حزب الله لبنان

يؤمن حزب الله بالإسلام عقيدة وشريعة من الموقع المبدئي، ويرى أن عمله السياسي في الساحة، وأداءه المقاوم لتحرير الأرض والدفاع عنها، وحمل مطالب الناس الاجتماعية والاقتصادية، وسلوكه الحزبي الذي يؤدي إلى الإنتماء
Friday, March 2, 2018
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
حزب الله لبنان
 حزب الله لبنان

يؤمن حزب الله بالإسلام عقيدة وشريعة من الموقع المبدئي، ويرى أن عمله السياسي في الساحة، وأداءه المقاوم لتحرير الأرض والدفاع عنها، وحمل مطالب الناس الاجتماعية والاقتصادية، وسلوكه الحزبي الذي يؤدي إلى الإنتماء إليه، ووجود المناصرين حوله، كل ذلك انعكاسٌ لرؤيته المبدئية.
فالحزب الذي عُرف منذ النشأة بجهاده ومقاومته للاحتلال الصهيوني، يحمل الرؤية المتكاملة للإسلام، ويعمل على أساسها في كل الميادين السياسية والاجتماعية وغيرها في بلده، من ضمن تحديده لمتطلبات الساحة وأولوياتها.
فإذا ما برز بمقاومته لإسرائيل إلى درجة اعتباره حزب المقاومة، فلأنَّ هذه المرحلة المثقلة بالاحتلال تتطلب أولوية الاهتمام بطرد المحتل، وتحرير الأرض، وحشد كل الطاقات والإمكانات لذلك.
وقد تحقَّق انجاز التحرير عام 2000 الذي انعكس على كل الواقع اللبناني، وجعل العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي وحمل هموم وقضايا الناس أموراً نافعة ومؤثرة.
تبقى المقاومة أولوية بوتيرة تنسجم مع طبيعة كل مرحلة، وترتبط باستمرار احتلال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا من ناحية، ووجود اسرائيل كمحتلٍ للأرض الفلسطينية يمثِّل خطراً حقيقياً وتهديداً دائماً بالحرب والقتل ومحاولة فرض الحلول السياسية للسيطرة على المنطقة من جهة أخرى.
أخطأت الدوائر الغربية بسعيها لعرض مقايضةٍ على الحزب، بالتخلي عن المقاومة مقابل إعطائه دوراً سياسياً فاعلاً في الحياة اللبنانية، لأنَّ الحزب بإيمانه مقاومٌ وسياسي، وله مشروع متكامل، ويعمل كما تعمل الأحزاب في ساحاتها، ويعتبر مقاومته جزءاً من أهدافه وبرامجه، وهو لا يبحث عن دور سياسي ممنوح، فدوره يتشكَّل من خلال نشاطاته وقناعة الناس بأهليته لقيادتها.
وعندما لا يستثمر نجاحه المقاوم في تحقيق إنجازات سياسية داخلية، فلأنَّه مقتنع بأنَّ مسار المقاومة له مستلزماته ونتائجه، ومسار العمل السياسي له مستلزماته ونتائجه، ولا يصح استخدام قوة المقاومة لفرض شروط سياسية في الداخل.فمن وجهة نظر الحزب يجب احترام آليات العمل السياسي وخياراته السلمية بعيداً عن السلاح والقوة والفرض.
وعندما يضحي الحزب ببعض المكتسبات السياسية لمصلحة العمل المقاوم، فلا يرتبط الأمر بالمقايضة، وإنما بأولوية المقاومة لديه، لإيمانه بأنَّ نتائج عملها أوسع وأشمل وأكثر فائدة وانعكاساً لمصلحة رؤيته ومصلحة البلد بشكل عام. ومع ذلك فإنَّ حضوره السياسي والشعبي يزداد بشكل كبير، ويترك بصماته بوضوح على الحياة السياسية والعامة في لبنان.
حزب الله ليس تنظيماً للطائفة التي ينتمي إليها الغالبية الساحقة من أفراده والمؤيدين المباشرين لخطِّه ومنهجه، بل مشروعٌ مبدئي يلتزم الإسلام. إنَّه حزبٌ إسلامي، انضم إليه من يؤمن بمشروعه، ومن الطبيعي أن يكون الأغلب الأعم من طائفة محدَّدة، لأنَّ خيارات الناس في الأفكار المبدئية تتأثر بشكل كبير بالبيئة التي نشأوا فيها وترعرعوا عليها، وعادة ما تكون التحولات في أي بيئة مغايرة بطيئة وطويلة الأمد.
وبما أن الحرية متاحة لكل فرد في المجتمع أن يؤمن بالمبدأ الذي يراه، وقد أمر الله تعالى المؤمنين بعدم إكراه أحد على الالتزام بالدين، أو اختيار المنهج الذي يريده، قال تعالى: ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انْفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾(1 )
فقد دعا الحزب الراغبين المؤمنين بمبدئه للانتماء إليه ونصرته، ولا علاقة له بالخيارات الأخرى لدى بعض الناس، والتي تُترجَمُ أحزاباً وحركاتٍ وتجمعات، تطرح قناعاتها ومشاريعها لجذب الناس إليها، فحرية الاختيار حقٌّ مشروع للجميع من دون استثناء وفي كل الاتجاهات.
