يشير القرآن الکريم في خصوص المسائل الاقتصادية إلى أن المرأة والرجل مستقلان ، فلإزالة تلك الرسوبات الجاهلية يقول :
( للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ) (1) .
المرأة مستقلة في الاقتصاد ، والرجل أيضاً مستقل في الاقتصاد ، ولم يقل ان كل شخص كيب شيئاً فه له مع انه كان ممكناً ان يبين المسألة بجملة واحدة . ولكنه . جاء بجملتين مستقلتين ، لذا من أجل أن نعرف بعظمة مقام المرأة ، يجب أولاً ان نطرد أفكار مجتمع الجاهلية ونقول ان ما تعتقدونه ليس رأي الإسلام .
معرفة الإنسان لدى هذه المجموعة ،هي مثل رؤيتهم الكونية ، ورؤيتهم الكونية هي رؤية كونية أفقية ، أي ماذا كان هذا الكائن سابقاً وما هو الآن وماذا يكون لاحقاً ؟ ـ سير أفقي ـ أما أين المبدأ وفي أي اتجاه يكون المنتهى والهدف ـ هذا السير العمودي وهو النظام الفاعلي والغائي وهو بمثابة جناحين ـ مستقرين فوق النظام المادي ـ غير مطروح لدى الغرب المعاصر ولم يكن مطروحاً في الجاهلية ، في حين أن جميع هذه المسائل الفرعية تعود إلى تلك المسائل الأساسية .
انتفاع الموتى بالتبرعات :
أحياناً يقال : إذا لم يكن هناك فرق بين المرأة والرجل في المعارف والتكامل والثواب والعقاب ، لماذ إذا مات رجل فقضاء صلاته وصيامه يكون بعهدة الابن الكبير ، ولكن إذا ماتت امرأة فقضاء صلاتها وصيامها ليس بعهدة الابن الكبير ؟
في المقدمة يجب الإشارة إلى ان الإنسان في البرزخ ينتظر أعمال خير ذوية . كل أثر يبقى ذكرى بعد موت الإنسان تصل نتيجة خيره أو شره إليه ، كما ان كل اهداء وتبرع يقام لشخص في البرزخ ـ سواء كنيابة أو كهدية وفي النيابة سواء بصورة إجازة أو تبرع ـ يصل ثواب ذلك العمل إلى المتوفى .
وردت روايات كثيرة في أن الأموات ينتظرون الأعمال الخيرة للأحياء وروي أن بعض الأموات وهم تحت الضغط والمصاعب يشعرون فجأة بفسحة وانتفاح ، ثم إذا سئل : لماذا أصبح هذا الشخص الذي كان في مشقة في نسخة ؟ يقال : لأن الابن الفلاني أوالبنت الفلانية أو أحد ذويه وأصدقائه قام نيابة عن بعمل خير أو قام بعمل خير وأهدى ثوابه إلى روحه . وهذه النيابة والتبرع تبدأ من أول ليلة الدفن ، فالأرواح ترتبط مع بعضها البعض . وكذلك فان الله تعالى يتقبل الأعمال والأعمال التي يقبلها الله سبحانه يوصلها إلى ذلك المتوفى كهديه . فالشخص الذي يعمل عملاً لميت أو يجعل نفسه محله وهو تنزيل فاعل منزلة فاعل ، أو يجعل عمله بمنزلة عمله وهو تنزيل فعل منزلة فعل ، أو ليس في ذهنه أي من هذين حين النية بل يقوم بعمل خير ثم يهديه ويقول : اللهم تقبل مني هذا العمل ، وبعد القبول أجعل ثوابه لروح الشخص الفلاني .
في مسألة التبرع ومشروعية النيابة واصل اهداء الثواب ، ليس هناك أي فرق بين المرأة والرجل ـ في بداية البحث أوضحنا ان المرأة هي أحياناً في مقابل الرجل ، وأحياناً في مقابل الزوج ، البحوث المتعلقة بالفوارق بين المرأة والزوج تعود إلى أمور تنفيذية ، وأما أساس البحث فهو المرأة في مقابل الرجل وليس المرأة في مقابل الزوج ـ من هذه الناحية فان الإنسان الذي يموت ينتظر بعد الموت تبرعات وهدايا ذويه وإذا قام قام الاحياء وذووه بعمل خير كنياية أو اهداء ثوابه إلى شخص متوفى فمن المؤكد أنه يصل إليه ومن هذه الناحية ليس هناك فرق بين المرأة والرجل .
وأما بشأن الوالدين خاصة ، وهو انه لماذا يكون فضاء صلوات وصيام الأب واجباً على الابن الكبير ولكن قضاء صلوات وصيام الأم ليس واجباً عليه ؟
وجوب قضاء صلاة الوالدين :
جواب الشبهة هو انه أولاً : ان هذا الحكم موضع اختلاف الفقهاء ، فرغم ان كثيراً من كبار الفقهاء قالوا : إن قضاء صلاة وصوم الأم ليس واجباً على الابن الكبير . فان هناك فقهاء كباراً أخرين أفتوا بأنه ليس هناك فرق بين الأب والأم في هذه الناحية ، وقد نقلت هذه الفتوى عن فقهاء سابقين كما أن مشايخ الفقاهة بين المتأخرين افتوا بهذه الفتوى . كمثال أفتى صاحب العروة بأنه ليس هناك فرق بين الاب والأم كما افتى صاحب الوسيلة بأنه ليس هناك فرق بين الأب والأم . وقالوا بأن حكم الأم والأب واحد مع احتياط لزومي .
