الملائكة سفراء الله

ان مجموع الأوصاف العلمية التي يعود بعضها إلى الشهادة بالوحدانية وبعضها إلى الشهادة بالرسالة ، والأوصاف العملية التي يعود بعضها إلى التولي وبعضها إلى التبري أصبحت عاملاً لأن يطرح الملائكة بصفة سفراء كرام الله ،
Saturday, January 20, 2018
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
الملائكة سفراء الله
 الملائكة سفراء الله



 
 

ان مجموع الأوصاف العلمية التي يعود بعضها إلى الشهادة بالوحدانية وبعضها إلى الشهادة بالرسالة ، والأوصاف العملية التي يعود بعضها إلى التولي وبعضها إلى التبري أصبحت عاملاً لأن يطرح الملائكة بصفة سفراء كرام الله ، قال تعالى :
( بأيدي سفرة * كرامٍ بررة ) (1) .
أي أن كتاب دعوتي هذا وصلكم بواسطة سفرة كرام ، أي انه تعالى لم يرسل سفيراً صغيراً ، بل سفيراً مكرماً ، وقال : فيها كتب قيمة ، صحف مطهرة وقيمة ( بأيدي سفرة * كرام بررة ) ، أرسل بواسطة الملك المكرم ، رسالة كرامة ، ولذا أصبح الإنسان كريماً :
( ولقد كرمنا بني آدم ) (2) .
كرامة الملائكة :
التعبير في القرآن الكريم عن الملائكة هو انهم عباد مكرمون :
( وقالوا اتخذ الرحمن ولداً سبحانه بل عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ) (3) نفس التعبير عن العباد الصالحين في سورة الفرقان ، موجودة بشأن الملائكة في هذا الجزء من القرآن ، في سورة الفرقان يذكر العباد الصالحين بصفة عباد الرحمن :
( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ) (4) .
كلمة ( عباد الرحمن ) هذه من أبرز الأوصاف التي اختارها الله للناس الشرفاء ، ونفس هذا اللقب الشريف اطلقه على الملائكة وقال :
( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً ) .
عباد الرحمن ليسوا رجالاً ولا إناثاً ، الملائكة هم عباد الرحمن كما ان سائر الناس الصالحين هم عباد الرحمن . لذا قال تعالى :
( ان الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى * وما لهم به من علم ان يتبعون إلا الظن وان الظن لا يغني من الحق شيئاً ) (5) .
إن كلام الذين يقولون بأنوثة الملائكة ليس علمياً ، بل قائم على الظن ، والمظنة لا تفيد في الرؤية الكونية والمسائل الاساسية ولا تحل محل العلم . يمكن ان يكون دليل الحجية في المسائل العملية والفرعية مظنة ، تحل المظنة مكان العلم ، وتعمل المظنة عمل اليقين ، ولكن لا تستطيع المظنة ان تفعل شيئاً في الرؤية الكونية والمسائل الأساسية .
خلاصة
ألف ـ ان الله تعالى مدح الناس بالكرامة التي هي صفة الملائكة ودعاهم إلى تلك الكرامة ، وهذا دليل على ان ما بينه الله في القرآن بشأن الملائكة قرره أيضاً للناس الصالحين ـ سواء كانت كمالات علمية أو كمالات عملية ـ .
ب ـ الملائكة لا هم مذكر ولا مؤنث ، فالذي يسلك طريق الملك لا هو مذكر ولا مؤنث ، والإنسان هو الذي يسير في طريق الملائكة والإنسان لا هو رجل ولا امراة ، لأن إنسانية الإنسان هي بروحه . والروح منزهة عن الذكورة ومبرئة من الأنوثة .
