أم مريم عليها السلام

ترق القرآن الکريم الی ولادة مریم وحال امها الاعتراضي عندما وضعت مولودها انثی حيث بين القرآن الكريم قضيّة ولادة مريم عليها السلام بهذا الشكل :
Tuesday, January 30, 2018
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
أم مريم عليها السلام
أم مريم عليها السلام


ترق القرآن الکريم الی ولادة مریم وحال امها الاعتراضي عندما وضعت مولودها انثی حيث بين القرآن الكريم قضيّة ولادة مريم عليها السلام بهذا الشكل :
( فلما وضعتها قالت ربّ انّي وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وأنّي سميتها مريم وإنّي أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ) (1) .
محل البحث هناك حيث قال : ( وليس الذكر كالأنثى ) . لو دققتم في الكتب الأدبية ترون ان الادباء في تفسير هذه الجملة قمسين : فهناك من يعتبر هذا التشبيه ، تشبيها معكوساً ويقولون : لأ المذكر أفضل من المؤنث والرجل أرقى من المرأة ، فلو قال شخص : ( ليس الذكر كالأنثى ) ، فهنا التشبيه تشبيه معكوس ، وفي الحقيقة يعني ليست الأنثى كالذكر .
وهناك بعض يعتقدون بان التشبيه في الآية جارٍ على الأصل لا معكوس ، بهذا البيان وهو أن الولد لا يستطيع أبداً أداء دور هذه البنت ، ولا يستطيع أي رجل ان يصبح والداً لعيسى ، ولا يستطيع الرجل أبداً أداء عمل هذه المرأة ، وبناء على هذا فالتشبيه تشبيه مستقيم لا معكوس .

دور النساء تثبيت الأديان الإلهية :

لقد عرض القرآن الكريم رجالاً بصفتهم في مسألة الغضب ومكافحة الظلم ، أما ما طرح في مسألة مكافحة الظلم الفرعوني فهو كفاح النساء .
يذكر القرآن الكريم ثلاث نساء كأمثلة وهن اللواتي حفظن موسى من القتل ، وقمن بتربيته . وكانت كل مسألة تربية موسى الكليم بعهدة أولئك النساء الثلاث . أم موسى ، أخت موسى ، وامرأة فرعون ، فقد قامت تلك النساء الثلاث بمكافحة الوضع السياسي في ذلك الوقت ، حتى كبر هذا الرجل ، قال تعالى :
( وأوحينا إلى أم موسى ) (2) .
عندما ألقت أم موسى ابنها في البحر بأمر الله ، قالت لأخت موسى بأن تتابع هذا الصندوق ( وقالت لأخته قصّيه ) (3) .
من ناحية أخرى قالت امرأة فرعون :
( لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً ) (4) .
من ناحية أخرى هيأت هذه النساء الثلاث الأرضية لنضج وتربية موسى ، حتى طوى بساط فوعون .
واضح جيداً ان الذهاب وراء الصندوق حتى فصر فرعون لم يكن عملاً مهلاً ، كما أن أمّا إذا أمرت ابنتها بأن تتابع هذا الصندوق وتكون على اطلاع على نهاية مسيره ، وإذا كانت نهاية مسيره هي قصر فرعون تذهب وتعرض عليهم الرضاعة وتقول :
( هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون ) (5) .
لا يعتبر هذا أيضاً أمراً سهلاً في ذلك اليوم الذي كانوا يلاحقون كل امرأة مرضعة حتى يفهموا ان طفلها الرضيع ولد أم بنت ، لأن المرأة التي مع طفلاً هي التي تكون مرضعاً . ان اقتراح التعريف بامرأة مرضعة غير ليس أمرأً عادياً في مثل ذلك الوضع ودخول في ساحة الخطر ومواجهة موت والإعدام ، علاوة على هذا فان أموته أم موسى كانت سرية أيضاً كانوا على أي حال يسألون عن الرضيع وجنسه ، لأنهم كانوا في حال متابعة مستمرة حتى يقضوا على كل رضيع ولد ، كما قال تعالى :
( يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم ) (6) .
فلم يكن امراً عادياً ، هذا الذي تولته أخت موسى ولم يكن عملاً صغيراً ذلك الذي أمرت به أم موسى ، كما ان اقتراح امرأة فوعون لم يكن اقتراحاً سهلاً ، والشخص الذي كان يعيش مع أكبر سفاح في ذلك العصر ، يقول في ذلك المقطع الحساس : ( لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً ) ، هذا الاقتراح يبين شهامة وشجاعة هذا المرأة .
اتضح مما تقدم ان النساء كانت تتولى أفضل عمل من أجل حفظ الأديان ، وذلك في قسم الغضب والشهوة ( العفاف ) ، وفي قسم العلم أيضاً كانت النساء في حد الرجال جزء من الكلمات الإلهية التي انقذت آدم ( فتلقى آدم من ربه كلمات ) .
بناء على هذا تصبح النتيجة أنه لا يوجد قسم يكون فيه الرجال مقدمين ، ولا يكون للنساء فيه سهم ، ولكن يجب أن تدرك المرأة موقعها أولاً ، وثانياً أن يعطي الآخرون حرمة لهذا الموقع ، وثالثاً يهيئون إمكانات ، ثم يبدأ التقويم ، حيث يظهر في ميدان الامتحان إلى أي حد يمكن ان تنجح المرأة وإلى أي حد يمكن للرجل التقدم .