ثانياً : غذا مات أب ولم يكن لديه ابن وكانت ذريته كلها بنات أو لم تكن لديه ذرية أساساً في هذه الناحية ليس هناك فرق بين الأب والأم لأنه ليس لديه ابن حتى يكنن قضاء الصلاة واجباً على الإبن . فإذا كان قضاء صلاة الأب واجباً على الابن ولكن قضاء صلاة الأم ليس واجباً على الابن فسره هو : ان هذه الأم عندما كانت فتاة لم يكن لديها تكليف ، فالآن حيث أصبحت أمّا لا يتولى شخص تكليفها ، أي أنها عندما كانت فتاة لم يوجب الله عليها ان تتولى قضاء صلاة وصوم الأب كتكليف زائد ، والآن حيث أصبحت تلك الفتاة أما لا يقول إن قضاء صلوات هذه الأم واجب على الابن حيث ان :
( من له الغنم فعليه العزم ) (2) .
اعطيت هذه المرأة تخفيفاً واستراحة في كلتا الناحيتين .
وثالثاً : إذا مات أن وكان لديه عدة أولاد فان قضاء صلاته وصومه واجب على الابن الكبير فقط وسائر الأولاد يتساوون مع الأخوات في هذه الناحية ، وهذا أحياناً في مقابل تلك الحبوة االتي يقوم بها الأب لولده الأكبر ، لأن قسماً خاصاً من الإرث خاص بالولد الكبير ـ قيل ان المسبحة والسجادة والسيف ومركوب الميت خاص به ـ لذا أشار بعض الفقهاء إلى هذه المسألة وهي ان الولد الكبير لأنه يحصل على حبوة ، أي أن هناك مجموعة مسائل مالية خاصة تصل من الأب إلى الولد الكبير فهناك مجموعة تكاليف تكون بعهدة الولد الكبير ، وهي ان يقضي الصلوات التي لم يصلها الأب وأيام الصوم التي لم يصمها الأب .
النتيجة :
المسألة الأساسية هي انه ليس هناك فرق بين المرأة والرجل في أصل مشروعية التبرع والنيابة أو اهداء الثواب ، ومن حيث المسألة الفقهية كذلك هناك فتوى لصاحب العروة وصاحب الوسيلة في عدم الفرق بين الأب والأم ، وان كان بعص المراجع الكبار رأيهم الشريف ان هذا يختص بالأب أي ان قضاء تكاليف الأم ليس واجباً على الولد ، ولكن لعل الحق مع المرحوم صاحب العروة وصاحب الوسيلة .
نقرأ بعض الروايات التي ذكرها المرحوم صاحب الوسائل رضوان الله تعالى عليه حتى يتضح انه ليس هناك فرق بين المرأة والرجل وكذلك بين الأب والأم في الأقسام الكلامية والفقهية .
روايات قضاء صلاة الميت :
ورد في كتاب الوسائل أبواب قضاء الصلاة باب 12 :
( باب استحباب التطوع بالصلاة والصوم والحج وجميع العبادات عن الميت ووجوب قضاء الولي ما فاته من الصلاة لعذر ) .
الرواية الأولى :
الرواية الأولى في هذا الباب هي أنه روي عن الإمام الصادق عليه السلام :
( ما يمنع الرجل منكم أن يبرّ والديه حيين وميتين يصلي عنهما ويتصدق عنهما ويحج عنهما ويصوم عنهما فيكون الذي صنع لهما وله مثل ذلك فيزيده الله عز وجل ببره وصلته خيراً كثيراً ) .
يجب أن يعين الفقه ما هي الأحكام القابلة للنيابة وما هي الأحكام غير القابلة للنيابة في زمن الحياة حيث لا يمكن القيام بالصلوات الواجبة والصوم الواجب نيابة في زمن الحياة أما الحج فيمكن القيام به .
الرواية الثانية :
رواية أخرى هي انه سئل الإمام الصادق عليه السلام : ( يصلى عن الميت ؟ قال عليه السلام : نعم حتى انه يكون في ضيق فيوسع عليه ذلك الضيق ثم يؤتى فيقال له خفت عنك هذا الضيق بصلاة فلان أخيك ) .
الدنيا عالم التزاحم :
الذين هم من أهل الدنيا في ضيق ما داموا يعيشون في الدنيا ، أي أن الطبيعة والمادة لا تتلاءم مع روح الإنسان ، عالم الدنيا هو عالم تزاحم . إن العلاقة بعالم التزاحم توجد مشقة لذا جاء في القرآن الكريم :
( ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكاً ) (3) .