ج ـ الذين كان لديهم توهم أنوثة الملائكة ، قال تعالى ان توهمهم ناشىء من عدم الإيمان ، لأنه لم يخلق الله الملائكة إناثاً ولم يكن أولئك شاهدين خلق الملائكة .
د ـ سنلاحظ ان الله تعالى يقسم بخلق المرأة والرجل ، ويعطي للمخلوقات والخلق قيمة وفي هذه الناحية ليس هناك أي فرق بين المرأة والرجل .
ذكر شواهد قرآنية
خلق الإنسان وخلافته :
يحلل الله تعالى مسألة الإنسان إلى أصل هي الروح ، وإلى فرع هو الجسم ويسند هذا الفرع إلى الطين والتراب والطبيعة والمادة .
( إني خالق بشراً من طين ) (6) .
ويسند ذلك الأصل إليه ويقول :
( ونفخت فيه من روحي ) (7) .
وفي سورة المؤمنون حين تصل مسألة الجنين إلى النهاية ويقطع الطفل المراحل الجنينية يقول تعالى :
( ثم أنشأناه خلقاً أخر ) (8) .
أعطيناه الروح ، أي الروح تأتي عندما تكون مسألة المرأة والرجل قد انتهت ، أي بعد :
( فكسونا العظام لحماً ) (9) .
عندما قام المصور بالتصوير وانتهت مسألة الذكورة والأنوثة ، قال : ( ثم أنشأناه خلقاً آخر ) ، وذلك الخلق الآخر ليس مكوناً ذكور وإناث .
في سورة القيامة نقرأ آية تشير بشكل كامل إلى أن ارتباط الذكورة والأنوثة يعود إلى الطبيعة والمادة لا إلى الروح . قال تعالى :
( ألم يك نطفة من منّي يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوّى * فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى )(10)
هذه الآية تشير إلى ان الوالدين لا يقومان إلا بالإمناء ، وما يسمى بالخلق هو من الله .
في هذه الآية يقول تعالى بأن المذكر والمؤنث يعود إلى ( منّي يمنى ) لا إلى ( نفخت فيه من روحي ) كيفية الصورة مختلفة ، مسألة المذكر والمؤنث هي من العلقة وما بعد ذلك ، ومسألة الذكور والإناث مطروحة في نظام البدن . وبعد ان تنتهي مسألة الذكور والإناث ، يأتي عند ذلك دور الروح ، وسواء فسرت الروح على أساس ، ما يعين ان ( الأرواح جنود مجندة ) حيث يقول البعض ان الارواح هي قبل الأبدان ، أو على أساس ان الروح المجردة تحدث متزامنة مع كمال البدن ، أو على أساس ثالث . فعلى أيّ حال فإن الروح هي بعد حدوث الذكورة والأنوثة ، أي أنه بعد أن يعبر البدن مرحلة المذكر والمؤنث ، عند ذلك حديث الروح ، وهذا يجب تبيينه في الفصل الثاني والثالث بالاستعانة بالفصل الأول .
ولأن الله تعالى يعتبر عمل الوالدين الإمناء وعمله الخلق ، لذا يثمن عمله ويقسم في جملة واحدة وسياق واحد بخلق المرأة والرجل ويعطي هذه الخلقة حرمة ويقول :
( والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى * وما خلق الذكر والأنثى ) (11) .
عندما يقسم بالليل ويقسم بالنهار في حالتيهما المتنوعتين ، يقسم أيضاً بخلق المرأة والرجل لأن كلمة ( ما ) في ( وما خلق الذكر والأنثى ) هي مصدرية ، الخلق هو موضع القسم ، وليس المخلوق ، والله لا يقسم بالمرأة والرجل ، بل يقسم بخلق المرأة والرجل وهو فعله ، ولو لم يكن الاثنان محترمين ، لما أقسم بخلقهما .

