
{ يَا بَنِي ءَادَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لايُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الاَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } (1)
من الفوائد الكبيرة للصيام ان الصائم يضمن إلى حد كبير صحته وعافيته البدنية، وقد جاء في الحديث الشريف: (صوموا تصحوا).
إن الجسم في حقيقته مطية الروح، فإذا كان عليلاً كانت الروح عليلا، وإذا كان سليماً قوياً مستوياً إستطاع المرء ان يحلق بواسطته بروحه. تماما كذلك السائق الماهر الذي يقود سيارته الراقية الفارهة، فهو يستطيع الوصول إلى حيث يريد، والعكس بالعكس أيضاً.
ولتعلم أن الصحة والمرض قدران ربانيان، ولكنهما في الوقت نفسه يتعلقان بإرادة الإنسان. فمن أراد أن يعيش صحيحاً معافى، تسنى له ذلك عبر الالتزام بالقواعد التي أمره الله سبحانه وتعالى بها.
ولعل من أبرز تلكم القواعد الصحية ـ كما ورد في الحديث الشريف ـ قاعدة الصيام، لأنه يوفر لابن آدم الفرصة إلى تبديل خلايا جسمه، نظراً لان الصائم الذي يفرض على نفسه الجوع لفترة معينة، تبدأ خلايا بدنه الإضافية والضعيفة بالاحتراق والتبدل إلى خلايا جديدة وقوية. ولذلك تجد الصائمين يشعرون ـ ضمن قانون طبي ـ بعد شهر رمضان بالحيوية والنشاط والخفة، هذا من جهة..
ومن جهة أخرى؛ فإن المرء حينما يكف نفسه ويمنع شهيّته إلى الطعام، فإنه يكفها لفترة النهار في شهر رمضان، ولكنه لفرط التزامه سيكف نفسه عن كثير مما يضره حتى بعد انتهاء شهر رمضان من وجبات غذائية كان يسرف في تناولها.
إن كثيراً من الناس يصابون بالأمراض المستديمة أو يموتون بداعي عدم تقيدهم بالنظام الصحي الذي أمر به الطبيب أو الجهة المختصة، وعدم إهتمامهم بصحتهم أو عدم وجود الإرادة الكافية لديهم لمقاومة شهوة الأكل الذي يعرضهم للخطر.
في حين تجد الصائم ـ باعتبارة يمرّن نفسه ويحدّ من شهواته ـ بإمكانه تطبيق أرقى نظام غذائي مفروض عليه من قبل خالق بدنه وغريزته، وخالق إحتياجه إلى الطعام..
ومن هنا؛ علينا ان نحاول خلال شهر رمضان التدرب على الإلتزام بما ينفع صحتنا، ويضمن سلامة أبداننا. ولنعتبر هذا التدرب بمثابة انطلاقة مهمة للسيطرة عليها وكبح جماحها دون وقوع الضرر وحصول الإسراف..
لقد كان من مميزات شهر رمضان المبارك أن المؤمنين يواجهون أعداءهم فيه بروح معنوية عالية. ولم يكن من الصدفة أن الحروب الكبرى التي خاضها المسلمون المؤمنون وانتصروا فيها، قد وقعت في شهر رمضان الكريم، ذلك لأن الله جل جلاله يرفد المؤمنين في هذا الشهر زخماً معنوياً وبركة وقدرة هائلة تمكنهم من التصدي والتحدي.
ففي معركة بدر المظفرة، حيث كان المسلمون أقلية ضعيفة وفقيرة، حدث أنهم انتصروا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين. إذ ان هذه المعركة كانت من الطرف الإسلامي تحت قيادة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، وفي شهر الله المبارك.
إان الرجل ليستطيع إلحاق الهزيمة بأقوى أعدائه بشرط أن يزود نفسه بالإرادة اللازمة، نظراً لأن الحرب بحقيقتها هي حرب إرادات قبل أن تكون حرب وسائل مادية ومواقع جغرافية أو غير ذلك؛ فالحرب صراع الإرادات.
كما يستطيع الرجل ان يشحذ العزم ويقوي الإرادة ويعقد الهمة بالتوكل على خالقه ذي الجلال والإكرام والكبرياء والعظمة والجبروت؛ أي إنه يعلق إرادته بمصدر القوة والظهور والغلبة. هذا من ناحية التوكل، أما من ناحية التأثير المباشر الذي يضيفه شهر رمضان على روح الإنسان المؤمن، فيمكن التعبير عنه بأنه إذا صام وكف نفسه عن المحرمات فقد قويت إرادته، وتنزلت عليه الرحمة من ربه بعد أن وطد علاقته بالله وأعلن دعاءه وتواضعه وتوسله وضراعته له..