ليس الضيق في عالم البرزخ فقط بل هو في الدنيا في ضيق . الذين لديهم إمكانات مادية كثيرة ، ولكن ليس لديهم حظ من الدين هم في عذاب إلهي حقيقة . فهم في عذاب دوماً من أجل طلب المفقود والحفاظ على الموجود ، يسعون لحفظ المال الذي حصلوا عليه ، والقبض على الذي لم يحصلوا عليه . في مشقة ضغطين دائماً وليست لديهم راحة لهذا ينامون بالدواء ، ويعانون ألماً لا يقبل العلاج .
في الدنيا يعيشون في ضغط وفي القبر هم في ضغط يعبر عنه بضغطة القبر ، وفي جهنم مكانهم ليس واسعاً . يقال لهم يجب ان تحترقوا في هذا المكان الضيق .
( وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً مقرنين دعوا هنالك ثبوراً ) (4) .
عالم أهل الجنة :
بناء على هذا فأهل الدنيا هم في ضغط في كل المراحل الثلاث ، في الدنيا مقيدون ، في البرزخ في ضيق القبر ، في جهنم مكانهم ضيق ، وأهل الآخرة في فسحة ووسعة في العوالم الثلاثة ، الذين يعيشون بـ ( ربّ اشرح لي صدري ) (5)
مفتوحة لهم الدنيا ويعيشون في راحة كاملة . وقبورهم أيضاً ( روضة من رياض الجنة ) (6)
ورد في الروايات أن منزل الشخص من أهل الجنة له من السعة بحيث لو أن كل أهل الدنيا أرادوا أن يكونوا ضيوفه فالمكان يتسع ، إن ما جاء في القرآن الكريم في المسارعة إلى جنة ( عرضها السموات والأرض ) (7)
أي أن مساحتها بمقدار النظام العالمي ، لا يعني مساحة كل الجنة هي بمقدار هذا لنظام بل مساحة دار شخص واحد من أهل الجنة هي بمقدار السماء والأرض . بناء على هذا فالمؤمن في سعة في العوالم الثلاثة ، والكافر والمعرض عن اسم وذكر الله هو في ضيق في العوالم الثلاثة . أما المؤمن العاصي فهو في ضغط في البرزخ وإذا كان ذووه صالحين ويفكرون به يؤدي ذلك إلى انفراج أمر ذلك الشخص بعد الموت وفي هذا الناحية ليس هناك امتياز بين المرأة والرجل .
الرواية الثالثة :
سألوا أن رجلاً توفي وبذمته صلاة وصوم قال : إن أولى الناس به هم الذين أولى به من الآخرين ، أي أولاده مثلاً أو ابنه الأكبر يقوم بالقضاء ، الروايات كثيرة في هذا المجال .
الجمع بين الروايات :
ليس هناك فرق بين المرأة والرجل في مفاد الروايات التي بشأن أصل التبرع ومشروعية النيابة والبعد الكلامي لهذا المسألة وأمثال ذلك . رغم ان الروايات الورادة في هذا المجال على قسمين ، بعض الروايات فيها كلمة ميت وبعض الروايات كلمة رجل . لكن كلمة رجل هي كمثال مثل ( الرجل يشك في الفجر ، قال يعيد قلت ... ) (8)
وليس لها خصوصية حتى نقول : إننا قيدنا ذلك المطلق لأن الرواية على قسمين قسم فيه تعبير ـ ميت ـ وقسم آخر تعبير ـ رجل ـ ونقول بأن التبرع واهداء الثواب والنيابة خاصة بالرجل وليس جائزاً التبرع واهداء الثواب للمرأة الميتة ، لأن هذا النوع من الأدلة كلا طرفيه موجب وليس هناك محل لتطبيق هذه القاعدة الأصولية ، أي لا تعارض حتى نحمل المطلق على المقيد .
وكذلك في باب الاستحباب ليس هناك أي فرق بين المرأة والرجل والأب والأم كل ذويه يستطيعون القيام بقضاء صلاة وصوم الوالدين بأحسن وجه بالنيابة أو بالتبرع أو يقومون باهداء الثواب .
وأما هذه المسألة وهي قضاء صلاة وصوم الأب واجب على الابن الكبير ، أما قضاء صلا وصوم الأم فليس واجباً عليه فورايات هذا الباب على كطائفتين . في بعض هذه الروايات الكلام على الميت وان ورد في بعضها تعبير ـ رجل ـ . في الرواية 18 من هذا الباب ـ وهي رواية معتبرة واستدل بها في الفقه أيضاً ـ روى عبد الله بن سنان عن الإمام الصادق عليه السلام انه قال : ( الصلاة التي دخل وقتها قبل أن يموت الميت يقضي عنه أولى الناس به ) .
