كرامة الإنسانية في القرآن

كلا، فنحن ممن خلقه الله وكرّمه وفضّله وسخر له الأشياء ليكون مستحقا لخلقته، وليسمو إلى مستوى ضيافة الرحمن وجليسه في مقعد صدق. وهذه فرصة لا تعوَّض، وليس من المعقول تضييعها.
Friday, May 25, 2018
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
كرامة الإنسانية في القرآن
كرامة الإنسانية في القرآن

( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) (1)
لو عرفنا أنفسنا فإننا سنطوي مسافة شاسعة جداً، وسنقترب إلى حيث أراد الله وإلى ما نتطلع إليه من التعالي والتسامي.
فنحن لسنا كسائر المخلوقات والأحياء الأخرى التي وُجدت في هذه الحياة، فتراها تتمتع وتهيم ثم تغادر الدنيا كما جاءت..
كلا، فنحن ممن خلقه الله وكرّمه وفضّله وسخر له الأشياء ليكون مستحقا لخلقته، وليسمو إلى مستوى ضيافة الرحمن وجليسه في مقعد صدق. وهذه فرصة لا تعوَّض، وليس من المعقول تضييعها.
ولكن الملايين، بل آلاف الملايين من البشر أضاعوا فرصة عمرهم عبر التاريخ، فهبطوا إلى مستوى البهائم، ولم يعد ثم فرق بينهم وبينها؛ بل هم أضل سبيلا، كما عبر عنهم الخالق عز وجل نفسه.
وليس تحرر الإنسان 'لا عدم خضوعه لغير العقل الذي يهديه إلى الله والشرع القويم، ويجنبه الوقوع في كمائن الشيطان والشهوات، والاستسلام للضغوط والإرهاب، لأن الإنسان الحر بحق يرى نفسه أكبر من السقوط، وأشرف من الشهوات، وأقوى من الضغوط والإرهاب والأطماع والرغبات والأنانيات.. وإذا كان الإنسان كذلك، فإنه استحق الحياة وسما إلى حقيقة الإنسانية وجوهرها.
ولكنه إذا انهار أمام ما يتعرض له من الفتن، فلا يسعه إدعاء الحرية والكرامة، كما لا يمكنه اشتراط عدم تعرضه للمصاعب والفتن في إطار نيله الكرامة.
إن الإنسان خلال حياته الدنيوية محكوم في الخوض في الفتن والتعرض للإرهاب والرغبات والبلاء عموما. فالتاريخ يضغط عليه، وكذلك التربية والمجتمع والسلطة.. وكل ذلك يريد سرقة الحرية والكرامة منه.
وهو ملزم أيضا بالانتصار على كل هذه العوامل، وليس ذلك ـ الانتصار ـ بالغريب على الإنسان الطموح إلى بلوغ جوهر الإنسانية ومن ثم جنان الخلد ورضوان الله.
فهذه السيدة الجليلة آسيا بنت مزاحم وزوجة فرعون، جاهدت ـ بما للكلمة من معنى ـ لنيل كرامتها وحريتها، ولم يخدعها ما كانت تتمتع به من إمكانات، كما لم يثن عزمها التعذيب الفرعوني الرهيب. ومثل آسيا الآلاف المؤلفة ممن استعادوا حرياتهم الحقيقية، ونالوا كرامتهم الأصيلة، مفضلين التحدي وتجاوز العقبات الكئيدة على الخضوع للشهرة العابرة والسقوط في مهاوي الدنيا المتلونة المضطربة. فالحرية في نظرهم العامل المهم في فرض النظام وبسط العدالة على مناحي الحياة، والاستمرار في عملية التحدي في طريق الحصول على الكرامة والكمال، مهما كلف ذلك من ثمن..
في رحاب العزة
( مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً اِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ ) (2)
من الثوابت المسلم بها إن من أسمى تطلعات الإنسان حصوله على العزة، وكذلك كان من أسوأ ما يمكن أن يبتلى به المرء تعرضه للهوان.
فما هي العزة؟ وكيف يستطيع الإنسان الوصول إلى ما تصبو إليه نفسه من العزة؟
إن العزة حالة ذات بُعدين، بُعد قائم في أعماق النفس والقلب والفكر، وبعد آخر قائم في الخارج، وله واقعه الخاص به.
