عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن السحور لمن أراد الصوم أواجب هو عليه؟ فقال: لا بأس بأن لا يتسحر إن شاء، وأما في شهر رمضان فإنه أفضل أن يتسحر، نحب أن لا يترك في شهر رمضان(1).
من فطر صائما
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من فطر صائما فله مثل أجره(2).
أفضل من الصيام
عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال: فطرك أخاك الصائم أفضل من صيامك(3).
هاتوا القصاع
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام إذا كان اليوم الذي يصوم فيه أمر بشاة فتذبح وتقطع أعضاءً وتطبخ، فإذا كان عند المساء أكب علي القدور حتي يجد ريح المرق وهو صائم ثم يقول: هاتوا القصاع اغرفوا لآل فلان واغرفوا لآل فلان ثم يؤتي بخبز وتمر فيكون ذلك عشاءه صلي الله عليه وعلي آبائه(4).
إفطارك أخاك المسلم
عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال: دخل سدير علي أبي عليه السلام في شهر رمضان فقال: يا سدير هل تدري أي الليالي هذه؟
فقال: نعم فداك أبي هذه ليالي شهر رمضان فما ذاك؟
فقال له: أتقدر علي أن تعتق في كل ليلة من هذه الليالي عشر رقبات من ولد إسماعيل؟
فقال له سدير: بأبي أنت وأمي لا يبلغ مالي ذاك.
فما زال ينقص حتي بلغ به رقبة واحدة، في كل ذلك يقول: لا أقدر عليه.
فقال له: فما تقدر أن تفطر في كل ليلة رجلا مسلما؟
فقال له: بلي وعشرة.
فقال له أبي عليه السلام: فذاك الذي أردت يا سدير، إن إفطارك أخاك المسلم يعدل رقبة من ولد إسماعيل عليه السلام (5).
شهر رمضان ربيع القرآن
شهر رمضان المبارك هو ربيع القرآن، فعن أبي جعفر عليه السلام قال: لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان(6).
ومن اللازم علي الإنسان في هذا الشهر أن يجدّد عهده بالقرآن العظيم، قراءةً وفهماً وتدبراً، وعملاً ونشراً بين الناس ودعوة إليه.
وينبغي الاهتمام بعقد ندوات ومؤتمرات وحلقات وهيئات حول القرآن الكريم، ومن أهمّ مصاديق الاهتمام بالقرآن هو السعي لنشره ثقافة وفكرا ومنهجاً بين الناس: المسلمين وغيرهم، فإنّ القرآن نزل لهداية المسلمين وغيرهم بنصّ القرآن نفسه حيث قال سبحانه: إِنّ هََذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلّتِي هِيَ أَقْوَمُ(7).
وقال تعالي: شَهْرُ رَمَضَانَ الّذِيَ أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًي لّلنّاسِ(8).
الآيات المنسية
وأخيراً لابدّ من العمل بكلّ أحكام القرآن، فإنّ بعض أحكامه تركت كلّياً، ومنها الأحكام التالية:
الأمة الواحدة
حكم (الأُمّة الواحدة)، قال تعالي: إِنّ هََذِهِ أُمّتُكُمْ أُمّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبّكُمْ فَاعْبُدُونِ(9).
فلا حدود جغرافية من أوّل بلاد الإسلام إلي آخرها، وعليه يمكن للمسلم أن يسافر من طنجة(10) إلي جاكرتا(11)، ومن داغستان إلي ليبيا(12) بدون رخصة أو إجازة أو تأشيرة أو ضريبة، كما كان الحال كذلك إلي ما قبل ستّين سنة ممّا أذكره أنا، فقد كان الناس يأتون إلي العراق من إيران والهند وأفغانستان، ومن مختلف بلاد الخليج والحجاز وسوريا وغيرها، ويرجعون كذلك إلي بلادهم وكأنّهم في قطر واحد.
