أبو موسى الأشعري

واسمه عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار بن حرب بن عامر بن عمر بن بكر بن عامر بن عدد بن وايل بن ناجبة بن الجماهر بن أشعر ، وقد تزوّج أبو موسى بأمّ كلثوم بنت الفضل بن العبّاس بن عبد المطلب فولدت له موسى ، وبه
Thursday, January 18, 2018
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
أبو موسى الأشعري
 أبو موسى الأشعري



 

واسمه عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار بن حرب بن عامر بن عمر بن بكر بن عامر بن عدد بن وايل بن ناجبة بن الجماهر بن أشعر ، وقد تزوّج أبو موسى بأمّ كلثوم بنت الفضل بن العبّاس بن عبد المطلب فولدت له موسى ، وبه كان يكّنى (١).
الذي ولّاه الخليفة عمر بن الخطاب إمارة الكوفة سنة ٢٢ للهجرة (٢) ، وذلك بعد عزل عمّار بن ياسر ، فبقي سنة واحدة على إمارة الكوفة ، ثمّ عزله عمر ، وولّاه إمارة البصرة (٣).
ثمّ أعيد تعيينه أميرا على الكوفة سنة 34 للهجرة (٤) من قبل الخليفة عثمان بن عفّان ، وذلك بعد عزل سعيد بن العاص ، وبقي أميرا على الكوفة إلى خلافة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام حيث عزله عنها في أوائل سنة 36 للهجرة (٥).
وكان أبو موسى الأشعري ، واليا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ ، وقيل إنّ أول من لقّب عمر بن الخطاب (بأمير المؤمنين) هو عدي بن حاتم الطائي ، وأول من دعى له بهذا الإسم على المنبر هو أبو موسى الأشعري (٦).
وأبو موسى الأشعري : هو أول من كتب إلى عمر : (إلى عبد الله ، أمير المؤمنين من أبي موسى). فقال عمر : (إنّي لعبد الله ، وإنّي لعمر ، وإنّي لأمير المؤمنين والحمد لله رب العالمين) (٧).
ويروى عن الإمام عليّ عليه‌السلام أنّه قال في أبي موسى الأشعري : (صبغ بالعلم صبغا ، وسلخ منه سلخا) (8). وقيل إنّه قال : (صبغ بالعلم صبغة ، ثمّ خرج منه) (9).
وسئل عمّار بن ياسر عن أبي موسى الأشعري فقال : (لقد سمعت فيه من أبي حذيفة بن اليمان (10) ، قولا عظيما ، سمعته يقول : (صاحب البرنس الأسود) (11).
وأما المعتزلة ، فيعتبرونه من أهل الكبائر ، وحكمه حكم أمثاله ممّن واقع كبيرة ومات عليها. وروي عن سويد بن غفلة أنّه قال : (كنت مع أبي موسى على شاطئ الفرات في خلافة عثمان ، فروى لي خبرا ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : (إنّ بني إسرائيل اختلفوا ، فلم يزل الاختلاف بينهم ، حتّى بعثوا حكمين ضالّين ، ضلّا ، وأضلّا من اتبعهما ، ولا ينفكّ أمر أمّتي حتّى يبعثوا حكمين يضلّان ، ويضلّان من تبعهما) (12).
فقلت له : (احذر يا أبا موسى أن تكون أحدهما فخلع قميصه وقال : (أبرأ إلى الله من ذلك ، كما أبرأ من قميصي هذا) (13).
وبعد التحكيم لقيه سويد بن غفله ، فقال له : (إنّ الله إذا قضى أمرا لم يغالب عليه) (14). وقيل إنّه قال له : (يا أبا موسى ، أتذكر مقالتك؟). قال : (سل ربّك العافية).
وعند ما بويع الإمام عليّ عليه‌السلام بالخلافة سنة 36 بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفّان ، جاء أهل الكوفة إلى أبي موسى الأشعري ، وقالوا له : (لم لم تبايع عليّا ، وتدعو الناس إلى مبايعته ، وقد بايعه المهاجرون والأنصار؟).