الزوج والزوجة في القرآن :

كلمة زوج وزوجة متقابلتان في التعابير العرفية ، ولكن القرآن الكريم كما يرى الرجل زوجاً يرى المرأة كذلك . يعد المرأة زوجاً ، فكلمة زوجة أو زوجات لم تستعمل في القرآن ، بل يستعمل أزواج . المرأة زوج كما ان الرجل زوج ويعبر بأن الله خلق آدم . وخلق زوجه من تلك النفس .
( وخلق منها زوجها ) (12) .
ولأن الزوج هو الشيء الذي يصبح الواحد بواسطته اثنين . فحين يرد كلام عن المرأة والرجل ، يقول :
( فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى ) .
أو يذكر نساء الجنة بصفة ( أزواج ) مطهرة . لا ( زوجات ) . وكما ان الرجل هو زوج المرأة ، فالمرأة أيضاً هي زوج الرجل ، أحياناً يرد الكلام عن الزوج والزوجة لرفع الالتباس والتكلم على أساس المعايير الأدبية والدراسية ، وإلا فتعبير القرآن الكريم بشأن المرأة والرجل متساوٍ .

الإنسان ومقام الخلافة :

المسالة الأخرى المطروحة في هذا البحث هي ان أرفع مقام يفرض للإنسان هو مقام الخلافة ، أي خلافة الله . إذا وصل في الخلافة إلى مقام رفيع ، فهناك إلى جانب ذلك مسألة الولاية والرسالة والنبوة ، وأمثالها . وإذا دخل إلى المراحل الوسطى أو النازلة فهو الإيمان وأمثاله ، ويمكن ان لا ترافقه الرسالة أو النبوة .
والسؤال المطروح هو : هل ان الخلافة الإلهية هي للرجل والذكورة شرط والأنوثة مانع ؟ أم ان الخلافة ليست للرجل ، ولكن الرجال استطاعوا النجاح في تحصيل الخلافة ولم تنجح النساء ؟ أم أنها غير مشروطة بالذكورة ولا ممنوعة بالأنوثة ، والذين نجحوا في أن يصبحوا خليفة الله إنسانيتهم أدت إلى ذلك ذكورتهم ، الرجل لم يصبح خليفة ، بل الذي أصبح خليفة الله ، إنسان له بدن رجل .
توضيح المسألة أنه جاء في القرآن الكريم كلام عن خلافة آدم :
( إني جاعل في الأرض خليفة ) (13) .
ثم قال الملائكة :
( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) (14) .
فأوضح الله تعالى لهم بأنه معلمهم وخليفته عن طريق تعليم الاسماء لآدم . وقد توضح في بحوث الخلافة ان آدم ، ليس ( قضية شخصية ) وشخصاً معيناً خليفة الله ، بل أن مقام الإنسانية هو خليفة الله . لذا جميع الأنبياء ، خاصة خاتمهم صلى الله عليه وآله وسلم هم خلفاء الله ، هذه ليست ( قضية في واقعة ) بل هي تشير إلى مقام الإنسانية ، فكيف يكون آدم خليفة الله ، مع انه ليس من الأنبياء أولي العزم ، ولا يكون الأنبياء الآخرون خاصة أولوا العزم وبالأخص خاتمهم ـ عليهم السلام ـ خليفة الله ؟ بل المقصود هو الإنسان الكامل ، فالفرض ليس شخص آدم ، بل شخصيته الإنسانية .
وفي هذه المسألة ( ان خليفة الله هو مقام الانسانية لا الذكورة ) شهد آخر على أن سر كون مقام الإنسانية خليفة الله ، هو بسبب تعليم الاسماء . قال تعالى :
( وعلّم وآدم الاسماء كلها ) (15) .
إن م حور التعليم والتعلم كما مر في البحوث السابقة هي روح الإنسان ، لا البدن ولا مجموع الروح والبدن . ان الذي يصبح عالماً هي الروح ، والروح ليست مذكراً ولا مؤنثاً . بناء على هذا فان العالم بالاسماء الإلهية هي الروح وليس الجسم ، والنتيجة : أن معلم الملائكمة هي روح الإنسان وليس البدن . وثمرة البحث هي ان خليفة الله هي روح الإنسان وليس الجسم .

المصادر :
1- سورة عبس ، الآيتين : 15 ـ 16 .
2- سورة الاسراء ، الآية : 70 .
3- سورة الأنبياء ، الآيتين : 26 ـ 27 .
4- سورة الفرقان ، الآية : 63 .
5- سورة النجم ، الآيتين : 27 ـ 28 .
6- سورة ص ، الآية : 71 .
7- سورة الحجر ، الآية : 29 .
8- سورة المؤمنون ، الآية : 14 .
9- المصدر السابق .
10- سورة القيامة ، الآيات : 37 ـ 39 .
11- سورة الليل ، الآيات : 1 ـ 3 .
12- سورة النساء ، آية : 1 .
13- سورة البقرة ، الآية : 30
14- سورة البقرة ، الآية : 30 .
15- سورة البقرة ، الآية : 31 .
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.