عبد الله بن مسعود

هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم ابن صاحلة بن كاهل بن الحارث بن تميم ، وكنيته : أبو عبد الرحمن. وهو حليف بني زهرة وابن أختهم
Tuesday, January 16, 2018
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
عبد الله بن مسعود
عبد الله بن مسعود



 

هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم ابن صاحلة بن كاهل بن الحارث بن تميم ، وكنيته : أبو عبد الرحمن. وهو حليف بني زهرة وابن أختهم (1).
نشأ ابن مسعود في مكّة فقيرا ، يرعى الغنم لعقبة بن أبي معيط ، وكان من الأوائل الّذين دخلوا الإسلام ، إذ كان سادس ستة من الّذين أسلموا واتبعوا الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (2) ، وكان مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أينما حلّ وارتحل ، وخاض المعارك مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومع خلفائه الراشدين من بعده ، وحفظ القرآن ، وكان من فقهاء الصحابة ورواة الحديث ، فعن عامر الشعبي قال أبو موسى الأشعري : (لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحبر فيكم) (3) ، يعني عبد الله ابن مسعود وهو من المهاجرين الأولين ، فقد هاجر الهجرتين (4).
استخلفه سعد بن أبي وقّاص (أميرا) على الكوفة سنة (١٩) للهجرة (5) ، وذلك عند ما ذهب إلى جلولاء لسماعه بأنّ الفرس قد اجتمعوا فيها.
وفي سنة (٢١) للهجرة استخلفه (أيضا) عمّار بن ياسر ، وذلك عند ذهاب (عمّار) إلى (تستر) (6) لمحاربة الفرس ، وكان ذلك بأمر من الخليفة عمر (7).
وعند ما جاء عمّار بن ياسر أميرا على الكوفة ، كان معه عبد الله بن مسعود على بيت مال الكوفة ، وقد كتب عمر إلى أهل الكوفة يقول : (إنّي والله الّذي لا إله إلّا هو ، قد آثرتكم به على نفسي ، فخذوا منه وتعلّموا) (8).
وقال عمر أيضا : (إنّي بعثت إليكم عمّار بن ياسر أميرا ، وابن مسعود معلما ووزيرا ، وإنّهما لمن النجباء ، ومن أصحاب محمّد ، ومن أهل بدر) (9).
ونظر إليه عمر ذات يوم فقال : (وعاء ملئ علما). وقيل قال : (ملئ فقها). (10)
وقد أحبّه أهل الكوفة ، حبّا كبيرا ، وأجمعوا على حبّه ، وإجماع أهل الكوفة على حبّ شخص يشبه المعجزات ، ذلك أنّ أهل الكوفة ، أهل تمرّد وثورة ، لا يصبرون على طعام واحد ، ولا يطيقون الهدوء والسلام (11).
وعند ما أراد عثمان بن عفّان عزله عن الكوفة ، قال له أهل الكوفة : أقم معنا ولا تخرج ، ونحن سوف نحميك من أيّ مكروه يصل إليك (12).
وعند ما كان عبد الله بن مسعود على بيت مال الكوفة (وكان أمير الكوفة آنذاك الوليد بن عقبة بن أبي معيط) خرج إلى المسجد وقال : (يا أهل الكوفة ، فقدت من بيت مالكم مائة ألف ، لم يأتيني بها كتاب من أمير المؤمنين ، ولم يكتب لي بها براءة) (13). فكتب الوليد بن عقبة إلى عثمان بن عفّان يخبره بذلك ، فأمر عثمان بعزل عبد الله بن مسعود (14).
ولمّا رجع عبد الله بن مسعود إلى المدينة ، حصل خلاف بينه وبين عثمان بن عفّان ، فقطع عنه عثمان راتبه ومعاشه من بيت المال ، ومع ذلك لم يقل في عثمان كلمة سوء واحدة (15).
وكان عبد الله بن مسعود ، قد حفظ القرآن ، وحسن قراءته ، حتّى قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنه : (من سرّه أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ على قراءة ابن أمّ عبد) (16). ودعاه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما وقال له : (إقرأ عليّ يا عبد الله) ، فقال عبد الله : (أقرأ عليك ، وعليك أنزل يا رسول الله؟!) (17).
فأخذ ابن مسعود يقرأ من سورة النساء حتّى وصل إلى قوله تعالى : (فكيف إذا جئنا من كلّ أمّة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا. يومئذ
يودّ الّذين كفروا وعصوا الرسول لو نسوي بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا). فبكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفاضت عيناه بالدموع ، وأشار بيده الكريمة إلى ابن مسعود : (أن حسبك .. حسبك يا ابن مسعود) (18).
واجتمع نفر من الصحابة عند الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فقالوا له : (يا أمير المؤمنين ما رأينا رجلا كان أحسن خلقا ولا أرفق تعليما ، ولا أحسن مجالسة ولا أشدّ ورعا من عبد الله بن مسعود ...).
فقال لهم : (نشدتكم بالله ، أهو صدق من قلوبكم؟ قالوا : نعم.