ويضرب الله لنا المثل الرائع في قصة بني إسرائيل وملكهم طالوت الذين برزوا للطاغية جالوت، وحيث أصبحت المعركة وشيكة الوقوع، قال المؤمنون متضرعين إلى ربهم القوي العزيز: { رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً } ، فهم لم يطلبوا إليه هزيمة عدوهم بصورة طبيعية، بل طلبوا إليه أن يقوي أنفسهم بالصبر ليلحقوا ـ هم بأنفسهم ـ الهزيمة بعدوهم بتوفيق وإذن الله. ثم قالوا متوسلين: { وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا } لتكون كل جوارحهم وكل وجودهم رؤية صحيحة على أرضية من اليقين، إذ اليقين والرؤية الصحيحة والثاقبة من شأنهما تثبيت قدم الإنسان.
إذن؛ فشهر رمضان المبارك شهر النهضة والإنبعاث والقيام والتحدي.. وإذا لم تسنح الفرصة للمؤمنين للانتصار على أعدائهم، فإنهم مسؤولون في هذا الشهر المبارك عن توحيد صفوفهم ووضع خططهم الواعية للتمهيد لنهضتهم وانتصارهم، وهم بذلك يزدادون إيمانا وحركة في مواجهة أعدائهم.
أبارك لكم ـ أيها المؤمنون ـ صيامكم وقيامكم طيلة أيام شهر رمضان الكريم، كما أبارك لكم عيد شهر الصيام؛ فإستعدوا لأخذ جوائزكم من ربكم الجليل، وقد جاء في الحديث: ان الله تعالى يغفر لعدد من التائبين يساوي عدد من غفر لهم طيلة ليالي شهر رمضان وأيامه..
إذن؛ فليلة عيد الفطر هي ليلة الجائزة والغفران.
وأساسا إننا حينما نسمي يوماً من الأيام يوم عيد، فإنما نعني بذلك ونخصصه بإعتباره يوما لإستئناف الحياة وإعادة الحركة من جديد، بناء على ما تمت الإستفادة مما سبقه من أيام، كعيد الفطر الذي إنتهت عنده أيام الصيام والقيام والدعاء والمناجاة والإحساس بجوع الفقير وبذل المساعدة له. كما نقصد به طي صفحة الماضي بسلبياته، وأن المستقبل لوحدة هو الذي بقي لنا.
ففي يوم عيد الفطر حري، بنا أن نفتح صفحة جديدة طاهرة لدى علاقتنا بالله وبأنفسنا وبالمجتمع وبجميع المسؤوليات الملقاة على عواتقنا.
فحينما نعلم أن الله تعالى غفر لنا ذنوبنا، علينا بذل المزيد من الجهد لإستئناف الحياة من جديد.
ببالغ الأسف أقول: ان كثيراً من الناس يتوبوا يوماً ويذنبون في يوم القابل.. وهكذا تراهم بين توبة وذنب، فلا يدرون كيف ستنتهي حياتهم، أو على الأقل لم يصمموا على ماذا ستكون نهايتهم في الدنيا، غافلين عن الحقيقة الدينية القائلة بأن مصير كل إنسان في الآخرة منغلق باللحظة الأخيرة من حياته في الدنيا، فإن كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشر، والعياذ بالله.
إن التوبة النصوح هي العزم على الإستمرار في التوبة حتى النهاية، وهي التوبة التي أمر الله تعالى الإنسان المؤمن بها، وهي التي من الممكن أن يمحو الله بها الذنوب والسيئات، كما صرحت به الآيات المتقدمة الذكر.
فالتوبة النصوح تمحو الماضي المقيت، وتسمح للمؤمنين في يوم القيامة بحمل صفحاتهم بيضاء دون لوث...
والتوبة النصوح نور يسعى بين يدي المؤمنين وبأيمانهم يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه، لينقذهم من ظلمات يوم القيامة التي ستعم الجميع بإستثنائهم. وذلك النور كانوا قد ادخروه عبر أعمالهم الصالحة وعبر عزائمهم الراسخة، بالتوجه إلى الله وحده لا شريك له، وعبر ما خاضوه من حياة طاهرة مطهرة متطورة في جادة الصلاح والإصلاح..