آية الحرية
وحكم (الحرية) حيث كانت سابقاً وفي البلاد الإسلامية الأُمور كلها حرّة باستثناء الحرام، لكلّ من يريد عملاً أو حيازة أو تعمير أرض، إذ كانت الأرض آنذاك حسب ما قاله الإمام الصادق عليه السلام: الأرض لله عزّوجلّ ولمن عمرها(13).
وقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله بالنسبة إلي الأراضي وما شابهها: ثمّ هي لكم منّي(14).
إن الإسلام أباح الأرض لكلّ من أرادها بقدر أن لا يتعدّي علي الآخرين، كما جعل الماء والهواء والنور كذلك، بدون ضريبة أو رخصة أو إجازة. وحال المعادن حال الأرض، فلكلّ من أراد منها شيئاً أن يأخذ بقدر حقّه بدون تعدٍ.
وقد أتاح القرآن الحكيم الحرّية لكلّ إنسان في كلّ الأُمور ما عدا المحرّمات.
قال سبحانه: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلاَلَ الّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ(15).
وقد رأيت بنفسي المسلمين قبل ستّين سنة تقريباً كيف كانوا يتمتّعون بحرّياتهم دون أيّة مضايقة من الدولة وما أشبه.
نعم عند ما تُركت أحكام القرآن في النصف القرن الأخير، (تغيّرت البلاد ومن عليها) وصار المسلمون عبيد جهل ومتخلفين عن الركب في جميع نواحي الحياة، علماً أنّ القرآن الحكيم أخبر بذلك فقال عزّ من قائل: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنّ له مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَيَ(16) ولا علاج لهذا التأخر والضيق والضنك إلاّ بالرجوع إلي أحكام القرآن من جديد.
فاللازم أن يتخذ الإنسان من شهر رمضان المبارك فرصة للرجوع إلي القرآن الكريم وقوانينه المنسية، كما يلزم أن يراجع الإنسان نفسه ليصفي باطنه من الرذائل، ويستغفر ربه حتي يخف ظهره من الآثام.
وقد ورد في خطبة رسول الله صلي الله عليه و اله فإنّ الشقي من حرّم غفران الله في هذا الشهر.
ولا يخفي أنّ المسلمين حُرموا من اليسر والسعة الإلهية في مناهج الله في الأرض وذلك بتركهم القرآن والعترة الطاهرة عليهم السلام، وقد يحرمون أخيراً من نعيم الله في الآخرة والعياذ بالله، والتي يمكن تحصيلها في هذا الشهر العظيم بالإنابة والتوبة والرجوع إلي الكتاب والعترة والتمسك بهما فإنها لن يفترقا حتي يردا الحوض علي رسول الله صلي الله عليه و اله.
نسأل الله سبحانه أن يوفّقنا للعمل بمراضيه وتجنب معاصيه حتي نؤتي سعة الدنيا وثواب الآخرة وهو المستعان.
المصادر :
1- الكافي: ج4 ص94 باب أنه يستحب السحور ح1.
2- تهذيب الأحكام: ج4 ص201 ب53 ح1.
3- المحاسن: ج2 ص396 ب2 ح66.
4- الكافي: ج4 ص68 باب من فطر صائماً ح3.
5- وسائل الشيعة: ج10 ص139 ب3 ح13047.
6- الكافي: ج2 ص630 باب النوادر ح10.
7- سورة الإسراء: 9.
8- سورة البقرة: 185.
9- سورة الأنبياء: 92.
10- مدينة مغربية علي مضيق جبل طارق.
11- عاصمة إندونيسيا ومرفأ في جاوه.
12- دولة عربية في شمال إفريقيا علي البحر الأبيض المتوسط بين مصر والسودان وتشاد ونيجر والجزائر وتونس.
13- تهذيب الأحكام: ج7 ص152 ب11 ح21.
14- مستدرك الوسائل: ج17 ص112 ب1 ح20906.
15- سورة الأعراف: 157.
16- سورة طه: 124.