
وفاة صاحب الوسائل رحمة الله عليه
في اليوم الحادي والعشرين من شهر رمضان عام 1104ه توفي المحدث الجليل الشيخ محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسين الحر العاملي صاحب (وسائل الشيعة).
ينتهي نسبه إلي الحر بن يزيد الرياحي (رضوان الله عليه)، وهو من أسرة كريمة علمية عريقة ذات السوابق الكثيرة.
ولد في قرية مشغري من قري جبل عامل بلبنان، ليلة الجمعة ثامن شهر رجب سنة ثلاث وثلاثين وألف، وبها نشأ نشأته الأولي، وفيها قضي أيام صباه وشبابه.
كان الشيخ صاحب الوسائل عالماً فقيهاً ومحدثاً ثقة ومحققاً ورعاً، وكان من الأساتذة البارزين في مشهد الإمام الرضا عليه السلام حيث استقر به المنزل في تلك البقعة المباركة، وكانت له حلقة عظيمة للتدريس ويحضره العديد من العلماء.
قال السيد علي صدر الدين المدني في حقه: علمُ علم لا تباريه الأعلام، وهضبة فضل لا يفصح عن وصفها الكلام، أرجت أنفاس فوائده أرجاء الاقطار، وأحيت كل أرض نزلت بها فكأنها لبقاع الأرض أمطار.
وقال المحدث الشيخ عباس القمي: محمد بن الحسن بن علي المشغري، شيخ المحدثين وأفضل المتبحرين، العالم الفقيه النبيه، المحدث المتبحر الورع الثقة الجليل، أبو المكارم والفضائل صاحب المصنفات المفيدة، منها الوسائل الذي من علي المسلمين بتأليف هذا الجامع الذي هو كالبحر، وغير ذلك.
ألف الشيخ الحر العاملي رحمة الله عليه ما يزيد علي خمسين مؤلفاً في شتي الأبواب، منها:
1: تفصيل وسائل الشيعة إلي تحصيل الشريعة، المشهور ب (وسائل الشيعة) و(الوسائل). 2: من لا يحضره الإمام، وهو فهرس تفصيلي لكتاب وسائل الشيعة. 3: تحرير وسائل الشيعة وتحبير مسائل الشريعة. 4: تعاليق علي وسائل الشيعة، وهو كتاب يشتمل علي بيان اللغات وتوضيح العبارات أو دفع الإشكال عن متن الحديث أو سنده أو غير ذلك. 5: إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات. 6: الفصول المهمة في أصول الأئمة عليهم السلام، وغيرها.
كان الشيخ يتمتع بشهرة كبيرة في الأوساط العلمية والاجتماعية، وكان له مكانة مرموقة أينما حل ونزل، وكان موضع احترام كافة الطبقات في البيئات المختلفة، وكان الناس ينظرون إليه بعين الإكبار والإجلال، وكان ذا شخصية لامعة عند المؤالف والمخالف، لم يذكره أحد من المترجمين له إلا وذكره بعبارات تدل علي عظمته وسمو مكانته. فقد أعطي منصب التدريس في الحضرة الشريفة في القبة الكبيرة الشرقية، وهو مكان كان يختص بأكبر المدرسين في مشهد الإمام الرضا عليه السلام، والمقدم علي علماء خراسان. كما كان مجلس درسه غاصاً بالعلماء والفضلاء يؤمه الطلاب من سائر الأقطار.
توفي في اليوم الحادي والعشرين من شهر رمضان المبارك سنة 1104ه في مشهد الإمام الرضا عليه السلام بخراسان، وصلي عليه أخوه العلامة الشيخ أحمد صاحب الدر المسلوك تحت القبة الشريفة جنب المنبر، واقتدي به الألوف من الناس، ودفن في أيوان حجرة من حجرات الصحن الشريف ملاصقة بمدرسة المرحوم الميرزا جعفر، وهو اليوم مشهور يزار، وعليه ضريح صغير من الصفر يقصده المؤمنون بقراءة القرآن والفاتحة والتبرك به.
