الطائفة الجعفریة الإمامیة طائفة کبیرة من المسلمین فی العصر الحاضر ، ویقدّرُ عددُهم بربعِ عددِ المسلمین تقریباً ، وتمتد جذورهم التاریخیّة إلى صدر الإسلام یوم نزل قولُ الله تعالى فی سورة البیّنة : ( إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِکَ هُمْ خَیْرُ الْبَرِیَّةِ )(1) فوضع رسولُ الله ( صلى الله علیه و آله ) یده على کتف علیّ بنأبی طالب ( علیه السَّلام ) ، والصحابة حاضرون ، وقال : ( یا علیّ أنتَوشیعتُک همْ خیرُ البَریّة )(2)
ومن هنا سُمّیت هذه الطائفة ـ التی تُنسب إلى الإمام جعفر الصادق ( علیه السَّلام ) لکونها تتبع فقهَه ـ بالشیعة .
تسکن هذه الطائفة بکثافة فی إیران والعِراق وباکستان وأفغانستان والهند ، وینتشرون بأعداد کبیرة فی بلاد القریبة منها وترکیا وسوریا ولبنان وروسیا والجمهوریات المنفصلة عنها ، وینتشرون أیضاً فی البلاد الأوروبیة کانجلترا وألمانیا وفرنسا وأمریکا والقارة الافریقیّة ، وبلاد شرق آسیا ، ولهم فیها مساجدُ ومراکزُ علمیّة وثقافیّة واجتماعیّة .
وهم یتکوّنون من مختلف الجنسیّات والأعراق واللُغات والألوان ، ویعیشون جنباً إلى جنب مع إخوانهم المسلمین من الطوائف والمذاهب الأخرى فی سلام ووداد ، ویتعاوَنون معهم فی جمیع المجالات والأصعدة بصدق وإخلاص ، انطلاقاً من قوله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ …)(3) ، وقوله تعالى : ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى ..)(4)وتمسکاً بقول النّبی الکریم ( صلى الله علیه و آله ) : ( المسلمون یدٌ واحدةٌ على مَن سواهم )(5) وقوله ( صلى الله علیه و آله ) : ( المؤمنون کالجسد الواحد )(6) .
وکانت لهم على طول التاریخ الإسلامی مواقفُ مشرّفة ومُشرِقة فی الدفاع عن الإسلام ، والاُمّة الإسلامیة الکریمة ، کما أنه کانت لهم حکومات ودول خدمت الحضارة الإسلامیة ، وعلماء ومفکّرون أسهَموا فی إغناء التراث الإسلامی بتألیف مئات الآلاف من المؤلفات والکتبِ الصَغیرة والکبیرة فی مجال تفسیر القران ، والحدیث ، والعقیدة ، والفقه والاُصول ، والأخلاق ، والدرایة والرِجال ، والفلسَفة ، والموعظة ، والحکومة والاجتماع ، واللغة والأدب بل والطبّ والفیزیاء والکیمیاء والریاضیّات والفلک وغیرها من علوم الحیاة ، وکان لهم دورُ البانی والمؤسّس للکثیر من العلوم (7).
وهم یعتقدون بالله الواحدِ الأحدِ الفرد الصّمد الذی لم یلدِ ولم یُولد ، ولم یکن له کفوءاً أحد ، وینفون عنه الجسمانیة والجهة والمکان والزمان ، والتغیّروالحرکة والصعود والنزول وغیر ذلک مما لا یلیق بجلال الله وقدسه وکماله وجماله .
و یعتقدون بأنّه هو المعبود لا سواه ، وأنّ الحُکم والتشریع له وحده دون غیره ، وأنّ الشّرک بجمیع أنواعِه وألوانِه ، خفیّه وجلیّه ، ظلم عظیم وذنب لا یُغتَفَر . و یأخذون کلّ هَذا من العقل الحصیف المعتضَد بالکتاب العزیز ، والسنّة الشریفة الصحیحة مهما کان مصدرُها . ولا یأخذون فی مجال العقائد بالأحادیث الإسرائیلیة ( التوراتیة والانجیلیة ) والمجوسیة التی تصور الله تعالى بصورة البشر ، وتشبهه سبحانه بالمخلوقین .أو تنسب إلیه الجور والظلم واللغو والعبث تعالى عن ذلک علوّاً کبیراً .ولا تنسب العظائم والقبائح إلى الأنبیاء المطهّرین ، المعصومین على الإطلاق .
