الفساد السیاسي و الفساد الاقتصادي

يتزايد اهتمام الاقتصاديين بالمنظومة القانونية المقارنة وطرق تطبيق التحليل الاقتصادي على مشكلة الفساد المستشري، والرشاوى، ودور المؤسسات الدولية.
Monday, January 15, 2018
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
الفساد السیاسي و الفساد الاقتصادي
الفساد السیاسي و الفساد الاقتصادي



 

يتزايد اهتمام الاقتصاديين بالمنظومة القانونية المقارنة وطرق تطبيق التحليل الاقتصادي على مشكلة الفساد المستشري، والرشاوى، ودور المؤسسات الدولية.
كان المحللون الاقتصاديون ينظرون بشكلٍ تقليديٍّ إلى الفساد باعتباره قضيةً سياسيةً وثقافيةً خارجةً عن نطاق البنك الدولي والمؤسسات الاقتصادية. ولكن ثَمَّةَ دراسات حديثة تُبيِّن أن العوامل الاقتصادية تلعب دورًا أساسيًّا في مستوى الفساد، خاصةً في الدول النامية.
ويمكن أن يكون الفساد على عدة مستويات: رشوة المسئولين الكبار؛ المحسوبية والمحاباة؛ الإتاوات والعمولات الخفية من أجل المشروعات الحكومية المجزية؛ القروض والمعونات الخارجية التي توجَّه بشكلٍ خاطئٍ وتنتهي بها الحال في حسابات بنوك سويسرا؛ مبيعات السلع القيِّمة بأقل من أسعار السوق، والرشاوى لتجنب اللوائح، والرسوم الجمركية والضرائب؛ المحاباة في مكافآت عقود الامتياز؛ استغلال النفوذ.
تقول سوزان روز أكرمان، وهي أستاذة اقتصادٍ بجامعة ييل ومرجع قانوني في قضايا الفساد: «تمثل الرشاوى رسومًا لصاحب حق الانتفاع، أو ضرائب، أو رسوم اشتراكٍ في خدمة الهاتف، تُدفع لوكلاء حكوميين.
وتؤثر هذه المدفوعات على قراراتٍ تتراوح بين حجم المشروعات الاستثمارية العامة ونوعيتها، ومستوى الالتزام بلوائح الأعمال والتجارة وقوانينها.»(1)
وقد أجرى جيكوب سفينسون، وهو أستاذ اقتصادٍ بجامعة ستوكهولم، أبحاثًا موسعةً على الفساد السياسي وسيادة القانون. وكما يُبيِّن الشكل ٢٨-٣، فقد وجد سفينسون أن الاقتصادات الاشتراكية والاقتصادات الحديثة العهد بالاشتراكية تُظهر مستويات أعلى من الفساد عن غيرها.
وفقًا لسفينسون واقتصاديين آخرين، يميل الفساد إلى الانخفاض مع اتجاه الدول لمزيدٍ من الرخاء. ومن بين العوامل التي اختبرها، وجد سفينسون أن المستوى التعليمي، والانفتاح على الواردات، وحرية الصحافة، وعدد الأيام اللازمة لإنشاء مشروعٍ تجاريٍّ؛ كلها أظهرت تلازمًا واضحًا بين هذه المتغيرات والمستوى الإجمالي للفساد.(2)
الفساد السیاسي و الفساد الاقتصادي
شكل ٢٨-٣: مؤشر الفساد في مقابل الدخل القومي (إجمالي الناتج المحلي، ١٩٩٥). (المصدر: «ذي إيكونوميست»، ٢٣ ديسمبر، ٢٠٠٦.)
ولكن المحللين السياسيين لا يعلمون أيُّهما يأتي أولًا؛ سيادة القانون أم الرخاء. هل يأتي الرخاء بقيام الدولة بتطبيقٍ صارمٍ للقانون على الفساد، أم أن ارتفاع الدخل يؤدي بشكلٍ طبيعيٍّ إلى انخفاض مستويات الفساد؟ بالتأكيد عندما يحقق المواطنون مستوًى أعلى من الملكية في الأصول والممتلكات، يكون لديهم حافز أكبر للحفاظ على هذه الأصول بالمطالبة بمنظومةٍ قضائيةٍ وتشريعيةٍ أفضل.
وقد حقَّق العديد من الدول الآسيوية نموًّا سريعًا في وقتٍ كان فيه الفساد السياسي والمحاباة منتشرَين. وكما تورد صحيفة «ذي إيكونوميست»: «على الرغم من أن معظم الاقتصاديين يتفقون على أن الفساد يبطِّئ النمو، فإن الدولة الفاسدة تستطيع مع ذلك تحقيق نموٍّ سريع؛ فقد تكون الدول فاسدة لأنها فقيرة، وليس العكس.»(3)