فالعزة النفسية هي إحساس الإنسان برفعة شخصيته، وأن يكون في نفسه محترماً لنفسه. أما حينما يحس بالهوان والضعة والصغار ولا يكن لنفسه الاحترام، فمثل هذا لن تنفعه العزة الظاهرية، ويكون كما لو كان قذراً بدنه نظيفة ثيابه، وما نفع نظافة الثياب مع قذارة البدن؟
أما كيف يعيش المرء العزة النفسية الحقيقية؟
إنه يعيشها حينما يعرف نفسه، ولن يعرف الإنسان نفسه حتى يعرف ربه؛ أي حينما يعرف أنه مخلوق خلقه الله تبارك وتعالى ليكرمه ويعزه، وأنه لا شيء في هذه الحياة بمقدوره إهانته ما دام متصلاً برب العزة والملكوت؛ ملكوت السماوات والأرض..
أما البعد الآخر للعزة؛ أي العزة الظاهرية، فهي كون الإنسان غير محتاج إلى الآخرين، لاسيما الأشرار والدنيئين منهم. فقد جاء في المأثور عن أمير المؤمنين عليه السلام، أنه قال: (استغن عمن شئت تكن نظيره). كما أنه عليه السلام سمع أحد المؤمنين يدعو ربه بألا يجعله محتاجاُ لأحد من الناس، فنصحه أمير المؤمنين أن يستثني منهم الأخيار المؤمنين..
نعم؛ إن العزة الظاهرية هي ألا يتكبر الإنسان على أحد، وألا يقبل أنه يتكبر عليه أحد. فلا تسمح لنفسك بقبول الهوان من أحد، ولاسيما من المجرمين -وهم كثير- الذين يحاولون وضعك في قفص الإتهام، أو ملاحقتك بالسب وتوجيه تافه القول.. لا تسمح لأحد أن يذلك أبدا. ولعلك قد سمعت بالحديث الشريف القائل: (إن الله سبحانه وتعالى لم يدع للمؤمن أن يذل نفسه).
اذن؛ فالعزة الباطنية هي معرفة قيمة النفس، أما ظاهر العزة هي أن تحترم نفسك وأن لا تقبل الهوان لها..
ومن هنا؛ قال ربنا سبحانه: ( مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً ، ) ثم يعطف بالقول الكريم: ( اِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) فالكلمة الطيبة والعمل الصالح كأنهما جناحان يسمو بهما المؤمن ويحلق إلى ما شاء من العزة الإلهية المطلقة.
التقوى ركيزة
( يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِن تَتَّقُوا اللّهَ يَجْعَل لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ * وإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) (3)
لكي ينتصر الإنسان على أعدائه، لابد أن تتوفر فيه ولديه شروط عديدة:
أولا: أن تكون لديه العزيمة الكافية والإرادة الأكيدة لمقاومة الأعداء.
ثانيا: أن تتوفر فيه الرؤية الواضحة لتشخيص العدو، ولإحراز طرق مواجهته.
ثالثا: أن تكون لديه القدرة المناسبة على التركيز والتعاون وتكثيف القوة.
رابعا: أن تكون لديه القيادة الفذة لتوجيه مسيرة المعركة.
خامسا وأخيراً: وفرة الوسائل المادية التي تتيح له فرصة الانتصار.
والآن إذ المسلمون قوة كبيرة على وجه الأرض، كيف يمكنهم توجيه هذه الإمكانات التي بين أيديهم إلى قوة فعلية حقيقية؟ وكيف يمكنهم الاستفادة من مميزات شهر رمضان المبارك في هذا الإطار؟
وقبل الإجابة على ذلك، لابد من معرفة أن ركيزة القوة الأساسية لدى الإنسان المؤمن هي التقوى، حيث ينطلق منها لتصحيح مسار حياته والوصول إلى أهدافه.
وهذه التقوى لا يمكن تحصيلها إلا بالمران والمراس والتربية الذاتية.