إنَّ الدعوة الى الإسلام جزء لا يتجزأ من رسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولذا وضَّح القرآن الكريم دور النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تبليغ الدعوة، ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً * وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا﴾(2)
وأمر المؤمنين بالسير على خطاه، على أن يلتزموا في دعوتهم الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾(3)
انسجاماً مع سياق عدم الإكراه، وعرض المشروع الإلهي على الناس ليتبيَّنوا ويفكروا ويختاروا، وهكذا اختار حزب الله أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في تبليغ دعوته، بالأسلوب الأمثل، بالحكمة والموعظة الحسنة، إلى جانب جهاده في سبيل الله تعالى.
وعندما نتحدث عن حزب الله كحزب إسلامي، فهذا لا يعني وجود صورةٍ واحدة في العالم عن الحزب الإسلامي لتنطبق عليه. فقد تفاوتت الأحزاب الإسلامية كثيراً، ماضياً وحاضراً، في مشروعها السياسي، وآليات عملها، وأولوياتها في بلدانها، وتعاطيها مع الأمة الإسلامية على امتداد العالم، ونظرتها إلى أوطانها، وأساليب تعبيرها... فأصبح لا يجمعها إلاَّ عنوان الإسلام، بينما تفرِّقها المضامين والطروحات التي تتراوح بين أقصى اليمين وأقصى اليسار.
فمن الأحزاب الإسلامية من يرى وجوب فرض الحكم الإسلامي بالقوة العسكرية، وقتل المخالفين القريبين قبل الأعداء، وأن حزبهم يمثل الفرقة الناجية، أمَّا الباقون فهم كفارٌ أصليون أو مرتدون عن الإسلام، وأنَّ فريضة الجهاد مسؤوليتهم لإقامة الحكم الإسلامي بالقوة في مواجهة مخالفيهم وأعدائهم.
ومنها من يرى وجوب النأي عن العمل السياسي، وترك الأمر للحكام، والاكتفاء بالدعوة الثقافية التربوية إلى الإسلام، وتكثير المؤمنين، والمحافظة على التزامهم الديني بعيداً عن الحكم والسياسة.
ومنها من يرى وجوب الجهاد لمواجهة الأعداء والمحتلين، على أن يكون العمل الدعوي والسياسي في بلدانهم بطريقة الإقناع والعمل الهادئ البنَّاء، فلا قتال لفرض الدين أو الحكم الإسلامي.
ومنها من لا يرى ضيراً في أن يكون في كنف الاستكبار العالمي ليصل إلى مبتغاه، على قاعدة أنَّ الغاية الشريفة تبرر أي وسيلة،
وأن خدمة الدين تتم بكل الوسائل والأساليب المتاحة.
ومنها من يحمل آراء أخرى لا يتسع المجال لذكرها جميعاً، كي لا نخرج عن سياق بحثنا. لكنَّ الواضح هو عدم وجود تصور واحد للحزب الإسلامي. ولذا يصبح الحديث عن حزب الله بخصوصيته أجدى للتعريف عنه وعن رؤيته، بدل الإسقاطات الفكرية أو السياسية التي تتم استعارتها من هنا وهناك، والتي تعطي عنه صورة غير واقعية.
تعددت المذاهب الإسلامية بسبب الاختلاف في تفسير أصول الدين وفروعه. ومع أن المشتركات بينها كثيرة جداً، إلاَّ أن اعتبار كل مذهب تفسيره هو الأصح، والمبرئ للذمة أمام الله تعالى، والمنسجم مع ما أمر الله تعالى ونهى، جعل المذاهب حالة واقعية متجذِّرة، فيما يعتبر دعاة كل مذهب - بحسب علمائه ومؤيديه - أنَّه الطريق الأسلم للالتزام الدقيق بالمنهج الإلهي وهو الإسلام.
يلتزم حزب الله كحزب إسلامي المذهب الشيعي "الإثني عشري" كطريق لتطبيق تعاليم الإسلام، متقيداً بمبانيه وأحكامه في أصول الدين وفروعه، أي في العقيدة والشريعة. وكما ذكرنا سابقاً، فإنَّ من العقيدة الإيمان بالله تعالى، الذي أرسل رسله إلى الناس ليؤمنوا برسالاته، وآخرهم سيد الرسل محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي أتى برسالة الإسلام، وهذا ما يؤسِّس لتبني الشريعة الإسلامية التي فيها العبادات والمعاملات، وتتضمن قواعد وأحكام النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأخلاقي على مستوى الحياة.
المصادر :
1- البقرة: 256.
2- الأحزاب: 45- 48.
3- النحل: 125.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.