إنّنا نسأل أهل السنّة ونراجع کتبهم، ونفحص فی روایاتهم، عمّا إذا کان عندهم شیء عن رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) فی الامامة، وعدد الائمّة بعد رسول الله، هل هناک دلیل على حصر الائمّة بعد رسول الله فی عدد معیّن أو لا یوجد دلیل ؟ وإذا کان یوجد دلیل فما هو ذلک العدد ؟ ومن هم أُولئک الائمّة الذین دلّت علیهم وعلى إمامتهم تلک الادلّة ؟
الجواب واضح تماماً، فحدیث الائمّة إثنا عشر أو الخلفاء من بعدی إثنا عشر، هذا الحدیث مقطوع الصدور، اتفق علیه الشیخان وغیرهما من أئمّة الحدیث، وأخرجوه بطرق وأسانید معتبرة، ورووه عن عدة من الصحابة، أقرأ لکم نصوصاً من هذا الحدیث، وأرجو الدقّة فی ألفاظ هذه النصوص، والتأمّل فیما تختلف فیه هذه الالفاظ، والتوصل إلى نتیجة قطعیة على ضوء الدقّة فی هذه النصوص.
نصوص من حدیث الائمّة اثنا عشر
أخرج أحمد فی المسند عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبی (صلى الله علیه وسلم) یقول: «یکون لهذه الاُمّة اثنا عشر خلیفة»(1) .وأخرج أحمد أیضاً عن مسروق قال: کنّا جلوساً عند عبدالله ابن مسعود وهو یقرؤنا القرآن فقال له رجل: یا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله (صلى الله علیه وسلم) کم تملک هذه الاُمّة من خلیفة ؟ فقال: ما سألنی عنها أحد منذ قدمت العراق قبلک، ثمّ قال: نعم، ولقد سألنا رسول الله (صلى الله علیه وسلم) فقال: «إثنا عشر کعدّة نقباء بنی إسرائیل»(2) . فی هذا اللفظ توجد هذه الاضافة: «کعدّة نقباء بنی إسرائیل».
وأخرج أحمد عن عامر بن سعد بن أبی وقّاص قال: کتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامی: أخبرنی بشیء سمعته من رسول الله، قال: فکتب إلیّ: سمعت رسول الله (صلى الله علیه وسلم) یوم جمعة عشیة رجم الاسلمی ـ یعطی علامة أنّه فی ذلک الیوم المعین الذی رجم فیه فلان ـ سمعته یقول: «لا یزال الدین قائماً حتّى تقوم الساعة أو یکون علیکم اثنا عشر خلیفة، کلّهم من قریش»(3) .
لاحظوا الاضافات فی هذا اللفظ عن نفس جابر الراوی لهذا الحدیث.
وأخرج مسلم فی صحیحه عن جابر بن سمرة، نفس هذا الشخص قال: دخلت مع أبی على النبی (صلى الله علیه وسلم) فسمعته یقول: «إنّ هذا الامر لا ینقضی حتّى یمضی فیهم اثنا عشر خلیفة»، ثمّ تکلّم بکلام خفی عَلَیّ، فقلت لابی: ما قال ؟ قال: قال: «کلّهم من قریش»(4) .فی هذا اللفظ إضافة، والتفتوا إلى هذه الفوارق.
وأمّا البخاری فیروی فی صحیحه عن جابر نفسه: سمعت النبی (صلى الله علیه وسلم) یقول: «إثنا عشر أمیراً»، فقال کلمة لم أسمعها، فقال أبی: إنّه یقول: «کلّهم من قریش»(5) .وأخرج الترمذی عن جابر نفسه قال: قال رسول الله: «یکون من بعدی اثنا عشر أمیراً»، ثمّ تکلّم بشیء لم أفهمه فسألت الذی یلینی فقال: قال: «کلّهم من قریش»، قال الترمذی: هذا حدیث حسن صحیح، وقد روی من غیر وجه عن جابر بن سمرة، وفی الباب عن ابن مسعود وعبدالله بن عمرو(6) .
وأمّا فی صحیح أبی داود یقول جابر، ـ الروایة عن جابر نفسه ـ: سمعت رسول الله یقول: «لا یزال هذا الدین عزیزاً إلى اثنی عشر خلیفة»، قال: فکبّر الناس وضجّوا، ثمّ قال کلمة خفیت، قلت لابی: یا أبه، ما قال ؟ قال: قال: «کلّهم من قریش»(7) .