رثاه وأرخ وفاته أحد الشعراء بقوله:
في ليلة القدر الوسطي وكان بها - وفاة حيدرة الكرار ذي الغير
يا من له جنة المأوي غدت نزلا - ارقد هناك فقلبي منك في سعر
طويت عنا بساط العلم معتلياً - فاهنأ بمقعد صدق عند مقتدر
تاريخ رحلته عاماً فجعت به - وأسري لنعمة باريه علي قدر
وفاة العلامة المجلسي رحمة الله عليه
في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان عام 1110ه توفي المحدث الكبير العلامة محمد باقر المجلسي (رضوان الله عليه).
هو العلامة المجلسي الثاني محمد باقر بن محمد تقي بن مقصود علي، ولد عام 1037 ه في مدينة اصفهان إيران. تعتبر أسرة العلامة المجلسي من أعظم الأسر التي يفتخر بها في القرون الأخيرة. فقد أنجبت هذه الأسرة ما يقرب من مائة عالم فاضل، منهم: العلامة الحافظ أبو نعيم الأصفهاني، صاحب كتاب حلية الأولياء، وهو من أجداد العلامة المجلسي. أبوه العلامة المولي محمد تقي المجلسي، المعروف بالمجلسي الأول (1003 - 1070 ه) كان محدثاً وفقيهاً كبيراً، وله مصنفات عديدة، وصاحب كرامات.
لقد اشتهر العلامة المجلسي الثاني في العلوم الإسلامية المختلفة، فكان كالشمس في سماء الفقه والاجتهاد. وامتاز بأنه كان من بين أولئك العلماء الذين جمعوا مختلف العلوم. فلقد كان عالماً في التفسير والحديث والفقه والأصول والتاريخ والرجال والدراية. ويكفي لإثبات ذلك أن نلقي نظرة علي موسوعة بحار الأنوار.
ومن الخصائص المهمة في حياة العلامة المجلسي الزهد والبساطة في العيش.
عاش العلامة في عهد الصفويين وكان يلقب ب (شيخ الإسلام) في الحكم الصفوي، وقد كانت جميع الإمكانات متوفرة له، ومع هذا فقد عاش في نهاية الزهد والبساطة. يقول تلميذه السيد نعمة الله الجزائري: لم يغفل العلامة أبداً عن ذكر الله، وقام بجميع أعماله قربة إلي الله تعالي. كان العلامة قد طلب من الشاه عباس في مجلس تتويجه منع شرب الخمر وبيعه ومنع بعض المنكرات الأخري، وبالفعل فقد استجاب الشاه عباس الثاني لطلب العلامة وعمل بوصاياه. كما قلّده الشاه سليمان الصفوي في سنة 1098 منصب شيخ الإسلام في أصفهان. وكان هذا المنصب أفضل وأهم منصب ديني وتنفيذي في ذلك الزمان. فكان يقضي ويحكم في المنازعات والدعاوي وكانت الأمور الدينية تحت نظره وكانت تدفع إليه جميع الحقوق الشرعية وكان يتولي العاجزين والأيتام وغيرهم. علماً بأن العلامة لم يقبل هذا المنصب إلاّ بإصرار من الشاه، حيث أخذ يطلب منه ويكرر عليه الطلب حتي قبل العلامة. وقد بقي في هذا المنصب حتي آخر حياته.
من أساتذته ومشايخه: أبوه محمد تقي المجلسي المتوفي عام 1070 ه والذي كان أستاذه في العلوم النقلية. والمرحوم آقا حسين الخونساري المتوفي عام 1098 ه ابن آقا جمال، وكان أستاذ العلامة في العلوم العقلية. ومشايخه في النقل المولي محمد صالح المازندراني المتوفي عام 1086 ه والملا محسن الفيض الكاشاني المتوفي عام 1091. والسيد علي خان المدني صاحب الشرح المعروف علي الصحيفة السجادية المتوفي عام 1120 ه. والشيخ الحر العاملي مؤلف كتاب وسائل الشيعة المتوفي عام 1104 ه. والجدير ذكره أن الأخيرين أعطيا للعلامة إجازة وأخذا منه الإجازة أيضا.