فقال أبو موسى : (حتّى أنظر ما يكون ، وما يصنع الناس بعد هذا). فقال رجل من أهل الكوفة أبياتا مطلعها (15) :
أبايع غير مكترث عليّا / ولا أخشى أميرا أشعريا
أبايعه وأعلم أنّ سأرضي / بذاك الله حقّا والنبيا
وعند ما أراد الإمام عليّ عليه‌السلام الذهاب إلى البصرة ، كتب إلى أبي موسى الأشعري ، أن يحثّ الناس للّحاق به في البصرة ، إلّا أنّ أبا موسى ، منع أهل الكوفة من الذهاب إلى البصرة وخطب فيهم قائلا : (أما بعد يا أهل الكوفة ، إن تطيعوا الله باديا ، وتطيعوني ثانيا ، تكونوا جرثومة من جراثيم العرب ، يأوي إليكم المضطر ، ويأمن فيكم الخائف. إنّ عليا ، إنّما يستنفركم لجهاد أمّكم عائشة (16) وطلحة والزبير حواري رسول الله ، ومن معهم من المسلمين ، وأنا أعلم بهذه الفتن ، إنّها إذا أقبلت شبّهت ، وإذا أدبرت أسفرت ، فثلّموا سيوفكم ، وقصّفوا رماحكم ، وانصلوا سهامكم ، وقطّعوا أوتاركم ، وخلّوا قريشا ترتق فتقها ، وترأب صدعها ، فإن فعلت فلأنفسها ما فعلت ، وإن أبت فعلى نفسها ما جنت ، استنصحوني ولا تستغشوني ، وأطيعوني ولا تعصوني ، يتبيّن لكم رشدكم ، ويصلى هذه الفتنة من جناها) (17).
أرسل إليه الإمام عليّ عليه‌السلام كتابا جاء فيه :
(من عبد الله عليّ أمير المؤمنين ، إلى عبد الله بن قيس ، أما بعد ، يا ابن الحائك ، يا عاضّ .. أبيه ، فو الله ، إنّي كنت لأرى بعدك عن هذا الأمر ، الّذي لم يجعلك الله له أهلا ، ولا جعل لك فيه نصيبا ، سيمنعك من ردّ أمري ، والافتراء عليّ ، وقد بعثت إليك ابن عبّاس (18) وابن أبي بكر (19) ، فخلهما والمصر وأهله ، واعتزل عملنا ، مذموما مدحورا ، فإن فعلت ، وإلّا فإنّي قد أمرتهما أن ينابذاك على سواء ، إنّ الله لا يهدي كيد الخائنين ، فإذا ظهرا عليك قطّعاك إربا إربا ، والسلام على من شكر النعمة ، ووفي بالبيعة ، وعمل برجاء العاقبة) (20).
ثمّ أمر الإمام عليّ عليه‌السلام مالك الأشتر ، أن يذهب إلى الكوفة ، ويقيل أبا موسى الأشعري ، فذهب الأشتر إلى الكوفة ، ودخل (قصر الإمارة) وطرد منه الأشعري ، فأخذ الناس ينهبون متاع الأشعري ، فنهاهم الأشتر ومنعهم ، وقال لهم : (إنّي قد أخرجته وعزلته عنكم) ، عندها تركه الناس.
وتمرّ الأيّام سراعا ، ويذهب الإمام عليّ عليه‌السلام إلى" صفّين" لمحاربة معاوية بن أبي سفيان وتستمرّ الحرب سجالا بين الطرفين ، فقتل فيها الكثير من الصحابة الأجلّاء ، ومن حفظة القرآن الكريم ، حتّى قيل إنّ عدد القتلى بين الطرفين بلغ سبعون ألفا ، خمسة وأربعون ألفا من الشام ، وخمسة وعشرون ألفا من أهل العراق ، وقيل إنّ عدد القتلى بلغ مائة وعشرة آلالف (خلال مدة مائة وعشرة أيّام) قتل من أهل الشام تسعون ألفا ، ومن أهل العراق عشرون الفا (21).
