خير الأعمال

العمل الصالح، يساعد الإنسان على نيل مقام القُرب الإلهيّ، وهو يدفع بالنفس الإنسانيّة في طريق التكامل، يقول تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ .
Tuesday, April 24, 2018
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
خير الأعمال
 خير الأعمال


العمل الصالح، يساعد الإنسان على نيل مقام القُرب الإلهيّ، وهو يدفع بالنفس الإنسانيّة في طريق التكامل، يقول تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ .
وقد أكَّد القرآن الكريم كثيراً على العمل الصالح، وأنَّه الوسيلة الوحيدة لسعادة الإنسان وتكامله، وهذا العمل إمَّا واجب أو مستحب، وقد حددت الواجبات كما حدّدت المستحبّات في الشرع الحنيف، ومن الواضح أنَّ الأهمّ هو القيام بالواجبات، فإذا فرغ من الواجبات ينتقل إلى المستحبّات، فلا يمكن لشخص أن ينال مقام القرب إذا قصَّر في الواجبات، حتّى لو بذل جهوداً مضاعفة في المستحبّات، ومن هنا سوف نبدأ بالحديث عن الواجبات، ونشير إلى بعضٍ منها، ثمَّ نتحدَّث بعد ذلك عن بعض المستحبّات، لكن بما أنَّ الإخلاص في العمل مشترك بينهما، ويعدّ شرطاً أساساً للقرب، فسنتعرّض له ولمراتب العبادة أوّلاً.

الإخلاص

إنَّ مقام الإخلاص من أرفع المقامات، وله آثار جليلة جدّاً ذكرتها الروايات بالتفصيل، يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما أخلص عبد أربعين صباحاً إلّا جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه" .
وتلك القلوب المخلصة تصبح مواضع لنظر الله تعالى، يقول الإمام عليّ عليه السلام: "أين الذين أخلصوا أعمالهم لله، وطهَّروا قلوبهم لمواضع نظر الله" .
وللإخلاص مراتب عديدة، أدناها أن يخلّص المرء عباداته من الشرك والرياء والعجب، وأن يؤدّيَها لله تعالى فقط، وهذا المستوى هو شرط لصحّة العبادة، فلا تكون العبادة صحيحة من دونه، ولا شكّ أنَّ نيّة المرء تؤثّر في مصيره يوم القيامة، يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا عملت عملاً فاعمل لله خالصاً، فإنَّه لا يقبل من عباده الأعمال إلا ما كان خالصاً" ، ويقول الإمام الصادقَ‏ عليه السلام: "إنَّ الله يحشر الناس على نيَّاتهم يوم القيامة" .

