الزوج

إن الرؤية الإسلامية النابعة من كتاب اللَّه سبحانه وسنّة النبي واله‏ عليهم السلام واضحة الدلالات في حثها وترغيبها بل في إعطائها للزواج مكانة قلّ نظيرها، راسمة في مبادئها وأعمالها وأهدافها خطوطاً هي الضرورات في عالم
Saturday, March 10, 2018
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
الزوج
الزوج

إن الرؤية الإسلامية النابعة من كتاب اللَّه سبحانه وسنّة النبي واله‏ عليهم السلام واضحة الدلالات في حثها وترغيبها بل في إعطائها للزواج مكانة قلّ نظيرها، راسمة في مبادئها وأعمالها وأهدافها خطوطاً هي الضرورات في عالم الدنيا كما الاخرة حيث لا رهبانية في الإسلام وعلى العكس تماماً مما حاوله الواهمون، ولذلك كان مشروع بناء لمؤسسة عظيمة يديرها الزوج الذي سيصبح أباً، وتعاونه الزوجة التي ستصبح أماً تهز المهد بيمينها وتهز العالم بيسارها.
ومدرسة يترعرع في كنفها جيل صالح، تغذيه بالمبادى‏ء والفضائل على أساس التكامل في الأدوار والوظائف الملقاة على عاتق كل من الشريكين في سير حياة هذه العلاقة ضمن قناتها الصحيحة، وحتى يكون ذلك لا بد أن يكون أساس البناء قائماً على التقوى وهو يتمّ مع معرفة كل من الشريكين وحقوقه وضوابط العلاقة بينهما والثواب والعقاب المترتبين على جملة من التصرفات التي كانت ولا تزال موضع تهاون عند الكثيرين.