وشهر رمضان الكريم هو شهر التقوى بحق، وقد جاء في كتاب ربنا المجيد: ( يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (4) أي إن الصائم ملزوم بالنهوض بمستوى تقواه في هذا الشهر إلى حد يضمن له تحقيق أهدافه..
ترى ما هي العلاقة اذن بين التقوى وبين تلكم الشروط المتقدمة الذكر؟
ان العلاقة واضحة من حيث إن التقوى تجعل الإنسان ذا فرقان يعرف به الحق والباطل فيميز بينهما، وقد قال سبحانه وتعالى: ( يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِن تَتَّقُوا اللّهَ يَجْعَل لَكُمْ فُرْقَاناً ) (5) والتقوى تؤهل المرء ليمز الخير من الشر والصحيح من الخطأ والصديق من العدو. اذن فهي تعطيه الرؤية السليمة.
ثم إن التقوى تجعل المسلمين أقرب إلى بعضهم، لأن الحواجز التي تمنعهم عن بعضهم كالحميات والعصبيات والأنانيات كلها تنهار أمام كلمة التقوى وآفاقها. اذن فهي عامل توحيد لا تفرقة.
والتقوى أيضا تعرفهم على القائد المناسب أو الأنسب، لأن الأتقى والأفقه والأعلم هو القائد الصحيح للأمة، إذ تحت لوائه ينصهرون ويقومون بالدور الكبير.
ومن هنا؛ يقول ربنا سبحانه وتعالى بهذا الصدد: ( وإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) (6) لأن التقوى كما هي ردع النفس عن ارتكاب المحرمات، هي في الوقت ذاته إعطاء الخطة المناسبة لمقاومة مكر المنحرفين والطغاة..
التقوى؛ ينبوع الوحدة
( يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَاَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَاَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَاَنْقَذَكُم مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) (7)
شهر رمضان الفضيل يمنحنا الفرصة للتزود من معين التقوى، إذ التقوى هي المحصلة النهائية العظيمة لشهر الله الكريم.
أما كيف نستفيد من هذه التقوى، وفي أي مجال؟
لنعلم ان الروافد التي تنبعث من ينبوع التقوى كثيرة ومتنوعة. فالتقوى تجعلنا أقدر على تزكية النفس، وأقدر على معرفة الأعداء وتحديدهم والتصدي لهم. الا أن للتقوى رافداً عظيماً للغاية، ولو تعرفنا إليه واستطعنا تفعيله في حياتنا لكنا من الفائزين بإذن الله عز اسمه، إنه رافد الوحدة. فربنا تبارك وتعالى قبل أن يأمرنا بالإعتصام بحبله يحثنا على تحصيل ملكة التقوى، فيقول: ( يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ) .
فمن دون أرضية التقوى، ومن دون عمارة النفوس بروح التقوى ومخافة الله والساعة، فإن قضية التقوى ومشروعها سيكونان إطاراً بلا محتوى، في حين انه يجب ان تكون محتوى قبل ان تكون إطاراً؛ أي وجوب تآلف النفوس على أساس التقوى.
ولذلك؛ قال الله سبحانه بعد الأمر الصارم والمطلق بالتقوى: ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا ) ثم قال: ( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَاَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ ) أي إن هذه نعمة من الله يلزم وضعها نصب أعيننا كمؤمنين، وهي الوحدة بين القلوب؛ القلوب كلها وبأنواعها، كالوجدان، ونقطة التقاء العواطف، والعقول، والوجود الإنساني عموما. فالقلوب هي التي اتحدت بسبب التقوى، وبسبب معرفة الله سبحانه وتعالى.
( فَاَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً ) فالتقوى تجعل المؤمنين إخواناً في الدنيا رغم تفرق أبدانهم ومصالحهم الفردية ومواطنهم وانتماءاتهم العرقية وألوانهم ولغاتهم.
وعلى ذلك؛ فمن الجدير الاستفادة من روح التقوى التي يحصل عليها المرء خلال شهر رمضان المبارك لإنجاز مشروع الوحدة الكبير، عبر المحاولات المستمرة والجدية في هدم حواجز الشيطان التي من شأنها الفصل بين الأخ وأخيه، والصديق وصديقه، والمجاهد ونظيره، وعبر الاقتراب المتواصل، لكي يتم في نهاية المطاف تشكيل الكتلة الإيمانية القوية القادرة على مقاومة ومواجهة التحديات المادية والمعنوية، ومواجهة البأساء والضراء..