ویعتقدون بأنّ الله تعالى عادل حکیم ، خَلَق بعدل وحکمة ، ولم یخلُق شیئاً عبثاً ، جماداً کان أو نباتاً ، حیواناً کان أو انساناً ، سماءً کان أو أرضاً ، لأنّ العبثیّة تنافی العدل والحکمة ، وذلک ینافی الاُلوهیّة التی تستلزم إثبات کلّ کمال لله تعالى ، ونفی کلّ نقص عنه سبحانه .
ویعتقِدونَ بأنّ الله تعالى أرسل ـ بعدله وحکمته ـ إلى البشر ، منذ أن بدأوا حیاتهم على الأرض ، أنبیاءً ورسلاً ، اتّصفوا بالعِصمة ، وتحلّوا بالعلم الواسع ، الموهوبلهم ـ عنطریق الوحى ـ من قِبَل الله ، وذلک لهدایة البشریة ، ومساعدتها على الوصول إلى کمالها المنشود ، وإرشادها إلى الطاعة التی تؤدّى بهم إلى الجنة ، وتؤهّلهم لرحمة الله ورضوانه ، وأبرز هؤلاء الأنبیاء والرسل : ادم ، ونوح ، وإبراهیم ، وعیسى ، وموسى وغیرهم ممن ذکرهم القرآن الکریم أو جاءت أسماؤهم وأحوالهم فی السنّة الشریفة .
ویَعتقِدون بأنّ من أطاع الله ، ونفّذ أوامرَه وأجرى قوانینَه فی شتّى مجالات الحیاة نجى وفاز ، واستحقّ المدح والثوابَ ، ولو کان عبداً حبشیّاً ، وأنّ من عصى الله تعالى وتجاهل أوامره ، وطبّق أحکاماً غیر أحکام الله تعالى ، خَسِر وهل واستحقّ الذّمّ والعقاب ، ولو کان سیداً قرشیّاً ، کما جاء فی الحدیث النّبیّ الشریف .
وهم یعتقدون بأنّ محلّ الثواب والعقاب هو یومُ القیامة الذی یکون فیه الحسابُ والمیزانُ والجنّةُ والنّار ، وذلک بعد المرور بعالم القبر والبرزخ . وأمّا ما یقول به منکرو المعاد فیرفضونه لاستلزامه تکذیب القران الکریم والسنّة المطهّرة .
ویَعتقِدونَ بأنّ اخِرَ الأنبیاء والرسل وخاتِمَهم وأفضَلَهم هو رَسولُ الله محمدُ بنُ عبد الله بنعبد المطلب ( صلى الله علیه و آله ) (8) الذی صَانَهُ الله من الخطأ والزلل ، وعصمَه من المعصیة الکبیرة والصغیرة ، قبل النبوّة وبعدها ، فی أُمور التبلیغ وغیرها ، وأنزل علیه القران الکریم ، لیکون دستوراً للحیاة البشریة إلى الأبَد ، فبلّغ صلى الله علیه واله الرسالةَ ، وأدّى الأمانةَ بصدق وإخلاص ، وبَذَل فی هذا السبیل الغالی والرخیص .
وللشیعة فی مجال الکتابة عن تاریخ رسول الله صلى الله علیه واله وشخصیته وأحواله وخصوصیاته ومعجزاته عشرات المؤلفات والأبحاث (9).
ویعتقدون بأنّ القرانَ الکریم ، الذی اُنزِلَ على رسول الإسلام محمّد صلّى الله علیه واله بواسطة جبرئیل الأمین ، ودوّنَه مجموعة من الصحابة الکبار وفی مقدمتهم على بن أبىطالب ( علیه السَّلام ) فی عهد النبىّ الکریم محمد صلى الله علیه وآله ، وتحت اشرافِه ورعایته ، وبأمره ، وارشاده ، وحفظوه عن ظهر قلب ، وأتقنوه ، وأحصَوا حروفَه وکلماتِه ، وسورَه وایاته ، وتناقَلوه جیلاً بعد جیل ، هو الذی یَتلُوه المسلمون الیوم بجمیع طوائفهم ، آناء اللیل وأطراف النهار ، من دون زیادة أو نقصان ، أو تحریف ، أَو تغییر ، وللشیعة فی هذا المجال مؤلفات مختصَرة ومطولة کثیرة (10).
ویعتقدون بأنّ رسول الله محمّداً ( صلى الله علیه و آله ) لما قَرُب أجلُه نَصَبَ علیّ بن أبی طالب خلیفةً له وإماماً على المسلمین من بعده ، لیقودَهم سیاسیّاً ، ویُرشدَهم فکریّاً ، ویعالج مشاکلهم ، ویواصِلَ تربیتهم وتزکیتهم ، وذلک بأمر من الله تعالى فی مکان یُدعى ( غَدیر خُم ) ، فی أخر سنة من سِنیّ حیاته ، وآخر حجّة من حججه ، وفی جمع هائل من المسلمین الذین حجوا معه ، یزید عددُهم ـ حسب بعض الروایات ـ على مائة ألف شخص . وقد نزلت فی هذه المناسبة آیات عدیدة (11) .