مراتب العبادة

ليست العبادة مرتبة واحدة، بل هي تختلف باختلاف نيَّة الذين يؤدّونها، وهم على فئات:
الفئة الأولى: الذين يعبدون الله تعالى خوفاً من عذابه.
الفئة الثانية: الذين يعبدون الله طمعاً في جنَّته.
هذه الأهداف لا تضرّ بالعمل، وهي توجب القرب الإلهيّ، وإن كان الذين لديهم هذه الأهداف لا تكون عبادتهم بمستوى الذين يقومون بها لأهداف أسمى.
الفئة الثالثة: وهم الذين يعبدون الله شكراً لنعمه، وهذا القصد هو أفضل من غيره.
يقول الإمام عليّ عليه السلام: "إنَّ قوماً عبدوا الله رغبةً فتلك عبادة التجَّار، وإنَّ قوماً عبدوا الله رهبةً فتلك عبادة العبيد، وإنَّ قوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار" .
ولا بدّ من التأكيد على حقيقة هامّة وهي: أنَّ الجدَّ في العبادة يوصل الإنسان إلى الإخلاص، يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "الإخلاص ثمن العبادة" ، وهنا يكمل الإيمان، فعنه‏ عليه السلام: "من أحبَّ لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فهو ممَّن يكمل إيمانه" .
خير الأعمال
الصلاة هي من أفضل الأعمال الصالحة التي تدفع الإنسان في طريق القرب من الله تعالى، يقول الإمام الرضا عليه السلام: "الصلاة قربان كلّ تقيّ" .
والصلاة هذه هي الصلاة التي تُقبل فيها على الله، وتؤدّيها بشروطها، ويكون قلبك فيها حاضراً، ولذا سوف نتحدَّث عن حضور القلب في الصلاة.
حضور القلب في الصلاة
الصلاة تركيب ملكوتيّ، وهي وسيلة الاتصال بالله تعالى، والتضرّع له وذكره، وهي معراج المؤمن، وميزان قبول الأعمال، وهي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وفي كلّ جزء من أجزائها سرّ إلهيّ، لكن بشرط أن يكون فيها روح وحياة، وروح الصلاة حضور القلب والتوجّه إلى الله والخشوع بين يديه، لأنَّ الصلاة بدون قلب، كالجسد من دون روح، فحضور القلب هو روح الصلاة، ومن دونه تكون الصلاة ميتة. وربّما يقال بأنّ الصلاة أوّل الوقت ولو بدون حضور القلب، أفضل من الصلاة متأخّراً ولو مع حضور القلب.
فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنَّ من الصلاة لما يقبل نصفها وثلثها وربعها وخمسها إلى العشر، وإنَّ منها لما يلفّ كما يلفّ الثوب الخلق، فيضرب بها وجه صاحبها، وإنَّما لك من صلاتك ما أقبلت عليه بقلبك" .
وعن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: "لا يقومنّ‏ أحدكم في الصلاة متكاسلاً ولا ناعساً، ولا يفكّرن في نفسه فإنّه بين يدي ربِّه، وإنَّما للعبد من صلاته ما أقبل عليه منها بقلبه" .
وروي عن عليّ بن الحسين عليه السلام أنَّه صلَّى فسقط الرداء عن منكبيه، فتركه حتّى فرغ من صلاته، فقال له بعض أصحابه: يابن رسول الله سقط رداؤك عن منكبيك فتركته ومضيت في صلاتك؟ فقال عليه السلام: "ويحك تدري بين يدي من كنت؟ شغلني والله ذلك عن هذا، أتعلم أنَّه لا يقبل من صلاة العبد إلَّا ما أقبل عليه؟"، فقال له: يابن رسول الله هلكنا إذاً، قال عليه السلام: "كلا إنَّ الله يتمُّ ذلك بالنوافل" .

