الحریة الاقتصادیة

الحدیث عن الحریة الاقتصادیة أمر سهل، أما قیاسها، وتحدید سماتها الممیزة، وتخصیص أرقام تُبیِّن خصائصها، وتجمیعها داخل مجالٍ واحدٍ شامل، فتلک مهمة أکثر صعوبةً بکثیر. میلتون فریدمان
Sunday, January 14, 2018
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
الحریة الاقتصادیة
 الحریة الاقتصادیة



 

الحدیث عن الحریة الاقتصادیة أمر سهل، أما قیاسها، وتحدید سماتها الممیزة، وتخصیص أرقام تُبیِّن خصائصها، وتجمیعها داخل مجالٍ واحدٍ شامل، فتلک مهمة أکثر صعوبةً بکثیر. میلتون فریدمان(1)
ما الطریقة المثلى لإنتاج السلع والخدمات وتوزیعها على أکبر عددٍ من الناس وتأمین اقتصادٍ مزدهر؟ هل ینبغی أن نختار التخطیط المرکزی، أم سیاسة الحریة الاقتصادیة وعدم التدخل، أم شیئًا بین الاثنین؟
من بین جمیع الحریات التی نتمتع بها، تظل الحریة الاقتصادیة هی الأکثر إثارةً للجدل؛ فالعولمة، والتجارة الحرة، وتفاوت الدخل، وقوة الاحتکار، والهجرة، وتجاوز التسعیرة، والغش والاحتیال التجاری؛ کل هذه الجوانب الخاصة بالرأسمالیة الحرة خاضعة لمجادلاتٍ شرسة.
یُعَدُّ آدم سمیث، أستاذ الفلسفة الأخلاقیة الاسکتلندی فی القرن الثامن عشر، رائدَ علم الاقتصاد الحدیث. وقد نُشرت رائعته «ثروة الأمم» فی عام ١٧٧٦ کإعلانٍ للاستقلال الاقتصادی. وأطلق على برنامجه للرأسمالیة غیر المقیدة «نظام الحریة الطبیعیة»، وقد تألف من ثلاثة أجزاء: الحریة القصوى، والمنافسة، والعدالة. وأعلن أن:کل فرد، ما دام لم ینتهک قوانین «العدالة»، یُترک «حرًّا» تمامًا فی السعی وراء مصلحته الخاصة بطریقته الخاصة، وفی إدخال صناعته ورأس ماله فی «المنافسة» مع صناعة ورأس مال أی فردٍ آخر، أو مجموعةٍ من الأفراد.(2)
بل إن سمیث ذهب إلى أبعد من ذلک بکثیرٍ وأعلن أن الحریة الاقتصادیة حق مقدس:إن منع شعبٍ عظیم … من الاستفادة بکل استطاعته من کل جزءٍ من إنتاجه، أو من توظیف بضائعه وصناعته بطریقةٍ یرى أنها الأکثر ربحًا ونفعًا له، هو انتهاک واضح لأقدس حقوق البشریة.(3)
وباستخدام رمز «الید الخفیة»، ذهب آدم سمیث إلى أن نموذجه للمصلحة الشخصیة المستنیرة سوف یفید المجتمع بأسره: «إنه منقاد بیدٍ خفیة … فمن خلال السعی خلف مصلحته الخاصة، فإنه دائمًا ما یعزِّز مصلحة المجتمع.»(4)
الأهم من ذلک کله أن الحریة الاقتصادیة من شأنها أن تفید البشریة؛ فهی ستقود إلى النمو الاقتصادی و«الوفرة الشاملة التی تمتد إلى أدنى طبقات الشعب.»(5)
بعبارةٍ أخرى، مَنْحُ الناسِ حریتَهم الاقتصادیة من شأنه أن یحقق مستویاتٍ معیشیةً أعلى للجمیع، أغنیاءَ وفقراءَ على حدٍّ سواء.

