرض بأستعمال رجل دلت رؤياه على انه من حزب معاوية إذ هو الآية الممحوة كما ظهر بمقتل ذلك القاضي يرضى بأستعمال وتولية رئيس تلك الفئة الباغية وامامها ومغويها كلا والله غير ان الله سبحانه وتعالى استأثر بعلم الغيب وحجبة عن عباده الا من شاء الله فيما شاءه جل شأنه.
على انا نقول ان علم بفجور معاوية لو كان عالما به وهو مالا نظنه لا يكون ما نعا من توليته إذا رأى فيه نوع مصلحة عامة فقد عزل سعد بن ابي وقاص عن الكوفة ثم ولي عليها المغيرة بن شعبة وقد روي كما ذكره صاحب الفائق وغيره ان حذيفة قال لعمر رضي الله عنهما انك تستعين بالرجل الفاجر فقال اني استعمله لاستعين بقوته ثم اكون على قفاه وذكر ايضا ان عمر قال غلبتي اهل الكوفة استعمل عليهم المؤمن فيضعف واستعمل عليهم الفاجر فيفجر .

تتابع الاكثر من علماء اصحابنا الاشاعرة والما تريدية مددا طويلة ى القول بتعديل معاوية والسكوت عن ذكر مثالبه وتأويلها أو حملها علم المحامل الحسنة وانكار ما يمكن انكاره منها وهذه الشبهة انما هي عند المقلدين والعوام وهي النقطة السوداء في مذهب اهل السنة وهي اشد الشبه أضرارا بهم واستحكاما في عقائدهم وتمكنا منهم حتى صاروا يعتبرون من لعن معاوية أو ذكر شيئا من بوائقه مبتدعا وفاسقا لا يصغون إلى سماع دليل ولا يلتفتون إلى نقل وان كان صحيحا لا تظهر منهم لدى البحث الا بوادر الحفق وسورات الغضب.
يا مرسل الريح جنوبا وصبا / ان غضبت قيس فزدها غضبا
قصارى ما عند العالم منهم ان يقول لك عند البحث ان أيمة السنة وقادة الجماعة كابى الحسن الاشعري وابي منصور الما تريدي ومن بعدهما كالباقلاني والسبكي والغزالي والعضد والدواني والنسفي والنووي وهلم جرا كلهم من العلم والتحقيق وسعة الاطلاع بالمنزلة السامية وكل هؤلاء يستحسن تولي معاوية ويأمر بالسكوت عن ذكر مثالبه ويتأولها له وينهي عن لعنه وسبه ولو لم يكن لهم دليل على ذلك لما قالوه ولسنا باعلم منهم حتى نخالفهم ونصنع غير الذي صنعوا.
والجواب عن هذا اننا لاننكر فضل هؤلاء الرجال وعلو مقامهم من العلم والتحقيق والديانة والورع نستمد من علومهم ونتبع آثارهم ونقتبس من انوارهم ونعتقد حسن نياتهم ونبل مقاصدهم ولكنا مع هذا نقول انهم ليسوا بمعصومين عن الهفوات فلا حجة في اقوالهم ولا نجاة باتباعهم الا فيما وافق الحق مما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن اكابر اصحابه واما ما خالفوا باجتهادهم فيه الطائفة الاولى والنقل الصحيح من توليهم معاوية والترضي عنه ان صح عنهم وتعديله والتزام تأويل قبائحه فلا يلزمنا قبوله اذلا يسوغ لمن عرف الحق اتباعهم ولا تقليدهم في شئ من ذلك وقد مرت بك الادلة التي تشبثوا بها من الصحبة وغيرها في الشبه الاربع السابقة ومر بك ايضا بيان عدم نهوضها بمدعاهم في معارضة ادلة الفرقة الاولى في جواز لعنه ووجوب بغضه وبيان حاله للتحذير منه وقد مر في صدر هذه الرسالة ذكر كثير منهاكما رأيته من عمومات الاحاديث ومن لعن كثير من الصحابة له وسبهم اياه واعلان بغيه وفجوره وكيف يسوغ لطالب الحق ان يضرب صفحا عن تلك الادلة القوية ويتبع ماقاله المتأخرون وهو يعرف ان لامستند لهم فيما قالوا الامامر كما صرحوا بذلك (فان قيل) انك معترف بان هؤلاء لذين ذكرت اوسع منك علما واقوى منك ادراكا واكثر اطلاعات منك على الادلة واقدر منك على تأليف المقدمات واطلاع النتائج وهم اتقى الله منك فيكونون حينئذ اسرع منك اذعانا للحق واجدر باصابة الصواب ومع هذا فانهم لم يذكروا ما ذكرت ولم يصرحوا به كما صرحت فما هو السبب الذي قيدهم واطلقك واسكتهم وانطقك.