الأنبياء قدوة الإنسان :

هذا الذي عرفه الله تعالى رسوله بعنوان رحمة تشمل العالم ، وقال :
( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) (7) ، ( وما أرسلناك إلا كافة للناس ) (8) ، ( للعالمين نذيراً ) (9) .
وهناك آيات كثيرة أخرى تفهم شمولية دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم للعالم ( هذه المقدمة ) .
مقدمة أخرى في قوله تعالى في سورة الأحزاب :
( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) (10) .
عندما نجعل المقدمة الثانية إلى جانب المقدمة الأولى نرى ان كلمة ( لكم ) ليست خطاباً للرجال ، هي خطاب للناس ، وكما بين سابقاً فان طريقة القرآن هي طريقة الحوار ، وفي المحاورة حين يقال الناس فليس مقصود الرجال في مقابل النساء ، بل المقصود هو جماهير الناس ، وطبق مقدمة الأولى إذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نذيراً للعالمين ، رحمة للعالمين ، قدوة للناس ، عند ذلك ليس صحيحاً أن نقول في المقدمة الثانية : إن الرسول هو قدوة للرجال ، بل هو قدوة للناس ، كما أن الله تعالى قال عن إبراهيم الخليل عليه السلام :
( ملة أبيكم إبراهيم ) (11) .
كلمة ( أبيكم ) هذه هي خطاب للناس لا للرجال ، وقال تعالى :
( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه ) (12) .
أي تأسوا أيها الناس بإبراهيم والذين مع إبراهيم عليهم السلام وليس أنتم أيها الرجال . لأن ضمير جمع المذكر السالم هذا على أساس ثقافة الحوار هو خطاب للمجتمع ، وليس للرجال .
وقد دعانا الله إلى التأسي بإبراهيم الخليل في آيتين من سورة الممتحنة ، أحداهما هذه الآية ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه ) والأخرى قوله تعالى :
( لقد كان لكن فيهم اسوة حسنة ) (13) .
هذه الأمثلة تبين ان الانبياء هم أسوة للناس لا للرجال .

الأسوة في نظر القرآن :