كلمة ـ يقضي ـ هي جملة خبرية تفيد الانشاء ، أي أن يقوم بقضائه ( أولى الناس ) ، وأولى الناس يكو الولد الأكبر ، وليس هناك تعارض بين هذه الرواية والروايات الأخرى التي وردت بتعبير رجل وكلتا الطائفتين قابلة قابلة للتطبيق معاً ولكن عدداً من الفقهاء يقولون انه بالنظر لأن هذه الروايات في الطائفة الأولى تقول إذا مات ( الميت ) قبل الصلاة يجب القيام بقضائه وفي الطائفة الأخرى ورد انه إذا مات ( رجل ) يجب ان يقوم ابنه الكبير بقضائه فكلمة ( رجل ) هذه خاصة وعبارة ( ميت ) عامة ومطلقة ، وفي النتيجة إن الخاص قيد المطلق والقضاء خاص بالميت الرجل وليس الميت المرأة . ولكن هذا الاستدلال الفقهي ليس تاماً بدليل انه في المسألة الأولى يوجد ثنائية تعبير أيضاً ، هناك توجد جنبة كلامية وجنبة فقهية أيضاً . كانت الروايات على طائفتين وكان مضمون إحدى الطائفتين هو ان التبرع الذي يتبرع به للميت تصل نتيجته إليه ومضمون طائفة أخرى ان العمل الذي يقام به للرجل يصل ثوابه إليه ، وبين هناك ان الرواية الثانية ليست مقيدة للأولى وهي إيجابية ، وثانياً ان الرجل في هذا النوع من المسائل يذكر كمثال وليس له خصوصية مثل ان يقال : ان رجلاً شك . بين 2 ، و 3 في الصلاة وهذا ليس بمعنى انه إذا شكت امرأة فحكمها شيء آخر . في الحقيقة هنا يبين حكم الشك ليس حكم الشاك .
إشكال علمي أم معيار فتوى :
لم ير بعض الفقهاء ان يقبلوا هذه المسألة كصاحب كتاب المستمسك وأمثاله ، حيث ارادوا التفريق بين هذا النوع من المسائل وبين المسائل المشابهة التي ذكر الرجل فيها بوصفه مثالاً ، ولكن صاحب المستمسك وان لم يكن مستعداً لأن يبين بصراحة في كتابه الفقهي أن قضاء صيام الأم لازم على الابن الكبير ، ولكن في مقام الفتوى وفي قسم الصلاة وافق المرحوم صاحب العروة إلى حد ما ، بناء على هذا من الممكن ان يرد إشكال علمي في ذهن فقيه في كتاب فقهي ولكن معيار الفتوى هذا يجب مشاهدته في الحصيلة النهائية الغرض هو انه في المسألة الأولى كانت الروايات على قسمين : قسم كان يقول ( ميت ) وقسم آخر يقول ( رجل ) وكان يعمل بكلا الطائفتين ، لأن كلا الروايتين كانتا إيجابيتين . وفي المسألة الثانية التي هي بشأن القضاء ، يوجد كلا التعبيرين ، قسم من الروايات تقول : إن قضاء صلاة وصوم الميت بعهدة الأولى بارثه ـ أي الابن الكبير مثلاً ، وقسم آخر الروايات التي تقول : إن قضاء صلاة وصوم الرجل بعهدة الابن الكبير مثلاً .
بناء على هذا فالحق ظاهراً مع صاحب العروة وصاحب الوسيلة ، رغم ان بعض مشايخنا ـ رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ـ مثل كثير من العلماء يرون أن قضاء صلاة وصوم الأم ليس واجباً على الابن الكبير .
على أي حال ، هذه مسألة فيها اختلاف بين الفقهاء أنفسهم ولا يمكن حسابها على أصل الإسلام ، والقول لماذا أوجب الإسلام قضاء صلاة الأب على الولد الكبير ولم يوجب قضاء صلاة وصوم الأم على الولد ؟
طريق نسب السادة :
تطرح في مجال تساوي حقوق المرأة والرجل شبهة أخرى ، وهي أنه إذا لم يكن فرق بين المرأ والرجل ، وإذا كان الأب والأم متساويين ، فلماذا في مسألة الانتساب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا كانت الأم علوية لا يحسب أبناؤها سادة إذا لم يكن أبوهم سيداً مع أنهم ينتسبون إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن طريق الأم ولا تترتب عليهم أحكام فقهية كالخمس وأمثال ذلك ؟ مع أن الأئمة الأطهار عليه السلام منسوبون إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن طريق الزهراء ، أليس هذا دليلاً على امتياز الرجال بالمقارنة مع النساء ؟
جواب هذا السؤال هو انه ليس هناك أي امتياز بين المرأة والرجل ، لأنه إذا كان الأب فقط سيداً ، فواضح ان أطفاله سواء كانوا بنات أو بنين يحسبون سادة وأحكامهم الف قهية مترتبة بنحو السيادة ، ولكن إذا كانت المرأة علوية فان أبناءها سواء البنين أو البنات ليس لديهم هذا الحكم . وهذا هو مجرد حكم فقهي ورد في خصوص الزكاة والخمس . أي لا يستطيعون الاستفادة من مال ويستطيعون الاستفادة من مال آخر . رغم ان المرحوم السيد المرتضى ـ رضوان الله تعالى عليه ـ افتى بان الشخص إذا كان له انتساب إلى بني هاشم عن طريق الأم يعطى خمساً أيضاً وقد قبل هذه الفتوى بعض الفقهاء الآخرين كصاحب الحدائق ، ولكن المعروف بين الإمامية أن الشخص الذي يكون انتسابه عن طريق الأب خاصة يستطيع الاستفادة من الخمس والفتوى ( المعمول بها ) لفقهائنا هي هذه .