یقول الحافظ ابن حجر العسقلانی: أصل هذا الحدیث فی صحیح مسلم بدون کلمة: فکبّر الناس وضجّوا(8) .
وقد قرأنا عبارته، لم تکن فیه هذه الجملة: فکبّر الناس وضجّوا، لکنّها موجودة فی صحیح أبی داود.
وللطبرانی لفظ آخر، یقول الطبرانی عن جابر بن سمرة: «یکون لهذه الاُمّة اثنا عشر قیّماً» ـ لم یقل خلیفة، ولم یقل أمیراً ـ «لا یضرّهم من خذلهم، کلّهم من قریش»(9) .
قال ابن حجر فی فتح الباری فی شرح البخاری: ووقع عند الطبرانی من وجه آخر هذا الحدیث فی آخره یقول جابر هذا الراوی یقول: فالتفتُ فإذا أنا بعمر بن الخطّاب وأبی فی أُناس، فأثبتوا إلیّ الحدیث(10) .
هذه هی الالفاظ التی انتخبتها، واکتفیت بها لالقائها فی هذه الجلسة.
ولاحظوا أوّلاً ألفاظ الحدیث إلى الان، فی بعض الالفاظ: «إثنا عشر خلیفة»، فی بعض الالفاظ: «إثنا عشر أمیراً»، فی بعض الالفاظ: «إثنا عشر قیّماً»، وبین الکلمات فرق کبیر.
ثمّ فی بعض الالفاظ: «لا یزال هذا الدین عزیزاً»، وفی بعض الالفاظ توجد جملة: «لا یزال الدین قائماً حتى تقوم الساعة...»، وفی بعض الالفاظ: «لا یضرّهم من خذلهم».
أمّا هذه الالفاظ التی لم ینقلها کلّ الرواة ونقلها بعضهم دون بعض، لماذا ؟ لماذا لم تکن جملة «فکبّر الناس وضجّوا» فی صحیح مسلم، والحال أنّ الحدیث نفس الحدیث کما ینصّ الحافظ ابن حجر ؟ غیر مسلم یأتی بهذه الجملة لکن لیست الجملة فی صحیح مسلم ! أمّا البخاری فلم ینقل من هذه النقاط الاضافیّة المهمة شیئاً !
تارة المتکلم یتکلّم ثمّ یخفض صوته فلا یسمع کلامه، وتارة المتکلم لا یخفض صوته، وإنّما الصیاح فی أطرافه والضجّة من حوله تمنع من وصول کلامه وبلوغ لفظه فلا یسمع کلامه، وفی أکثر الالفاظ یقول جابر: إنّه قال کلمة لم أسمعها، قال کلمة لم أفهمها، قال کلمة خفیت عَلَیّ.
ولسائل أن یسأل: ما هو السبب فی خفاء هذه الکلمة أو غیرها من الکلمات على جابر ؟ جابر الذی ینقل الحدیث من رسول الله ویقول: سمعته.. فلمّا وصل إلى هنا خفّض رسول الله صوته أو کانت هناک أسباب وعوامل خارجیة ؟ فهذه العوامل الخارجیة مَن الذی أحدثها وأوجدها ؟ لماذا قال رسول الله بعض الحدیث وسُمع کلامه وبعض الحدیث خفی ولم یُسمَع ؟ وماذا قال ؟ وهل کان لعمر بن الخطّاب وأصحابه دور فی خفاء صوته وعدم بلوغ لفظه إلى الحاضرین ؟ أو لم یکن ؟
لسائل أن یسأل عن هذه الاُمور، والمحقق لا یترک مثل هذه القضایا على حالها، المحقق لا یتجاوز هذه الاشیاء بلا حساب، تارةً یراد منّا أن نقرأ ونسکت، وتارة یراد منّا أن نسمع ونسلّم، وتارة یراد منّا أن نحقق ونفهم.