مراتب حضور القلب

لحضور القلب مراتب عديدة، نشير إلى بعضٍ منها بشكل مجمل:
الأولى: أن يكون المصلّي ملتفتاً في صلاته بالإجمال لله تعالى، وإن لم يكن ملتفتاً لمعاني الألفاظ بالتفصيل.
الثانية: أن يلتفت المصلّي لمعاني الكلمات، فضلاً عن كونه متوجّهاً إلى أنّه يكلّم الله تعالى ويتضرّع إليه.
الثالثة: أن يصبح المصلّي عارفاً بحقيقة كلّ ذكر من أذكار الصلاة، فضلاً عن كونه ملتفتاً مع من يتكلَّم.
الرابعة: أن تدخل تلك المعارف إلى باطنه بشكل كامل، وهنا يكون اللسان تابعاً للقلب في أفعاله.
الخامسة: أن يصل المصلّي إلى مرتبة الحضور الكامل، فلا يرى غير الله ويغفل عن كلّ ما سواه.
العوامل المؤثِّرة في حضور القلب
بمجرَّد أن يقف المصلّي للصلاة، حتّى تبدأ رياح الأفكار تأخذه يميناً وشمالاً، فكان من الضروريّ الالتفات إلى أمور قد تكون مفيدة في حضور القلب:
1- مكان الخلوة: الأفضل للمصلِّي أن يختار مكاناً ليس فيه ما يلفت انتباهه عن التوجّه لله تعالى، ويحاول ألَّا يلتفت إلى ما حوله من أمور تصرفه عن التوجّه له تعالى.
2- رفع الموانع: من قبيل إذا كان مضطرباً لجهة العطش، بأن يشربَ ثمَّ يصلّي، أو إن كان تعباً يرتاح ثمَّ يصلّي، وهكذا كلّ الأمور التي تمنعه عن التوجّه للصلاة، ولعلّ من أخطر الموانع التعلّق بأمور الدنيا، كالمال
والجاه وغيرهما، لذلك على المصلّي أن يقطع علاقته بهذه الأمور، حتّى يسهل عليه حضور القلب والتوجّه نحو الله.
3- تقوية الإيمان: إنَّ توجّه الإنسان لله تعالى يرتبط بمقدار معرفته، فمن يصل إلى أكمل الإيمان، ويتعرَّف على عظمة الله وقدرته، ويرى الله تعالى حاضراً، سيكون قلبه حاضراً لدى الصلاة.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اعبد الله كأنَّك تراه، فإن كنت لا تراه فإنَّه يراك" .
وعن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنَّي رأيت عليَّ بن الحسين عليه السلام إذا قام في الصلاة غشي لونَه لونٌ آخر، فقال لي: "والله إنَّ عليَّ ابن الحسين كان يعرف الذي يقوم بين يديه" .
4- ذكر الموت: إذا التفت الإنسان إلى أنَّ الموت قد يأتيه في أيّ وقت، وأنَّ هذه الصلاة قد تكون آخر صلاة يصلّيها، فلن تكون صلاته كصلاة الغافلين، ولذا من المستحسن أن يتصوَّر المصلِّي أنَّ هذه الصلاة التي يصلّيها قد تكون آخر صلاة، وأنَّه لم يبقَ أمامه إلَّا هذه اللحظات لتختمَ صحيفة أعماله.
عن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا صلّيت صلاة فريضة فصلِّها صلاة مودّع, يخاف أن لا يعود إليها أبداً، ثمَّ اصرف ببصرك إلى موضع سجودك، فلو تعلم من عن يمينك وشمالك لأحسنت صلاتك، واعلم أنَّك بين يدي من يراك ولا تراه" .
5- التهيّؤ والاستعداد للصلاة: على المصلّي أن يتهيّأ للصلاة، فيقوم بكلّ ما ذكرناه قبل صلاته، ويبدأ بالأذان والإقامة، ويقرأ الأدعية الواردة في هذا المجال، ويقول: "يا محسن قد أتاك المسيء".. فإذا حصل الخشوع كبَّر تكبيرة الإحرام وشرع في صلاته.
يقول الإمام الصادق عليه السلام: "إذا استقبلت القبلة فانسَ الدنيا وما فيها، والخلق وما هم فيه، واستفرغ قلبك عن كلّ شاغل يشغلك عن الله، وعاين بسرّك عظمة الله، واذكر وقوفك بين يديه، يوم تبلو كلّ نفسٍ ما أسلفت وردّوا إلى الله مولاهم الحقّ، وقف على قدم الخوف والرجاء، فإذا كبَّرت فاستصغر ما بين السماوات العلى والثرى دون كبريائه، فإنَّ الله تعالى إذا اطَّلع على قلب العبد وهو يكبّر، وفي قلبه عارض عن حقيقة تكبيره قال: يا كاذب أتخدعني؟ وعزّتي وجلالي لأحرمنَّك حلاوة ذكري، ولأحجبنَّك عن قربي والمسارّة بمناجاتي" .
الخلاصة
- العمل الصالح يوصل المرء إلى مقام القرب الإلهيّ.
- الإخلاص من أرفع المقامات، وآثاره عظيمة في الدنيا والآخرة وأدنى مراتبه شرط لصحّة العمل.
- للعبادة مراتب تختلف بحسب قصد وهدف الذين يقومون بها، أعلى مراتبها من يعبد الله تعالى حبّاً له ولأنّه أهل للعبادة.
- الصلاة من أفضل الأعمال التي تقرّب العبد إلى الله تعالى، وهي التي تكون مع حضور القلب.
- لحضور القلب مراتب أعلاها أن يصلَ المصلّي إلى مرتبة الحضور الكامل.
- توجد عوامل عديدة مؤثّرة في حضور القلب، منها رفع الموانع، وذكر الموت، والتهيّؤ للصلاة.