ولكن في كثير من المسائل الفقهية ليس هناك أي فرق بين المرأة والرجل من حيث السيادة من ذلك باب المحرمية ليس هناك أي فرق ، سواء كان الإنسان سيداً عن طريق الام أو عن طريق الأب . إذا كان لديهم ارتباط نسبي عن طريق الأم مع الأنبياء العظام والأئمة الأطهار وأمثال ذلك فمسألة المحرمية متساوية ، وكذلك مسألة حرمة النكاح ـ التي هي غير المحرمية ، لانه أينما تكن محرمية تتبعها حرمة النكاح . ولكن أينما تكن حرمة النكاح فم الممكن ان لا تكون محرمية ـ كذلك لا يفرق هنا .
وكذلك في مسألة الإرث لا يفرق أيضاً . أي إذا أراد شخص ان يحصل على إرث فلا يعني ذلك أنه لا يحصل على إرث لأنه ابن بنت . ومسألة الوصية ومسألة الوقف هكذا أيضاً ، أي إذا أوقف شخص مالاً وقال : أوقف هذا المال على شخص له انتساب إلى النبي صلى الله عليه وآله سلم ويكو من أولاد أمير المؤمنين ، فهذا المال يعطى لأبناء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سواء كانوا بنات أو بنين . أو إذا جعلوا تولية لأبناء هذه العترة الطاهرة فانها تشمل البنات والبنين .
بناء على هذا في جميع هذه الأبواب الفقهية ليس هناك فرق ، وفي باب لخمس والزكاة حيث ورد فرق فهو بسبب الشهرة الموجودة بين الفقهاء ، وأساس هذه الشهرة رواية مرسلة حيث ورد في تلك الرواية أنه إذا كان الشخص سيداً عن طريق الأم يستطيع أن يأخذ الزكاة ولكن لا يعطى له الخمس ، ثم استشهد في آخر الرواية المرسلة بالآية الكريمة : ( ادعوهم لآبائهم ) (9) .
رغم ان هذا التعليل ليس تاماً ولكن صدر الرواية المرسلة حجة وموضع فتوى . وأما أنه لماذا يأخذ الأئمة الأطهار ـ عليهم السلام ـ الخمس مع انهم منسوبون إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن طريق الزهراء عليهم السلام في حين ان الشخص إذا كان سيداً عن طريق الأم يجب أن لا يأخذ خسماً ، فالجواب هو أن الأئمة عليهم السلام منسوبون إلى بني هاشم عن طريق علي بن أبي طالب أيضاً .
وعلى أي حال فالامتياز ليس لان الإنسان يستطيع ان يستفيد من مال ولا يستطيع من مال آخر . بل هذا حكم فقهي في خصوص باب الخمس والزكاة لتنظيم وحفظ النسبة وإلا فليس هناك فرق في سائر المسائل ، لذا عندما سئل المرحوم السيد المرتضى قال : إن أبناء البنت هم أبناء حقيقيون للإنسان وليسوا مجازيين ، والإسلام أزال الأفكار الجاهلية وقال لا تقولوا إن النساء هن وعاء فقط ولا تقولوا :
بنونا بنوا أبنـائنـا وبنـاتنــا // بنـوهن أبناء الـرجال الأباعـد
قال المرحوم السيد المرتضى : إن هذا الشعر باطل وأبناؤنا هم أبناؤنا سواء كانوا عن طريق الأبناء أو عن طريق البنات ، لذا قال : ان ابن البنت هو ابن حقيقة . وإذا حصل استثناء في بعض المسائل الفقهية فذلك على القاعدة العامة التي وردت وقليل من العام لم يتعرض إلى تخصيص وقليل من المسائل المطلقة لم يحصل فيها تقييد ، وفي غير حالات التخصيص فالحكم باقٍ على عموميته .
حل شبهة طلب الذكور :
وهناك شبهة أخرى في هذا المجال وهي انه إذا لم يكن فرق بين المرأة والرجل والبنت والولد لماذا أم الأئمة أم الأئمة عليهم السلام بالدعاء إذا أراد الإنسان ان يكون ابنه ولداً وغير ذلك أليس هذا دليلاً على أفضلية الولد على ابنت ؟
جواب هذه الشبهة هو أنه أولاً : إن سيرة الأئمة عليهم السلام كان أنهم عندما كان يرزقهم الله ولداّ لم يكونوا يسألون أبداً أن هذا الطفل ، ولد أم بنت ، بل كانوا راضين برضا الله .
ثانياً : أحياناً يكون الكلام هل أن المراة أفضل أم الرجل ، الولد أفضل أم البنت ؟ وأحياناً يكون البحث أي من هؤلاء أكثر نفعاً للوالد ، في بحث معرفة القرآن البحث في موضوع التكامل هو مسألة ، والبحث في المسائل الاقتصادية أي من البنت والابن أكثر نفعاً للوالد ، هو مسالة أخرى .
ليس هناك فرق بين المرأة والرجل والبنت والولد في المعارف الإنسانية ، والطريق قرره الله للجميع ، ولكن إذا أراد الوالد أن يستفيد فإنه يستفثيد من الولد أكثر والولد يستطيع ان يحل كثيراً من مشاكله في مرحلة الشيخوخة ، وهذا ليس بمعنى ان الولد هو أفضل من البنت عند الله ، أو أن الولد أفضل من البنت عند العقل ، بل معناه ان الولد غالباً ما يخدم الأب أكثر من البنت ، وإلا فان الله تعالى يقول :
( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) (10) .