قلت السبب هو حرية فكري في استنباط الحق وحرية قولي في اعلانه وسجنهم افكارهم واقوالهم وتقييدها بقيود التقليد وغلها باغلال الانتصار للمذهب ولا ريب ان احرار الفكر والقول قليلون جدا لان الانسان مهما كان ذكيا وعالما فضلا عن الجاهل والبليد لابد ان تطرق سمعه وتحتل ذهنه من حال صغره قضايا ومقدمات تؤثر في دهنه وتنطبع في وجدانه وترسخ فيه بتكرر تعاورها عليه فتجعل بينه وبين ما يخالفها غشاوة تحجب الفكر عن النظر فيه اصالة بل ربما صارت اعتقادا مظنون الصدق فلا يتجاوز الفكر ذلك الاعتقاد ولا يحكم الا بما يوافقه.
ولا شك ان هؤلاء الافاضل قد اطلعوا على جميع ما ذكرت من الادلة القرآنية و النبوية ولكنهم لم يبيحوا لافكارهم الاستنتاج منها الا بالمقدار الذي يوافق عقائدهم الراسخة في اذهانهم مما تلقوه عن مقلديهم وتهيبوا مع ذلك عن مخالفتهم الراسخة في اذهانهم مما تلقوه عن مقلديهم وتهيبوا مع ذلك عن مخالفتهم مع اتساع المجال لهم بالتأويل الذي سكنت إليه نفوسهم لمطابقته معتقداتهم ولو ان اولئك الفضلاء اطلقوا لافكارهم عنان الحرية واستنبطوا احكام القضايا التي ذكرناها من مصادرها الاولية من الآيات والاحاديث مع تخلية الذهن عما علق به من غيرها وتجريده عما رسخ فيه من اقوال من تقدمهم التي لاحجة بها ولا التفات إليها في مقابلة قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وآله لحكموا قبلي بما حكمت وقالوا كلهم بما قلت على اني لم آت بدعا من القول ولا جديدا من الاعتقاد بل انا مسبوق في كل ما قلته باقوال كثيرين هم اتقى لله واورع واجل وافضل واعلم من اولئك الذين سكتوا عما ذكرت ولم يصنعوا كما صنعت ولكل وجهة هو موليها.
نعم ان كثيرامنهم قد آتاه الله حرية الفكر ولم تتغلب عليه تلك العوامل التي تغلبت على غيره ولكن لم يؤته الله حرية القول قتراه يسكت عن ما يراه صوابا ولا يستطيع الجهر به تهيبا من ذي شوكة أو مداراة للعامة ويتخذ حسن الظن بمن تقدمه عذرا له في سكوته بل قد صرح بعضهم بهذا فقال هكذا وجدنا اقوال كثير من السلف فاحسنا بهم الظن وقلنا كما قالوا ولعل لهم دليلا لم نطلع عليه فهذا هو السبب الذي قيدهم واطلقني واسكتهم وانطقني وآلافة كل الآفة هو التقليد الاعمى والله اعلم.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في الصارم المسلول قال ابو طالب المشكاتي قيل للامام احمد ان قوما يدعون الحديث ويذهبون إلى رأي سفيان قال اعجب لقوم اسمعوا الحديث وعرفوا الاسناد وصحته يدعونه ويذهبون إلى رأي سفيان وغيره قال الله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب اليم.
وقال بعض العلماء لو اجتمع مجتهدوا الارض كلهم على قول وكان النبي يقتضى خلافه فالحق قول النبي عليه السلام واجماع المجتهدين في مقابله كضرطة بعير في فلاة.
وقال السيد الآلوسي في جلاء العينين نقلا عن ابن تيمية قال قد كان بعض الناس يناظر ابن عباس في المتعة فقال له قال ابو بكر قال عمر فقال ابن عباس يوشك ان تنزل عليكم حجارة من السماء اقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله وتقولون قال ابو بكر قال عمر .
قلت ولم يقل ابن عباس ان ابا بكر وعمر كانا اعلم مني وافضل ولو لم يكن لهما دليل على قولهما لما قال ثم قال ولو فتح هذا الباب لوجب ان يعرض عن امر الله تعالى وعن امر رسوله صلى الله عليه واله وسلم ويبقى كل امام في اتباعه بمنزلة النبي في امته وهذا تبديل للدين وشبيه بما عاب الله به النصارى في قوله : اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله .
ووجه المشابهة في هذا ظاهر إذ من المعلوم ان النصارى لم يعبدوا الاحبار ولا الرهبان وانما اتخذوا مجرد اقوالهم حجة يتدينون بها فعابهم الله بذلك الفعل وسماه عبادة.
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله في اعلام الموقعين ان فتاوى الصحابة اولى ان يؤخذ بها من فتاوى التابعين وفتاوى التابعين اولى من فتاوى تابعي التابعين وهلم جرا وكلما كان العهد بالرسول اقرب كان الصواب اغلب ثم قال ولعله لا يسع المفتي والحاكم عند الله أن يفتي ويحكم بقول فلان وفلان من المتأخرين من مقلدي الائمة ويأخذ برأيه وترجيحه ويترك الفتوى والحكم بقول البخاري واسحاق بن راهويه وعلي بن المديني وامثالهم بل لا يلتفت إلى قول ابن ابي ذئب والزهري والليث بن سعد وامثالهم بل لا يعد قول سعيد ابن المسيب والحسن وجعفر بن محمد والقاسم وسالم وعطاء وطاووس وامثالهم مما يسوغ الاخذ به بل يرى تقديم قول المتأخرين من اتباع من قلده على فتوى ابي بكر وعمر وعثمان وعلي وذكر عددا من الصحابة ثم قال فلا ندري ما عذره غدا إذا سوى بين اقوال اولئك وفتاويهم فكيف إذا رجحها عليها فكيف إذا عين الاخذ بها حكما وافتاء ومنع الاخذ بقول الصحابة واستجاز عقوبة من خالف المتأخرين لها وشهد عليه بالبدعة والضلالة ومخالفته اهل العلم وانه يكيد الاسلام تالله لقد اخذ بالمثل المشهور رمتني بدائها وانسلت .
أما قوله انا لسنا باعلم من اولئك العلماء حتى نخالفهم ونصنع غير ما صنعوا فقول لا يقبل ممن يمكنه البحث والنظر في الادلة ومواقع الصحة والضعف فيها وما ابعد هذا إذا اهمل ذلك عن مراتب الرجال وما اعجزه عن نيل صفة الكمال قال الشاعر :
ولم ارى في عيوب الناس عيبا / كنقص القادرين على التمام
بل هو قول العاجز الوكل والجاهل المقلد الواضع نفسه موضع الصبي لدي كافله والمرأة في قبضة وليها والاعمى في يد قائده على انا نلزمهم ايضا بانهم ومقلديهم ليسوا باعلم ممن لم يسكت عن معاوية بل اوجب بغضه واستجاز لعنه واعلن قبائحه وبين سوء سيرته فكيف خالفوهم وصنعوا غير الذي صنعوا ولو فرضنا ان الامر راجع إلى التقليد فقط فانا نقول لهم انكم لن تجدوا في جميع علمائكم الذين تقلدونهم من يداني أو يقارب امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام علما وعملا وورعا واحتياطا في الدين وحرصا على الحق وسابقة في الاسلام واقواله في معاوية وسبه ولعنه اياه وكشفه قبائحه وتحذيره من متابعة ضلاله مشهور متواتر وقد قدمنا طرفا من ذلك فهلا قلدتموه واتبعتم ما قاله اوليس هو اولى بالتقليد من اولئك العلماء الذين قلدتموهم واجدر بمعرفة الحق منهم ويحكم اتظنون اصابة مقلديكم وخطأ باب مدينة العلم علي بن ابي طالب عليه السلام وامثاله من كبار الصحابة وكبار التابعين ان هذا والله لهو الخبط والغباوة وخدع النفس والهوى اليس قد جاء عن المعصوم صلى الله عليه واله وسلم في حق علي عليه السلام ما يدل صريحا على انه لا يفارق الحق في اقواله وافعاله واعماله كلها حتى ادعى له العصمة بسبب ذلك جماعة من اهل البيت الطاهر ولنذكر طرفا منهما تقوم به الحجة على الخالفين وتطمئن إليه نفوس الموافقين.
اخرج الحاكم والطبراني في الاوسط عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال علي مع القرآن والقرآن مع علي ولن يفترقا حتى يردا على الحوض.