يوم العودة إلى الله
{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ اقْرَؤُا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ } (4)
إن يوم عيد الفطر، هو يوم البداية الجديدة، لضيافة ربانية جديدة، ضيافة الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء، وفي مثل هذا اليوم نجدد العزم على تكريس مكاسبنا من شهر رمضان الكريم.
الآن وقد أصبحنا مطهرين من الذنوب -إن شاء الله تعالى- نحس بالخفة والنشاط والحيوية، كما نحس بأننا أقرب إلى الله سبحانه مما مضى.
إذن؛ فالنفكر في كيفية ترسيخ هذه الروح الإيمانية في أعماق أنفسنا، ونبعد عنا ما تلوثنا به قبل دخول شهر رمضان علينا، وتطهرنا به خلاله.
تُرى كيف نستطيع أن نتوجه هذا التوجه؟ إليك بعض التوصيات في هذا المجال:
أولاً: التضامن والإتحاد مع تجمع المؤمنين، والإبتعاد عن تجمع السوء ومراكز الفحشاء المنكر، وان كان ذلك يكلف الخسارة المادية في بعض الأحيان، فالله هو الرزاق الوهاب الذي يعيد عليك الفائدة من طريق آخر.
ثم لتعمل من جانب آخر على أن تحمل أولادك وإخوانك وأصدقاءك على المحافظة على الروح الإيجابية والإيمانية. فما من مجلس تجلسه إلا وحول طبيعته إلى طبيعة الإيمان والكلمة الطيبة والعلم والتطور.
ثانياً: محاولة الإستمرار على العادات الطيبة التي تركها فينا شهر رمضان الكريم، كالدعاء وتلاوة القرآن وحضور مجالس العلم والوعظ والارشاد في المساجد والحسينيات، وأداء صلاة الجماعة والجمعة..
ثالثاً: محاولة تحويل أيام السنة جميعاً إلى أيام رمضانية أو شبه رمضانية؛ بمعنى سحب روحية شهر رمضان المعنوية إلى دورة السنة برمتها.
ثم هناك بعض التوصيات الأساسية التي تأتي في السياق نفسه، كالإحسان إلى الناس؛ الإحسان الذي قد لا يأخذ بالضرورة الصبغة المالية، بل قد يكون بمختلف أشكال الخير. فنحن بحاجة ماسة أن نمد يد العون إلى إخواننا المستضعفين والمحرومين، وأن نبدأ ببناء المشاريع والمؤسسات الدينية والخيرية والإنسانية العامة، المؤسسات التي تنتهي بنا إلى القرب من الله تعالى.
نسأل الله سبحانه أن يبارك لنا في يوم العيد ـ الذي هو يوم العودة إلى حقيقة الفطرة والدين، والإبتعاد عن شوائب الكفر والفواحش والذنوب، ونسأله تعالى أيضا أن يعيده علينا وعليكم ونحن في أتم الصحة والسلامة والأمن.
العودة إلى الفطرة
{ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِن فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } (5)
ليس العيد لمن لبس الجديد، إنما العيد لمن أمن الوعيد
خلق الله الإنسان سويا بفطرته، وخلقه في أحسن تقويم، غير أن عوامل الانحراف الذاتية والخارجية هي التي تبعده عن الصراط المستقيم. وعند ذاك يكون الإنسان بحاجة ماسة إلى التوبة والعودة إلى فطرته التي فطر عليها، وإلى نقائه واستقامته، فيبدأ حياته من جديد، فيتحول ذلك اليوم بالنسبة إليه يوم عيد وفرح.
ففي شهر رمضان ولياليه المباركات، حيث يتوب القائم بشعيرة الصيام والعبادة توبة نصوحاً، ويستجيب لنداء ربه، فإن الله يطهره ويمحو سيئاته ويدخله في حياة جديدة، فتراه في آخر شهر رمضان المبارك وأول شهر شوال قد إستعاد حيوته ونقاءه وطهر.
ان مثل يوم عيد الفطر كمثل عيد يوم الجمعة أو عيد عرفة. إذ يفرح المؤمنون بما غفر لهم ربهم بعد عودتهم لرحابه في ليلة الجمعة، حيث إنهم قاموا وصلوا ورتلوا القرآن أكثر من غيرها من الليالي. واذ يفرحون أيضا بما تاب عليه ربهم بعد أدائهم لمناسك الحج وإعلان رغبتهم وتصميمهم على العودة إلى الله، فهم يعيشون بعد عرفة العيد والبهجة والسرور..