الحریة الاقتصادیة: تکلفة أم فائدة؟

یُعَدُّ مبدأ آدم سمیث التحرری الخاص بالحریة وعدم التدخل — أی منْحک الحریة لتفعل ما تشاء ما دمت لا تضر الآخرین — مفهومًا جدیدًا نسبیًّا؛ فقد کانت الملکیات والدیکتاتوریات تُسلِّم به کأمرٍ بدیهیٍّ على مدى معظم فترات التاریخ. وبعد نشر عمل آدم سمیث الإبداعی، صارت فکرة الحریة المدنیة والاقتصادیة محل جدالٍ حامٍ. وبشکلٍ خاص، صارت الرأسمالیة الحرة، بعد الکساد العظیم والحرب العالمیة الثانیة فی القرن العشرین، عبارةً غیر مستحبةٍ فی أروقة الحکومة وفی حرم الکلیات؛ فقامت الحکومات فی أمریکا والخارج بتأمیم صناعةٍ بعد أخرى، ورفع الضرائب، وتضخیم الإصدار النقدی، وفرض ضوابط على الأسعار وتداول العملات الأجنبیة، وأنشأت دولةَ الرفاهیة، وانخرطت فی شتى أنواع العبث التدخلی فی محاولةٍ للسیطرة على الاقتصاد والحیلولة دون حدوث کسادٍ آخر. وفی المجال الأکادیمی، أصبحت الکینزیة والمارکسیة هما الاتجاه السائد، وعانى اقتصادیو السوق الحرة صعوبةً فی الحصول على مناصب بدوامٍ کاملٍ فی أحرام الکلیات.
کان اقتصاد الحکومة الضخمة یُنظر إلیه من قِبل النظام الحاکم کأداة استقرارٍ آلیةٍ ومحفزٍ للنمو. وبدایةً من أواخر خمسینیات القرن العشرین، ذهب الکثیر من صفوة الاقتصادیین إلى أن التخطیط المرکزی، ودولة الرفاهیة، والسیاسة الصناعیة سوف تؤدی إلى معدلات نموٍّ «أعلى»؛ ما یُعَدُّ مناقضًا لما جاء به آدم سمیث. وبشکلٍ لا یصدق، فی أواخر عام ١٩٨٥، کان کلٌّ من بول صامویلسون (معهد ماساتشوستس للتکنولوجیا) وویلیام دی نوردهاوس (جامعة ییل) لا یزالان یعلنان أن «الاقتصاد السوفییتی المخطط منذ عام ١٩٢٨ … قد تجاوز النمو الطویل الأجل لکبرى اقتصادات السوق.»(6)
کذلک ذکر مانکیور أولسون، وهو اقتصادی سویدی، أنه «فی الخمسینیات کانت نزعة الدول ذات مستوى الرفاهیة الأعلى لأن تنمو بشکلٍ أسرع ضعیفةً، إن کانت موجودةً أصلًا.»(7)
قام هنری سی والیش، وهو أستاذ اقتصادٍ بجامعة ییل وعضو سابق بمجلس إدارة الاحتیاطی الفیدرالی، بتألیف کتابٍ یدفع فیه بأن الحریة تؤدی إلى نموٍّ اقتصادیٍّ أقل، وتفاوتٍ أکبر فی الدخل، ومنافسةٍ أقل. وأعلن بجرأةٍ فی کتابه «ثمن الحریة» قائلًا: «ولکن السوق الحرة لیست بالأساس أداةً لتحقیق النمو، إنها أداة لتأمین الاستغلال الأکثر فعالیة للموارد.» وذکر بالإضافة إلى ذلک أن «القیمة النهائیة لأی اقتصادٍ حرٍّ لیست الإنتاج، وإنما الحریة، والحریة لا تأتی کربح، وإنما کثمن.»(8) وکان یُعَدُّ اقتصادیًّا محافظًا!

التنویر الجدید

بدایةً من عقد السبعینیات التضخمی، تغیرت توجهات المؤسسة الحاکمة تدریجیًّا. وفی السنوات الأخیرة أحرز المدافعون عن فلسفة آدم سمیث تقدمًا، وادَّعَوْا، منذ انهیار سور برلین والتخطیط المرکزی السوفییتی فی مطلع التسعینیات، الانتصارَ على القوى الظلامیة للمارکسیة والاشتراکیة. والیوم تعمد الحکومات حول العالم إلى إلغاء التأمین، والخصخصة، وخفض الضرائب، والسیطرة على التضخم، والانخراط فی شتى أنواع إصلاحات السوق. ومن الممکن الیوم أن نجد الاقتصادیین الأصدقاء للسوق فی معظم أقسام علم الاقتصاد، وأغلب الفائزین بجوائز نوبل مؤخرًا فی الاقتصاد کانوا من أنصار السوق الحرة.
علاوةً على ذلک، ثَمَّةَ أدلة جدیدة تُظهر بقوةٍ أن الحریة الاقتصادیة تأتی کفائدة، ولیس کثمن؛ فبالنظر إلى بیانات عقد ثمانینیات القرن الماضی، خلص أولسون إلى أنه «یبدو أن الدول ذات القطاعات العامة الأکبر (الرقابة الحکومیة) کانت تمیل إلى النمو بمعدلٍ أبطأ من الدول ذات القطاعات العامة الأصغر.»(9) قارن ذلک بتصریحه عن عقد الخمسینیات.