وقال تعالى :
( من عمل صالحاً من ذكر أو أثنى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ) (11) .
فيجب الانتباه لئلا تختلط هاتان المسألتان .
ثالثاً : إن سر أن الأئمة عليهم السلام كانوا يسألون ولداً هو انهم يريدون حفظ الإمام اللاحق والإمامة ، أي القيادة ظهير ما الولاية ، وقد تم التوضيح في الفصل المتعلق ببيان فرق المقامات المعنوية عن التنفيذية أن ظهير هذه المقامات التنفيذية هو تلك المقامات المعنوية أي أن ظهير النبوة والرسالة والقيادة وأمثالها هي الولاية ، والولاية ليس لها اختصاص بالرجل ، رغم ان الرسالة ـ وهي امر تنفيذي ـ خاصة بالرجال ـ ولكن في قسم الولاية ـ التي هي أصل وظهير ـ فالإنسان ولي الله والله هو وليه ـ ليس هناك أي فرق بين المرأة والرجل .
بناء على هذا إذا كان الأئمة المعصومون عليهم السلام يسألون من الله أن يرزقهم ولداً ، فذلك من أجل أن يحل محلهم ويتولى قيادة المجتمع بعدهم ، والقيادة هي أمر تنفيذي خاص بالرجال ، وفي البحوث السابقة بينا أن الأعمال التنفيذية قسمت ، فكان بعضها بعهدة النساء وبعضها بعهدة الرجال العمل التنفيذي الذي فيه مواجهة كثيرة ويتطلب قوة بدنية أكثر ويتضمن اختلاطاً بغير المحارم ، هو بعهدة الرجال ، ولا يعطى للمراة عمل تكون درجته أقل في قبال هذا العمل التنفيذي أبداً . بل إذا أعطيت المراة عملاً آخر فانها تعطى ثواباً معادلاً للإخلاص ، وفي هذا الناحية ليس هناك فرق بين المراة والرجل .
كثير من الأعمال التنفيذية إذا كانت للنساء ، فليس للرجل حق المشاركة ، ويجب أن تتولى النساء أنفسهن ذلك . وفي بعض المسائل التنفيذية المتعلقة بالعلوم التجريبية إذا فصل قسم النساء ، عند ذلك المرأة هي التي تتولى هذا القسم وهذا الصنف من الأعمال التنفيذية .
سماع واسماع صوت المرأة :
يطرح بهذه المناسبة سؤال وهوهل ان سماع صوت المراة جائز ؟ أم لا ؟ وقد طرح هذا السؤال بشكل إجمالي في بحث سابق ولتتميمه يجب رعاية نكتتين ، الأولى هي انه هل ان سماع صوت المرأة جائز أم لا ؟ والثانية : هل يجوز للمرأة ان تسمع صوتها للآخرين أم لا ؟ فهناك بحث يتعلق بالسماع وبحث آخر يتعلق بالاسماع ، هناك ناحية مشتركة في هاتين المسألتين حيث ان كليهما ممنوع في تلك الناحية المشتركة ، وهناك ناحية مختصة حيث ان كليهما مأذون فيها وفي الحقيقة ان البحث له ثلاث حالات :
الحالة الأولى : ان الرجل إذا أراد سماع صوت المرأة بقصد التلذذ والريبة فقد ارتكب معصية ، ولكن لأن المرأة لم تتكلم بهذا القصد وتتكلم للقيام بعمل عادي لذا فالاسماع ليس له حرمة عليها . فما هو حرام هو السماع بتلذذ أو ريبة . والاسماع ليس حراماً . إلا أن تفهم المرأة ان الرجل يسمع كلامها بقصد التلذذ حيث يجب ان تتجنب المرأة من باب حرمة التعاون على الاثم .
الحالة الثانية : هي أن تريد المرأة ان تتكلم بقصد تهييج وتحريك الأجنبي . فاسماعها حرام ، وإذا سمع الرجل بهذا القصد يصبح مبتلى بالحرمة أيضاً .
الحالة الثالثة : هي ان تتكلم المراة بشكل عادي وليس قصدها تحريك وتهييج ، والرجل يسمع بشكل عادي وليس قصده التلذذ والريبة ، هنا السماع جائز والاسماع ليس ممنوعاً .
وقال عدد في حرمة الاسماع : إذا أرادت المراة أن توصل صوتها إلى أجنبي بقصد التهييج والتحريك ، فقد ارتكبت حراماً واستدلوا بهذه الآية :
( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ) (12) .
هذا الاستدلال فيه اشكالان أحدهما وارد والآخر غير وارد .
اما الاشكال غير الوارد فهو ان صدر هذه الآية خاص بنساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وفي صدر الآية هناك :
( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ) .
حيث يتضح من صدر الآية ان هذا الحكم من مختصات نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم . طبعاً لعله يمكن الأجابة بسهولة عن هذا الاشكال بأن هذا هو لتأكيد المسالة ، وإلا فهذا الحكم ليس خاصاً بنساء النبي ويشمل جميع النساء .