لقد وجدنا أنّ رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) لمّا أمر بإتیان دواة وقرطاس إلیه، کثر اللغطُ من حوله، وجعل الحاضرون یتصایحون، لئلاّ یسمع کلامه، ولئلاّ یلبّ طلبه ! وحینئذ قال عمر کلمته المشهورة فی تلک القضیة !! أتستبعدون أن یکون رسول الله قد قال هنا کلمات ومنعوا الحاضرین من سماع تلک الکلمات لئلاّ ینقلوها إلى من بعدهم، عن طریق إحداث الضجّة من حوله والتکبیر ؟ وماذا قال رسول الله حتّى یکبّروا کما جاء فی الحدیث: فکبّر الناس وضجّوا ؟ لماذا ؟ وأیّ مناسبة بین قوله (صلى الله علیه وآله وسلم): «یکون بعدی خلفاء...» وبین التکبیر، وبین الضجّة ولماذا ؟
وعندما بحثت عن ألفاظ الحدیث، وجدت فی عمدة المصادر لا یلتفتون إلى هذه الحقیقة، أوْ لا ینبّهون على هذه النقطة، حتّى عثرت على اسم عمر بن الخطّاب فی أحد ألفاظه، هذا المقدار الذی بحثت عنه، وقارنت بین القضیّة هذه وبین قضیة الدواة والقرطاس.
وإن أردتم مزیداً من التأکید والتوضیح، فراجعوا بعض مؤلفات أهل السنّة من المتأخرین، فإذاً لوجدتم الحدیث عن نفس جابر وبنفس السند الذی فی صحیح البخاری، کانت تلک الکلمة التی خفیت على جابر: «کلّهم من بنی هاشم» ولیس «کلّهم من قریش» فماذا حدث ؟ وماذا فعل القوم ؟ وکیف انقلبت ألفاظ رسول الله وتغیّرت من لفظ إلى لفظ على أثر الضجّة ؟ منعوا من سماع الکلمة وحالوا دون وصول کلامه، فإذا سئلوا ماذا قال ؟ أجابوا بغیر ما قال رسول الله، عندما سأل: یا أبه أو یا عمر أو یا فلان، یقول: سألت الذی یلینی ماذا قال رسول الله ؟ قال: «کلّهم من قریش».
لکن عبد الملک بن عمیر، یروی الروایة عن جابر نفسه أنّه قال: «کلّهم من بنی هاشم»، وعبد الملک بن عمیر نفس الراوی عن جابر فی صحیح البخاری، فراجعوا.
نحن وإنْ کنّا لا نوافق على وثاقة عبد الملک بن عمیر، هذا الرجل عندنا مطعون ومجروح، لانّه کان قاضی الکوفة، وعندما أرسل الحسین (علیه السلام) إلى الکوفة رسولاً من قبله، وأمر عبید الله بن زیاد بأن یأخذوا هذا الشخص إلى القصر وأمر بإلقائه من أعلى القصر إلى الارض فسقط على الارض وبه رمق، جاء عبد الملک ابن عمیر، وذبح هذا الرجل فی الشارع، فلمّا اعترض علیه قال: أردت أنْ أُریحه.
هذا الشخص ـ عبد الملک ـ لیس عندنا بثقة، لکنّه من رجال الصحاح الستّة.
عبد الملک بن عمیر یروی الحدیث عن جابر وفیه بدل «کلّهم من قریش» جملة «کلّهم من بنی هاشم».
وأیضاً، یوافق عبد الملک بن عمیر فی روایة الحدیث عن جابر بلفظ «کلّهم من بنی هاشم»: سماک بن حرب، وسماک بن حرب من رجال مسلم، ومن رجال البخاری فی تعلیقاته، ومن رجال الصحاح الاربعة الاُخرى.
فعبدالملک وسماک کلاهما یرویان عن جابر الحدیث نفسه بلفظ «کلّهم من بنی هاشم».
وإذا ما رجعتم إلى کتب أصحابنا وجدتموهم یروون هذا الحدیث بأسانیدهم إلى جابر نفسه، وتجدون الحدیث مشتملاً على ألفاظ وخصوصیات أُخرى، وسأقرأ لکم تلک الخصوصیات عندما أُرید أنْ أستدلّ بهذا الحدیث على إمامة الائمّة (علیهم السلام).
وإلى الان عرفنا من هذه الاحادیث:
أوّلاً: عدد الائمّة على وجه التحدید، عدد الخلفاء، أو القوّام على هذا الدین على وجه التحدید: اثنا عشر.ثانیاً: یقول رسول الله بأنّ هؤلاء باقون إلى قیام الساعة.
ثالثاً: یقول رسول الله بأنّ عزّ الاسلام منوط بوجود هؤلاء، بإمامة هؤلاء، بخلافة هؤلاء.