الصلاة هبة إلهيّة

إنَّ الصلاة تمثّل أعظم الفرائض في الميدان الأبديّ للبحث عن الحقيقة، والذي فُرض على الإنسان بل جُبل عليه وأكثرها تأثيراً، ولعلّ البعض تعرَّف على هذه الخصوصية من خلال الجهد الفرديّ نحو الكمال فقط، ولم يسمع بدورها في ميدان الجهاد الجماعيّ لمواجهة القوى الدنيويّة المناهضة، لذا يجب أن نعرف أنَّ الرجولة والثبات في المواجهات المختلفة، مرتبطة بكون القلوب والإرادات مليئة بالصفاء والتوكّل والثقة بالنفس والأمل بحسن العاقبة.
إنَّ الصلاة تمثّل النبع الفوَّار الذي يفيض بكلّ هذه، وفيوضات كثيرة أخرى على قلب وروح المصلّي، وتصنع منه إنساناً نقيّاً متفائلاً ثابت الإرادة والعزم.
وما جاء في القرآن بأنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ووصفت على لسان النبيّ الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم بأنَّها معراج المؤمن، وقربان كلّ تقيّ، وفي كلمة واحدة أنَّها عمود الدين، ووصفها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأنَّها "قرّة عيني" يجب أن يحثّنا إلى التأمّل والعمُق في فهم عظمة الصلاة.
طبعاً، يجدر بنا أن نعلم أنَّ الصلاة لا تعني التفوّه ببعض الكلمات، وأداء بعض الحركات، فلا تترتّب كلّ هذه الفيوضات والبركات على إيجاد أمواج صوتيّة، وأعمال بدنيّة، دون أن تبعث في هذا البدن روح الذكر والتوجّه. فروح الصلاة هي ذكر الله، والخشوع والحضور أمامه، وهذه الكلمات والأفعال التي فُرضت على المكلّف بالتعليم الإلهيّ، أفضل إطار لروحه، وأقرب الطرق لوصوله إلى المحلّ المقصود.
فصلاة بلا ذكر وحضور، كبدن بلا روح، وإطلاق لفظ الصلاة عليها وإن لم يكن على سبيل المجاز، لكن لا ينبغي أن يرتجى منها أثر وخاصيّة الصلاة أيضاً.
وقد ورد الحديث عن هذه الحقيقة في الآثار الدينية بعنوان "قبول الصلاة"، وهكذا ورد أنّه "ليس لك من صلاتك إلَّا ما أقبلت عليه".
إنَّ هذه الصلاة موهبة ليس لها بديل، ومنبع فيض لا يزول، نستثمرها لإصلاح أنفسنا أوّلاً، ومن نحبّ ثانياً، وهي بوابة مفتوحة إلى جنّة واسعة يسودها الصفاء، وأنَّه لَمِن المؤسف أن يقضي الإنسان عمره بجوار هذه الجنّة ولا يحاول أن يزورها، أو يدعوَ أحبَّاءه إليها، فقد أبلغ الوحي النبيَّ العظيم صلى الله عليه وآله وسلم: "وأمُر أهلك بالصلاة واصطبر عليها".
واليوم اعتبروا هذا الخطاب موجّهاً إليكم وقدّروا أهميّة الصلاة، هذه الحقيقة المقدّسة والدرّ الساطع الذي هو هبة إلهيّة لأمّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم.
ولكلّ منكم سهمه الخاصّ إزاء هذه الوظيفة.
فعلى الآباء والأمّهات هداية الأبناء بالقول والعمل نحو الصلاة. وعلى المعلّمين إرشاد طلّاب المدارس والجامعات نحو هذه الحقيقة الساطعة.
الإمام الخامنئيّ دام ظله
المصادر :
راسخون 2018
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.