واخرج الطبراني والحاكم وابو نعيم عن زيد بن ارقم من حديث وفيه : فانه ـ يعني عليا ـ لن يخرجكم من هدى ولن يدخلكم في ضلال واخرج ابو نعيم في الحلية عن حذيفة انه صلى الله عليه واله وسلم قال ان تولوا عليا تجدوه هاديا مهديا يسلك بكم الطريق المستقيم واخرج الديلمي عن عمار بن ياسر وابي ايوب بلفظ : يا عمار ان رأيت عليا سلك واديا وسلك الناس واديا غيره فأسلك مع علي واخرج الحاكم عن ابي ذر انه صلى الله عليه واله وسلم قال من فأرق عليا فارقني ومن فارقني فقد فارق الله (واخرج) الديلمي عن ابي ذر انه صلى الله عليه واله وسلم قال يا علي انت تبين للناس ما اختلفوا فيه من بعدي (واخرج) الطبراني عن سلمان من حديث قال فيه صلى الله عليه واله وسلم هذا فاروق هذه الامة يفرق بين الحق والباطل يعني عليا (واخرج) نحوه الطبراني عن ابي ذر وابن عدي والعقيلي عن ابن عباس (واخرج) ابو يعلي وسعيد بن منصور عن ابي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله الحق مع ذا الحق مع ذا يعني عليا (واخرج) الخطيب عن انس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله انا وهذا حجة على امتي يوم القيامة يعني عليا (واخرج) الحاكم في المستدرك عن علي ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال ان لله سيهدي قلبك ويثبت لسانك (واخرج) أبو نعيم في الحلية عن ابي بردة ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال ان عليا راية الهدى وامام الاولياء ونحو هذه الاحاديث كثيرة وهي وان لم تقتض العصمة لعلي على قول الجمهور لكنها تدل دلالة قوية على انه لا يفارق الحق وعلى انه اعلم الصحابة حتى انه لم ينقل انه استفتى احدا من الصحابة في مسألة مامع ان رجوع اكابر الصحابة إلى اقواله في المشكلات مشهور ومستفيض إلى قول ابن عباس ان عليا احرز تسعة اعشار العلم ووالله لقد شاركنا في العاشر وإذا كان كذلك فلم لا يكون تقليده احق واصوب من تقليد فلان وفلان ولكن على من تقرأ زبورك يا داود انك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا اولوا مدبرين وما انت بهادي العمي عن ضلالتهم ان تسمع الا من يؤمن باياتنا فهم مسلمون.
ولربما يقول القائل انه نقل ايضا عن بعض السلف من اهل القرن الثاني والثالث القول بتعديل معاوية في الرواية وان السلامة متيقنة في السكوت عنه وهذا هو قول الاشعري والما تريدي.
فنقول اما القول بتعديله فقد مر الجواب عنه في الشبهة الاولى واما القول بان السلامة متيقنة في السكوت عنه فليس مراد القائلين بذلك السكوت عن تخطئته وعن اثبات لغيه وتحقيق ظلمه وجوره فانهم انفسهم لم يسكتوا عن شئ من ذلك وهم الذين اجمعوا على تخطئته وبغيه وبينوا فضائحه وقبائحه وملاؤا بذلك مسنداتهم وشحنوا بها تواريخهم فلم يبق الا ان يكون مرادهم السكوت عن لعنه أو سبه أو عنهما معا.
اما لعنه فقد قدمنا في صدر الرسالة بيان مشروعية لعن من استحق اللعن باحد مسوغاته مما تلبس معاوية بالاكثر منها فيكون لعنه مطلوبا تأسيا برسول الله وبملائكته وعملا بما جاء في كتابه تعالى من ذلك كيف وقد قال جل شأنه اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاغنون اليس هذا في حقنا خبرا بمعنى الامر كما في قوله عزوجل والمطلقات يتربصن ونحوه على ان التأسي وحده كاف في طلبه وحاشا من ذكرتم من السابقين ان ينهى عن امر شرعه الله تعالى وكرره في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وآله ولو سلمنا ان احدا منهم نهى عنه فلا اعتبار لكلام احد في مقابلة كلام الله تعالى وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام فنحمل حينئذ اجلالا لمقامهم نهيهم عن ذلك على النهي عنه عند خوف الفتنة كما هو الغالب في الازمان السابقة أو على النهي عن لعن من لم يستحق اللعن اجمالا وهذا حق وصحيح فتعين كون مرادهم السكوت عن سبه لا تقرير قبائحه والرضا بها ونحن تنابعهم على ذلك ونعلم ان لا اثم فيه ولا فائدة إذا لم تدع إليه مصلحة وهي هنا موجودة ولكنا لا نوافق من تجاوز ذلك من المتأخرين إلى ما لم يأمر به السلف من مدحه واطرائه بما ليس فيه والترضي عنه واعلان حبه والانكار على من اورد شيئا من مثالبه لاقامة حجة أو بيان محظور فمن مدحه أو ترضى عنه أو احبه وادعى انه متأس في ذلك بالسلف الاول فقد افترى عليهم (فقد) اورد ابن عبدالبرفي الاستيعاب بسند معتبر عن سفيان الثوري عن ابي قيس الاودي قال ادركنا الناس وهم ثلاث طبقات اهل دين يحبون عليا واهل دنيا يحبون معاوية والخوارج .