وإذا كان العيد يعني العودة إلى الله، فإنه يستدعي ضرورة برمجة الحياة والمستقبل، على إعتبارهما أمرين جديدين بعيدين عن الانحراف والفساد وما تم الابتعاد عنه. وفي ذلك اليوم فقط يكون جديراً بالإنسان الاحتفال بالعيد، حيث يكون قد هيأ لنفسه عوامل تكريس الطهر فيها.
طريق السعادة
{ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ اُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ } (6)
كيف نستطيع ان نجعل أيامنا كلها عيداً وبركة ورحمة وبشرى وفرح؟
قبل كل شيء لابد أن نعرف إن الحياة مثلها مثل الجدار، يعيد الكرة كلما ألقيت عليه وبنفس القوة والانفعال.. والذين يحيطون بنا من أهلينا أو من نعاشرهم في حياتنا، إذا ما ألقينا إليهم بالمودة والمحبة والبشر والرحمة والإحسان، أعادوا كل ذلك علينا بما يماثله، وربما ما يزيد عليه، فعند ذلك تصبح حياتنا كلها خير وبركة. وأما الذين ننبذ إليهم الأفكار السيئة والعصبيات وسوء الظن والكلمات النابية والغدر والتعدي، فإننا يجب أن نتوقع منهم رد الفعل المشابه لفعلنا.
ومن صفات الذين يبحثون عن الحياة السعيدة في الدنيا والآخرة؛ أنهم يصبرون على تقلبات الحياة، ولا يستخفهم العاجل منها، وهم يقيمون الصلاة؛ بمعنى انعكاس أقوالها وحركاتها على حياتهم، سواء على صعيد النظرية أو التطبيق، وهم أيضا ينفقون في سبيل الله لفرط محبتهم للآخرين، ولاسيما المحتاجين منهم. ثم إنهم يدرؤون بالحسنة السيئة، فإذا صادفتهم سيئة من أحد الأشخاص منعوا انتشارها وتأثيرها بحسناتهم، وبذلك يملؤون حياة الآخرين بالمحبة والخير، فهم يعيشون حياة طيبة.
{ اُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ } حيث تستقبلهم ملائكة الرحمن على مشارف الجنة لتقول لهم: ادلخوا الجنة من أي باب تشاؤون. فهم يسلمون من كل هوان، كما سلم الآخرون منهم في الحياة الدنيا وارتاحوا إليهم.
إن المحبة والرحمة والعطاء والإيثار ودفع السيئة بالحسنة، هي العوامل التي من شأنها تحويل أيام الإنسان إلى أعياد متواصلة ومناسبات طيبة مفرحة تكون بمثابة المقدمة للحياة السعيدة في الآخرة.
ومن صفات الذين يبحثون عن الحياة السعيدة في الدنيا والآخرة؛ أنهم يصبرون على تقلبات الحياة، ولا يستخفهم العاجل منها، وهم يقيمون الصلاة؛ بمعنى انعكاس أقوالها وحركاتها على حياتهم، سواء على صعيد النظرية أو التطبيق، وهم أيضا ينفقون في سبيل الله لفرط محبتهم للآخرين، ولاسيما المحتاجين منهم. ثم إنهم يدرؤون بالحسنة السيئة، فإذا صادفتهم سيئة من أحد الأشخاص منعوا انتشارها وتأثيرها بحسناتهم، وبذلك يملؤون حياة الآخرين بالمحبة والخير، فهم يعيشون حياة طيبة.
{ اُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ } حيث تستقبلهم ملائكة الرحمن على مشارف الجنة لتقول لهم: ادلخوا الجنة من أي باب تشاؤون. فهم يسلمون من كل هوان، كما سلم الآخرون منهم في الحياة الدنيا وارتاحوا إليهم.
إن المحبة والرحمة والعطاء والإيثار ودفع السيئة بالحسنة، هي العوامل التي من شأنها تحويل أيام الإنسان إلى أعياد متواصلة ومناسبات طيبة مفرحة تكون بمثابة المقدمة للحياة السعيدة في الآخرة.
المصادر :
1- الاعراف/31-32
2- البقرة/250-251
3- التحريم/8
4- الحاقة/19-24
5- الشورى/25-26
6- الرعد/22
من الفوائد الكبيرة للصيام ان الصائم يضمن إلى حد كبير صحته وعافيته البدنية، وقد جاء في الحديث الشريف: (صوموا تصحوا).
