وهو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن قرط بن رذاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب القرشيّ العدويّ وكنيته : أبو الأعور. (١)
ولّاه معاوية بن أبي سفيان إمارة الكوفة سنة 41 للهجرة. (٢) وسعيد بن زيد من المسلمين الأوائل فقد أسلم هو وزوجته (فاطمة بنت الخطاب) وذلك قبل دخول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم ، وقبل إسلام عمر بن الخطاب وهاجر مع زوجته وشهد المعارك كلّها مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (٣) ، وعند ما آخى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بين المهاجرين والأنصار في المدينة فقد آخى بين سعيد بن زيد وبين طلحة بن عبيد الله ، وقيل آخى بين سعيد وبين أبي بن كعب. (٤)
وقيل بين سعيد وبين رافع بن مالك الزرقي. (٥) وقيل أنّه شهد حصار دمشق وفتحها فولّاه أبو عبيدة الجرّاح عليها وهو أوّل من عمل نيابة دمشق من هذه الأمّة. وله أحاديث قليلة ، فقد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (الكمأة من المن الّذي أنزله الله على بني إسرائيل وماؤها شفاء للعين). (٦)
وكان سعيد بن زيد من الّذين بايعوا الإمام عليّ عليهالسلام بالخلافة سنة هـ بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفّان ، كما وبايعه جميع من كان بالمدينة من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. (٧)
وعند ما مات عمر بن الخطاب نزل في قبره عثمان بن عفّان وسعيد بن جبير وصهيب بن سنان وعبد الله بن عمر وقد بكى عليه سعيد بن زيد بكاء مرّا ، وقال له قائل : (يا أبا الأعور ، ما يبكيك) فقال : (على الإسلام أبكي ، إنّ موت عمر ثلم الإسلام ثلمة لا ترتق إلى يوم القيامة). (8)
وكان عمر بن الخطاب قد تزوّج من (عاتكة) بنت زيد بن عمر (أخت سعيد) وذلك بعد زواجها الأوّل من عبد الله بن أبي بكر ، وكان عبد الله هذا يحبّها كثيرا ، وقد أعطاها أرضا على أن لا تتزوّج من بعده ، وعند ما تزوّجها عمر بن الخطاب أرسلت (عائشة) إلى (عاتكة) تقول (9) : (أن ردّي علينا أرضنا).
ثم قالت عائشة : (10)
آليت لا تنفكّ عيني قريرة /عليك ولا ينفكّ جلدي أصفرا
وكانت (عائشة) قد قالت عند ما مات أخوها عبد الله (11)
آليت لا تنفكّ نفسي حزينة / عليك ولا ينفكّ جلدي أغبرا
وعن عبد الله بن ظالم أنّه قال لما بويع معاوية بن أبي سفيان بالخلافة أمر الخطباء أن يلعنوا عليّ بن أبي طالب على المنابر ، فقال سعيد بن زيد : (ألا ترون إلى هذا الرجل الظالم يأمر بلعن رجل من أهل الجنة) (12).
وقيل عن زيد بن عمرو (أبو سعيد) كان يراقب الشمس فإذا زالت استقبل الكعبة فصلّى ركعة وسجد سجدتين. وأنشد الضحّاك بن عثمان الجذاميّ لزيد هذه الأبيات (13) :
وأسلمت وجهي لمن أسلمت له / المزن تحمل عذبا زلالا
إذا سقيت بلدة من بلاد / سيقت إليها فسحت سجالا
وأسلمت نفسي لمن أسلمت له / الأرض تحمل صخرا ثقالا
دحاها فلمّا استوت شدّها / سواء وأرسى عليها الجبالا
وقيل إنّ سعيد بن زيد هو من (البدريين) فقد جاء من الشام بعد معركة (بدر) ، فكلّم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فضرب بسهمه ، وأجره. (14) وكتب معاوية بن أبي سفيان إلى مروان بن الحكم (أمير المدينة) أن يأخذ البيعة لابنه يزيد ، فقال رجل من جند الشام لمروان : لماذا تأخّرت عن أخذ البيعة ليزيد؟ فقال له مروان : إلى أن يجيء سعيد بن زيد فيبايع ، فإنه سيّد أهل البلد ، وإذا بايع سعيدا ، فسوف يبايع الناس. (15)
وقيل إنّ سعيد قال : (16)
أربّا واحدا أم ألف ربّ / أدين إذا تقسمت الأمور؟
ومن شعر سعيدا بن زيد أنه قال : (17)
تلك عرساي تنطقان على عمد / لي اليوم قول زور وهتر
سألتاني الطلاق إن رآنا ما / لي قليلا قد جئتماني بنكر
فلعلي إنّ بكثر المال عندي / ويعرّي من المغارم ظهري
وترى أعبد لنا وأواق / ومناصيف من خوادم عشر
وتجرّ الأذيال في نعمة زو ل تقولان ضع عصاك لدهر
وي كأن من يكن له نشب / يحبب ومن يفتقر بعش عيش خر
ويجنب سرّا النجيّ ولكن / أخا المال محضر كلّ سر
مات سعيد بن يزيد بن عمرو بالعقيق سنة 50 للهجرة (18)
العقيق : وهو الوادي الّذي صنعه مسيل الماء ، وقيل إنّ في بلاد العرب أربعة أعقة وهي أودية عادية عملتها السيول ، وقيل : العقيق الّذي يبعد عن المدينة عشرة فراسخ وفيه عيون ونخل وبساتين ، قال أعرابيّ يصف العقيق :
أيا نخلتي بطن العقيق أما نص جني النخل والتين انتظاري جناكما؟
لقد خفت أن لا تنفعاني بطائل / وإن تمنعاني مجتنى ما سواكما
لو أن أمير المؤمنين على الغنى / يحدث عن ظليكما لاصطفاكما
المصادر :
1- البراقي ـ تاريخ الكوفة. ص ٢٤١.
2- نفس المصدر السابق.
3- الذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج ٢ / ١٢٥ والمزنيّ ـ تهذيب الكمال. ج ١٠ / ٤٤٩.
4- ابن سعد ـ الطبقات. ج ٣ / ٢١٦.
5- المصدر السابق ج ٣ / ٢٩٢.
6- الذهبي ـ سيرة أعلام النبلاء. ج ١ / ١٢٥.
7- ابن سعد ـ الطبقات. ج ٣ / ٣١ ، ٣٧٢.
8- ابن سعد ـ الطبقات. ج ٣ / ٣١ ، ٣٧٢.
9- المصدر السابق ج ٦ / ٢٦٥.
10- نفس المصدر السابق.
11- نفس المصدر اعلاه.
12- ابن أبي الحديد ـ شرح نهج البلاغة. ج ١٣ / ٢٢٠.
13- الذهبي ـ سيرة أعلام النبلاء. ج ١ / ١٣١.
14- الذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج ١ / ١٣٥.
15- المصدر السابق ، ج ١ / ١٤٠.
16- الزركلي ـ الأعلام. ج ٣ / ١٠٠.
17- الجاحظ ـ البيان والتبيين. ج ١ / ٢٣٥.
18- تاريخ الطبري ـ المنتخب من ذيل المذيل. ص ٥١٣ وعبد القادر البغدادي ـ خزانة الأدب. ج ٦ / ٤١٧.