الالتزام بالولاية

يقول تعالى في كتابه الكريم "وَمَن يَتَوَلّ‏َ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ امَنُواْ فَإِنّ‏َ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ" هذه الاية المباركة تشير إلى الولاية الشرعية العائدة إلى ولاية اللَّه تعالى، والتي هي ولاية الرسول صلى الله عليه و اله وسلم ومن بعده
Wednesday, February 7, 2018
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
الالتزام بالولاية
الالتزام بالولاية

يقول تعالى في كتابه الكريم "وَمَن يَتَوَلّ‏َ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ امَنُواْ فَإِنّ‏َ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ"(1) هذه الاية المباركة تشير إلى الولاية الشرعية العائدة إلى ولاية اللَّه تعالى، والتي هي ولاية الرسول صلى الله عليه و اله وسلم ومن بعده الأئمة عليهم السلام وفي زمن الغيبة ولاية الفقيه، وللإلتزام بهذه الولاية الشرعية بركات عظيمة وجليلة نذكر منها:

النصر

وهذا ما أوضحته الاية الكريمة حيث أعلنت للمسلمين بأن النصر سيكون حليف أولئك الذين يقبلون القيادة الشرعية ووصفتهم بأنهم حزب اللَّه الغالب، هذا الإنتصار الذي يشمل جميع الجهات السياسية والعسكرية والاقتصادية وغير ذلك.
وهذا ما أكدت عليه الاية الكريمة "إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم"(2) فمن أدى تكليفه الشرعي وتولى أولياء اللَّه وقاتل تحت راية القيادة الشرعية فلا بد أن ينتصر وينصره اللَّه تعالى ويؤيده ويسدده.
فقدرة العدو لا شي‏ء أمام قدرة اللَّه تعالى غير المحدودة حيث وعد سبحانه وتعالى المجاهدين بالنصر وتثبيت الأقدام أمام الأعداء لأنه أهم رمز من رموز الإنتصار، كما حصل مع طالوت وجالوت حيث أن القلّة مع طالوت هزمت الجيش الجرار مع جالوت وطلبوا من اللَّه تعالى أن يثبت أقدامهم (وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)(3)
وحصلت النتيجة في الاية التالية (فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوت)(4)
وفي اية أخرى يذكر اللَّه تعالى المؤمنين الذين استقاموا وأدوا ما عليهم من تكاليف والتزامهم بالقيادة الشرعية كيف أيدهم بالنصر يقول تعالى:(إِنّ‏َ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمّ‏َ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَة)(5)
وما النصر الذي حصل والذي ننعم فيه إلا رشحة من رشحات هذه الولاية لأن الاستقامة والولاء والانقياد لولي الأمر والالتزام بالتكليف هو الذي أمدّنا بالنصر والتوفيق والتسديد أمام أقوى قوة في الشرق الأوسط من ناحية العدة والعتاد والتجهيزات والدعم الإستكباري ولكن هنا صدق قول اللَّه سبحانه وتعالى: (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)(6)

الوحدة

وهذا ما أشارت إليه الرواية عن الفضل عن الإمام الرضا عليه السلام يذكر فيها سبب ضرورة وحدة القيادة:"إن الواحد لا يختلف فعله وتدبيره والاثنين لا يتفق فعلهما وتدبيرهما، وذلك أنا لم نجد إثنين إلا مختلفي الهم والإرادة، فإذا كانا اثنين ثم اختلف همهما وإرادتهما وكانا كلاهما مفترضي الطاعة لم يكن أحدهما أولى بالطاعة من صاحبه، فكان يكون في ذلك اختلاف الخلقوالتشاجر والفساد".
إن الولي الفقيه العادل هو القادر على توحيد هذه الأمة بعدما جهد أعداء الإسلام في تمزيقهم وتفريقهم ضمن السياسة المتّبعة تحت قاعدة (فرّق تسد)، وكذلك نحن في لبنان حيث نجد ثلة مؤمنة التزمت ولاية الفقيه، فصانت نفسها وحفظت طاقات المؤمنين في اتجاه واحد تحت لواء القيادة الحكيمة للإمام قدس سره، وكانت ولاية الفقيه وقيادة الإمام هي نقطة الالتقاء والانطلاق.