المؤمن؛ ذلك الشجاع
( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً * إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ * أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ * إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ) (8)
كانت حياة نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وآله، وحياة أصحابه، وفي طليعتهم أمير المؤمنين سلام الله عليه، كانت مثلاً رائعاً في كل صفات الخير ومُثل الكمال، ومن أبرزها صفة الشجاعة والتحدي.
فالحروب والغزوات والسرايا التي وقعت في عهد النبي، تجلت فيها أعلى درجات البطولة والشجاعة.
وقد أخبرنا التاريخ المؤكد أن عدداً ضئيلاً من المسلمين كانوا قد ذهبوا ليوقفوا حركة قريش التجارية وقوافلها، ولكن تلك القوافل غيرت مسيرتها، ففات المسلمين الذين استقبلوا من جهة أخرى جيشاً كبيراً مدججاً بأفضل الأسلحة وخيرة مقاتلي قريش وأبطالها وفلذات أكبادها، ليقضوا على الوجود الإسلامي الفتي. في وقت لم يكن المسلمون مستعدين للحرب، وآية ذلك افتقارهم إلى الأسلحة والمراكب، وعدم قصدهم الحرب بدءاً.
ولكن حينما جد الجد والتقى الجمعان، شمخت فيهم ـ المسلمون ـ تلك الشجاعة الرائعة، فهزم الله عز وجل الأعداء..ومما يشار إليه بجرأة إن جميع أو أغلب الحروب التي خاضها المسلمون في عهد النبي صلى الله عليه وآله كانت الكفة المادية تميل لمصلحة الكفار، إلا أن الشجاعة وإقدام الصحابة كانا العامل الذي يمتازون به، والركيزة التي تحدد مصير المعركة ونتيجتها.
وهذه الحروب والغزوات أصبحت ـ بفعل ما سطره أبطال كفة الإيمان والشجاعة ـ دروساً لمن أتى من بعدهم.
فالقصة التي سجلها القرآن الكريم في سورة العاديات المباركة، تستعرض إحدى الغزوات التي قام بها المسلمون بقيادة سيف الله وبطل الإسلام الأول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام، إذ فاجؤوا أعداءهم مصبحين بعد طول انتظار، وبعد تراجع من قاد مقاتلي المسلمين، فكان مثل هذا الموقف المحرج بحاجة إلى شجاعة قائد فذ كالإمام علي عليه السلام ليحرض مقاتليه على تسطير أروع البطولات، ولتكون هذه الأخيرة مثلا يضرب.. فهزم المسلمون أعداءهم بحركة خاطفة.
إن من صميم كيان المؤمن إن يكون شجاعاً ولو بقتل حية، كما يقول نبينا الكريم. بمعنى أنه لا يمكن تصور المؤمن جبانا، لأن الجبن لا يمتُّ إلى الدين بأية صلة. فالمؤمن علمه الدين الاستهانة بالدنيا العاجلة، كما دفعه دفعاً متواصلاً إلى الحرص على نيل الفضائل والمثل العليا والتطلع إلى الأفق البعيد. وما أروع الشجاعة من فضيلة، ومثالاً عالياً، وما أكفى الشجاعة من وسيلة فذة إلى الوصول إلى الأهداف النبيلة والمرجوة..
لقد كان من طبيعة الإنسان حبه للخير، ولكن كيف يوازن المؤمن بين حبه للخير وبين توق نفسه لشهوات الدنيا؟
إن التفكير بالآخرة هو عامل التوازن، لأنه يدفع إلى حد بعيد الإنكباب والتكالب على الدنيا وزخارفها المؤقتة، فإذا إستهان المؤمن بها، وهب لنفسه حياة جديدة. وبكلمة أخرى؛ إن الإنسان المؤمن يدافع عن كرامته ويسعى إلى ضمان الآخرة ونعيم الخلد بشجاعته التي تدعمه في الاستهانة بالدنيا.