اما الاشكال الوارد فهو ان النبي له دلالة على الحرمة ( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ) وفي موضع آخر قال :
( وقلن قولاً معروفاً ) (13) .
أي تكلمن كلاماً جيداً ، وفي موضع آخر يقول : ( فلا تخضعن بالقول ) أي أدين الكلام جيداً بحيث لا يكون محتوى كلامكن محركاً ولا تكون كيفية أداء كلامكن مهيجة .
لا شك ان الاسماع أي ايصال الصوت إلى سمع الرجل إذا كان بقصد التهييج والتحريك فهو حرام ، والفتوى أيضاً على هذا ، ولكن هذه المسألة خارجة عن محل البحث ، لأن البحث ليس في ان تقرأ المرأة ، أو ان امرأة توصل صوتها إلى سمع الناس بقصد التهييج والتحريك ، بل إن البحث في أن امرأة تريد ان تدرس أو تريد أن تعظ .
إن المرأة تستطيع ان تدريس المسألة الاقتصادية والحقوقية فيصبح طلابها قضاة ، وان كانت لا تستطيع هي ان تكون قاضياً ، المرأة تستطيع ان تدرس الفقه في مستوى عالٍ فيصبح طلابها مراجع تقليد وان كانت لا تستطيع ان تكون مرجع تقليد . وهو بناء على أن الذكورة تكون شرط في المرجعية وإلا إذا قيل ان تكون المرأة مرجع تقليد للنساء فهذا ليس فيه محذور ، إن إذا أرادت ان تكون مرجع تقليد للعموم ، في حالة ان لا يكون هناك اختلاط عمومي أو أمثال ذلك فذلك له محل بحث الغرض هو رغم ان البعض ادعوا الاجماع أو الشهرة ، ولكن هناك محل لبحث تحليلي ـ أما ما مر سابقاً فكان ان الاسماع إذا لم يكن يقصد التهييج او التحريك . فهو جائز ، كما أن السماع إذا لم يكن بقصد التلذذ والريبة فهو جائز .
رأي الشهيد الأول :
بعض الفقهاء كالمرحوم الشهيد الأول ـ رضوان الله تعالى عليه ـ لديهم كلام حاد في هذا المجال فقد قال في متن اللمعة ـ باب النكاح ـ :
( وكذا يحرم على المرأة ان تنظر إلى الأجنبي أو تسمع صوته إلا لضرورة ـ كالمعاملة والطب ) (14) ـ .
لذا احتمل بعض فقهائنا ان تكون هذه النسخة من اللمعة غلطاً وقال : ( والمظنون ان نسخة اللمعة غلط ) وإلا فمن المستبعد ان تصدر مثل هذه الفتوى من فقيه كالشهيد الأول .
الحجاب حق إلهي :
هناك شبهة في أذهان بعض الأشخاص وهي أنهم يتصورون أن الحجاب هو محدودية للمرأة وحصار أوجدته لها العائلة والارتباط بالزوج . وعلى هذا فالحجاب علامة ضعف وتحديد للمرأة (15) .
ان حل هذه الشبهة وتبيين الحجاب في رؤية القرآن الكريم هو ان المرأة يجب ان تدرك بشكل كامل ان حجابها لا يتعلق بها فقط حتى تقول إنني صرفت النظر عن حقي ، حجاب المراة لا يتعلق بالرجل حتى يقول الرجل انني راضٍ ، حجاب المرأة ليس مالك العائلة حتى يعطي اعضاء العائلة موافقة ، حجاب المرأة هو حق إلهي ، لذا نرى في العالم الغربي والمناطق المبتلية بالقانون الغربي إذا تلوثت المرأة المتزوجة وأعطى زوجها رضى ، تعلن قوانينهم ان الملف أغلق ، أما في الإسلام فليس هكذا ، حرمة المرأة لا تختص بالمرأة نفسها وليست هي للزوج ولا هي خاصة بأخيها وأبنائها .
كل هؤلاء إذا وافقوا فالقرآن لا يرضى ، لأن حرمة المرأة وحيثية المرأة مطروحة بوصفها حق الله ، والله سبحنه خلق المرأة برأسمال العاطفة ، حتى تكون معلمة للرقة وتأتي بدعوة العاطفة ، إذا ترك مجتمع ما درس الرقة و العاطفة هذا وذهب وراء الغريزة والشهوة يبتلى بنفس الفساد الذي ظهر في الغرب ، لذا ليس لشخص حق أن يقول انني وافقت على عدم الحجاب ، يتضح مما يقوله القرآن الكريم أن عصمة المرأة ، هي حق الله ، وجميع أعضاء العائلة وأعضاء المجتمع وخاصة المرأة نفسها هم أمناء أمانة إلهية . المرأة مطروحة بنظر القرآن بوصفها أمينة حق الله . أي ان هذا المقام وهذه الحرمة والحيثية التي هي حق الله ، أعطاه للمرأة وقال لها ان تحفظ حقه هذا بوصفه أمانة ، عند ذلك يظهر المجتمع بالشكل الذي ترونه في إيران ، صبرت إيران حتى آخر لحظة ولم تقم بالعمل الذي يكون على خلاف العاطفة والرقة والرأفة والرحمة . مع أن أعداءنا اعتبروا قتل الأبرياء والمدنيين مشروعاً منذ اللحظة الأولى للهجوم على المناطق السكنية .