كانت حياة العلامة المجلسي حافلة بالبركات. فقد كان له اكثر من مائة مصنف باللغتين العربية والفارسية، وأحد هذه المصنفات هو (بحار الأنوار) في 110 مجلدات والآخر (مرآة العقول) في 26 مجلداً. وذكر أن أول مصنف له هو كتاب (الأوزان والمقادير) أو (ميزان المقادير) الذي كتبة سنة 1063 ه. وآخر كتاب له هو كتاب (حق اليقين) الذي ألّفه سنة 1109 ه، أي قبل وفاته بسنة واحدة.
توفّي العلامة المجلسي في ليلة 27 رمضان سنة 1110 ه في أصفهان عن ثلاثة وسبعين عاماً.
غزوة حنين
في اليوم التاسع والعشرين من شهر رمضان عام 8 ه خرج رسول الله صلي الله عليه و اله لغزوة حنين، وقيل كان خروجه أوائل شوال.وكان سبب هذه الغزوة: أن الله لما فتح علي رسوله صلي الله عليه و اله مكة انصاعت له قبائل العرب كلها وأسلموا، إلاّ (هوازن) و(ثقيف) فإنهم عتوا عن أمر رسول الله صلي الله عليه و اله وفكّروا في اجتياح المسلمين والإغارة عليهم، فاجتمعوا وجمعوا الجموع والسلاح وقالوا: إن محمداً قاتله قوم لم يحسنوا القتال ولم يكن لهم علم بالحرب فغلب عليهم، ونحن اُولوا بصيرة في الحرب وتجربة في القتال، فسوف نغلبه. ثم عزموا علي قصده قبل أن يقصدهم، وقالوا: قبل أن يظهر ذلك منه سيروا إليه.
فقصدوا جانب المسلمين بعد أن اجتمعت هوازن وثقيف كلها، وكان علي هوازن رئيسهم مالك بن عوف النضري، وعلي ثقيف رئيسهم قارب بن الأسود، واتفق معهما نضر وجشم وسعد بن بكر وناس من بني هلال.
ثم خرجوا جميعاً بأموالهم وأولادهم ونسائهم لئلا يفروا وليكون ذلك أدعي لهم للحرب وللإستماتة من أجلها.
وخرج إليهم رسول الله صلي الله عليه و اله بعد فتح مكة بعشرة آلاف ممن كانوا معه، وألف رجل من بني سليم، وألف رجل من مزينة، واتجه بهم الي منطقة حنين، وحنين واد جنب ذي المجاز علي مقربة من الطائف، وبينها وبين مكة ثلاث ليال.
وذلك بعد أن عقد اللواء الأكبر ودفعه الي علي عليه السلام إضافة الي الرايات التي كانت معهم حين دخول مكة وفتحها.
وكان دريد بن الصمة الجشمي شيخاً كبيراً من هوازن قد ذهب بصره من الكبر، فلمس الأرض بيده فقال: في أي واد أنتم؟.
قالوا: بوادي أوطاس.
قال: نعم مجال خيل، لا حزن ضرس، ولا سهل دهس، ما لي أسمع رغاء البعير، ونهيق الحمير، وخوار البقر، وثغاء الشاة، وبكاء الصبي.
فقالوا له: إن مالك بن عوف ساق مع الناس أموالهم ونساءهم وذراريهم، ليقاتل كل امرئ عن نفسه وماله وأهله.
فقال دريد: راعي ضأن ورب الكعبة، ما له وللحرب.
ثم قال: ادعوا لي مالكاً.
فلما جاءه قال له: يا مالك، ما فعلت؟.
