جمال العقل

ورد في بعض الروايات أن :( عقول النساء في جمالهن ، وجمال الرجال في عقولهم )
Tuesday, February 13, 2018
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
جمال العقل
جمال العقل


ورد في بعض الروايات أن :( عقول النساء في جمالهن ، وجمال الرجال في عقولهم ) (1) .
فهذا ليس أمراً دستوراً ، بل هو أمر تعريفي وهو العقل النظري وليس العقل الذي ( يعبد به الرحمن ) ، قال ان عقول النساء في جمالهن ، وجمال الرجال في عقولهم ، وليس المراد أن المرأة يجب أن يكون عقلها في الجمال ، والرجل يجب أن يكون جماله في العقل ، بل جمال كل شخص بعقله . هذا دعاء السحر يقرأه الرجل والمرأة ، والجمال الذي يسأله الإنسان في الأسحار هو الجمال العقلي .
( اللهم إني أسألك من جمالك بأجمله وكل جمالك جميل . اللهم إني أسألك بجمالك كله ) (2) .
إن جمال الرجل وجمال المرأة هو في العقل الذي ( يعبد به الرحمن ويكتسب به الجنان ) وفي هذا العقل أيضاً ( جمال الرجال في عقولهم ) وكذلك ( جمال النساء في عقولهن ) .

معنى العقل في قاموس القرآن :

فسر القرآن الكريم وكذلك روايات المعصومين عليهم السلام ـ ، العقل بالشيء الذي يفهم الإنسان بواسطته الحق ويعمل به ، فمجموعة الإدراك والعمل تسمى ( العقل ) في قاموس الدين ، والذي لا يدرك صحيحاً ليس عاقلاً ، والذي يدرك وهو عالم ولكنه لا يعمل بعلمه فهو ليس عاقلاً أيضاً .
مجموعة هاتين الفضيلتين التي بينت في الآيات بصورة العقل ذكرت في الحديث المعروف بصورة ( العقل ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان ) (3)
الشخص الذي لا يعلم لا يستطيع كسب الجنة ، والشخص الذي يعلم ولكنه لا يعمل لا يستطيع كسب الجنة . حقيقة ( العقل ما عبد به الرحمن ) هي خلاصة الجزم والعزم أي إذا وصل الإنسان إلى مقام الجزم بالبرهان النظري ووصل إلى مقام العزم من أثر قوة العقل يصبح ذلك العزم بإضافة هذا الجزم العقل المصطلح الذي عبر منه بـ ( يعبد به الرحمن ويكتسب به الجنان ) .
قال تعالى :
( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ) (4) .
هذا اللسان هو علامة على أن الواعظ غير المتعظ ليس عاقلاً ، وإن كان عالماً . الذين يدعون الناس إلى البر ، أو يدرسون ، أو يؤلفون ، أو يخطبون أو يرشدون ويعظون هم علماء ولكنهم ليسوا عاقلين ، لذا يقول تعالى :
إن الشخض الذي يفكر بإصلاح الآخرين وينسى نفسه ليس عاقلاً ، لأنه لا هو يصبح صالحاً ولا ينجح في اصلاح الآخرين ، لأن إصلاح الآخرين ليس مجرد الأمر بالمعروف اللفظي ، بل ورد في هذا الحديث :
( كونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم ) (5) .
أي كونوا أسوة ، أي عندما تعيشون في المجتمع بوصفكم علماء صالحين ، فأنتم أسوة للمتقين ، بسيرتكم ادعوا الناس إلى الأقتداء بكم ، وليس مراد الحديث الشريف أن ادعوا الناس إلى أنفسكم واكسبوا قلوبهم إليكم حتى يحبوكم . يجب دعوة الناس إلى الله ، وواضح أن الشخص الذي لا ينبض قلبه من أجل حب الناس لا ينجح أبداً في أن يكون أسوة للآخرين .
بناء على هذا إن القرآن الكريم لا يعتبر الواعظ غير المتعظ عاقلاً ، فالعقل في رأي القرآن الكريم هو مجموع العلم والعمل الذي يعبر عنه ( الإيمان والجامع ) ، والشخص إذا كان فاقداً لكليهما أو أحدهما فهو ليس عاقلاً في قاموس القرآن بل هو سفيه . كما جاء في القرآن :
( ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ) (6) .
فمعيار العقل هو ان يتخلص الإنسان من الوهم والخيال في المسائل النظرية ويتخلص من سائر الشبهات والشهوات بالعزم العملي .