ان المجتمع الذي يحكم فيه القرآن ، هو مجتمع العاطفة ، وسرّه هو أن نصف المجتمع يتولاه معلموا العاطفة ، والأمهات هن اللاتي يدرسن الرأفة والرقة سواء شئنا أم أبينا ، وسواء عرفنا أم لم نعرف . والرأفة والرقة مؤثرة في جميع المسائل (16) .
فلسفة الحجاب في القرآن :
بناء على هذا فليس هناك فرق بين المرأة والرجل في أي قسم وأي بعد من الإبعاد للسير إلى مدارج الكمال ، ولكن يجب أن تكو الأفكار قرآنية ، أي كما ان القرآن جمع بين الكمال والحجاب والفكر والعفاف ، نجمع نحن أيضاً في النظام الإسلامي بين الكتاب والحجاب ، أي ان تعظمة المرأة هي في :
( ان لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال ) .
عندما يتكلم القرآن الكريم بشان الحجاب يوقل إن الحجاب عبارة عن نوع من الاحترام والحرمة للمرأة في ان لا ينظر إليها غير المحارم بنظرة حيوانية ، لذا يرى النظر إلى النساء غير المسلمات بدون قصد الفساد جائزاً وعلة ذلك هي ان النساء غير المسلمات ليس لهن حظ من هذه الحرمة .
إذا كان شخص عاجزاً عن تشخيص قواعد القيم ، من الممكن ان يعتبر الحجاب قيداً ـ معاذ الله ـ في حين ان القرآن الكريم عندما يذكر مسألة لزوم الحجاب يقول :
( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) (17) .
إنما يبين علة وفلسفة ضرورة الحجاب هكذا :
( ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ) (18) .
إن المرأة والرجل متساويان في المعايير الأساسية ، وهناك مجموعة مزايا للرجل وهي مزايا تنفيذية وفي مقابلها مسؤوليته اكثر أيضاً ، فلو لم يقم بتلك المسؤولية يكو وزره أكثر . بناء على هذا نستنتج:
أولاً : أن التهم التي لصقوها بالإسلام وقالوا ان الإسلام حرم نصف المجتمع من كثير من الحقوق ، غير صحيحة .
ثانياً : إن ذكر المرأة على أنها مظهر ضعف وحقارة هي تعصبات وتقاليد جاهلية انتشرت في ثقافة المجتمعات الإسلامية منذ القديم ، وهذه يجب أن ترفع .
ثالثاً : إذا شعر شخص بأن المراة يجب أن لا تستفيد من العلوم والوسائل التربوية وأمثالها التي تقدم للمجتمع خدمات قابلة للعرض ، فيجب صرف النظر عن هذا الاعتقاد ولتحصل الرغبة بأن تتعلم المرأة كالرجل هذه العلوم والمعارف ، وتخدم المجتمع ، إلا في المحل الذي جعل للرجل بشكل استثنائي .
رابعاً : أن ( وعاشروهن بالمعروف ) ليس لها اختصاص بالمسائل داخل المنزل ، بل هي جارية في كل المجتمع .
والمسألة الخامسة هي ان المرأة في مقابل الرجل غير المرأة في مقابل الزوج ، أي أن المرأة يجب أن تمكن في مقابل الزوج ، أما المرأة في مقابل المجتمع ، فهي مثل أي فرد من أفراد المجتمع ، وفي المسائل العائلية تكون المرأة احياناً قواماً وقيوماً والرجل يجب أن يطيع ، فالابن يجب ان يطيع الأم ولو كان في مستوى عالٍ من التخصص العلمي .
ملاحظة : رغم ان هناك شبهات قابلة للطرح في مسألة تساوي المراة والرجل ، ولكن بملاحظة القواعد العامة المذكورة ومعرفة الخطوط الاساسية لنظام القيم في الإسلام ، وتبيين محور السعادة والشقاء ، يكون جوابها واضحاً .
المصادر :
1- سورة النساء ، الآية : 32 .
2- إحدى القواعد التي كثيراً ما تقع مورد استشهاد في بحث الإرث .
3- سورة طه ، الآية : 124 .
4- سورة الفرقان ، الآية : 13 .
5- سورة طه ، الآية : 25 .
6- بحار الانوار ، ج ، ص 205 .
7- سورة آل عمران ، الآية : 133 .
8- وسائل الشيعة ، ج 5 ، ص 305 .
9- سورة الأحزاب ، الآية : 5 .
10- سورة الحجرات ، الآية : 13 .
11- سورة النحل ، الآية : 97 .
12- سورة الأحزاب ، الآية : 32 .
13- سورة الأحزاب ، الآية : 32 .
14- شرح اللمعة ، ج 5 ، ص 99 .
15- مستمسك العروة الوثقى ، مبحث جواز النظر في النكاح .
16- بحار الأنوار ، ج 103 . ص 238 .
17- سورة النور ، الآية : 31 .
18- سورة الأحزاب ، الآية : 59 .