تأسیس مؤشر الحریة الاقتصادیة

فی ثمانینیات القرن العشرین، قام مایکل ووکر، رئیس معهد فریزر بکندا، بجمع مجموعةٍ من اقتصادیی السوق الحرة لیرى إن کانوا قد استطاعوا إیجاد أدلةٍ تجریبیةٍ على فرضیة آدم سمیث بأن المزید من الحریة الاقتصادیة یؤدی إلى نموٍّ اقتصادیٍّ أعلى. وبإلهامٍ من میلتون فریدمان وقیادة ألفین رابوشکا بمعهد هوفر، أنشأ هؤلاء الخبراء أخیرًا «مؤشرًا للحریة الاقتصادیة للعالم» لکل دولةٍ على حِدَةٍ على مدار الزمن، بِناءً على خمسة مجالاتٍ للحریة الاقتصادیة: الضرائب، والإنفاق الحکومی، والنقد والائتمان، والتنظیم الاقتصادی للأعمال والعمالة، والتجارة الخارجیة.(10)
فی مطلع التسعینیات، أصبح جیمس جوارتنی، أستاذ الاقتصاد بجامعة ولایة فلوریدا، من المشارکین فی المشروع، وهو الآن الاقتصادی الرائد فی صیاغة المؤشر السنوی للحریة الاقتصادیة فی العالم لمعهد فریزر. ومنذ عام ١٩٩٦ یقوم على معاونة جوارتنی المؤلف المشارک روبرت لاوسون، أستاذ الاقتصاد بجامعة کابیتال. ووفقًا لجوارتنی ولاوسون، تتمثل المقومات الأساسیة للحریة الاقتصادیة فی «الاختیار الشخصی، والتبادل الطوعی، وحریة المنافسة، وحمایة الأفراد والممتلکات.»(11)
وتحت قیادة جوارتنی ولاوسون، أصبح المؤشر أکثر تعقیدًا. فی البدایة، کان المؤشر قائمًا على ١٧ عنصرًا قابلةً للقیاس الکمی، مثل حجم المصروفات الحکومیة بوصفها جزءًا من إجمالی الناتج المحلی. غیر أنهما سرعان ما اکتشفا أن ثَمَّةَ عناصرَ قانونیةً وتنظیمیةً قد حُذفت من المؤشر. ولتصحیح هذا الخلل، أُضیفت عناصر جدیدة إلى المؤشر خلال الفترة من عام ١٩٩٧–٢٠٠٠. ویحتوی المؤشر الآن على ٣٨ عنصرًا مقسَّمةً إلى خمسة مجالات:
• حجم المصروفات الحکومیة والسیاسة الضریبیة.
• الهیکل القانونی وتأمین حقوق الملکیة.
• سهولة الوصول إلى العملة القویة.
• حریة التجارة الدولیة.
• تنظیم الائتمان، والعمالة، وقطاع الأعمال.
باستخدام هذه المعاییر، یسعى مؤشر الحریة الاقتصادیة بشکلٍ موضوعیٍّ لتصنیف مستوى الحریة الاقتصادیة برقمٍ مفردٍ فی أکثر من ١٠٠ دولةٍ سنویًّا. یقوم معهد فریزر أیضًا بتصنیف الولایات والمقاطعات فی أمریکا الشمالیة. وفی عام ٢٠٠٧، قاموا لأول مرةٍ بنشر خریطةٍ للحریة الاقتصادیة للعالم، مصنِّفین کل دولةٍ بألوانٍ مختلفة.