وحينما رأى معاوية ، أن جيشه قد ضعف عن القتال ، وأنّ الهزيمة آتية لا ريب فيها ، طلب من عمرو بن العاص أن يتدبر الأمر ، فرفعت المصاحف بإيعاز من عمرو بن العاص ، فتوقف جيش الإمام عليّ عليه‌السلام عن القتال ، وصاح الناس : (ما الحكم إلّا للقرآن ، فسمع عليّ عليه‌السلام وطلب من القوم الاستمرار بالقتال وقال لهم : (إنّكم لمنتصرون بإذن الله ، وإنّها لخدعة) ، ولكنّ ضعاف النفوس ، وضعاف الإيمان" وضعاف الطاعة" أصرّوا إلّا الاحتكام ، وعندها خضع الإمام عليه‌السلام لمطاليب القوم (22). ويقال إنّ عدد المصاحف الّتي رفعت في جيش معاوية بلغت خمسمائة مصحف وفي ذلك قال النجاشي بن الحارث (23) :
فأصبح أهل الشام قد رفعوا القنا / عليها كتاب الله خير قرآن
ونادوا عليا يا بن عمّ محمّد / أما تتقي أن يهلك الثقلان
ثمّ انتخب عمرو بن العاص ممثلا عن جيش معاوية ، وأبو موسى الأشعري عن جيش عليّ عليه‌السلام ودار حديث طويل بين الممثلين ، قام بعده أبو موسى الأشعري وقال : (أيّها الناس ، إنّا نظرنا في أمرنا ، فرأيناه أقرب ما يحضرنا من الأمن والصلاح ، ولمّ الشعث ، وحقن الدماء ، وجمع الألفة ، فقد خلعنا عليا ومعاوية ، وقد خلعت عليا ، كما خلعت عما متي هذه). ثمّ هوى على عمامته فخلعها ثمّ قام عمرو بن العاص فقال : (أيّها الناس ، إنّ أبا موسى عبد الله بن قيس قد خلع عليا ، وأخرجه من هذا الأمر الّذي يطلب ، وهو أعلم به ، ألا وإنّي قد خلعت عليا معه ، وأثبت معاوية عليّ وعليكم ..) (24).
وهكذا انتهى التحكيم ، ولكن مساوئه لم تنته بعد ، فقد تباغض القوم جميعا وأخذ بعضهم يتبرأ من بعض ، فقد تبرأ الأخ من أخيه ، والإبن من أبيه ، عندها أمر الإمام عليّ عليه‌السلام أصحابه بالرحيل والعودة إلى الكوفة (25).
ومما قيل شعرا في التحكيم ، فقد قال أيمن بن خزيم بن فاتك الأسدي (26) :
لو كان للقوم رأي يعصمون به / عند الخطوب رموكم بابن عبّاس
لكن رموكم بوغد من ذوي يمن / لم يدر ما ضرب أخماس بأسداس
وقال ابن أعين في أبي موسى الأشعري (27) :
أبا موسى ، بليت وأنت شيخ / قريب العفو مخزون اللسان
وما عمرو صفاتك يابن قيس / فيا لله من شيخ يماني
فأمسيت العيشة ذا اعتذار / ضعيف الركن منكوب الجنان
تعضّ الكف من ندم ، وماذا / يرد عليك عضّك للبنان؟
وفي اختلاف الحكمين ، قال بعض من حضر ذلك (28) :
رضينا بحكم الله لا حكم غيره / وبالله ربّا والنبيّ والذكر
وبالأصلع الهادي عليّ إمامنا / رضينا بذاك الشيخ في العسر
واليسررضينا به حيّا وميّتا فإنّه / إمام الهدى في موقف النهي والأمر
وقيل جاء رجل إلى عمر بن الخطاب وشكا إليه : بأنّ أبا موسى الأشعري ، قد عاقبه بعقوبة لا يستحقها ، إذ جلده ، وحلق رأسه ، فكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري : (أن يمكن الرجل من القصاص منه جلدا بجلد ، وحلقا بحلق) (29).