هكذا كان السلف فاين هي الطبقة الرابعة من السلف التي تحب عليا ومعاويا كليهما اننا لو فتشنا وتقصينا لم نجد واحدا من جلة الصحابة والتابعين يحب معاوية كما يحبه اليوم المنتسبون إلى الاشعري والما تريدي ويصوب افعاله كما صوبها هؤلاء أو يتأولها له كما تأولوا وان فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون.
نسألك اللهم هداية وتوفيقا لنا ولهذه العصائب المتعصبة ليتهم حيث اطمأنت نفوسهم إلى معاوية استحسان مساوية وهشت افئدتهم إلى خلاف علي عليه السلام وحزبه سلكوا سبيلا من الانصاف ولو ضيقا فأن من المقرر الثابت في اصولهم انه لا يجوز الانكار على من ارتكب مختلفا فيه كما نص عليه القسطاني والاصوليون ثم انهم لم يجعلوا الخلاف امير المؤمنين عليه السلام واكابر الصحابة في هذه المسألة حظا من النظر في مقابلة قول الاشعري والما تريدي بل اسقطوا قوله وقول من موافقه عن درجة الاعتبار فلم يعدوا قوله خلافا اصلا وصاروا ينكرون اشد الانكار على من قال : بقوله وعمل بعمله في هذه المسألة وإذا قلت لهم تعالوا إلى ما انزل الله والى الرسول لم يستحيوا ان يجيبوك بقولهم حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا افلا يتوبون إلى الله ويستغفرون والله غفور رحيم.
وإذا البينات لم تغن شيئا / فالتماس الهدى بهن عياء
وإذا ضلت القول على / علم فماذا تقوله النصحاء
يتجح اناس من انصار معاوية ويحتجون بأن القول بتعديله ووجوب تأويل قبائحه وجواز حبه وتسويده هو قول الجم الغفير من المحدثين ثم من اتباع الاشعري والماتريدي وان هؤلاء هم الجماعة والسواد الاعظم المأمور بلزومهما عند الاختلاف كما جاء في الحديث الشريف فأغتروا بذلك وظنوا الكثرة عاصمة عن الخطاء وملازمة للحق وان كانت ادلة الاقل اقوى وحجتهم اظهر واوضح وهيهات هيهات ان السواد الاعظم والجماعة هو من كان على الحق ولو واحدا كما قدمنا ذلك عن سفيان الثوري رحمه الله. قال ابن القيم رحمه الله في اغاثة اللهفان قال ابو محمد عبدالرحمن ابن اسماعيل المعروف بأبي شامة في كتاب الحوادث والبدع حيث جاء الامر بلزوم الجماعة فالمراد به لزوم الحق واتباعه وان كان المتمسك به قليلا والمخالف له كثيرا لان الحق هو الذي كانت عليه الجماعة الاولى من عهد النبي صلى الله عليه وآله واصحابه ولا نظر إلى كثرة اهل الباطل بعدهم قال عمرو بن ميمون الاودى صحبت معاذا باليمن فما فارقته حتى واريته في التراب بالشام ثم صحبت بعده افقه الناس عبدالله بن مسعود رضى الله عنه فسمعته يقول عليكم بالجماعة فان يد الله على الجماعة ثم سمعته يوما من الايام وهو يقول سيلي عليكم ولاة يؤخرون الصلاة عن مواقيتها فصلوا الصلاة لميقاتها فهي الفريضة وصلوا معهم فأنها لكم نافلة قال قلت يا اصحاب محمد ما ادرى ما تحدثونا قال : وما ذاك قلت تأمرني بالجماعة وتحضني عليها ثم تقول صل الصلاة وحدك وهي الفريضة وصل مع الجماعة وهي نافلة قال يا عمرو بن ميمون قد كنت اظنك من افقه اهل هذه القرية. تدري ما الجماعة؟ قلت لاقال : ان جمهور الجماعة الذين فارقوا الجماعة. الجماعة ما وافق الحق وان كنت وحدك وفي طريق اخرى فضرب على فخذي وقال : ويحك ان جمهور الناس فارقوا الجماعة وان الجماعة ما وافق طاعة الله عزوجل قال نعيم بن حماد يعني إذ افسدت الجماعة فعليك بما كانت عليه الجماعة قبل ان تفسد وان كنت وحدك فأنك انت الجماعة حينئذ ذكره البيهقي وغيره وقال فيه سئل بعض اهل العلم عن السواد الاعظم الذين جاء فيهم الحديث إذا اختلف الناس فعليكم بالسواد الاعظم فقال محمد بن اسلم الطوسي هو السواد الاعظم قال : وصدق والله فان العصر إذا كان فيه عارف بالسنة داع إليها فهو الحجة وهو الاجماع وهو السواد الاعظم وهو سبيل المؤمنين التي من فارقها واتبع سواها ولاه الله ما تولى واصلاه جهنم وساءت مصيرا .