کما وأنّ النبی ( صلى الله علیه و آله ) طلب من الناس مبایعة علی ( علیه السَّلام ) بالصفق على یده ، فبایعوه و فی مقدمتهم کبار المهاجرین والأنصار ومشاهیر الصحابة (12).
ویعتقدون بأنّ الإمام ـ بعد رسول الله محمّد ( صلى الله علیه و آله ) ـ لَمّا کان یجب علیه أن یقوم بما کان یقومُ به النّبی ( صلى الله علیه و آله ) فی حیاته من القیادة والهدایة ، والتربیة والتعلیم ، وبیان الأحکام ، وحلّ المشاکل الفکریة المستعصیة ، ومعالجة الشؤون الاجتماعیة المهمّة ، کان لابدّ له ( أی للإمام والخلیفة من بعده ) من أن یکون بحیث یثق به الناسُ ، وذلک لیقود الأُمّة إلى شاطیء الأمان ، فهو یشارک النبیّ فی المؤهِلات والصِفات ، ( ومنها العصمة والعلم الواسع ) لأنه یشارکه فی الصلاحیات والمسؤُولیات باستثناء تلقّی الوحی ، ، والنبوّة ، لأنّ النبوّة خُتِمَت بمحمّد بن عبد الله ( صلى الله علیه و آله وسلم) فهو خاتم النبیین ، والمرسلین ، ودینه خاتم الأدیان ، وشریعته خاتمة الشرائع ، وکتابه آخر الکتب ، ولا نبیّ بعده ، ولا دین بعد دینه ، ولا شریعة بعد شریعته . ( وللشیعة فی هذا الصعید مؤلفات عدیدة ومتنوعة حجماً وأسلوباً ) .
ویعتقدون بأنّ حاجة الأُمّة إلى القائدِ الرشیدِ ، والولیّ المعصومِ اقتضت أن لا یُکتفی بنصب علی ( علیه السَّلام ) وحده للخلافة والإمامة بعد رسول الله ( صلى الله علیه و آله وسلم) ، بل لابدّ من استمرار حلقات القیادة هذه إلى مدة زمنیة طویلة ، إلى أن تترسخ جذور الإسلام وتُحفَظ اُسسُ الشریعة ، وتصان قواعدُها من الأخطار التی هَدّدت وتهدّد کلّ عقیدة إلهیة ، وکل نظام ربانیّ ، ولتعطیَ مجموعةُ الأئمة ـ بما یقومون به من أدوار و ممارسات مختلفة فی ظروف متنوعة ـ نماذجَ عملیّة وبرامج مناسبة لجمیع الحالات التی قد تمرّ بها الأُمّة الإسلامیةُ فیما بعد .
ویَعتقدونَ بأنّ النبیّ محمّد بن عبد الله ( صلى الله علیه و آله وسلم) لهذا السبب ولحکمة علیا ، عَیّنَ بأمر الله تعالى أحدَ عشر إماماً بعد علىّ ( علیه السَّلام ) وهم ـ مع علىّ ( علیه السَّلام ) ـ الأئمة الإثنا عشر ، الذین وَرَدَت الإشارةُ إلى عددهم ، وقبیلتهم ( قریش ) ـ ولیس إلى أسمائهم و خصوصیاتهم ـ فی صحیح البخاری وصحیح مسلم بألفاظ مختلفة ، حیث رویا عن رسول الله ( صلى الله علیه و آله ) : أنّ الدین لا یزال ماضیاً/ قائماً/ عزیزاً/ منیعاً ما کان فیهم اثنا عشر أمیراً ، أو خلیفة ، کلهم من قریش ، ( أو بنی هاشم ، کما فی بعض الکتب ، وقد جاءت أسماؤهم فی غیر الصحاح من کتب الفضائل والمناقب والشِعر والأدب ) .
و أَنّ هؤلاء هم أهل البیت الذین نَصَبهم رسولُ الله محمّد ( صلى الله علیه و آله وسلم) ـ وبأمر الله تعالى ـ قادةً للأُمة الإسلامیة ، لعصمتهم ، وطهارتهم من الخطأ والذنب ، ولعلمِهمُ الواسع الذی ورثوه عن جدّهم ـ وأمر بمودّتهم ومتابعتهم ، إذ قال تعالى : ( قُل لَّا أَسْأَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبَى )(13) ، وقال تعالى : ( یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَکُونُواْ مَعَ الصَّادِقِینَ )(14) .