مكانة الزوج

يعتبر الزوج رب الأسرة الذي إن يكن حائزاً على مواصفات عالية كما أراده الإسلام كان إنجاحها واستمرارها صنيعه وحليفه وإلا فلا. لذلك تدخل الدين القيّم في تحديدها وأسس الاختيار على ضوئها بغية الإعداد لمجتمع سليم مع الأخذ بعين الاعتبار لموقعه في قوله تعالى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ "(1)
ومن جانب اخر كان لرضاه الأثر الأهم في اخرة المرأة إضافة إلى أولاها حيث روي عن الباقر عليه السلام: "لا شفيع للمرأة أنجح عند ربّها من رضا زوجه"(2)
أوصاف الزوج وهي تنقسم إلى حميدة وسيئة:
القسم الأول: الأوصاف الحميدة
الأول: أن يكون تقيّاً.
جاء رجل إلى الحسن عليه السلام يستشيره في تزويج ابنته فقال‏ عليه السلام: "زوجها من رجل تقي، فإنه إن أحبّها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمه"(3)
وفي هذا الحديث بيان منه عليه السلام للاثار المترتبة على تزويج التقي.
الثاني: أن يكون أميناً.
وذلك بالإضافة إلى الرضا عن دينه بحيث أنه لا يحيد عن جادة الشرع المقدس، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وآله: "إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته يخطب إليكم فزوجوه، إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"(4).
وبهذا أوضح صلى الله عليه وآله لاثار السلبية سواء الفتنة أو الفساد من جراء الامتناع عن تزويجه. والركون إلى موازين أخرى لا يقيم الإسلام لها وزناً.
الثالث: أن يكون خلوقاً.
كما ورد عن الرضا عليه السلام: "إن خطب إليك رجل رضيت دينه وخلقه فزوّجه، ولا يمنعك فقره وفاقته(5)
قال اللَّه تعالى: "وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ"(6)
وقال: "إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ" "(7)
إنه لمن المؤسف جداً أن تدوّي هذه الدعوات إلى اعتماد المعيار الحق ولا تلقى في الأرجاء إلا ثلّة ممن امتحن اللَّه قلوبهم بالإيمان، حتى راجت دعوة معاكسة أسماها أصحابها(بتأمين المستقبل للفتاة) منعت الكثرين من الانضمام إلى ركب الحياة الزوجية وحالت بينهم وبين أمانيّهم بل أودت بالكثيرين إلى الانحراف.
القسم الثاني: الأوصاف السيئة
الأول: شارب الخمر.
حيث جاء عن الرضا عليه السلام: "إياك أن تزوج شارب الخمر فإن زوجته فكأنما قدت إلى الزن"(8)
ويكفينا ما نشاهده اليوم وما راه السابقون من الخراب الذي يحل بالبيوت التي يكون أربابها كذلك.
الثاني: سي‏ء الخلق.
فإنه عنصر هدّام وليس عنصراً بناءً ومعه لا تدوم المودّة وقد ورد النهي عن تزويجه حتى وإن كان قريباً ورحماً كما عن أحدهم يقول كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام إن لي ذا قرابة قد خطب إليّ وفي خلقه سوء فقال عليه السلام: "لا تزوّجه إن كان سي‏ء الخلق"(9)
الثالث: المشكّك والكافر.
علّل ذلك في الأحاديث الشريفة بأن الزوجة تأخذ من منهجه وأدبه وقد يستميلها إلى ما هو عليه من الباطل كما ورد في منكري الولاية حيث يؤدي بها ذلك إلى موالاة من ينبغي معاداته ومعاداة من ينبغي موالاته، فهناك تحذير من الحالتين ومما جاء في هذا المضمار ما عن مولانا الصادق عليه السلام: "تزوجوا في الشكّاك ولا تزوجوهم، لأن المرأة تأخذ من أدب الرجل ويقهرها على دينه"(10)
وعليه كيف يكون الخير مرجواً من هذا السبيل"؟!
د- حقوق الزوج
أهمية حقّه:
لقد بلغ حق الزوج أهمية بالغةً حتى وصف ورتّب في السنّة المباركة وعلى لسان الرسول صلى الله عليه وآله بأنه الحق الأعظم على المرأة يقول صلى الله عليه وآله: "أعظم الناس حقاً على المرأة زوجها وأعظم الناس حقاً على الرجل أمه"(11)
ولكن يبقى هذا الحق مجملاً وغير واضحٍ ما لم ننتقل إلى حديثه الثاني صلى الله عليه وآله حيث يجيب امرأة سألته ما حق الزوج على المرأة؟
قال صلى الله عليه وآله: "أن تجيبه إلى حاجته، وإن كانت على قتبٍ ولا تعطي شيئاً إلا بإذنه، فإن فعلت فعليها الوزر وله الأجر، ولا تبيت ليلة وهو عليها ساخط"(12)
فالمستفاد من جوابه صلى الله عليه وآله حقوق ثلاثة:
الحق الأول: إجابته إلى حاجته التي هي عبارة عن طاعته في أمر العلاقة الخاصة بينهما.
الحق الثاني: وهو عبارة عن وجوب الحفاظ على ماله وسائر مختصاته في حال غيابه كما هي مأمورة بذلك في حال حضوره فلا يكون تصرفها مشروعاً وسائغاً إلا بإذنه وطيب نفسه.
الحق الثالث: عدم إغضابه.
ولعل هذا الحق هو الأكثر انتهاكاً في المجتمع حيث تعمد المرأة إلى إثارة القضايا وبثّ الشجون التي تعكّر صفو العلاقة مع الرجل وتؤدي إلى سخطه وانزعاجه دونما سبب معقول وربما يتم ذلك عبر التعيير والانتقاص أو المراء والجدال أو العناد أو الطلبات غير المتكافئة أو الغرور الذي يسوّل لها التعالي عن حدود النقد البنّاء لترفضه دائماً أو تلجأ إلى السباب ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله: "ويل لامرأة أغضبت زوجها، وطوبى لامرأة رضي عنها زوجه"(12)
وما من شكٍ أن الاغضاب نوع من أنواع الإيذاء المحرّم الذي ورد في حديث النبي صلى الله عليه وآله: "من كان له امرأة تؤذيه لم يقبل اللَّه صلاتها ولا حسنة من عملها حتى تعينه وترضيه وإن صامت الدهر"(14)
هـ- الاداب مع الزوج
هناك جملة من الاداب التي رتّب اللَّه عزّ وجلّ عليها الكثير من الثواب من جراء القيام بها والتي لا يحسن للزوجة التخلي عنها كما لا يجمل من الزوج التخلي عن الاداب التي تكون اتجاهها وهي.
أولاً: خدمة الزوج
عن النبي صلى الله عليه وآله: "أيما امرأة رفعت من بيت زوجها شيئاً من موضع إلى موضع تريد به صلاحاً إلا نظر اللَّه إليها ومن نظر اللَّه إليه لم يعذبه"(15)
وعن الباقر عليه السلام: "أيما امرأة خدمت زوجها سبعة أيام أغلق اللَّه عنها سبعة أبواب النار وفتح لها ثمانية أبواب الجنة تدخل من أيها شاءت"(16)
ثانياً: الصبر على أذيته
عن النبي صلى الله عليه وآله: "من صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها مثل ثواب اسيا بنت مزاحم"(17)
ثالثاً: إظهار المودة له في القول والفعل
رابعاً: إبداء الهيئة الحسنة لها في عينه
خامساً: صيانة نفسها عن كل دنس حتى يطمئن قلبه إلى الثقة بها في حال المحبوب والمكروه كما جاء ذلك كله في حديث الصادق‏ عليه السلام(18)
المصادر :
1- النساء:34.
2- ميزان الحكمة، ج‏2، ص‏1184.
3- ميزان الحكمة، ج‏2، ص‏1184.
4- نفس المصدر.
5- نفس المصدر.
6- النساء/130.
7- النور/32.
8- ميزان الحكمة، ج‏2، ص‏1183.
9- نفس المصدر.
10- نفس المصدر.
11- نفس المصدر، ص‏1184.
12- الكافي، ج‏5، ص‏508.
13- عيون أخبار الرضا، ج‏1، ص‏14.
14- ميزان الحكمة، ج‏2، ص‏1186.
15- نفس المصدر.
16- ميزان الحكمة، ج‏1186 2.
17- ميزان الحكمة، ج‏2، ص‏1187.
18- راجع بحار الأنوار، ج‏75، ص‏237.
 


نظرات کاربران
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.