رابعاً:هؤلاء أئمّة قوّام للدین، وإن خذلوا وإن خولفوا. یقول أصحابنا بأنّ المراد من هذا العدد وهؤلاء الذین ذکرهم رسول الله أو أشار إلیهم هم أئمّتنا الاثنا عشر سلام الله علیهم.
ومن العجیب أنّ إمامة أئمّتنا بنفس العدد والنص موجود فی الکتب السماویة السابقة، وثابت عند أهل الکتاب وأهل الادیان السالفة، ولذا لو أنّ أحداً من أهل الکتاب أسلم، صار شیعیّاً، وهذا ما ینصّ علیه ابن تیمیّة فی منهاج السنّة(11) .
المراد من الاثنی عشر عند أهل السنة
فإذا کان المراد بنظر أصحابنا من هذا الحدیث أئمّتنا الاطهار الاثنا عشر، فلنرجع إلى أئمّة أهل السنّة ومحدّثیهم الحفّاظ الکبار، لنلاحظ ماذا یقولون فی معنى هذا الحدیث، ومَن المراد من هؤلاء الائمّة فی هذا الحدیث الثابت ؟ فهنا أُمور:
الامر الاوّل: هذا الحدیث لا یمکنهم ردّه، لصحّته ووجوده فی الصحیحین وغیرهما من الکتب.
الامر الثانی: إنّهم لا یریدون أن یعترفوا بما تقوله الشیعة الامامیة.
الامر الثالث: إنّ الذین تولّوا الامر بعد رسول الله عددهم أکثر من هذا العدد بکثیر.
ومع الالتفات إلى هذه الاُمور الثلاثة، لاحظوا ما یقولون فی شرح هذا الحدیث، وانظروا کیف یضطربون وتتضارب أفکارهم وآراؤهم وأقوالهم فی شرح هذا الحدیث وبیان معناه، ولو أردتُ أنْ أذکر لکم کلّ ما حصلت علیه من کلماتهم لطال بنا المجلس، وعندنا بحوث لاحقة أیضاً فلا یبقى لها مجال.
لقد اضطربوا فی معنى هذا الحدیث اضطراباً کبیراً، فابن حجر العسقلانی فی فتح الباری یذکر آراء ابن الجوزی والقاضی عیاض، ویباحثهم فیما قالا، وابن کثیر الدمشقی یذکر فی کتابه البدایة والنهایة ـ حیث یعنون هذا الحدیث ـ یذکر آراء البیهقی وغیره ویناقشهم، ولا بأس أنْ أقرأ لکم رأی ابن کثیر فقط، وبه أکتفی لئلاّ یطول بنا البحث.
یقول ابن کثیر بعد أنْ یذکر رأی البیهقی وغیره: وفیه نظر، وبیان ذلک: إنّ الخلفاء إلى زمن الولید بن یزید أکثر من اثنی عشر على کل تقدیر، وبرهانه إنّ الخلفاء الاربعة أبو بکر وعمر وعثمان وعلی خلافتهم محققة بنص حدیث سفینة: «الخلافة بعدی ثلاثون سنة»، ثمّ بعدهم الحسن بن علی کما وقع ـ لانّ علیّاً أوصى إلیه، وبایعه أهل العراق ورکب ورکبوا معه لقتال أهل الشام ـ ثمّ معاویة، ثمّ ابنه یزید بن معاویة، ثمّ ابنه معاویة بن یزید، ثمّ مروان بن الحکم، ثمّ ابنه عبد الملک بن مروان، ثمّ ابنه الولید بن عبد الملک، ثمّ سلیمان بن عبد الملک، ثمّ عمر بن عبد العزیز، ثمّ یزید بن عبد الملک، ثمّ هشام بن عبد الملک. فهؤلاء خمسة عشر، فزادوا ثلاثة، وعلى کلّ تقدیر فهم اثنا عشر قبل عمر بن عبد العزیز، فهذا الذی سلکه أی البیهقی على هذا التقدیر یدخل فی الاثنی عشر یزید بن معاویة، ویخرج منهم عمر بن عبد العزیز، الذی أطبق الائمّة على شکره وعلى مدحه، وعدّوه من الخلفاء الراشدین، وأجمع الناس قاطبة على عدله، وأنّ أیّامه کانت من أعدل الایّام، حتّى الرافضة یعترفون بذلک .