إن الجسم في حقيقته مطية الروح، فإذا كان عليلاً كانت الروح عليلا، وإذا كان سليماً قوياً مستوياً إستطاع المرء ان يحلق بواسطته بروحه. تماما كذلك السائق الماهر الذي يقود سيارته الراقية الفارهة، فهو يستطيع الوصول إلى حيث يريد، والعكس بالعكس أيضاً.
ولتعلم أن الصحة والمرض قدران ربانيان، ولكنهما في الوقت نفسه يتعلقان بإرادة الإنسان. فمن أراد أن يعيش صحيحاً معافى، تسنى له ذلك عبر الالتزام بالقواعد التي أمره الله سبحانه وتعالى بها.
ولعل من أبرز تلكم القواعد الصحية ـ كما ورد في الحديث الشريف ـ قاعدة الصيام، لأنه يوفر لابن آدم الفرصة إلى تبديل خلايا جسمه، نظراً لان الصائم الذي يفرض على نفسه الجوع لفترة معينة، تبدأ خلايا بدنه الإضافية والضعيفة بالاحتراق والتبدل إلى خلايا جديدة وقوية. ولذلك تجد الصائمين يشعرون ـ ضمن قانون طبي ـ بعد شهر رمضان بالحيوية والنشاط والخفة، هذا من جهة..
ومن جهة أخرى؛ فإن المرء حينما يكف نفسه ويمنع شهيّته إلى الطعام، فإنه يكفها لفترة النهار في شهر رمضان، ولكنه لفرط التزامه سيكف نفسه عن كثير مما يضره حتى بعد انتهاء شهر رمضان من وجبات غذائية كان يسرف في تناولها.
إن كثيراً من الناس يصابون بالأمراض المستديمة أو يموتون بداعي عدم تقيدهم بالنظام الصحي الذي أمر به الطبيب أو الجهة المختصة، وعدم إهتمامهم بصحتهم أو عدم وجود الإرادة الكافية لديهم لمقاومة شهوة الأكل الذي يعرضهم للخطر.
في حين تجد الصائم ـ باعتبارة يمرّن نفسه ويحدّ من شهواته ـ بإمكانه تطبيق أرقى نظام غذائي مفروض عليه من قبل خالق بدنه وغريزته، وخالق إحتياجه إلى الطعام..
ومن هنا؛ علينا ان نحاول خلال شهر رمضان التدرب على الإلتزام بما ينفع صحتنا، ويضمن سلامة أبداننا. ولنعتبر هذا التدرب بمثابة انطلاقة مهمة للسيطرة عليها وكبح جماحها دون وقوع الضرر وحصول الإسراف..
ميلاد النهضة
{ وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُم بإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَءَاتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَآءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ } (2)لقد كان من مميزات شهر رمضان المبارك أن المؤمنين يواجهون أعداءهم فيه بروح معنوية عالية. ولم يكن من الصدفة أن الحروب الكبرى التي خاضها المسلمون المؤمنون وانتصروا فيها، قد وقعت في شهر رمضان الكريم، ذلك لأن الله جل جلاله يرفد المؤمنين في هذا الشهر زخماً معنوياً وبركة وقدرة هائلة تمكنهم من التصدي والتحدي.
ففي معركة بدر المظفرة، حيث كان المسلمون أقلية ضعيفة وفقيرة، حدث أنهم انتصروا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين. إذ ان هذه المعركة كانت من الطرف الإسلامي تحت قيادة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، وفي شهر الله المبارك.
إان الرجل ليستطيع إلحاق الهزيمة بأقوى أعدائه بشرط أن يزود نفسه بالإرادة اللازمة، نظراً لأن الحرب بحقيقتها هي حرب إرادات قبل أن تكون حرب وسائل مادية ومواقع جغرافية أو غير ذلك؛ فالحرب صراع الإرادات.
كما يستطيع الرجل ان يشحذ العزم ويقوي الإرادة ويعقد الهمة بالتوكل على خالقه ذي الجلال والإكرام والكبرياء والعظمة والجبروت؛ أي إنه يعلق إرادته بمصدر القوة والظهور والغلبة. هذا من ناحية التوكل، أما من ناحية التأثير المباشر الذي يضيفه شهر رمضان على روح الإنسان المؤمن، فيمكن التعبير عنه بأنه إذا صام وكف نفسه عن المحرمات فقد قويت إرادته، وتنزلت عليه الرحمة من ربه بعد أن وطد علاقته بالله وأعلن دعاءه وتواضعه وتوسله وضراعته له..