على اننا لا نسلم معاوية ما ادعوه من ان المحدثين والاشاعرة والماتريدية هم جمهور هذه الامة واكثرها بل ولانسلم لهم ان جميع من ذكروه قائل بما زعموه في حق معاوية معتقد صحته.
اما المحدثون فانا لم نجد الا عن القليل منهم تصريحا بما زعم هؤلاء من تعديل معاوية وتأويل بعض قبائحه والآلاف المؤلفة منهم اما ناقمون عليه أو ساكتون عنه بسبب ما يقتضيه زمانهم وما اشتمل علهى من فتن بني امية ومظالهم.
واما الاشاعرة والماتريدية فالكثير منهم بل الاكثر ناقمون في انفسهم على هذا التعديل والتأويل متأففون من هذه الاقوال متبرمون من هذه التحملات نافرة قلوبهم من ذلك الطاغية وموبقاته وجرائره معرضون عن ذكره جملة.
أما الخاصة منهم فيما اطلعوا عليه من الدلائل القوية على بطلان ما حرره مقلدوهم وضعف ما استند إليه سابقوهم واما العامة منهم فيما دعتهم إليه الفطرة الايمانية وساقتهم نحوه الالهامات الربانية وهل بعد هذا يصح ان يقال ان السواد الاعظم هو القائل بتعديل معاوية وامثاله والموجب تأويل قبائحه والمثبت له أجر الاجتهاد على فعل المنكرات لابل السواد الاعظم والجماعة هم فئة الحق المفسقون له والمانعون من تعظيمه والقائلون بجواز لعنه بما اكتسب من موجبات اللعن والمصرحون بوجوب بغضه لمحادته لله ولرسوله وما ارتكبه من معاصيه وسينكشف الغطاء عن جميع ذلك يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها والخصوم إذ ذاك الآلاف المؤلفة من المسلمين والحكم إذ ذاك من لاتخفى عليه خافية فيومئذ لا يعذب عذابه احد ولا يوثق وثاقه احد.
ربما يقول قائل انت تطالب الناس اليوم ان يوافقوا الامام عليا ومن هو على طريقته من كبار الصحابة في شأن معاوية وبغضه واستباحة لعنه وهم نعم القدوة والاسوة كما ذكرت ولكنا وجدنا كثيرا من اهل القرون الاولى كالامام الشافعي ونظرائه قد اهملوا تلك الاقوال وسكتوا عنها فهل لا يسعنا ما وسع اولئك الائمة من السكوت والاعراض عن هذه المشاجرات وطرحها جانبا.
فنقول له لا يسعكم ما وسعهم لانهم معذورون فيما سكتوا عنه ولا كذلك انتم. انهم وجدوا في زمان كانت الدولة والصولة والشوكة لبني امية وامرائهم العتاة الذين لا يرقبون في مؤمن الا ولا ذمة فلا يتجاسر احد ان يعلن أو يصرح بما يعرفه ويعتقده من مثالب اسلافهم وتوغلهم في البغي والظلم ثم اتى زمان بني العباس فكانوا على بغضهم وعداوتهم لبني امية يضيقون ذرعا بكل فضيلة واتباع وانتماء إلى علي واهل بيته عليهم السلام وكان اهل البيت وشيعتهم في ايام تينك الدولتين بل وفي امرة ابن الزبير .