فإن قال: ـ یعنی البیهقی ـ أنا لا أعتبر إلاّ من اجتمعت الاُمّة علیه، لزمه على هذا القول أنْ لا یعدّ علی بن أبی طالب ولا ابنه، لانّ الناس لم یجتمعوا علیهما، وذلک لانّ أهل الشام بکاملهم لم یبایعوهما، وعدّ حینئذ معاویة وابنه یزید وابن ابنه معاویة بن یزید، ولم یعتد بأیّام مروان ولا ابن الزبیر، لانّ الاُمّة لم تجتمع على واحد منهما، ولکن هذا لا یمکن أن یسلک، لانّه یلزم منه إخراج علی وابنه الحسن من هؤلاء الاثنی عشر، وهو خلاف ما نصّ علیه أئمّة السنّة بل الشیعة(12) .
فهذا قول من أقوالهم، وهو من البیهقی، ثمّ هذا قول ابن کثیر باعتراضه على البیهقی حیث یقول بأنّ لازم کلامکم إخراج علی والحسن من الاثنی عشر.
ولو أردتم التفصیل، فراجعوا: شرح النووی على صحیح مسلم، راجعوا فتح الباری فی شرح صحیح البخاری، وراجعوا تفصیل کلام ابن کثیر فی تاریخه، فقد ذکروا فی هذه الکتب أن بعضهم أخرج الامام علیّاً (علیه السلام) والحسن من الائمّة الاثنی عشر، وأدخلوا فی مقابلهما ومکانهما معاویة ویزید ابن معاویة وأمثالهما(13) .
الاولى: فی تحقیق الوجوه التی ذکرها القوم فی معناه، ونقدها واحداً واحداً.
والثانیة: فی بیان معناه على ضوء الادلّة المتقنة من الکتاب والسنّة، لاسیّما سائر الاحادیث الصحیحة الواردة فی الموضوع، لانّ الحدیث یفسّر بعضه بعضاً.
وبعبارة أُخرى: یتکوّن البحث فی معنى هذا الحدیث من فصلین:
أحدهما: فی الموانع عن انطباق الحدیث على الاشخاص الذین ذکرهم القوم.
والثانی: فی مصادیقه الذین قصدهم رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم).
وکلّ ذلک بالنظر إلى الاحادیث الصحیحة وأخبار أولئک الاشخاص المدوّنة فی کتب السیر والتواریخ.
هذا، وقد توافق القوم على ذکر جملة من ملوک بنی أُمیّة فی عداد الخلفاء الاثنی عشر، وذلک باطلٌ بالنظر إلى أن الحدیث فی «الخلفاء» لا «الملوک» وبالنظر إلى ما ورد فی کتب الفریقین فی ذمّ بنی أُمیّة، لاسیّما الحدیث المعتبر بتفسیر قوله تعالى: (... وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ) (14) من أنّ المراد بنو أُمیّة.
لکن ممّا یهوّن الخطب أنّهم بعد أنْ شرّقوا وغرّبوا، اضطرّوا إلى الاعتراف بعدم فهمهم للحدیث، وکما ذکرنا فی الاُمور الثلاثة، فإنّ الحقیقة هی أنّهم لا یریدون أن یعترفوا بما تقوله الشیعة، ورغم جمیع محاولاتهم، وعلى مختلف آرائهم، فإنّ الحدیث لا ینطبق على خلفائهم وأئمّتهم، فماذا یفعلون ؟ یعترفون بأنّا لم نفهم معنى هذا الحدیث، لاحظوا هذه الکلمات:
یقول الحافظ ابن العربی المالکی کما فی شرح الترمذی(15) : لم أعلم للحدیث معنى.
وفی فتح الباری عن ابن البطال إنّه حکى عن المهلب قوله ـ وهی عبارة مهمة ـ: لم ألق أحداً یقطع فی هذا الحدیث بشیء معیّن(16)
وعن ابن الجوزی: قد أطلت البحث عن معنى هذا الحدیث
وتطلّبت مضانّه وسألت عنه، فلم أقع على المقصود(17) .
المقصود معلوم، المقصود یقع علیه من کان عنده إنصاف ولم یکن عنده تعصّب.