ويضرب الله لنا المثل الرائع في قصة بني إسرائيل وملكهم طالوت الذين برزوا للطاغية جالوت، وحيث أصبحت المعركة وشيكة الوقوع، قال المؤمنون متضرعين إلى ربهم القوي العزيز: { رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً } ، فهم لم يطلبوا إليه هزيمة عدوهم بصورة طبيعية، بل طلبوا إليه أن يقوي أنفسهم بالصبر ليلحقوا ـ هم بأنفسهم ـ الهزيمة بعدوهم بتوفيق وإذن الله. ثم قالوا متوسلين: { وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا } لتكون كل جوارحهم وكل وجودهم رؤية صحيحة على أرضية من اليقين، إذ اليقين والرؤية الصحيحة والثاقبة من شأنهما تثبيت قدم الإنسان.
إذن؛ فشهر رمضان المبارك شهر النهضة والإنبعاث والقيام والتحدي.. وإذا لم تسنح الفرصة للمؤمنين للانتصار على أعدائهم، فإنهم مسؤولون في هذا الشهر المبارك عن توحيد صفوفهم ووضع خططهم الواعية للتمهيد لنهضتهم وانتصارهم، وهم بذلك يزدادون إيمانا وحركة في مواجهة أعدائهم.
ليلة الغفران
{ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سِيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الاَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيِهمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَآ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (3)أبارك لكم ـ أيها المؤمنون ـ صيامكم وقيامكم طيلة أيام شهر رمضان الكريم، كما أبارك لكم عيد شهر الصيام؛ فإستعدوا لأخذ جوائزكم من ربكم الجليل، وقد جاء في الحديث: ان الله تعالى يغفر لعدد من التائبين يساوي عدد من غفر لهم طيلة ليالي شهر رمضان وأيامه..
إذن؛ فليلة عيد الفطر هي ليلة الجائزة والغفران.
وأساسا إننا حينما نسمي يوماً من الأيام يوم عيد، فإنما نعني بذلك ونخصصه بإعتباره يوما لإستئناف الحياة وإعادة الحركة من جديد، بناء على ما تمت الإستفادة مما سبقه من أيام، كعيد الفطر الذي إنتهت عنده أيام الصيام والقيام والدعاء والمناجاة والإحساس بجوع الفقير وبذل المساعدة له. كما نقصد به طي صفحة الماضي بسلبياته، وأن المستقبل لوحدة هو الذي بقي لنا.
ففي يوم عيد الفطر حري، بنا أن نفتح صفحة جديدة طاهرة لدى علاقتنا بالله وبأنفسنا وبالمجتمع وبجميع المسؤوليات الملقاة على عواتقنا.
فحينما نعلم أن الله تعالى غفر لنا ذنوبنا، علينا بذل المزيد من الجهد لإستئناف الحياة من جديد.
ببالغ الأسف أقول: ان كثيراً من الناس يتوبوا يوماً ويذنبون في يوم القابل.. وهكذا تراهم بين توبة وذنب، فلا يدرون كيف ستنتهي حياتهم، أو على الأقل لم يصمموا على ماذا ستكون نهايتهم في الدنيا، غافلين عن الحقيقة الدينية القائلة بأن مصير كل إنسان في الآخرة منغلق باللحظة الأخيرة من حياته في الدنيا، فإن كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشر، والعياذ بالله.
إن التوبة النصوح هي العزم على الإستمرار في التوبة حتى النهاية، وهي التوبة التي أمر الله تعالى الإنسان المؤمن بها، وهي التي من الممكن أن يمحو الله بها الذنوب والسيئات، كما صرحت به الآيات المتقدمة الذكر.
فالتوبة النصوح تمحو الماضي المقيت، وتسمح للمؤمنين في يوم القيامة بحمل صفحاتهم بيضاء دون لوث...
والتوبة النصوح نور يسعى بين يدي المؤمنين وبأيمانهم يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه، لينقذهم من ظلمات يوم القيامة التي ستعم الجميع بإستثنائهم. وذلك النور كانوا قد ادخروه عبر أعمالهم الصالحة وعبر عزائمهم الراسخة، بالتوجه إلى الله وحده لا شريك له، وعبر ما خاضوه من حياة طاهرة مطهرة متطورة في جادة الصلاح والإصلاح..