إذا أصبح الإنسان صالحاً فهو أسوة لسائر الناس . إذا كان رجلاً فهو أسوة للناس لا للرجال فقط ، وإذا كانت امرأة فهي أيضاً أسوة للناس لا للنساء ، والقرآن الكريم يوضح هذه المسألة بصورة صريحة ، ويذكر أربع نساء بعنوان نساء نموذجيات ( اثنتان منهن نموذج حسن واثنتان نموذج سيىء ) .
المرأة سواء أكانت سيئة أو صالحة ليست مثالاً للنساء ، فحسب ، هي امرأة نموذجية ، وهناك فرق بين كون المرأة الصالحة الجيدة نموذجاً للنساء ، وبين كونها امرأة نموذجية ؟ ان الرجل إذا أصبح جيداً لا يكون نموذجاً للرجال ، بل هو رجل نموذجي. القرآن الكريم يقول : إن الرجل الجيد هو نموذج للناس وليس نموذجاً للرجال والمرأة الجيدة ليست هي نموذجاً للنساء ، بل هي امرأة نموذجية ، والمرأة السيئة ليست نموذجاً للنساء السيئات ، بل نموذج للناس السيئين .
يذكر القرآن الكريم أربعة نماذج من النساء ـ نموذجان للسيئين ونموذجان للمؤمنين في سورة التحريم . وفي جميع هذه الحالات الأربع ليس هناك كلام عن المرأة والرجل ، لا يقول ان أولئك النساء السيئات هن مثال للنساء السيئات ، بل يقول : إنهن نموذج للناس السيئين . وفي الحالتين الأخريين حين يذكر النساء الفاضلات ، لا يقول : إن النساء الفاضلات هن نموذج للنساء الفاضلات بل يقول : إنهن نموذج للناس الفاضلين .

امرأة لوط وامرأة نوح :

يبين القرآن الكريم نموذجاً للناس السيئين بنقل قصة امرأتين سيئتين ويقول :
( ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئاً لله وقيل ادخلا النار مع الداخلين ) (14) .
هنا لا يقول الله تعالى « ضرب الله مثلاً للآتي كفرن » ولا يقول « ضرب الله مثلاً للنساء الكافرات » لا يقول ان الله ذكر نموذجاً للنساء السيئات ـ بل يقول ( ضرب الله مثلاً للذين كفروا ) لا ( للنساء ) ولا ( للآتي كفرن ) بناء على هذا يتضح إن ( للذين كفروا ) هذه لا تعني الرجال الكافرين بل تعني الناس الفاسقين والمجرمين ، والمرأة السيئة هي نموذج للناس السيئين لا نموذج للنساء السيئات ( ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوحٍ وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئاً ) المقصود هنا من الخيانة هي الخيانة الرسالية والعقائدية والثقافية ، ولذا قال لنا الله تعالى :
( لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم ) (15) .
الخيانة للنبي ، تعني سوء التعامل مع دينه ، الخيانة لله ، أي سوء السلوك تجاه الايمان هذه هي الخيانة الله والبني ، وعندما قال هنا : إن امرأة لوط وامرأة نوح خانتا هذين النبيين وأحدهما من الأنبياء إولي العزم والآخر حافظ الشريعة إبراهيم عليه السلام أي لم تؤمنا برسالتهما ، وهاتان نموذج للناس الكافرين .
بناء على هذا يتضح انه إذا كان الكلام عن ( الذين ) و ( آمنوا ) وأمثال ذلك ، فان المقصود حسب لغة الحوار ، هم الناس ، وليس الرجال ، وإذا أصبحت امرأة سيئة فهي نموذج لناس سيئين ، وليس نموذجاً لنساء سيئات وفي هذه الآية ( وقيل ادخلا النار مع الداخلين ) رغم ان ( ادخلا ) كم هي تثنية مذكر فهي تثنية مؤنث أيضاً . فالمقصود بذكر ( الداخلين ) بصورة جمع مذكر سالم ، هو الناس الجهنميين وليس الرجال الجهنميين . هذان نموذجان للنساء السيئات .

امرأة فرعون ، نمودج الناس المؤمنين :