ویَعتقِدُ الشیعةُ الجعفریّةُ بأنّ هؤلاء الأئمة الأطهار الّذین لم یسجّلِ التاریخُ علیهم زلّة أو معصیة ، فی القول والعمل ، قد خدموا ـ بعلومهم الجَمّة ـ الأُمّة الإسلامیة ، وأغنَوا ثقافتَها ، بالمعرفة العمیقة ، والرؤیة الصحیحة فی مجال العقیدة ، والشریعة والأخلاق والآداب ، والتفسیر والتاریخ ، وبصائر المستقبل . کما رَبّوا ـ بالاُسلوب القولیّ والعملی ـ ثُلّةً من الرّجال والنِساء الأفذاذ الأخیار الأبرار الذین اعترف الجمیعُ بِفضلهم وعِلمهم وحُسن سیرتهم .
و یرونَ بأنّهم وان اُبعِدوا ـ وللأسف ـ عن مَقام القیادة السیاسیة ـ إلاّ أنّهم أدّوا رِسالَتهم الفکریّة والاجتماعیة خیرَ أداء ، إذ صانوا مبادِیء العقیدة ، وقواعدَ الشریعة من الأخطار .
و لو کانت الأُمّة الاسلامیّةُ تفسح لهم المجال بأن یمارسوا الدورَ السیاسىّ الذی أعطاهم رسولُ الله ( صلى الله علیه و آله ) بأمر الله سبحانه ، لَحَصَلتِ الأمّةُ الاسلامیةُ على سعادتها وعزّتها ، وعظمتها کاملةً ، ولبقیتْ متحدةً ،
متفقةً ، متوحدةً ، لاشِقاق فیها ، ولا اختلاف ولا نزاع ، ولا صراع ، ولا مذابح ولا مجازر ، ولا ذلّة ولا صغار . (15)
ویَعتقدُون بأنّه ـ ولهذا السبب ، ونظراً للأدلة النقلیّة والعقلیّة الکثیرة المذکورة فی کتب العقیدة ـ یجب اتّباع ، أهلالبیت ، والتزام طریقتهم ، لأنها هی الطریقة التی رَسَمها رسولُ الله ( صلى الله علیه و آله ) للاُمّة ، واُوصى بسلوکِها والالتزام بها ، فی حدیث الثقلین المتواتر حیث قال : (انّی تارکٌ فیکُمُ الثَقَلینِکتابَ الله وعترتی أهل بیتی ما إن تَمَسّکتم بهما لَنْ تضِلوا أبداً ) کما رواه مسلم فی صحیحه وغیره من عشرات المحدّثین والعلماء فی جمیع القرون الإسلامیة (16).
و قد کان مثل هذا الاستخلاف والوصیة أمراً رائجاً فی حیاة الأنبیاء السابقین (17).
ویَعتقد الشیعةُ الجعفریة بأن على الأمّة الإسلامیة ـ أعزّها اللهُ ـ أن تناقشَ وتدرسَ هذه الأمور ، بعیداً عن السَبّ والشتم ، والإیهام والاتهام ، والتهویل والتهریج ، وأنّ على العلماء والمفکرین من جمیع الطوائف والفرق الإسلامیة أن یجتمعوا فی مؤتمرات علمیة ، ویدرُسوا بصفاء وإخلاص ، وباُخوة وموضوعیّة ما یقوله اخوانُهم من الشیعة الجعفریة ، وما یقیمونَه من أدلة على نظریّتهم ، فی ضوء کتاب الله والصحیح المتواتر من سنّة رسول الله ( صلى الله علیه و آله وسلم) ، والعقل الحصیف ، والمحاسَبة التاریخیة ، والتقییم السیاسی والاجتماعی العام فی عهدِ رسولالله ( صلى الله علیه و آله وسلم) وبعده .
ویَعتقدُ الشیعةُ الجعفریّة بأنّ الصحابةَ ، ومن کان حول رسول الله ( صلى الله علیه و آله وسلم) من الرجال والنساء ، خَدموا الإسلام ، وبذلوا النَفْسَ والنفیس فی سبیل نشره واقراره ، وأنّ على المسلمین أن یحترموهم ، ویثمنّوا خدماتهم ، ویترضّوا علیهم .
إلاّ أنّ هذا لا یعنی أنّ جمیعهم عدول بصورة مطلَقة ، وأنّهم فوق أن تُعرض بعضُ مواقفهم وأعمالهم على محّک النقد ، ذلک لأنّهم بشر یخطىء ویُصیب ، وقد ذکر التاریخ أنّ بعضَهم شذّ عن الطریق حتى فی عهد رسولِ الله ( صلى الله علیه و آله وسلم) ، بل وصرّح القران الکریم بذلک فی بعض سوره وآیاته مثل سورة المنافقین والأحزاب والحجرات والتحریم والفتح ومحمّد والتوبة ) .