مات أبو موسى الأشعري سنة 42 للهجرة ، وقيل سنة 52 في خلافة معاوية بن أبي سفيان ودفن في مكّة ، وقيل مات بالكوفة ودفن فيها ، وقيل مات سنة 44 (30) وعمره بضع وستون سنة (31).
المصادر :
1- القرطبي ـ التعريف بالأنساب.
2- خليفة بن خياط. ج ١ / ١٤٩ وتاريخ الطبري. ج ٤ / ١٦٤ والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج ٣ / ٢٤٢.
3- تاريخ الطبري. ج ٤ / ٢٦١.
4- ابن سعد ـ الطبقات. ج ٥ / ٣٤ وبدران ـ تهذيب تاريخ دمشق. ج ٦ / ١٣٧.
5- تاريخ ابن خياط. ج ١ / ١٨٠.
6- ابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج ٢ / ٦٤.
7- المسعودي ـ مروج الذهب. ج ٢ / ٣٠٥.
8- ابن أبي الحديد ـ شرح نهج البلاغة. ج ١٣ / ٣١٥.
9- ابن سعد ـ الطبقات. ج ٢ / ٣٤٦.
10- أبو حذيفة بن اليمان : صحابي ، عارفا بالمنافقين ، أخبره النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأسمائهم ، وقبره في المدائن مع سلمان الفارسي.
11- البرنس : قلنسوة طويلة ، كان النساك يلبسونها في صدر الإسلام.
12- ابن أبي الحديد ـ شرح نهج البلاغة. ج ١٣ / ٣١٥.
13- تاريخ اليعقوبي. ج ٢ / ١٦٧.
14- المسعودي ـ مروج الذهب. ج ٢ / ٣٩٢.
15- ابن أعثم الكوفي ـ الفتوح. ج ٢ / ٢٥٠.
16- عائشة وطلحة والزبير : ذهبوا إلى البصرة لمحاربة الإمام عليّ عليه‌السلام
17- ابن أبي الحديد ـ شرح النهج. ج ١٤ / ١٥.
18- ابن عبّاس : هو عبد الله بن عبّاس بن عبد المطلب ، وهو ابن عمّ الإمام علي عليه‌السلام.
19- ابن أبي بكر : هو محمّد بن أبي بكر أخو عائشة" أم المؤمنين"
20- ابن أبي الحديد ـ شرح نهج البلاغة. ج ١٤ / ١٠.
21- المسعودي ـ مروج الذهب. ج ٢ / ٣٩٣.
22- نصر بن مزاحم ـ وقعة صفّين. ج ٨ / ٥٧٨ وتاريخ الطبري. ج ٥ / ٥١.
23- المسعودي ـ مروج الذهب. ج ٢ / ٣٩٠.
24- المصدر السابق. ج ٢ / ٣٩٨.
25- المسعودي ـ مروج الذهب. ج ٢ / ٣٩٤.
26- نصر بن مزاحم ـ وقعة صفّين. ج ٨ / ٥٧٥ والمسعودي ـ مروج الذهب. ج ٢ / ٣٩٩.
27- المسعودي ـ مروج الذهب. ج ٢ / ٤٠٠.
28- نفس المصدر السابق.
29- خالد محمّد خالد ـ بين يدي عمر. ص ١١٣.
30- ابن العماد ـ الشذرات. ج ١ / ٢٣٤ وابن حبان ـ مشاهير علماء الأمصار. ص ٦٥.
31- ابن أبي الحديد ـ شرح نهج البلاغة. ج ١٣ / ٣١٦ وابن سعد ـ الطبقات. ج ٤ / ١١٦.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.