نقد لمؤشرات الحرية الاقتصادية

تعرَّض العديد من الاقتصاديين بالنقد لمحاولات مؤسستَي فريزر وهيريتاج الرامية إلى قياس الحرية الاقتصادية وربطها بالنمو وغيره من الإحصائيات الأخرى. وتشمل اعتراضاتهم صعوبة التوصُّل إلى قياسٍ دقيقٍ للحرية الاقتصادية والمقارنة بين دولٍ مختلفة. ما العناصر التي ينبغي إدراجها، وما الوزن الذي ينبغي منحه لكلٍّ منها؟ هل المملكة العربية السعودية أكثر حريةً من الصين؟
لماذا تمنح مؤسسة هيريتاج درجاتٍ عاليةً من الحرية الاقتصادية لدول الرفاهية السيئة السمعة مثل السويد والدنمارك؟ لماذا يجب أن تحصل على مثل هذا التقييم المرتفع بالنظر إلى مستوى سياستها الصناعية وخطط الادخار الإجبارية؟ هل ارتفاع مستوى «الأسواق غير الرسمية» (الأسواق السوداء) دلالة على الحرية الاقتصادية أم على افتقادها؟
كذلك يثير الكينزيون والماركسيون القضية الخاصة بمدى موضوعية المؤشرات والدراسات، بالنظر إلى أن مؤشرات الحرية الاقتصادية قد أُنشئت على يد مجموعةٍ من اقتصاديي السوق الحرة.
وعلى الرغم من تصريحات ميلتون فريدمان وجيمس جوارتني بأنهما تجريبيان موضوعيان، فدائمًا ما يتساءل المرء إلى أي مدًى تؤثر الآراء الشخصية على منهجيتهما.
لا شك أن تأييد «وول ستريت جورنال» ومشاركتها في نشر مؤشر هيريتاج للحرية الاقتصادية يمنحه مصداقية. بالإضافة إلى أن معهد فريزر يقدم منتدًى مفتوحًا لتشجيع النقاش حول المؤشر. ويعرض موقعه الإلكتروني عبر الإنترنت أبحاثًا تم تقييمها من قِبل الأقران عن قضايا الحرية الاقتصادية .
وسواءٌ أتفقنا أم لم نتفق مع مؤشرَي الحرية الاقتصادية اللذين نُشرا من قِبل معهد فريزر أو مؤسسة هيريتاج، تكتسب المؤشرات سمعةً سيئةً مع الوقت؛ فوفقًا لإد فولنر، رئيس مؤسسة هيريتاج، يتلهَّف القادة السياسيون لرؤية تصنيف المؤشرات لهم كل عام، وهناك أدلة على أنهم يتخذون قراراتٍ مثل خفض الضرائب وخفض التعريفات الجمركية في محاولةٍ منهم لزيادة مَرتبتهم على مؤشر الحرية الاقتصادية.
المصادر :
1- Susan Rose-Ackerman, “The Role of The World Bank in Controlling Corruption,” Law and Policy in International Business (Fall, 1997).
2- Jakob Svensson, as cited in The Economist (December 23, 2006), 126.
3- The etiquette of bribery,” The Economist (December 23, 2006), 126
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.