يذكر القرآن الكريم نموذجين جيدين من النساء أيضاً بصفتهن أسوة ، وقد قال الله تعالى بشأن النساء الفاضلات اللواتي عدهن نموذجاً للناس المؤمنين :
( وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت ربّ ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين ) (16) .
إن تعبير القرآن في هذه الآية ليس من امرأة فرعون هي نموذج للنساء الصالحات بل أن المراة الصالحة هي نموذج للمجتمع الإسلامي ، والمجتمع الرفيع يتأسى بهذه المرأة ، لا ان النساء فقط يجب ان يأخذن منها درساً . بل المجتمع الإسلامي يجب أن يأخذ منها الدرس .
إن الله تعالى لم يقل في هذه الآية : « وضرب الله مثلاً لللآتي آمن امرأة فرعون » بل قال : ( وضرب الله للذين آمنوا امرأة فرعون ) هذه المرأة كانت تعيش في بيت كان صاحبة يقول : ( أنا ربكم الأعلى ) (17) ويقول : ( ما علمت لكم من إله غيري ) (18) . إن جملة ( لا إله إلاّ أنا ) تشير إلى الحصر مثل ( لا إله إلا الله ) وهذا الحصر ادعاه فرعون . الله تعالى يقول :
( سبح اسم ربك الأعلى ) (19) .
الأعلى هو مفهوم يرافقه الحصر ، لهذا لا يمكن وجود اثنين بعنوان الأعلى ، ولكن فرعون كان يدعي الانحصار والأعلى ، كان يدعي الربوبية والتوحيد ، الربوبي أيضاً ، وكان يقول : انني الإله الوحيد في مثل هذا البيت نشأت امرأة هي نموذج الناس المتدينين ( وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون ) .
ثم يذكر القرآن فضائل لهذ المرأة ويرى أهمها في بعد الدعاء حيث أخذت في هذا الدعاء ست نكات عظيمة . أصبحت هذه المرأة نموذجاً للنساء الصالحات بسبب انها قالت في الدعاء : ( إذ قالت رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ) .
هل ان امرأة فرعون تريد الجنة أم الله ؟ لقد طلبت الجنة عند الله ؟
الآخرون يطلبون الجنة ، ويطلبون من الله في أدعيتهم ( جنات تجري من تحتها الأنهار ) (20) ، لكن المرأة أرادت الله أولاً ثم طلبت عند الله بيتاً ، لم تقل : ( رب ابن لن بيتاً في الجنة ) ، ولم تقل : ( ربّ ابن لي بيتاً عندك في الجنة ) بل قالت : ( ربّ ابن لي عندك بيتاً في الجنة ) ذكرت أولاً عند الله ثم تكلمت عن الجنة ، أي إذا كان الكلام عن ( الجار ثم الدار ) (21) ، فإن هذه المرأة طبقت هذا المعنى في مسألة المقامات الإنسانية وطلبت الله أولاً ثم جنة عند الله . طلبت أولاً لقاء الله واللذة المعنوية ، ثم اللذة الظاهرية ( ربّ ابن لي عندك بيتاً في الجنة ) .
قد يكون هناك من يقول : ( ربّ ابن لي بيتاً في الجنة ) ثم يقول أخيراً ( عندك ) ، أي يقول ( الدار اثم الجار ) ، لكنها كانت هكذا تفكر ( الجار ثم الدار ) الله ثم الجنة ) ، ولذا قالت ( ربّ ابن لي عندك بيتاً في الجنة ) . طبعاً هناك فرق كبير بين الجنة التي تكون عند الله عند الله والجنة التي تجري من تحتها الأنهار .
المصادر :
1- سورة آل عمران ، الآية : 36 .
2- سورة القصص ، الآية : 7 .
3- سورة القصص ، الآية : 11 .
4- سورة القصص ، الآية : 9 .
5- سورة القصص ، الآية : 12 .
6- سورة القصص ، الآية : 4 .
7- سورة الأنبياء ، الآية : 107 .
8- سورة سبأ ، الآية : 28 .
9- سورة الفرقان ، الآية : 1 .
10- سورة الأحزاب ، الآية : 21 .
11- سورة الحج ، الآية : 78 .
12- سورة الممتحنة ، الآية : 4 .
13- سورة الممتحنة ، الآية : 6 .
14- سورة التحريم ، الآية : 10 .
15- سورة الأنفال ، الآية : 27 .
16- سورة التحريم ، الآية : 11 .
17- سورة النازعات ، الآية : 24 .
18- سورة القصص ، الآية : 38 .
19- سورة الأعلى ، الآية : 1 .
20- سورة الفرقان ، الآية : 10 .
21- بحار الأنوار ، ج 10 ، ص 25 .
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.