دراسة هیریتاج/وول ستریت جورنال

منذ عام ١٩٩٠ صارت مؤسسة «هیریتاج» أیضًا تنشر مؤشرها السنوی للحریة الاقتصادیة فی ینایر من کل عام. یتم نشر المؤشر بالتعاون مع «وول ستریت جورنال»، مصحوبًا بخریطةٍ للعالم تصنِّف الدولَ بألوانٍ مختلفة. وقد تنوَّع مؤلِّفو الدراسة على مرِّ السنین، وکان من بینهم جیرالد بی أُو دریسکول الابن، وإدوین جیه فولنر (رئیس مؤسسة هیریتاج)، وماری أناستاسیا أُو جرادی.
تُعرِّف مؤسسة هیریتاج الحریةَ الاقتصادیةَ بأنها «غیاب الإکراه أو القید الحکومی على إنتاج، أو توزیع، أو استهلاک السلع والخدمات أکثر من الحد الضروری للمواطنین لحمایة الحریة ذاتها والحفاظ علیها.»(12)
ویستخدم المؤلفون ٥٠ متغیرًا فی ١٠ فئاتٍ شاملةٍ لصیاغة تقییمٍ ﻟ ١٥٧ دولة:
1- السیاسة التجاریة (وتُسمَّى الآن حریة التجارة).
2- العبء المالی للحکومة (الحریة المالیة).
3- التدخل الحکومی فی الاقتصاد (التحرر من الحکومة).
4- السیاسة النقدیة (الحریة النقدیة).
5- تدفقات رأس المال والاستثمار الأجنبی (حریة الاستثمار).
6- المعاملات المصرفیة والتمویل (الحریة المالیة).
7- الأجور والأسعار (حریة العمالة).
8- حقوق الملکیة.
9- التنظیم (حریة الأعمال).
10- النشاط السوقی غیر الرسمی (الحریة من الفساد).
فی معادلة هیریتاج، تُقیَّم العوامل العشرة جمیعًا بشکلٍ متساوٍ لتحدید درجةٍ إجمالیةٍ للحریة الاقتصادیة من صفر إلى ١٠٠ بالمائة؛ حیث ١٠٠ تشیر إلى أعلى درجةٍ للحریة الاقتصادیة بینما یشیر صفر إلى أقل درجة.
تقسم الدول إلى خمس فئات:
• حرة: وهی دول تسجل درجة إجمالیة متوسطة من ٨٠–١٠٠ فی المتوسط.
• حرة فی الأغلب: وهی دول تسجل درجة من ٧٠–٧٩٫٩.
• متوسطة الحریة: وهی دول تسجل درجة من ٦٠–٦٩٫٩.
• الأکثر تقیدًا: وهی دول تسجل درجة من ٥٠–٥٩٫٩.
• مکبوتة: وهی دول تسجل درجة من ٠–٤٩٫٩.