ومما يشار إليه بجرأة إن جميع أو أغلب الحروب التي خاضها المسلمون في عهد النبي صلى الله عليه وآله كانت الكفة المادية تميل لمصلحة الكفار، إلا أن الشجاعة وإقدام الصحابة كانا العامل الذي يمتازون به، والركيزة التي تحدد مصير المعركة ونتيجتها.
وهذه الحروب والغزوات أصبحت ـ بفعل ما سطره أبطال كفة الإيمان والشجاعة ـ دروساً لمن أتى من بعدهم.
فالقصة التي سجلها القرآن الكريم في سورة العاديات المباركة، تستعرض إحدى الغزوات التي قام بها المسلمون بقيادة سيف الله وبطل الإسلام الأول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام، إذ فاجؤوا أعداءهم مصبحين بعد طول انتظار، وبعد تراجع من قاد مقاتلي المسلمين، فكان مثل هذا الموقف المحرج بحاجة إلى شجاعة قائد فذ كالإمام علي عليه السلام ليحرض مقاتليه على تسطير أروع البطولات، ولتكون هذه الأخيرة مثلا يضرب.. فهزم المسلمون أعداءهم بحركة خاطفة.
إن من صميم كيان المؤمن إن يكون شجاعاً ولو بقتل حية، كما يقول نبينا الكريم. بمعنى أنه لا يمكن تصور المؤمن جبانا، لأن الجبن لا يمتُّ إلى الدين بأية صلة. فالمؤمن علمه الدين الاستهانة بالدنيا العاجلة، كما دفعه دفعاً متواصلاً إلى الحرص على نيل الفضائل والمثل العليا والتطلع إلى الأفق البعيد. وما أروع الشجاعة من فضيلة، ومثالاً عالياً، وما أكفى الشجاعة من وسيلة فذة إلى الوصول إلى الأهداف النبيلة والمرجوة..
لقد كان من طبيعة الإنسان حبه للخير، ولكن كيف يوازن المؤمن بين حبه للخير وبين توق نفسه لشهوات الدنيا؟
إن التفكير بالآخرة هو عامل التوازن، لأنه يدفع إلى حد بعيد الإنكباب والتكالب على الدنيا وزخارفها المؤقتة، فإذا إستهان المؤمن بها، وهب لنفسه حياة جديدة. وبكلمة أخرى؛ إن الإنسان المؤمن يدافع عن كرامته ويسعى إلى ضمان الآخرة ونعيم الخلد بشجاعته التي تدعمه في الاستهانة بالدنيا.
في حين أننا إذا أولينا لهم الإهتمام بهم فربيناهم التربية المناسبة ووضعنا كل شيء في محله، دخلوا ودخلنا معهم الجنة الأبدية، وكنا في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
ولقد كان من عظيم ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه مر وأصحابه على قبر، فبدت على وجه النبي ملامح الحزن، فسئل عن ذلك، فقال: لأنني عرفت أن صاحب هذا القبر يعذب في الوقت الحاضر. ثم أنه عاد بعد فترة مع أصحابه على القبر ذاته، فلم يبدو عليه ما كان عليه أول مرة، فقيل له: يا رسول الله هذا نفس القبر الذي حزنت على صاحبه. فقال عليه الصلاة والسلام: بلى؛ لكن العذاب قد ارتفع عنه، لأنه كان له ولد وقد بلغ وشهد الشهادتين فغفر له من أجل ذلك..
وفي شهر رمضان نستطيع أن نضع لأنفسنا ـ واستلهاماً مما نقرأه من كتاب الله وروايات النبي وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام أفضل برامج التربية لأولادنا وتحويلهم إلى رجال صالحين ونساء صالحات، لنكون قد قدمنا لديننا ومجتمعنا أفضل الخدمة من جانب، ونكون قد ضمنا لأنفسنا شفاعة من صلح من ذريتنا في دخول الجنة واستحقاق رضوان الله الأكبر..
المصادر :
1- الاسراء/70
2- فاطر/10
3- الانفال/29-30
4- البقرة/183
5- الانفال/29
6- الانفال/30
7- آل عمران/102-10
8- العَاديات/1-11
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.