فلا یعنی النقدُ النزیهُ لمواقف بعضهم کفراً ، لأنّ ملاکَ الإیمان والکفر واضح ، ومحورَهما بیِّن وهو إثبات أو نفی التوحید والرسالة ، والضروریِ والبدیهیِ من أمر الدین ، کوجوب الصلاة والصوم والحج وحرمة الخمر والمیسر وما شابه ذلک .
نعم ، یجب صیانة اللسان عن السَبّ والشتم وحفظ القلم عن الإسفاف ، فلیس ذلک من شأن المسلم المهذّب ، المتأسی بسیرة خاتم النبیین محمّد ( صلى الله علیه و آله وسلم) ، ومع ذلک فاِن أکثر الصحابة صالِحُون مُصْلِحُون جَدِیرون بالاحترام ،
على أن إخضاعهم لقواعد الجرح والتعدیل إنما هو للوقوف على السنّة النبوّیة الصحیحة الموثوق بها مع العلم بتکاثر الکذب والافتراء على رسول الله ( صلى الله علیه و آله وسلم) بعده ـ کما یعلم الجمیع ، وقد أخبر النبیّ ( صلى الله علیه و آله وسلم) نفسه بوقوعه ـ وهو ما حدى بعلماء من الفریقین کالسیوطی وابن الجوزی وغیرهما إلى تألیف کتب قیمة للفرز بین الأحادیث الصادرة حقّاً عن النبیّ الکریم ( صلى الله علیه و آله وسلم) وبین الموضوعات والمفتراة علیه .
والشِیعةُ الجعفریّةُ یعتقدون بوجود الإمام المهدیّ المنتظر ، لروایات کثیرة وَرَدت عن رسول الله ( صلى الله علیه و آله ) بأنّه من وُلد فاطمة ، وأنه تاسع وُلد الحسین ( علیه السَّلام ) ، وحیث انّ الوَلَد الثامنَ للحسین ( علیه السَّلام ) هو الإمامُ الحسنُ العسکری وقد تُوفّی عام ۲6۰ هجریة ، ولم یکن له إلاّ وَلَدٌ واحد ، اسمُه ( محمّد ) فهو الإمامُ المهدیُ المکنّى بأبی القاسم (18) ، وقد راه جمع من ثقات المسلمین وأخبروا بولادته وخصوصیاته ، وإمامته والنص علیه من جانب والده ، وقد غاب عن الأنظار بعد خمس سنوات من ولادته ، لأنّ الأعداء أرادوا قتله والقضاء علیه ، و لأنّ الله تعالى ادّخره لإقامة الحکومة الإسلامیة العادلة الشاملة فی آخر ، الزمان ، وتطهیر الأرض من الظلم والفَساد بعد أن تُملأَ منهما .
و لا غرابة ، کما لا داعی للعَجَبِ ، لطُول عمره ، فقد ذکر القرانُ أنّ المسیح ( علیه السَّلام ) حی إلى الآن ، وأنّ نوحاً ( علیه السَّلام ) عاش بین قومه ألف سنة إلاّ خمسین عاماً یدعوهم إلى الله ، وأنّ الخضر ( علیه السَّلام ) لایزال موجوداً .
فالله قادر على کل شیء ، ومشیئته ماضیة لا رادّ لها ولا دافع ، ألم یقل فی شأن النبىّ یونس علیه وعلى نبیّنا السلام :
( فَلَوْلَا أَنَّهُ کَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِینَ * لَلَبِثَ فِی بَطْنِهِ إِلَى یَوْمِ یُبْعَثُونَ )(19) .
ولقد أقرّ جمع کبیر من علماء أهل السنّة الأجلاء بولادة الإمام المهدی ( علیه السَّلام ) ووجوده ، وذکروا اسم والدیه وأوصافه مثل :
أ ـ عبد المؤمن الشبلنجی الشافعی فی کتابه : نور الأبصار فی مناقب آل بیت النبیّ المختار .
ب ـ ابن حجر الهیتمی المکی الشافعی فی کتابه : الصواعق المحرقة حیث قال عنه : أبو القاسم محمد الحجة وعمره عند وفاة أبیه خمس سنین ، لکن آتاه الله فیها الحکمة ویسمّى القائم المنتظر .
ج ـ القندوزی الحنفی البلخی فی کتابه : ینابیع المودة ، المطبوع فی الآستانة بترکیّا أیام الخلافة العثمانیة .