نقل أبو الفرج عن المدائني عن ابي بكر الهذلي قال : كان عبدالله بن الزبير قد اغري ببني هاشم يتبعهم بكل مكروه ويغري بهم ويخطب بهم على المنابر ويصرح ويعرض بذكرهم فربما عارضه بن عباس وغيره منهم ثم بدا له فحبس ابن الحنفية في سجن عادم ثم جمعه وسائر من كان بحضرته من بني هاشم فجعلهم في محبس له وملاه حطبا واضرم فيه النار وقد كان بلغه ان ابا عبدالله الجدلي وسائر شيعة ابن الحنفية قد وافوا لنصرته ومحاربة ابن الزبير فكان ذلك سبب ايقاعه يبه وبلغ ابا عبدالله الخبر فوافى ساعة اضرمت النار عليهم فاطفأها واستنقذهم واخرج ابن الحنفية من جوار ابن الزبير من يومئذ انتهى وقد اشار في الكامل إلى القصة وذكرها اهل الاخبار.
في غاية من الاضطهاد والتشريد والقتل والاذى طبق ما اخبر به المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فأنهم خرجوا من ظلم بني امية إلى ظلم بني العباس ولئن كان كان بنوا العباس اعداء لبني امية فأنهم كذلك اعداء الداء للعلويين كارهين ذكر كل ما فيه منقبة وفضل لبني علي عليه السلام حتى ان احد ملوكهم هدم قبر الحسين عليه السلام وزرع الارض فوقه وحكم بعضهم على العلويين ان لا يركبوا خيلا ولا يتخذوا خادما وان من كان بينه وبين احد من العلويين خصومة من سائر الناس قبل قول خصمه فيه ولم يطالب ببينة كما ذكر ذلك المقريزي في الخطط وغيره ومات كثير من اكابرهم في سجون بني العباس كما سبق ذكر شئ منه إلى غير ذلك مما كفتنا التواريخ مؤنة نقله فلا عجب مع هذا إذا اسكت اولئك الائمة عن الحث على الاقتداء بعلي عليه السلام في ذلك وان من الخطأ الواضح ان نجعل المعذور في سكوته عن بيان بوائق معاوية وامثاله اسوة وقدوة لنا في السكوت عنها ونحن غير مغذورين كيف وقد جاء في حديث انس وغيره انه صلى الله عليه وآله وسلم قال : عند ثناء الصحابة على الاموات بالخير والشر وجبت انتم شهداء الله في ارضه فإذا سكت غير المعذور عن ذكر تلك الموبقات منه ومن اعوانه كان كاتما للشهادة المطلوبة منه وإذا اذكر ما يعلمه من موبقاته وجرائره كان شاهد بر وصدق وإذا مدحه واطراه وتأول له التأويلات كان شاهد زور والعياذ بالله تعالى على ان السابقين بينوا ما بينوا من قبائح ذلك الطاغية وسكتوا عن كثير منها ولكنهم حيث سكتوا لم يفعلوا ما فعله من قلدتموهم من اطراء معاوية وتبريره وتسويده والامر بحبه وحب اولئك البغاة المفسدين بل كانوا يشيرون إلى رفضهم وبغضهم والتحذير من توليهم ومحبتهم بما تجده في مطاوي كلامهم من المعاريض والاشارات إذا لم يقدروا على التصريح بشئ من ذلك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان في المعاريض لمندوحة عن الكذب.
(واقدرهم) على سلوك هذا الطريق هو الامام الشافعي رحمه الله لما له من المعرفة بأساليب الكلام واقتداره على التوجيه والتورية بلفظ محتمل لمعنيين أو معان الا ترى انه حين كتب وصيته قال : فيها ما لفظه وافضل الخلق بعده صلى الله عليه وآله الخلفاء الاربعة ابو بكر وعمر وعثمان وعلي (عطف بعضهم على بعض بالواو والعطف به لا يقتضي ترتيبا فيحتمل ان يكون له قول في الترتيب يخالف ما عليه الجمهور) ثم قال اتولاهم واستغفر لهم ولاهل الجمل وصفين عطف على توليهم رضي الله عنهم الاستغفار لهم ليكون عطفه اهل الجمل وصفين عليهم في الاستغفار لهم حيث اعاد العاطف ولام التعدية لافي التولي إذ لفظ التولي متعد بنفسه وهذا من لطيف اشاراته رحمه الله.