قال: سقت مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم، ليجعل كل رجل أهله وماله وراء ظهره فيكون أشد لحربه.
فقال: يا مالك، إنك أصبحت رئيس قومك، وإنك تقاتل رجلاً كبيراً، وهذا اليوم لما بعده، ولم تضع في تقدمه بيضة هوازن إلي نحور الخيل شيئاً، ويحك وهل يلوي المنهزم علي شيء، اردد بيضة هوازن إلي عليا بلادهم وممتنع محالهم، وأبق الرجال علي متون الخيل، فإنه لا ينفعك إلا رجل بسيفه ودرعه وفرسه، فإن كانت لك لحق بك من وراؤك، وإن كانت عليك لا تكون قد فضحت في أهلك وعيالك.
فقال له مالك: إنك قد كبرت وذهب علمك وعقلك، فلم يقبل من دريد.
فقال دريد: ما فعلت كعب وكلاب؟.
قالوا: لم يحضر منهم أحد.
قال: غاب الجد والحزم، لو كان يوم علا وسعادة، ما كانت تغيب كعب ولا كلاب.
قال: فمن حضرها من هوازن؟.
قالوا: عمرو بن عامر، وعوف بن عامر.
قال: ذانك الجذعان لا ينفعان ولا يضران.
ثم تنفس دريد وقال: حرب عوان، ليتني فيها جذع، أخب فيها وأضع، أقود وطفاء الزمع، كأنها شاة صدع.
وبلغ رسول الله صلي الله عليه و اله اجتماع هوازن بأوطاس، فجمع القبائل ورغبهم في الجهاد، ووعدهم النصر، وأن الله قد وعده أن يغنمه أموالهم، فرغب الناس وخرجوا علي راياتهم، وعقد اللواء الأكبر ودفعه إلي أمير المؤمنين عليه السلام، وكل من دخل مكة براية أمره أن يحملها، وخرج في اثني عشر ألف رجل. فمضوا حتي كان من القوم علي مسيرة بعض ليلة. قال مالك بن عوف لقومه: ليصير كل رجل منكم أهله وماله خلف ظهره، واكسروا جفون سيوفكم، وأكمنوا في شعاب هذا الوادي وفي الشجر، فإذا كان في غلس الصبح فاحملوا حملة رجل واحد، وهدوا القوم فإن محمداً لم يلق أحداً يحسن الحرب.
فلما صلي رسول الله صلي الله عليه و اله الغداة انحدر في وادي حنين، وهو واد له انحدار بعيد، وكانت بنو سليم علي مقدمه، فخرجت عليها كتائب هوازن من كل ناحية، فانهزمت بنو سليم وانهزم من ورائهم، ولم يبق أحد من المسلمين إلا انهزم، وبقي أمير المؤمنين عليه السلام يقاتلهم في نفر قليل. ومر المنهزمون برسول الله صلي الله عليه و اله لايلوون علي شيء، وكان العباس أخذ بلجام بغلة رسول الله صلي الله عليه و اله عن يمينه، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب عن يساره. فأقبل رسول الله صلي الله عليه و اله ينادي: يا معشر الأنصار، إلي أين المفر! ألا أنا رسول الله؟. فلم يلو أحد عليه.
فلم يبقَ مع رسول الله صلي الله عليه و اله الاّ نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته، منهم وفي طليعتهم علي بن ابي طالب عليه السلام وأخوه عقيل والعباس وابنه الفضل وأبو سفيان بن الحارث ونوفل بن الحارث وربيعة بن الحارث واُسامة بن زيد وأيمن بن عبيد وقتل يومئذ ورسول الله صلي الله عليه و اله مصلت سيفه في المجتلد وهو علي بغلته البيضاء دلدل، وعلي عليه السلام بين يديه يضرب وجوه الناس ويردّهم عنه. وكانت نسيبة بنت كعب المازنية تحثو التراب في وجوه المنهزمين، وتقول: أين تفرون عن الله وعن رسوله؟. ومر بها عمر فقالت له: ويلك ما هذا الذي صنعت؟. فقال لها: هذا أمر الله.