فقال عليه‌السلام : (اللهم إنّي أشهدكم ، .. اللهم إنّي أقول فيه مثل ما قالوا ، أو أفضل ، لقد قرأ القرآن فأحلّ حلاله ، وحرّم حرامه ، فقيه في الدين عالم بالسنّة) (19).
وعبد الله بن مسعود ، هو وعبد الله بن عبّاس من أوائل المحدثين عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حيث كان ابن مسعود (بعد وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجلس في مسجد الرسول ويتحدث إلى الناس.
وتمرّ السنون ، وإذا بعبد الله بن مسعود ، يمنع من التحدّث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال أبو عمرو الشيباني (مسروق) : (كنت أجلس إلى ابن مسعود حولا ، لا يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هكذا ، أو نحو ذا ، أو شبه ذا) (20).
وعند ما ذهب عبد الله بن مسعود مع جماعته من أهل العراق إلى مكّة لأداء العمرة ، وإذا بجنازة مطروحة على الطريق وبجانبها غلام ، فناداهم الغلام هذا أبو ذر الغفاري (21) صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأعينونا على دفنه ، فأخذ عبد الله بن مسعود يبكي ، ويقول (صدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : (تمشي وحدك وتموت وحدك ، وتبعث وحدك) (22) ، ثمّ نزل هو وأصحابه فدفنوه.
ومن أقوال عبد الله بن مسعود وأحاديثه المشهورة (المأثورة) :
١ ـ " ينبغي لحامل القرآن ، أن يعرف بليله إذا الناس نائمون ، وبنهاره إذا الناس فرحون ، وببكائه إذا الناس يضحكون ، وبصحته إذا الناس يخلطون ، وبخشوعه إذا الناس يختالون ، وينبغي لحامل القرآن أن يكون جافيا ، ولا غافلا ، ولا صخّابا ولا صيّاحا ولا حدبدا" (23).
٢ ـ " إنّكم في ممرّ اللّيل والنهار ، في آجال منقوصة ، وأعمال محفوظة ، والموت يأتي بغتة ، من زرع خيرا يوشك أن يحصد رغبته ، ولا يسبق بطيء بخطه ، ولا يدرك حريص ما لم يقدّر له ، فمن أعطي خيرا ، فالله تعالى أعطاه ، ومن وقي شرّا ، فالله تعالى وقاه ، المتّقون سادة ، والفقهاء قادة ، ومجالستهم زيادة" (24).
٣ ـ " حدّث الناس ما حدجوك بأبصارهم ، وأذنوا لك بأسماعهم ، ولحضوك بأبصارهم ، وإذا رأيت منهم جفوة فامسك" (25).
صوته ، ولو لا العبّاس بن عبد المطلب (عمّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) لكان ابن جناده في عداد الموتى. وقد قال فيه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (ما أقلت الغبراء ، وما أظلت الخضراء أصدق لهجة من أبي ذر). نفاه الخليفة عثمان بن عفّان إلى (الربذه) ولم يكن معه سوى امرأته وغلامه." طبقات ابن سعد" ج ٤ / ٢٣٤. وقيل ابنته وزوجته فقط" تاريخ اليعقوبي" ج ٢ / ٢٤٩ ، فمات فيها.
٤ ـ " ليسعك بيتك ، واكفف لسانك ، وابك على خطيئتك" (26).
٥ ـ " مثل الإسلام والسلطان والناس ، مثل الفسطاط ، والعمود ، والأطناب والأوتاد ، فالفسطاط : الإسلام ، والعمود : السلطان ، والأطناب والأوتاد : الناس ، ولا يصلح بعضها إلّا ببعض" (27).
وفي هذا المعنى قال الأفوه الأودي (28) :
لا يصلح الناس فوضى لاسراة لهم / ولا سراة إذا جهّالهم سادوا
والبيت لا يبتني إلّا له عمد / ولا عماد إذا لم ترس أوتاد
فإن تجتمع أوتاد وأعمدة / يوما فقد بلغوا الأمر الّذي كادوا
٦ ـ " إنّ الرجل ليدخل على السلطان ، ودينه معه ، فيخرج وما معه دينه. فقيل له : وكيف ذاك؟ يا أبا عبد الرحمن؟ قال : يرضيه بما يسخط الله منه" (29).
٧ ـ " ليس من الناس أحد ، إلّا وهو ضيف على الدنيا ، وماله عارية ، فالضيف مرتحل ، والعارية مردودة" (30).
٨ ـ " إنّ الرجل لا يولد عالما ، وإنّما العلم بالتعلّم" (31).
ومن هذا القول ، قال الشاعر :
تعلم فليس المرء يخلق عالما / وليس أخو علم كمن هو جاهل
وقال آخر :
العلم يحيي قلوب الميتين كما / تحيا البلاد إذا ما مسّها المطر
والعلم يجلو العمى عن قلب صاحبه / كما يجلى سواد الظلمة القمر
ولمّا مرض عبد الله بن مسعود ، مرضه الّذي مات فيه ، جعل الزبير بن العوام ، وابنه عبد الله وصيّا له ، وقال : (إنّهما في حلّ وبلّ فيما وليا من ذلك ، وقضيا في ذلك ، لا حرج عليهما في شيء منه ، وإنّه لا تزوج امرأة من بناته إلّا بعلمهما ولا يحجز ذلك عن امرأته زينب بنت عبد الله الثقفية ، وأن يدفن عند قبر عثمان بن مضعون) (32).