هـ السید محمد صدیق حسن القنوجی البخاری فی کتابه : الإذاعة لما کان وما یکون بین یدی الساعة ، هذا من المتقدّمین .
ومن المتأخّرین الدکتور مصطفى الرافعی فی کتابه : إسلامنا ، حیث تعرض لمسألة الولادة بإسهاب ، وردّ على جمیع الإشکالات والاعتراضات الواردة فی هذاالمجال .
والشیعةُ الجعفریةُ یُصَلّون ویَصُومون ویزکون ویُخمّسون أموالَهم ، ویحجون إلى بیت الله الحرام بمکّة المکرّمة ، ویؤدون مناسک العمرة والحج فی العمر مرّةً وجوباً ، وأکثر من ذلک ، استحباباً ، ویأمُرون بالمعروف ویَنهَون عن المنکر ، ویَتولّونَ أولیاء الله ، وأولیاء نبیّه ، ویُعادُون أعداء الله وأعداء نبیّه ، ویجاهدُون فی سبیل الله کلّ کافر أو مشرک یعلنُ الحرب على الإسلام ، وکلّ متآمر على الأمّة الإسلامیة ، ویُجرُون نشاطاتِهم الاقتصادیّة والاجتماعیّة والعائلیة کالتجارة والإجارة والنّکاحِ والطلاق والإرث والتربیة والرضاع والحجاب وغیرها وفقاً لأحکام الإسلام الحنیف ، آخِذین هذه الأحکام ـ عن طریق الاجتهاد الذی یقوم به فقهاؤُهم الأتقیاء الورِعون ـ من الکتاب والسنّة الصحیحة ، وأحادیث أهل البیت الثابتة ، والعقل وإجماع العلماء .
ویرون أنّ لکل فریضة من الفرائض الیومیّة وقتاً معیّناً ، وأنّ أوقات الصلوات الیومیّة هی خمسة : ( الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء ) وأنّ الأفضل هو الإتیانُ بکلّ صلاة فی وقتها الخاص ، إلا أنّهم یَجمعون بین صلاتی الظهر و العصر ، وبین صلاتی المغرب والعشاء ، لأنّ رسول الله ( صلى الله علیه و آله ) جَمعَ بینهما من دون عذرٍ ولا مرضٍ ولا مطرٍ ولا سَفرٍ ـ کما فی صحیح مسلم وغیره ـ تخفیفاً على الأمّة ، وتسهیلاً علیها ، وهو أمر طبیعی فی عصرنا الحاضر .
ویُؤذِّنون کما یؤذّنُ سائرُ المسلمین إلاّ أنّهم یأتون ـ بعد : ( حیّ على الفلاح ) ـ بجملة ( حیّ على خیرِ العَمَل ) لأنّها کانت فی زمن رسول الله ( صلى الله علیه و آله وسلم) ، وإنما حذفها ـ اجتهاداً ـ عمرُ بن الخطاب بحجة أنها تُصرِفُ المسلمین عن الجهاد ، إذا عرفوا أنّ الصلاة هی خیر العمل ( کما صرح بذل العلامّة القوشجی الأشعری فی کتابه شرح تجرید الاعتقاد ، وجاء فی المصنّف للکندى وکنز العمّال للمتقی الهندی وغیرهم ) . بینما أضافَ عمرُ بن الخطاب عبارة ( الصّلاةُ خیر من النوم ) ، والحال أنها لم تکن فی زمن النّبى ( صلى الله علیه و آله ) . ( راجع کتب الحدیث والتاریخ ) .
و حیث أنّ العبادة ومقدّماتها فی الإسلام موقوفة على أمر ، الشرع المقدس واذنِه ، بمعنى أنه یجب أن یستند کل شیء فیها إلى نص خاص أو عام من الکتاب والسنّة ، والاّ کان بدعة مرفوضة ومردودة على صاحبها . . . لذلک لا یمکن الزیادة والنقصان فی العبادات ، بل فی کل أمور الشرع بالرأی الشخصی .
وأمّا ما یضیفُه الشیعةُ الجعفریّةُ بعد ( أشهَد أنّ محمّداً رسولُ الله ) إذ یقولون : ( أشهدُ أنّ علیّاً ولیُ الله ) ، فهو لِروایات وَرَدت عن رسول الله وأهل البیت صلوات الله علیهم ، تُصرِّح بأنّه ما ذکرت جملة ( محمّد رسول الله ) أو کُتِبت على باب الجنة إلاّ وأردفت بجملة : ( علیّ ولیّ الله ) ، وهی جملة تنبیء عن أنّ الشیعة لا یقولون بنبوّة علی ( علیه السَّلام ) ، فضلاً عن القول باُلوهیته وربوبیّته والعیاذ بالله .