يوم العودة إلى الله
{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ اقْرَؤُا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ } (4)
إن يوم عيد الفطر، هو يوم البداية الجديدة، لضيافة ربانية جديدة، ضيافة الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء، وفي مثل هذا اليوم نجدد العزم على تكريس مكاسبنا من شهر رمضان الكريم.
الآن وقد أصبحنا مطهرين من الذنوب -إن شاء الله تعالى- نحس بالخفة والنشاط والحيوية، كما نحس بأننا أقرب إلى الله سبحانه مما مضى.
إذن؛ فالنفكر في كيفية ترسيخ هذه الروح الإيمانية في أعماق أنفسنا، ونبعد عنا ما تلوثنا به قبل دخول شهر رمضان علينا، وتطهرنا به خلاله.
تُرى كيف نستطيع أن نتوجه هذا التوجه؟ إليك بعض التوصيات في هذا المجال:
أولاً: التضامن والإتحاد مع تجمع المؤمنين، والإبتعاد عن تجمع السوء ومراكز الفحشاء المنكر، وان كان ذلك يكلف الخسارة المادية في بعض الأحيان، فالله هو الرزاق الوهاب الذي يعيد عليك الفائدة من طريق آخر.
ثم لتعمل من جانب آخر على أن تحمل أولادك وإخوانك وأصدقاءك على المحافظة على الروح الإيجابية والإيمانية. فما من مجلس تجلسه إلا وحول طبيعته إلى طبيعة الإيمان والكلمة الطيبة والعلم والتطور.
ثانياً: محاولة الإستمرار على العادات الطيبة التي تركها فينا شهر رمضان الكريم، كالدعاء وتلاوة القرآن وحضور مجالس العلم والوعظ والارشاد في المساجد والحسينيات، وأداء صلاة الجماعة والجمعة..
ثالثاً: محاولة تحويل أيام السنة جميعاً إلى أيام رمضانية أو شبه رمضانية؛ بمعنى سحب روحية شهر رمضان المعنوية إلى دورة السنة برمتها.
ثم هناك بعض التوصيات الأساسية التي تأتي في السياق نفسه، كالإحسان إلى الناس؛ الإحسان الذي قد لا يأخذ بالضرورة الصبغة المالية، بل قد يكون بمختلف أشكال الخير. فنحن بحاجة ماسة أن نمد يد العون إلى إخواننا المستضعفين والمحرومين، وأن نبدأ ببناء المشاريع والمؤسسات الدينية والخيرية والإنسانية العامة، المؤسسات التي تنتهي بنا إلى القرب من الله تعالى.
نسأل الله سبحانه أن يبارك لنا في يوم العيد ـ الذي هو يوم العودة إلى حقيقة الفطرة والدين، والإبتعاد عن شوائب الكفر والفواحش والذنوب، ونسأله تعالى أيضا أن يعيده علينا وعليكم ونحن في أتم الصحة والسلامة والأمن.
العودة إلى الفطرة
{ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِن فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } (5)
ليس العيد لمن لبس الجديد، إنما العيد لمن أمن الوعيد
خلق الله الإنسان سويا بفطرته، وخلقه في أحسن تقويم، غير أن عوامل الانحراف الذاتية والخارجية هي التي تبعده عن الصراط المستقيم. وعند ذاك يكون الإنسان بحاجة ماسة إلى التوبة والعودة إلى فطرته التي فطر عليها، وإلى نقائه واستقامته، فيبدأ حياته من جديد، فيتحول ذلك اليوم بالنسبة إليه يوم عيد وفرح.
ففي شهر رمضان ولياليه المباركات، حيث يتوب القائم بشعيرة الصيام والعبادة توبة نصوحاً، ويستجيب لنداء ربه، فإن الله يطهره ويمحو سيئاته ويدخله في حياة جديدة، فتراه في آخر شهر رمضان المبارك وأول شهر شوال قد إستعاد حيوته ونقاءه وطهر.
ان مثل يوم عيد الفطر كمثل عيد يوم الجمعة أو عيد عرفة. إذ يفرح المؤمنون بما غفر لهم ربهم بعد عودتهم لرحابه في ليلة الجمعة، حيث إنهم قاموا وصلوا ورتلوا القرآن أكثر من غيرها من الليالي. واذ يفرحون أيضا بما تاب عليه ربهم بعد أدائهم لمناسك الحج وإعلان رغبتهم وتصميمهم على العودة إلى الله، فهم يعيشون بعد عرفة العيد والبهجة والسرور..