الحریة الاقتصادیة والنمو

تتوصل کلٌّ من دراسات فریزر وهیریتاج إلى استنتاجاتٍ متشابهة، کما هو موثَّق فی الشکلین ٢٨-١ و٢٨-٢.
 الحریة الاقتصادیة
شکل ٢٨-١: الحریة الاقتصادیة والدخل الحقیقی لکل فرد. (المصدر: معهد فریزر ٢٠٠٦.)
 الحریة الاقتصادیة
شکل ٢٨-٢: إجمالی الناتج المحلی للفرد والحریة الاقتصادیة. (المصدر: مؤسسة هیریتاج ٢٠٠٧.)
یخلص کلا المرکزین البحثیین إلى أنه کلما کانت درجة الحریة أکبر، ارتفع المستوى المعیشی (بحسب قیاسه بنمو إجمالی الناتج المحلی للفرد)؛ فالدول التی تحظى بأعلى مستوًى للحریة (مثل الولایات المتحدة، ونیوزیلاندا، وهونج کونج) نَمَت بشکلٍ أسرع من الدول التی تحظى بدرجاتٍ متواضعةٍ من الحریة (مثل المملکة المتحدة، وکندا، وألمانیا)، بل وبشکلٍ أسرع وأسرع من الدول التی تحظى بقدرٍ محدودٍ من الحریة الاقتصادیة (مثل فنزویلا، وإیران، والکونغو).
حین رأى میلتون فریدمان هذا الرسم البیانی لأول مرة، صاح قائلًا: «إن التلازم الفعلی بین مؤشر الحریة الاقتصادیة ومعدل النمو الاقتصادی مثیر لأقصى الحدود. ما من وصفٍ لفظیٍّ یمکنه أن یضاهیَ قوة ذلک المخطط البیانی.»(13)
وجدت دراسات معهد فریزر أیضًا أن:
(أ) الدول المحدودة الدخل التی تحظى بمستویاتٍ عالیةٍ من الحریة الاقتصادیة تمیل إلى النمو بشکلٍ أسرع من الدول المحدودة الدخل التی تحظى بمستویاتٍ منخفضةٍ من الحریة، وأن (ب) وجود هیکلٍ قانونیٍّ یؤمِّن حقوق الملکیة ویطبِّق العقود وسیادة القانون أمر أساسی إذا قُدِّر لأی دولةٍ أن تنموَ وتحقق مستوًى مرتفعًا من الدخل. وإجمالًا، یخلص جوارتنی ولاوسون إلى أن: «هذا البحث وجد أن الحریة الاقتصادیة تتلازم إیجابیًّا مع معدل الدخل للفرد، والنمو الاقتصادی، وارتفاع متوسط العمر المتوقَّع، وانخفاض وفیات الموالید، وتطور المؤسسات الدیمقراطیة، والحریات المدنیة والسیاسیة، والنتائج الاجتماعیة والاقتصادیة المرغوبة الأخرى.»(14)
ولکن ماذا عن البیانات التی بدا أنها تُظهر وجودَ تلازمٍ إیجابیٍّ بین الحکومة الضخمة والنمو الاقتصادی فی خمسینیات القرن العشرین وما بعدها؟ فی حالة الاتحاد السوفییتی، یتفق جوارتنی وآخرون، عمومًا، على أن البیانات کانت مغلوطة ومضللة. وفی حالة أوروبا، ربما یکون الحافز الاقتصادی لإعادة البناء بعد الحرب قد عتم على نمو دولة الرفاهیة. بعبارةٍ أخرى، نمت أوروبا على الرغم من الحکومة — ولیس بسببها. وما إن انتهت عملیة إعادة البناء مع أواخر الخمسینیات، حتى بدأ الشعور بحجم الحکومة.
منذ عدة سنواتٍ سألتُ البروفیسور جوارتنی عن أکثر ما أدهشه أثناء إعداد مؤشر الحریة الاقتصادیة؛ فأجاب قائلًا: «لقد تبیَّن أن المنظومة القانونیة — سیادة القانون، وتأمین حقوق الملکیة، والسلطة القضائیة المستقلة، ومنظومة قضائیة محایدة — هی الوظیفة الأهم للحکومة، والعنصر الأساسی لکلٍّ من الحریة الاقتصادیة وإنشاء مجتمعٍ مدنی. وهی ذات دلالةٍ إحصائیةٍ أکبر بکثیرٍ من المتغیرات الأخرى.» وأشار جوارتنی إلى عدد من الدول التی تفتقر إلى منظومةٍ قضائیةٍ لائقة؛ ونتیجةً لذلک تعانی من الفساد، وانعدام تأمین حقوق الملکیة، والتنفیذ الهزیل للعقود، وبیئة تنظیمیة متضاربة، خاصةً فی أمریکا اللاتینیة، وأفریقیا، والشرق الأوسط. وفی ذلک کَتَب جوارتنی ولاوسون: «إن المزایا الهائلة لشبکة السوق — المکاسب من التجارة، والتخصص، وتوسع السوق، وأسالیب الإنتاج الضخم — لا یمکن تحقیقها دون منظومةٍ قانونیةٍ سلیمة.»(15)
المصادر:
1- Milton Friedman, “Forward,” Economic Freedom of the World, 1975–1995, by James Gwartney, Robert Lawson, and Walter Block (Vancouver, BC: Fraser Institute, 1996).
2- Adam Smith, The Wealth of Nations (New York: Modern Library, 1965 [1776]), 651.
3- Smith, Wealth of Nations, 549.
4- Smith, Wealth of Nations, 423.
5- Smith, Wealth of Nations, 11.
6- Paul A. Samuelson and William D. Nordhaus, Economics, 12th ed. (New York: McGraw-Hill, 1985), 776.
7- Mancur Olson, How Bright Are the Northern Lights? (Stockholm: Lund University, 1990), 10.
8- Henry C. Wallich, The Cost of Freedom (New York: Collier Books, 1960), 9, 146 .
9- Olson, How Bright Are the Northern Lights?, 88.
10- See Michael A. Walker, “The Historical Development of the Economic Freedom Index,” in James Gwartney, Robert Lawson, and Walter Block, eds., Economic Freedom of the World 1975–1995 (Vancouver, BC: Fraser Institute, 1996). Early participants in these meetings included Milton and Rose Friedman, Michael Walker, Lord Peter Bauer, Gary Becker, Douglass C. North, Armen Alchian, Arnold Harberger, Alvin Rabushka, Walter Block, Gordon Tullock, and Sir Alan Walters.
11- James Gwartney and Robert Lawson, Economic Freedom of the World 2004 (Vancouver: Fraser Institute, 2004), 5.
12- Marc A. Miles, Edwin J. Feulner, and Mary Anastasia O’Grady, 2005 Index of Economic Freedom (New York and Washington D.C.: Wall Street Journal. and the Heritage Foundation, 2005), 58. For the latest index, go to www.heritage.org.
13- Milton Friedman, “Forward,” Economic Freedom of the World, 1975–1995 (1996).
14- Gwartney and Lawson, Economic Freedom of North America, 2004 Annual Report, 4.
15- James Gwartney and Robert Lawson, Economic Freedom of the World, 2004 Annual Report (Fraser Institute, 2005), 35.
 


نظرات کاربران
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.