
یؤکد معظم علماء القرن الحادی والعشرین على وجود حیاة خارج الأرض فی رحاب الفضاء البعید، وهذا ما أکده القرآن قبل أربعة عشر قرناً، عندما سئل أحد علماء الغرب: ألیس غریباً أنکم تتحدثون عن وجود حیاة خارج الأرض فی الکون؟ فأجاب على الفور: إن الغریب ألا نتحدث عن وجود مخلوقات فی الکون، لأننا لسنا الوحیدین فی هذا العالم.
إن أعظم الاکتشافات تبدأ بفکرة بسیطة یحسُ بها الإنسان ویبحث عنها ثم یکتشف الحقیقة العلمیة. ومنذ صعود الإنسان إلى الفضاء الخارجی یحاول جاهداً اکتشاف حیاة جدیدة على کوکب غیر الأرض.
حتى إن علماء الفلک الیوم یؤکدون وجود هذه الحیاة، فلدینا فی الکون أکثر من عشرة آلاف ملیون ملیون ملیون نجم. هذه النجوم منها ما هو بحجم الشمس ومنها ما هو أکبر من الشمس وما هو أصغر منها. فاحتمال وجود مجموعات شمسیة کشمسنا هو احتمال کبیر وکبیر جداً أمام هذا العدد الضخم من النجوم أو الشموس.
ومع بدایة القرن الواحد والعشرین یزداد شیئاً فشیئاً اعتقاد العلماء بوجود حیاة خارج الأرض فی الفضاء. فتراهم یرسلون المراکب الفضائیة محاولة منهم لکشف أی آثار للحیاة فی هذا الکون الواسع.
ومن آخر الرحلات رحلة باتجاه کوکب المریخ تکلفت أکثر من (800) ملیون دولار! فلماذا هذا المبلغ الضخم وما الفائدة من هذه المحاولات؟ لقد بدأ العلماء منذ السبعینات من القرن العشرین بمحاولات للاتصال مع الفضاء الخارجی من خلال بث رسائل تتضمن معلومات عن کوکب الأرض. ثم تطورت المحاولات فی التسعینات من القرن العشرین من خلال ابتکار مراصد ضخمة یتم زرعها فی الفضاء الخارجی لرصد الکواکب الشبیهة بالأرض. إن مسألة وجود کواکب تدور حول نجوم أصبحت شبه حقیقة وذلک بعدما أمکن تطویر أجهزة الرصد الفضائی. وأصبحت مسألة کشف حیاة وکائنات حیَّة على کواکب أخرى مسألة وقت، ولولا تأکد العلماء وإحساسهم القوی بوجود مخلوقات أخرى فی الکون لما عملوا بجدّ للبحث عن هذه المخلوقات.
یتسابق العلماء الیوم باتجاه کوکب المریخ لاعتقادهم بوجود حیاة على ظهره، کذلک نجدهم یوجهون تلسکوباتهم باتجاه الکواکب البعیدة ویرسلون المحطات الفضائیة على أمل أن یعثروا على هذه الحیاة التی لا یسکون أبداً فی وجودها.
إن القرآن العظیم یؤکد وجود هذه الحیاة على کواکب أخرى فی السماء، یقول عز وجل: (وَمِنْ آَیَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِیهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا یَشَاءُ قَدِیرٌ)(1).
حتى إن اجتماع هذه المخلوقات هو أمر وارد، ودلیل ذلک قوله تعالى: (وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا یَشَاءُ قَدِیرٌ). وقد یکون عدد المخلوقات فی السماوات أکبر بکثیر مما هو علیه فی الأرض وانظر معی إلى هذه الآیة الکریمة: (وَلِلَّهِ یَسْجُدُ مَا فِی السَّمَاوَاتِ وَمَا فِی الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِکَةُ وَهُمْ لَا یَسْتَکْبِرُونَ)(2).
حتى إن محاولات العلماء فی اکتشاف نوع من أنواع الحیاة على ظهر کواکب المجموعة الشمسیة لا یزال مستمراً. وکما نعلم جمیعاً استمرار العلماء فی إرسال المسابر الفضائیة غیر المأهولة لکواکب مثل کوکب المریخ، هذا المسبار یحتوی على مختبر وأجهزة تصویر وتحلیل یستطیع أخذ عینات من سطح المریخ مثلاً وإرسال بیانات عنها للأرض. وقد یأتی ذلک الیوم عندما تجتمع فیه مخلوقات الأرض مع مخلوقات من الفضاء وهذا ما لا یعلمه إلا الله سبحانه وتعالى: (وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا یَشَاءُ قَدِیرٌ).
وعندما نسمع العلماء یتحدثون عن حیاة فی الفضاء الخارجی، نجد أن القرآن قد سبقهم للحدیث عن ذلک، ألا یستحق منا هذا القرآن أن نعطیه کل وقتنا وحیاتنا؟ (أفلا یتدبّرون القرآن؟).
لقد دلَّت جمیع البحوث الکونیة على وجود الحیاة فی الکون. ففی هذا الکون أکثر من مئة ألف ملیون مجرة، وفی کل مجرة أکثر من مئة ألف ملیون شمس کشمسنا. فیکون احتمال وجود کواکب هو احتمال قوی جداً واحتمال الحیاة على ظهرها هو أیضاً احتمال قائم وممکن.
إن الأحجار النیزکیة المتساقطة من الفضاء على الأرض تحمل آثاراً بدائیة للحیاة. وکذلک وجود آثار للماء على سطح الکوکب الأحمر (المریخ) مما یعزز فرضیة وجود حیاة.
هذه الحقائق العلمیة لم تترسخ وتأخذ مکانها فی البحث العلمی إلا فی نهایة القرن العشرین. ولکن کتاب الحقائق ـ القرآن ـ له حدیث مؤکد عن إثبات هذه الحقیقة من خلال قول الحق عز وجل عن آیاته فی السماء والأرض: (وَمِنْ آَیَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِیهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا یَشَاءُ قَدِیرٌ)(3).
وانظر إلى قوله تعالى فی هذه الآیة: (فِیهِمَا) أی فی الأرض والسماوات، وهذا دلیل على وجود الحیاة فی خارج الأرض. وهنا نطرح سؤالاً لهؤلاء المشککین بصدق کتاب الله وصدق رسوله صلى الله علیه وسلم: من الذی عرَّف محمداً علیه الصلاة والسلام بحقیقة وجود الحیاة فی خارج الأرض؟
ثم إن القرآن یؤکد حقیقة ثانیة وهی إمکانیة اجتماع هذه المخلوقات! إن سعی العلماء الیوم وتکبدهم التکالیف الباهظة فی سبیل رؤیة مخلوقات کونیة والاجتماع معها: ألیس تطبیقاً لهذه الآیة التی نزلت قبل أربعة عشر قرناً؟
ونعود فنتأمل البیان القرآنی عن آیات الله فی خلقه، یقول تعالى: (وَمِنْ آَیَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِیهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا یَشَاءُ قَدِیرٌ). والسؤال: ألیس القرآن کتاباً یواکب التطورات العلمیة دائماً؟ فعندما یتحدث العلماء عن نهایة للکون مثلاً تجد أن القرآن قد تحدث عن هذا الأمر. وعندما یتحدث العلماء عن دخان ساد الکون قبل بلایین السنین نجد أن القرآن قد تحدث عن هذا الدخان.
المصادر :
1- الشورى: 29
2- النحل: 49
3- الشورى: 29
/ج