فلذلک جاز ذکرُها إلى جانب الشهادتین رجاء أن تکون مطلوبةً من قِبل الله تعالى ، ولا یؤتى بها بقصد الجزئیة أو الوجوب وهذا هو ما علیه الأغلبیة الساحقة من فقهاء الشیعة الجعفریة .
و لهذا فانّ هذه الزیادة التی یُؤتى بها لا بقصد الجزئیة کما قلنا ، لا تُعدّ من قبیل ما لا أصل له فی الشرع فلا تکون بدعةً .
ویَتوضّأ الشیعة الجعفریّة بغسل أیدیهم من المرافق إلى رؤُوس الأصابع لا العکس ، لأنّهم أخذوا کیفیة الوُضوء من أئمة أهل البیت : وهم أخذوه عن رسول الله ( صلى الله علیه و آله ) وهم أدرى من غیرهم بما کان یفعلُه جَدهم ، وقد کان رسول الله ( صلى الله علیه و آله وسلم) یفعل هکذا ، وقد فسّروا ( إلى ) فی آیة الوضوء ـ المائدة ، الآیة 6 ، بـ ( مع ) ، کما فعل ذلک الشافعی الصغیر فی کتابه : ( نهایة المحتاج ) .
کما أنّهم یمسَحون أرجلَهم ورؤوسَهم ولا یغسلونها فی الوضوء لنفس السبب الذی ذکرناه ، ولأنّ ابن عباس قال : الوضوء غَسلتان ومسحتان ، أو مَغسولان ومَمسوحان ، ( راجع السنن والمسانید ، وراجع تفسیر الفخر الرازی عند تفسیر آیة الوضوء ) .
ویقولون بجواز زواج المتعة لنصّ القران الکریم به إذ قال : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنّ فَآتُوهُنّ أجُورَهُنّ )(20) ، ولأنه فَعَلَه المسلمون فی عهد رسولِ الله ( صلى الله علیه و آله ) وفعَله صحابتُه إلى منتصفِ عهد خلافة عمر بن الخطاب ، و هو زواج شرعی یشارک الزواجَ الدائم فی :
أ ـ أن تکون المرأةُ غیرَ ذات بعل ، وفی إجراء الصیغة المتکوّنة من الإیجاب من جانب المرأة والقبولِ من جانب الرجل .
ب ـ وفی وجوب إعطاء مال إلى المرأة یسمّى فی الدائم : المَهر ، وفی المتعة : الأجر ، بنص القرآن کما مرّ أعلاه .
د ـ وفی وجوب اتخاذ العدّة من جانب المرأة بعد حصول انفصال الزوج عن الزوجة .
ه ـ وفی وجوب العِدّة بعد المفارقة ، والتحاق الوَلَد بالوالد ، ووجوب أن یکون الزوج واحداً لا أکثر .
و ـ وفی التوارث بین الوَلَد والوالد ، والولد والوالدة وبالعکس أیضاً .
و یفارق الزواجَ الدائمَ فی تعیین مدة فی الزواج المؤقّت وفی عدم وجوب النفقة و القسمة على الزوج للزوجة ، وعدم التوارث بین الزوجین ، وعدم الحاجة إلى الطلاق من أجل الانفصال ، بل یکفی انقضاء المدّة المقررة أو التنازل عن بقیة المدة المذکورة فی نص العقد لها .
و حکمة تشریع هذا النمط من الزواج هی الاستجابة المشروعة والمشروطة لحاجة الرجال والنساء الجنسیّة لمن لا یستطیع القیام بکل لوازم الزواج الدائم ، أو حُرِم من الزوجة ، لوفاة أو سبب آخر وبالعکس ، مع إرادة العیش بکرامة وشرف ، وبالتالی فالمتعة فی الدرجة الأولى حل لمعضلة اجتماعیة خطیرة ، ولمنع وقوع المجتمع الإسلامی فی مستنقع الفساد والإباحیة .
و قد یستفاد منها لأغراض التعارف المشروع قبل الزواج ، وهو بالتالی یمنع من اللقاء الحرام ، والزنا ، والکبت الجنسی أو استخدام الأمور الأخرى المحرّمة کالاستمناء بالنسبة لمن لا یُطیق الصبرَ على زوجة واحدة ، أو لا یمکنه إدارة زوجة ـ أو أکثر من زوجة ـ اقتصادیاً ومعیشیاً وفی نفس الوقت لا یرید الحرام .
