يعتبر شهر رمضان المبارك، شهر الإعداد الروحي للإنسان، فهو شهر البركة، وشهر المغفرة، وشهر الرحمة، وشهر التوبة، وشهر الإنابة، وشهر القرآن، وشهر الاستغفار، وشهر الدعاء، وشهر العبادة، وشهر الطاعة، وشهر المواساة، وشهر الصبر، وشهر العتق من النار، وشهر الفوز بالجنة.
فشهر رمضان ليس كبقية الشهور، أيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، الشياطين فيه مغلولة محبوسة، ويزيد الله فيه الأرزاق ويكتب الآجال ويختار وفد الحاج إلي بيته الحرام.
شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، العمل فيه مضاعف، والدعاء فيه مستجاب، والنوم فيه عبادة، والنفس فيه تسبيح، الحسنات فيه مقبولة، والسيئات فيه مغفورة، وقراءة آية فيه تعدل ختم القرآن في غيره، إنه سيد الشهور.
ولو أردنا أن نذكر جميع صفات وفضائل شهر رمضان والتي وردت عن أئمة أهل البيت المعصومين عليهم السلام لطال بنا المقام.
وفي هذا الشهر أيضاً قد نزلت الكتب السماوية علي الأنبياء عليهم السلام من أجل هداية البشر، ونقلهم من الظلمات إلي النور، ففي أول ليلة منه نزلت صحف إبراهيم عليه السلام، والتوراة لست مضين منه، والإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت منه، والزبور لثماني عشرة منه، وأما القرآن فقد أنزل في ليلة القدر. لذا ينبغي الاستفادة من هذا الشهر في التبليغ وإرشاد الناس وهدايتهم إلي معالم الإسلام وأحكامه.
فإن الملاحظ هو إقبال الجميع علي العبادة والطاعة، وتفتح النفوس لقبول الموعظة.
وکل المراجع کثیرا ما تؤكد علي مسألة التبليغ في شهر رمضان واستغلال هذا الموسم في هداية الناس وإرشادهم، وكذلك عدم بقاء طلبة العلوم الدينية في مراكزهم التعليمية وإنما الانتشار في المدن والقري كافة لأجل تبليغ رسالات الله، وذلك من خلال لقاءاته الشخصية بالطلبة وأحاديثه الخاصة معهم.
(الأشهر الثلاثة: رجب وشعبان ورمضان) هي من أفضل أشهر السنة، وقد دعا رسول الله صلي الله عليه و اله وأهل البيت عليهم السلام إلي الاهتمام بها وإحيائها بالعبادة والتقرّب إلي الله عزّوجلّ، خاصّة شهر رمضان المبارك الذي اُنزل فيه القرآن وافترض فيه الصيام.
أما تفصيل ذلك من الأدعية والزيارات فقد ذكرت في كتاب (الدعاء والزيارة) (1) والله المستعان.
شهر الله الأعظم
شهر رمضان المبارك هو شهر الله الأعظم الذي أنزل فيه القرآن علي النبي الأكرم صلي الله عليه و اله، قال تعالي: شَهْرُ رَمَضَانَ الّذِيَ أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًي لّلنّاسِ وَبَيّنَاتٍ مّنَ الهدَيَوَالْفُرْقَانِ (2).
وفي هذا الشهر العظيم فرض الله تعالي علي الأُمّة الإسلامية وغيرها من الأمم السابقة الصيام، حيث قال عزوجل: يَا أيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَي الّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ (3).
وقال تعالي: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَيَ سَفَرٍ فَعِدّةٌ مّنْ أَيّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ (4).
وخصّ الشهر بأُمور كثيرة منها:
1: الشياطين في هذا الشهر مغلولة، حيث قال رسول الله صلي الله عليه و اله: والشياطين مغلولة فاسألوا الله أن لا يسلّطها عليكم(5).
2: أنفاس العباد في هذا الشهر تسبيح، بدليل قوله صلي الله عليه و اله: أنفاسكم فيه تسبيح(6).
3: نوم العباد في شهر رمضان عبادة، حيث قال صلي الله عليه و اله: ونومكم فيه عبادة(7)
4: اشتماله علي ليلة القدر أو ليالي القدر، ففي هذا الشهر الشريف تقع ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر كما في نص القرآن الحكيم(8)، وفي هذه الليلة تقدّر أعمال العباد خلال السنة وتعرض علي الإمام الحجّة عليه السلام وهو يقرها.
5: عظم الثواب ومضاعفة الأعمال، ففي شهر رمضان يضاعف للعباد طاعاتهم، خاصّة ما يرتبط بتلاوة القرآن، فعن رسول الله صلي الله عليه و اله في خطبته المعروفة في آخر جمعة من شعبان قال: ومن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور(9).
المصادر :
(1) يقع الكتاب في 1072 صفحة قياس 24 × 17، وهو من تأليفات سماحته في كربلاء المقدسة، انتهي من تدوينه ليلة 6 رمضان المبارك 1375ه، وقد تناول فيه الأدعية والصلوات والزيارات المختلفة، كما ذكر بالتفصيل أعمال السنة وملحقاتها، ومنها: أعمال شهر رمضان وأدعيته. طبع الكتاب عدة مرات في لبنان والكويت وإيران. كما طبع باللغة الفارسية في إيران، وباللغة الأردية في باكستان، نقلها إلي الأردو آية الله الشيخ اختر عباس النجفي.
(2) سورة البقرة: 185.
(3) سورة البقرة: 183.
(4) سورة البقرة: 185.
(5) وسائل الشيعة: ج10 ص314 ب18 ح13494.
(6) وسائل الشيعة: ج10 ص314 ب18 ح13494.
(7) وسائل الشيعة: ج10 ص314 ب18 ح13494.
(8) سورة القدر: 3.
(9) وسائل الشيعة: ج10 ص314 ب18 ح13494.