فلما رأي رسول الله صلي الله عليه و اله الهزيمة، ركض يحوم علي بغلته قد شهر سيفه. فقال: يا عباس، اصعد هذا الطرب وناد: يا أصحاب سورة البقرة، ويا أصحاب الشجرة، إلي أين تفرون! هذا رسول الله صلي الله عليه و اله.
ثم رفع رسول الله صلي الله عليه و اله يده، فقال: اللهم لك الحمد، وإليك المشتكي وأنت المستعان. فنزل جبرئيل عليه السلام عليه، فقال له: يا رسول الله، دعوت بما دعا به موسي حين فلق الله له البحر، ونجاه من فرعون. ثم قال رسول الله صلي الله عليه و اله لأبي سفيان بن الحارث: ناولني كفاً من حصي. فناوله فرماه في وجوه المشركين، ثم قال: شاهت الوجوه. ثم رفع رأسه إلي السماء وقال: اللهم إن تهلك هذه العصابة لم تعبد، وإن شئت أن لا تعبد لا تعبد.
فلما سمعت الأنصار نداء العباس، عطفوا وكسروا جفون سيوفهم وهم يقولون: لبيك. ومروا برسول الله صلي الله عليه و اله واستحيوا أن يرجعوا إليه ولحقوا بالراية. فقال رسول الله صلي الله عليه و اله للعباس: من هؤلاء يا أبا الفضل؟. فقال: يا رسول الله هؤلاء الأنصار. فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: الآن حمي الوطيس. ونزل النصر من السماء وانهزمت هوازن، فكانوا يسمعون قعقعة السلاح في الجو، وانهزموا في كل وجه، وغنم الله رسوله أموالهم ونساءهم وذراريهم، وهو قول الله: لَقَدْ نَصَرَكُمُ الله فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ ويَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وضاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ(1).
مولد العلامة الحلي رحمة الله عليه
في اليوم التاسع والعشرين من شهر رمضان عام 648ه ولد الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلي رحمة الله عليه المعروف بالعلامة الحلي في مدينة الحلة في بيت عرف بالفقاهة والدين، فقد كان والده من أجلّ فقهاء الشيعة في عصره.عرف العلامة الحلِّي بالنبوغ مبكراً فقد نال درجة الإجتهاد في سن الصبا قبل أن يصل الي سنّ التكليف وتخرّج علي جهابذة العلماء في عصره منهم والده، والمحقق الحلي (خاله)، والخواجة نصير الدين الطوسي الذي قرأ عليه الكلام وغيره، كما قرأ المحقق الطوسي علي العلاَّمة الفقه.
انتهت إليه رئاسة الامامية في المعقول والمنقول ولقب بألقاب تعبّر عن غزارة علمه فمن ألقابه: آية الله، والعلامة، وجمال الدين، وعلاَّمة الدهر.
وقد وصفه عارفوه بأوصاف جليلة فقال عنه الجرجاني شيخنا المعظّم وإمامنا الأعظم سيد فضلاء العصر ورئيس علماء الدهر.
وقال عنه الشهيد الأول: شيخنا الامام الأعظم حجة الله علي الخلق جمال الدين.
وقال عنه السيد بحر العلوم: علاَّمة العالم وفخر بني آدم، أعظم العلماء شأناً وأعلاهم برهاناً. تتلمذ علي العلامة نخبة كبيرة من فطاحل العلماء وصل عددهم إلي 500 مجتهد، منهم ولده فخر المحققين، وقطب الدين الرازي شارح الشمسية والمطالع.
وكان العلامة رحمة الله عليه كثير التصانيف فقد كان يصنّف وهو راكب. ألف في الفقه والأصول والكلام والمنطق والفلسفة والرجال وغيرها منها: الإرشاد، تبصرة المتعلمين، القواعد، التحرير، تذكرة الفقهاء، المنتهي، منهاج الاستقامة، تلخيص الكشاف، الألفين، الباب الحادي عشر، كشف المراد في شرح تجريد الإعتقاد، مختلف الشيعة.