والملاحظ أنّهم یحاولون قدر الامکان تطبیق الحدیث على زمن حکومة بنی أُمیّة، مع أنّهم یروون عن النبی أن الخلافة بعده ثلاثون سنة، ثم یکون الملک، وقلّ ما رأیت منهم من یشارک حکّام بنی العباس فی معنى هذا الحدیث، نعم، وجدته فی کلام الفضل ابن روزبهان، فلاحظوا من یرى ابن روزبهان أنّهم الائمّة الاثنا عشر، یقول: إنّ عدد صلحاء الخلفاء من قریش اثنا عشر [ وکأنّ الرسول (صلى الله علیه وآله وسلم) قیّد هذا الحدیث بالصلحاء، والحال أنّه لا یوجد فی لفظ الحدیث کلمة: الصلحاء، أو ما یؤدّی معنى کلمة الصلحاء ]وهم: الخلفاء الراشدون، وهم خمسة ـ یعنی منهم الحسن (علیه السلام)ـ ثمّ عبدالله بن الزبیر وعمر بن عبد العزیز فهؤلاء سبعة، وخمسة من بنی العباس.
أمّا مَن هؤلاء الخمسة من بنی العباس ؟ لا یذکرهم، فمن یذکر ؟ یذکر هارون ؟ یذکر المتوکل ؟ یذکر المنصور الدوانیقی ؟
أیّهم یستحقّ أن یطلق علیه اسم خلیفة رسول الله والامام من بعده ؟ فهو لا یذکر أحداً، وإنّما یقول خمسة، وکأن تقسیم هذا الامر فوّض إلى الفضل ابن روزبهان، فجعل من هؤلاء سبعة ومن هؤلاء خمسة.
وعلى کلّ حال، لیس لهم رأی یستقرّون علیه، ثمّ یعترفون بعدم فهمهم للحدیث، وفی الحقیقة لیس بعدم فهم، وإنّما عدم اعتراف بالواقع والحقیقة.
حقیقة الاثنی عشر
إذن، ما هی الحقیقة ؟النبی (صلى الله علیه وآله وسلم) أراد أن یعرّف الائمّة من بعده ویعیّن عددهم على وجه التحدید، وقد فعل هذا، لکن اللغط والصیاح والضجّة من حوله، کلّ ذلک منع من سماع الحاضرین صوته ونقلهم ما سمعوا من رسول الله، فکان السبب فی خفاء صوته فی الحقیقة هذه الضجّة من حوله، لا أنّ صوته ضعف، أو حصل مثلاً انخفاض فی صوته، ورسول الله ـ کما جاء فی بعض ألفاظ هذا الحدیث ـ قد قال: «کلّهم من بنی هاشم».
یقول جابر بن سمرة: کنت مع أبی عند النبی، فسمعته یقول: «بعدی اثنا عشر خلیفة»، ثمّ أُخفی صوته، [ لاحظوا: ثمّ أُخفی صوته ] فقلت لابی: ما الذی أخفى صوته ؟ قال: قال: «کلّهم من بنی هاشم»، وعن سماک بن حرب أیضاً مثل ذلک.
ثمّ نلاحظ القرائن الموجودة فی لفظ الحدیث، والقرائن ذکرتها فی خلال البحث، أُکرّرها مرّةً أُخرى بسرعة:
«لا یزال الدین قائماً حتّى تقوم الساعة أو یکون علیکم اثنا عشر خلیفة».
یکون لهذه الاُمّة اثنا عشر قیّماً لا یضرّهم من خذلهم»، یظهر: إنّ هناک من الاُمّة خذلاناً، ومن الذی خذل معاویة ؟ ومتى خذل یزید ؟ ومتى خذل مروان وغیر أُولئک ؟ أهل البیت هم الذین خُذلوا، هم الذین خولفوا.
ویظهر من کلمة «القیّم» أنّ المراد هو الامامة بالمعنى الحقیقی، أی الامامة الشرعیة، ولیس المراد هو الحکومة وبسط الید ونفوذ الکلمة والسیطرة على السلطة الاجرائیة.
وإذا رجعنا إلى أحادیثنا وأسانیدنا المتصلة إلى جابر بن سمرة وغیره وجدنا أشیاء أُخرى، فلاحظوا الروایة:
عن سلمان: «الائمّة بعدی اثنا عشر»، ثمّ قال: «کلّهم من قریش، ثمّ یخرج المهدی ـ عجّل الله تعالى فرجه ـ فیشفی صدور قوم مؤمنین، ألا إنّهم أعلم منکم فلا تعلّموهم، ألا إنّهم عترتی ولحمی ودمی، ما بال أقوام یؤذوننی فیهم، لا أنالهم الله شفاعتی»(18) فهذا لفظ من ألفاظ الحدیث.