ومنها ما ذكره شارح المواقف وغيره انه رحمه الله سئل عن قتلى اهل الجمل وصفين فقال تلك دماء طهر الله منها سيوفنا فلا نضمخ بها السنتنا اراد رحمه الله دماء اصحاب علي عليه السلام كدم عمار واخوانه الذين قاتلوا معاوية على تأويل القرآن كما قاتلوهم اولا على تنزيله ولا يمكن ن الشافعي رحمه الله على جلالة قدره يريد دماء اصحابه معاوية الذين يعتقد هو كغيره ان قتلهم من اعظم القربات المأمور بها في كتاب الله تعالى افيظن احد انه يعتقد ان الله طهر سيفه من دم اول ما تضمخ به سيف اخي النبي المصطفى ووصيه لا والله ولكن من لاخبرة له بأساليب الكلام ومن كان من اهل الاغراض يفسره بحمله على دماء الكل وحاشى الامام الشافعي رحمه الله من ذلك ومن فسره بذلك فقد افترى عليه كيف وهو رحمه الله القائل.
ولما رأيت الناس قد ذهبت بهم / مذاهبهم في ابحر الغي والجهل
ركبت على اسم الله في سفن النجا / وهم اهل بيت المصطفى خاتم الرسل
وامسكت حبل الله وهو ولاؤهم / كما قد امرنا بالتمسك بالحبل
وقد عزا بعضهم تلك المقالة إلى الحسن البصري وعزاها بعضهم إلى ميمون بن مهران وعلى كل الاقوال فمعناها ما ذكرناه والله اعلم.
ولما كان الحديث شجون عن لي ان اذكر هنا استطرادا طرفا مما قاله الامام الشافعي رحمه الله من الابيات الدالة على شدة تمسكه بأهل البيت الطاهر ومزيد محبته لهم ورفضه لمن عاداهم أو آذاهم وفيها من الاشارات والمعاريض واستعمال التقية الجائزة ما يفهمه الفطن بعد التأمل قال رحمه الله.
لو شق قلبي لذا وسطه / سطران قد خطا بلا كاتب
الشرع والتوحيد في جانب / وحب اهل البيت في جانب
ان كنت فيما قلته كاذبا / فلعنة الله على الكاذب
وتمثل رحمه الله حين عوتب في عدم اكثاره من مدح الامام علي عليه السلام واعلان تشيعه له بقول نصيب.
لقد طال كتمانيك حتى كأنني / برد جواب السائلي عنك اعجم
لاسلم من قول الوشاة وتسلمي / سلمت وهل حي من الناس يسلم
وقال رحمه الله
يا اهل بيت رسول الله حبكم / فرض من الله في القرآن انزله
كفاكم من عظيم القدر انكم / من لم يصل عليكم لا صلاة له
وقال رضي الله عنه
قالوا ترفضت قلت كلا / ما الرفض ديني ولا اعتقادي
لكن توليت دون شك / خير امام وخير هادي
ان كان حب الوصي رفضا / فأنني ارفض العباد
وقال قدس الله سره في هذا المعنى
يا راكبا قف بالمحصب من منى / واهتف بقاعد خيفها والناهض
سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى / فيضا كملتطم الفرات الفائض
ان كان رفضاحب آل محمد / فليشهد الثقلان اني رافضي
وقال نفع الله بعلومه
إذا نحن فضلنا عليا فأننا / روافض بالتفضيل عند دوي الجهل
وفضل ابي بكر إذا ما ذكرته / رميت بنصب عند ذكري للفضل
فلازلت ذا رفض ونصب كلاهما / بحبهما حتى اوسد في الرمل
وقال رحمه الله
آل النبي ذريعتي / وهم إليه وسيلتي
ارجو بهم اعطي غدا / بيدي اليمين صيفتي
وقال قدس سره
إذا كان ذنبي حب آل محمد / فذلك ذنب لست عنه اتوب
وقد نقل البيهقي عن الربيع بن سليمان احد اصحاب الشافعي رضى الله عنه قال قيل للشافعي رضى الله عنه ان اناسا لا يصبرون على سماع منقبة أو فضيلة لاهل البيت فإذا رأوا واحدا منا يذكرها يقولون هذا رافضي ويأخذون في كلام آخر فأنشأ الشافعي يقول :
إذا في مجلس ذكروا عليا / وسبطيه وفاطمة الزكية
واجري بعضهم ذكر سواهم / فايقن انه لسلقلقيه
إذا ذكروا عليا مع بنيه / تشاغل بالروايات العليه
وقال تجازوا يا قوم هذا / فهذا من حديث الرافضية
برئت إلى المهيمن من اناس / يرون الرفض حب الفاطمية
على آل الرسول صلاة ربيئ / ولعنته لتلك الجاهلية
ورحم الله محمد بن وهيب حيث قال لما كثر تردده على يزيد بن هرون ورآه يتجنب ذكر فضائل علي عليه السلام.
وهذا القدر كاف من كلام الشافعي رحمه الله.

المصدر: راسخون 2017
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.