وفاته ومدفنه: توفي العلامة الحلي بعد عمر حافل بالجهد والسعي في إحياء الشريعة، في 11 محرم ليلة السبت أو يومه سنة 726 ه في الحلة المزيدية، وقد حمل نعشه الشريف علي الرؤوس إلي النجف الأشرف ودفن في جوار أمير المؤمنين عليه السلام في حجرة إيوان الذهب الواقعة علي يمين الداخل إلي الحضرة الشريفة العلوية من جهة الشمال بجنب المنارة الشمالية. وعند تعمير الروضة العلوية فتح باب ثان من الإيوان الذهبي يفضي الباب إلي الرواق العلوي، فصار قبر العلامة رحمة الله عليه في حجرة صغيرة مختصة به علي يمين الداخل ممراً للزائرين يقصدونها حتي اليوم، ولها شباك فولاذي، ويقابلها حجرة صغيرة أخري هي قبر المحقق الأدربيلي رحمة الله عليه مختصة به.
مناسبات أخري
وهناك مناسبات أخري في شهر رمضان، نشير إليها إشارة، رعاية للاختصار:ففي بعض الروايات: أن الإمام الجواد عليه السلام ولد في شهر رمضان من سنة خمس وتسعين ومائة(2).
وفي بعض الروايات: أن الإمام الحسن العسكري عليه السلام ولد في شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين ومائتين(3).
وورد أن في الليلة الأولي من شهر رمضان نزلت الصحف علي إبراهيم عليه السلام (4).
وفي اليوم الأول من شهر رمضان 267 ه توفي عثمان بن سعيد رحمة الله عليه النائب الأول للإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه الشريف).
وفي السادس من شهر رمضان نزلت التوراة(5).
وفي الثامن من شهر رمضان نزل الإنجيل، وهو يوم ولادة الصديقة مريم عليها السلام. وفي بعض الروايات أن نزول الإنجيل كان في 13 من شهر رمضان(6).
وفي اليوم 12 من شهر رمضان كانت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في المدينة عام 2ه.
وفي الثامن عشر من شهر رمضان نزل زبور داود عليه السلام (7).
وفي اليوم 24 من شهر رمضان هلك مروان بن الحكم الذي قال عنه رسول الله صلي الله عليه و اله: الوزغ بن الوزغ(8)، وقد قتلته زوجاته وجواريه.
وفي اليوم 25 من شهر رمضان وقع حرب النهروان سنة 38ه.
وفي اليوم 30 من شهر رمضان عام 208 ه توفيت السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي عليهم السلام.
نزول آية الزكاة
قال أبو عبد الله عليه السلام: لما أنزلت آية الزكاة خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها(9) وأنزلت في شهر رمضان فأمر رسول الله صلي الله عليه و اله مناديه فنادي في الناس: أن الله فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة، ففرض الله عزوجل عليهم من الذهب والفضة وفرض الصدقة من الإبل والبقر والغنم ومن الحنطة والشعير والتمر والزبيب، فنادي فيهم بذلك في شهر رمضان(10).
المصادر :
1- سورة التوبة: 25.
2- الكافي: ج1 ص492 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليه السلام.
3- الكافي: ج1 ص503 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام.
4- الكافي: ج2 ص628 باب النوادر ح6.
5- الكافي: ج2 ص628 باب النوادر ح6.
6- الكافي: ج2 ص629 باب النوادر ح6.
7- الكافي: ج4 ص157 باب في ليلة القدر ح5.
8- الكافي: ج8 ص238 حديث القباب ح324.
9- سورة التوبة: 103.
10- الكافي: ج3 ص497 باب فرض الزكاة وما يجب في المال من الحقوق ح2.