وإذا كان العيد يعني العودة إلى الله، فإنه يستدعي ضرورة برمجة الحياة والمستقبل، على إعتبارهما أمرين جديدين بعيدين عن الانحراف والفساد وما تم الابتعاد عنه. وفي ذلك اليوم فقط يكون جديراً بالإنسان الاحتفال بالعيد، حيث يكون قد هيأ لنفسه عوامل تكريس الطهر فيها.
طريق السعادة
{ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ اُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ } (6)
كيف نستطيع ان نجعل أيامنا كلها عيداً وبركة ورحمة وبشرى وفرح؟
قبل كل شيء لابد أن نعرف إن الحياة مثلها مثل الجدار، يعيد الكرة كلما ألقيت عليه وبنفس القوة والانفعال.. والذين يحيطون بنا من أهلينا أو من نعاشرهم في حياتنا، إذا ما ألقينا إليهم بالمودة والمحبة والبشر والرحمة والإحسان، أعادوا كل ذلك علينا بما يماثله، وربما ما يزيد عليه، فعند ذلك تصبح حياتنا كلها خير وبركة. وأما الذين ننبذ إليهم الأفكار السيئة والعصبيات وسوء الظن والكلمات النابية والغدر والتعدي، فإننا يجب أن نتوقع منهم رد الفعل المشابه لفعلنا.
ومن صفات الذين يبحثون عن الحياة السعيدة في الدنيا والآخرة؛ أنهم يصبرون على تقلبات الحياة، ولا يستخفهم العاجل منها، وهم يقيمون الصلاة؛ بمعنى انعكاس أقوالها وحركاتها على حياتهم، سواء على صعيد النظرية أو التطبيق، وهم أيضا ينفقون في سبيل الله لفرط محبتهم للآخرين، ولاسيما المحتاجين منهم. ثم إنهم يدرؤون بالحسنة السيئة، فإذا صادفتهم سيئة من أحد الأشخاص منعوا انتشارها وتأثيرها بحسناتهم، وبذلك يملؤون حياة الآخرين بالمحبة والخير، فهم يعيشون حياة طيبة.
{ اُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ } حيث تستقبلهم ملائكة الرحمن على مشارف الجنة لتقول لهم: ادلخوا الجنة من أي باب تشاؤون. فهم يسلمون من كل هوان، كما سلم الآخرون منهم في الحياة الدنيا وارتاحوا إليهم.
إن المحبة والرحمة والعطاء والإيثار ودفع السيئة بالحسنة، هي العوامل التي من شأنها تحويل أيام الإنسان إلى أعياد متواصلة ومناسبات طيبة مفرحة تكون بمثابة المقدمة للحياة السعيدة في الآخرة.
ومن صفات الذين يبحثون عن الحياة السعيدة في الدنيا والآخرة؛ أنهم يصبرون على تقلبات الحياة، ولا يستخفهم العاجل منها، وهم يقيمون الصلاة؛ بمعنى انعكاس أقوالها وحركاتها على حياتهم، سواء على صعيد النظرية أو التطبيق، وهم أيضا ينفقون في سبيل الله لفرط محبتهم للآخرين، ولاسيما المحتاجين منهم. ثم إنهم يدرؤون بالحسنة السيئة، فإذا صادفتهم سيئة من أحد الأشخاص منعوا انتشارها وتأثيرها بحسناتهم، وبذلك يملؤون حياة الآخرين بالمحبة والخير، فهم يعيشون حياة طيبة.
{ اُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ } حيث تستقبلهم ملائكة الرحمن على مشارف الجنة لتقول لهم: ادلخوا الجنة من أي باب تشاؤون. فهم يسلمون من كل هوان، كما سلم الآخرون منهم في الحياة الدنيا وارتاحوا إليهم.
إن المحبة والرحمة والعطاء والإيثار ودفع السيئة بالحسنة، هي العوامل التي من شأنها تحويل أيام الإنسان إلى أعياد متواصلة ومناسبات طيبة مفرحة تكون بمثابة المقدمة للحياة السعيدة في الآخرة.
المصادر :
1- الاعراف/31-32
2- البقرة/250-251
3- التحريم/8
4- الحاقة/19-24
5- الشورى/25-26
6- الرعد/22