العزة

يقول اللَّه تعالى: "مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا"(7) إن العزة لا تكون إلا من اللَّه تعالى لأنه مصدر الشرف والعزة والكرامة الحقيقية، وأن الروح لا تشعر بالإطمئنان إلا في ظل الإيمان "أَلا إِنّ‏َ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ"(8) ومن هنا فإن البحث عن العزة في غير الطريق الإلهي لن يكون مجدياً، فالمؤمنون اكتسبوا العزة من شعاع عزة الباري تعالى لأنهم ساروا في طريق الالتزام بطاعة الولي الشرعي، قال الإمام الحسن عليه السلام: "إذا أردت عزاً بلا عشيرة، وهيبة بلا سلطان، فأخرج من ذل معصية اللَّه إلى عزَّ طاعة اللَّه"(9)
فالعزة الحقيقية لا تكون إلا بطاعة اللَّه وأوليائه.
وحقيقة العزة أنها قدرة تظهر في قلب وروح الإنسان وتبعده عن الخضوع والتسليم والاستسلام أمام الطغاة والعصاة، ومنبع هذه القدرة هو الإيمان باللَّه والتزام التكاليف، فبالإرتباط بالمنبع الأصلي للعزة يبقى الإنسان صلباً وعنده الرفعة والمنعة، وأما من يطلب العزة من غير هذا الطريق كأنه يسعى وراء سراب، كالسير تحت راية المنافقين والكفار، لذلك يقول تعالى: (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنّ‏َ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا)(10)
وكما تحدث اللَّه تعالى عن السحرة عندما ظنوا أن القوة والقدرة والرفعة والعزة لا تكون إلا عند فرعون فحلفوا بعزته سيغلبون (فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُون"(11)
ولكن عندما ألقى النبي موسى عليه السلام أكلت ما كانوا يأفكون فعندها علم السحرة أن العزة لا تكون إلا من رب العالمين "فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ، قَالُوا امَنَّا بِرَبّ‏ِ الْعَالَمِينَ)(12)
الخلاصة
إن من أهم الاثار المترتبة على الإلتزام والإنقياد لأوامر الولي الفقيه والإيمان بولايته هو النصر الإلهي بحسب نص الايات القرانية.
الوحدة هي السبيل لمواجهة وإفشال خطط أعداء الإسلام، وهي لا تتحقق إلا في ظل ولاية الولي الحقة.
حدثنا القران الكريم عن العزة وأنها إنما تكون عند اللَّه ورسوله فقط لا عند الكافرين ولا المشركين.

أنا لا أستحقُ هذا اللطف‏

بعد إلحاح الأصدقاء والمعارف، وافق الإمام الخميني قدس سره على الإستراحة بضعة أيام كل شهر، فكان يذهب للإستراحة والإبتعاد عن الضجيج إلى حديقةٍ صغيرة كانت للمرحوم الشيخ الإشراقي في قم وقد أحاطها بالجدران وبنى فيها غرفتين صغيرتين. وفي أحد الأيام جاءت زوجة شهيد ومعها ولداها الصغيران وشخص اخر، لزيارة الإمام الذي كان يستريح في تلك الحديقة، وكان الجو بارداً وقد هطل الكثير من الثلج وقد جاءت من مكان بعيد متحملةً مشقةً كبيرة كما هو واضح، أخبرها حرس منزل الإمام قدس سره أنه غير موجود في منزله لكنها ظلت مصرة على طلبها، وفي غضون ذلك جاء السيد أحمد فعرضت عليه طلبها، فإستدعاني وقال: خذ السيارة واذهب بهذه السيدة إلى منزل الشيخ الإشراقي لكي تزور السيد الإمام قدس سره ثم أرجعها. فرحت كثيراً بذلك رغم أنني فكرت ونحن في الطريق في احتمال أن تكون هذه المرأة قد أضمرت سوءٌ للإمام لا سمح اللَّه.
على أي حال وصلنا إلى منزل الشيخ الإشراقي وخرج ابنه علي (حفيد الإمام)ه، فقلتُ له: قل للسيد أن عائلة شهيد قد أتت من مكان بعيد لزيارتك. فذهب بسرعة وأخبر الإمام قدس سره الذي قام فوراً ودعا العائلة للدخول إلى المنزل بوجه مستبشر وإبتسامة رحيمة ثم قال لزوجة الشهيد: "لماذا أتيتم في هذا الجو البارد يا ابنتي مع هؤلاء الأطفال؟ من أنا لكي تتحملوا هذه المشقة لزيارتي، أنا لا أستحق هذا اللطف؟" ثم أخذ بملاطفة الأولاد بمودة(13).
المصادر :
1- المائدة:56
2- سورة محمد صلی الله عليه وآله وسلم:7
3- البقرة: 250.
4- البقرة: 251.
5- فصلت: 30.
6- البقرة: 249.
7- فاطر:10.
8- يونس: 62.
9- بحار الأنوار، ج‏44، ص‏139.
10- النساء: 139.
11- الشعراء: 44.
12- الشعراء: 46 47.
13- السيد رضا الفراهاني.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.