مات عبد الله بن مسعود بالمدينة ، وأوصى أن يصلّي عليه الزبير بن العوام (33).
وقيل لمّا مات عبد الله بن مسعود ، صلى عليه عمّار بن ياسر ، وكان عثمان غائبا ، ولمّا عاد عثمان ورأى قبر ابن مسعود ، قال لمن هذا القبر؟ فقيل له : إنه قبر عبد الله بن مسعود ، فقال : كيف دفنتموه دون علمي؟ فقيل له : إنّ عمّار بن ياسر قد تولّى أمره. وقيل إنّ ابن مسعود أوصى بأن لا يخبر عثمان بموته (34).
وقيل مات عبد الله بن مسعود بالمدينة سنة (٣٢) للهجرة (35) ، وصلّى عليه الزبير بن العوّام (حسب وصيته) ودفن وعمره (٦٠) سنة.
وقيل مات عبد الله بالمدينة سنة (٣٦) للهجرة (36). وبعد وفاة عبد الله ابن مسعود ، ذهب الزبير بن العوام إلى عثمان بن عفّان ، وقال له : (اعطني عطاء عبد الله بن مسعود ، فأهل عبد الله أحوج إليه من بيت المال). فأعطاه خمسة عشر ألف درهم. وقيل عشرين ألف درهم (37).
المصادر :
1- ابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج ١٠ / ١٦٥.
2- تاريخ اليعقوبي. ج ١ / ١٤٧ والحافظ جمال الدين أبو الفرج ـ تلقيح فهوم الأثر. ص ٩٠.
3- ابن الجوزي ـ صفة الصفوة. ج ١ / ٢١١.
4- ابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج ١٠ / ١٦٥ وماسنيون ـ خطط الكوفة. ص ٨١.
5- تاريخ اليعقوبي. ج ٢ / ١٥١.
6- تستر : وهي من أكبر مدن خراسان ، فتحها المسلمون سنة (٢١) للهجرة واستسلم فيها الهرمزان.
7- الدينوري ـ الأخبار الطوال. ص ١٣٠.
8- خالد محمّد خالد ـ رجال حول الرسول. ج ٢ / ٥٣.
9- ابن سعد ـ الطبقات. ج ٦ / ١٣ وخالد محمّد خالد ـ رجال حول الرسول. ج ٢ / ٩٤.
10- لويس ماسينون ـ خطط الكوفة. ص ٨١ وخالد محمّد خالد ـ رجال حول الرسول. ج ٢ / ٤٧.
11- خالد محمّد خالد ـ رجال حول الرسول. ج ٢ / ٥٣.
12- المصدر السابق. ج ٢ / ٥٤.
13- ابن عبد ربه ـ العقد الفريد. ج ٤ / ٣٠٦.
14- نفس المصدر أعلاه.
15- خالد محمّد خالد ـ رجال حول الرسول. ج ٢ / ٥٤.
16- المصدر السابق ج ٢ / ٤٦.
17- نفس المصدر أعلاه.
18- خالد محمّد خالد ـ رجال حول الرسول ج ٢ / ٤٦.
19- المصدر السابق. ج ٢ / ٤٩.
20- محمّد حسنين هيكل ـ الفاروق عمر. ج ٢ / ٢٨٨.
21- أبو ذر : واسمه جندب بن جنادة ، صحابي ، جليل القدر ، ومن المسلمين الأوائل ، دخل المسجد الحرام ونادى بأعلى صوته : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أن محمّدا رسول الله ، فأحاط به المشركون عند سماعهم
22- تاريخ الطبري. ج ٣ / ١٠٧.
23- عدنان سعد الدين ـ الصفوة من صفة الصفوة. ص ١٣٥.
24- الحميدي ـ مواقف وعبر. ج ١٩ / ٢٧٧.
25- الجاحظ ـ البيان والتبيين. ج ١ / ١٠٤.
26- عدنان سعد الدين ـ الصفوة من صفة الصفوة. ص ١٣٦.
27- ابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج ١ / ٩.
28- نفس المصدر السابق.
29- ابن سعد ـ الطبقات. ج ٦ / ٢٠٨.
30- ابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج ٣ / ١٧٣.
31- المصدر السابق. ج ٢ / ٢١١.
32- ابن سعد ـ الطبقات. ج ٣ / ١٥٩.
33- ابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج ١٤ / ٤٥.
34- تاريخ اليعقوبي. ج ٢ / ١٧١.
35- ابن حبان ـ الثقات. ج ٣ / ٢٠٨ والطبقات ـ ابن سعد ١٤ / ٦.
36- البسوي (الفسوي) ـ المعرفة والتاريخ. ج ٢ / ٣١٢.
37- ابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج ١٤ / ٤٨.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.