ميزة القصص القرآنية :

وبعد ان اتضح العقل في قاموس القرآن نذهب الآن إلى هذه المسألة وهي هل ان المرأة اعقل أم الرجل ، أم متساويان ، ويجب أن نحلل الشواهد والقصص التاريخية من منظار القرآن الكريم من أجل هذا الفرض . ولكن قبل دراسة قصص القرآن يجب أن نلتفت إلى ان هناك فاصلة غير قليلة بين نقل القصة في قاموس القرآن وبيان القصص التاريخية للبشر ، حيث أن القصص التاريخية ليست غالباً سنداً قطعياً لأحد الطرفين ، لأنها قضايا شخصية ولكن من تقرير عدة قضايا شخصية يمكن استنباط قاعدة عامة ، والاستنباط أحياناً قطعي وأحياناً ظني ، ولكن يمكن استنباط مسألة جامعة من مجموع عدة قضايا شخصية ، وهذه أيضاً يعدها القرآن فلسفة القصة ، حين يذكر قصص الأنبياء وأممهم ويقول :
( وكذلك نجزي المحسنين ) (7) .
أي أننا نقوم بهذا العمل أو حين يقول :
( إنه من يتق وبصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ) (8) .
ورغم ان قضية يوسف عليه السلام هي قضية شخصية ولكن القضية الشخصية التي يبينها الوحي تفرق عن القضايا التاريخية التي يعرضها الآخرون ، عندما يعرض كتاب التاريخ القضايا التاريخية يتكلمون من منطلق ظني ، ولكن عندما يعرض الوحي قضية تاريخية يعرض ويعلن قاعدة عامة بوصفها تقريراً عينياً مع ذكر نموذج جزئي .
قضية يوسف عليه السلام هي من هذا القبيل ، عندما وصل يوسف عليه السلام إلى المقصد ورأى أخاه إلى جانبه ، بين ان التوفيق لا يختص به ، وان فيض الله تعالى لا يختص به ، بل هو لجميع المتقين بوصفه قاعدة عامة ( من ينق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ) .
ان الاستنباطات من القرآن الكريم إذا كانت شواهدها ملحوظة كاملاً فإنها تعبر حد المظنة وتصل إلى حد الجزم بشرط ان يلاحظ ذلك المستنبط جميع المسائل . أما الأخبار التي ينقلها المخبرون البشر . فيرافقها الظن أحياناً لأنها تكون غالباً في حد الاستقراء ، وإذا حصلت أحياناً بصورة تجربة فهي قليلة جداً ، ولكن القصص القرآنية بالنظر لأن الله تعالى يعرض إلى جانبها قاعدة عامة ، فيتضح أنه حتى ولو كان هناك نموذج واحد فهو من تلك القاعدة العامة ، وليست القضية تصادفية ، بل هي مصداق لجامع حقيقي وفرد لذاتي وهذا هو الفرق بين قصة القرآن مع غير القرآن .
ان القرآن الكريم يبين في القصص التي يذكرها أحوال الأنبياء وقضاياهم مع الطواغيت ، كثير من الأنبياء جاؤوا ووعدوا طواغيت عصورهم فلم يؤثر فيهم فهددوهم فلم يؤثر حتى :
( فغشيهم من اليم ماغشيهم ) (9) .
ولكن عندما أرسل إلى امرأة كتاب دعوة كانت تتضمن وعداً مع وعيد وتهديد مع بشرى ، نرى أنها تؤثر . فهل ان هذا هو بسبب أن هذه المرأة خافت أم أنها كانت أعقل من أولئك الرجال ، كل هذه البيانات الحضورية بينها موسى وهارون عليه السلام لرجال حكومة آل فرعون ولم تؤثر أي أثر ، كل تلك المعجزات الحسية الكثيرة بينوها لأولئك ، ولم تؤثر حتى أنهم قتلوا وأسروا كثيراً من قوم بني إسرائيل وكان فخرهم أنهم ذبحوا أبناء هؤلاء القوم واستحيوا نساءهم ، كي يعملن لهم كما أشير إلى هذه القضية في القرآن :
( يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم ) (10) .
وقد تكررت هذه القضايا بصورة متنوعة في مسألة المسيح والخليل وكثير من الأنبياء بعد إبراهيم عليهم السلام .
المصادر :
1- بحار الأنوار ، ج 103 ، ص 224 .
2- مفاتيح الجنان ، دعاء السحر .
3- أصول الكافي ، ج 1 .
4- سورة البقرة ، الآية : 44
5- أصول الكافي ، ج 2 ، ص 77 .
6- سورة البقرة ، الآية : 130 .
7- سورة الأنعام ، الآية : 84 .
8- سورة يوسف ، الآية : 90 .
9- سورة طه ، الآية : 78 .
10- سورة البقرة ، الآية : 49 .
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.