و على کلّ حال ، فانّ هذا الزواج یستند إلى الکتاب والسنّة ، وعمِل الصحابةُ به ردحاً من الزمن ، ولو کان زنا لکان معناه أنّ القرآن والنبی والصحابة قد أحلّوا الزِّنا وارتکب فاعله الزنا مدّة من الزمن ، والعیاذ بالله .
هذا مضافاً إلى أنّ نَسخه لا یستند إلى الکتاب والسنّة ، ولم یقمْ علیه دلیل قاطع وصریح (21) .
على أنّ الشیعة الإمامیة وان کانوا یبیحون ویحلّون هذا النوع من النکاح المشرّع والمشروع بنص الکتاب والسنّة الاّ أنّهم یرجّحون النکاح الدائم وإقامة العائلة لکونها أساس المجتمع القوىّ السّلیم ، ولا یمیلون إلى الزواج المؤقت المسمى فی الشریعة بالمتعة مع کونها ـ کما قلنا ـ حلالاً مشروعاً .
المصادر :
1- سورة البینة ( 98 ) ، الآیة : 7 .
2- راجع للمثال : تفسیر الطبری ( جامع البیان ) والدرّ المنثور للعلامة السیوطی الشافعی ، وتفسیر روح المعانى للآلوسی البغدادی الشافعی عند تفسیر الآیة الحاضرة
3- سورة الحجرات ( 49 ) ، الآیة : 10 .
4- سورة المائدة ( 5 ) ، الآیة : 2 .
5- مسند أحمد : 1 / 215 .
6- البخاری ، کتاب الأدب : 27 .
7- کتاب تأسیس الشیعة لعلوم الإسلام ، للصدر ، والذریعة إلى تصانیف الشیعة لآغا بزرک ( الذی یقع فی ۲۹ مجلداً ) وکشف الظنون للأفندی ومعجم المؤلفین ، لکحالة ، وأعیان الشیعة للسید محسن الأمین العاملی ، وغیرها
8- یتقید الشیعة الإمامیة بذکر آل النّبی إلى جانب اسمه عند الصلاة والتسلیم علیه ، لأمره صلىالله علیه واله بذلک کما جاء فی بعضالصحاح الستة وغیرها .
9- راجع : کتاب الإرشاد للشیخ المفید ، وإعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسی ، وموسوعة بحار الأنوار للمجلسی ، وموسوعة الرسول المصطفى للسید محسن الخاتمی مؤخّراً
10- راجع کتاب تاریخ القرآن للزنجانی ، والتمهید فی علوم القرآن لمحمد هادى معرفة ، وغیرهما
11- هذه الآیات هی : قوله تعالى فی آیة التبلیغ ( یَا أَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَیْکَ مِن رَّبِّکَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ یَعْصِمُکَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ یَهْدِی الْقَوْمَ الْکَافِرِینَ ) سورة المائدة /الآیة : 67 .
و قوله تعالى فی آیة الإکمال : ( الْیَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِینَکُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتِی وَرَضِیتُ لَکُمُ الإِسْلاَمَ دِینًا ) سورة المائدة / الآیة : 3 .
و قوله تعالى : ( الْیَوْمَ یَئِسَ الَّذِینَ کَفَرُواْ مِن دِینِکُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ) سورة المائدة / الآیة : 3 .
و قوله تعالى : ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِّلْکَافِرینَ لَیْسَ لَهُ دَافِعٌ ) سورة المعارج / الآیة : 1 و 2 .
12- راجعالغدیر للعلامة الأمِینی نقلاً عن مصادر إسلامیة تفسیریة وتاریخیة عدیدة
13- سورة الشورى / الآیة : 23 .
14- سورة التوبة / الآیة : 119 .
15- راجع فی هذا المجال کتاب : الإمام الصادق والمذاهب الأربعة لأسد حیدر - والذی یقع فی ۳ مجلدات - وغیره
16- راجع رسالة حدیث الثقلین للوشنوی التی صَدَّق علیها الأزهر الشریف قبل حوالی ثلاثة عقود
17- راجع : إثبات الوصیة للمسعودی ، وکتب الحدیث والتفسیر والتاریخ للفریقین ) .
18- وفی الصحاح وغیرها من مؤلفات الفریقین أنّ النبیّ صلّى الله علیه واله قال : ( سیظهَر فی آخرِ الزمان رجل من ذریتی اسمه اسمی وکنیتهُ کنیتی یملاء الأرض عدلاً وقسطاً بَعد أن مُلِئَت ظلماً وجوراً ) .
19- سورة الصافات / الآیة : 143 و 144 .
20- سورة النساء /الآیة : 24 .
21- راجع کلّ أحادیث المتعة فی الصحاح والسنن والمسانید المعتبرة عند المذاهب الإسلامیة المختلفة .
/ج