ومن ألفاظ الحدیث عن أبی هریرة: «أهل بیتی ـ الائمّة بعدی اثنا عشر کذا ـ أهل بیتی عترتی من لحمی ودمی، هم الائمّة بعدی، عدد نقباء بنی إسرائیل»(19) .
عن حذیفة بن أسید: «الائمّة بعدی عدد نقباء بنی إسرائیل، تسعة من صلب الحسین ومنّا مهدی هذه الاُمّة، ألا إنّهم مع الحق والحق معهم، فانظروا کیف تخلفونی فیهم»(20) .
وهذه من ألفاظ حدیث الائمّة إثنا عشر، والالفاظ هذه موجودة فی کتاب کفایة الاثر فی النص على الائمّة الاثنی عشر.
وإذا کان رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) قد أخبر بعدد الائمّة من بعده وعیّنهم بهذه الاوصاف، وأنّهم من العترة، وأنّهم أعلم، وأنّهم کذا، وأنّهم کذا، ثمّ قال: «فانظروا کیف تخلفونی فیهما»، فیکون قد أشار (صلى الله علیه وآله وسلم) إلى حدیث الثقلین، والحدیث یفسّر بعضه بعضاً، فقد کان هذا من مدالیل حدیث الثقلین.
حدیث الثقلین یفسّر الاثنی عشر
وحینئذ ننتقل إلى مفاد حدیث الثقلین، لنفهم معنى حدیث الثقلین بما یتعلّق فی بحثنا هذه اللیلة، ولیکون حدیث الثقلین مفسّراً لحدیث الائمّة الاثنی عشر:لاحظوا، رسول الله عندما یقول: «إنّهما لن یفترقا حتّى یردا عَلَیّ الحوض»، معنى ذلک: إنّ الائمّة من العترة باقون ما بقی القرآن لا یفترقان ولا یتفرَقان، والحدیث ـ کما قرأنا فی تلک اللیلة التی خصّصناها للبحث عن هذا الحدیث ـ حدیث صحیح مقطوع صدوره ومقبول عند الطرفین، فعندما یقول رسول الله: «إنّی تارک فیکم الثَقَلین أو الثقْلین»، فقد قرن رسول الله الائمّة من العترة بالقرآن، والقرآن مادام موجوداً فالعترة موجودة، فالعترة موجودة ما دام القرآن موجوداً، أی إلى آخر الدنیا، فالعترة موجودة إلى آخر الدنیا، لذا قال فی حدیث الاثنی عشر: «حتّى تقوم الساعة».
وإن کنتم فی شک ممّا قلته فی معنى حدیث الثقلین، فلاحظوا نصوص عبارات القوم فی شرح حدیث الثقلین من هذه الناحیة:
یقول المنّاوی فی فیض القدیر فی شرح حدیث الثقلین: تنبیه: قال الشریف ـ یعنی السمهودی الحافظ الکبیر ـ هذا الخبر یُفهم وجود من یکون أهلاً للتمسّک به من أهل البیت والعترة الطاهرة فی کلّ زمان إلى قیام الساعة، حتّى یتوجّه الحث المذکور إلى التمسّک به، کما أنّ الکتاب کذلک، فلذلک کانوا أماناً لاهل الارض، فإذا ذهبوا ذهب أهل الارض(21) .
ومثلها عبارة ابن حجر المکی فی الصواعق: وفی حدیث الحث على التمسک بأهل البیت إشارة إلى عدم انقطاع مستأهل منهم للتمسّک به إلى یوم القیامة، کما أنّ الکتاب العزیز کذلک(22) .
وقال الزرقانی المالکی فی شرح المواهب اللّدنیّة: قال القرطبی: وهذه الوصیة وهذا التأکید العظیم یقتضی وجوب احترام آله وبرّهم وتوقیرهم ومحبّتهم، ووجوب الفرائض التی لا عذر لاحد فی التخلّف عنها، هذا مع ما علم من خصوصیّتهم به (صلى الله علیه وسلم)، وبأنّهم جزء منه، کما قال: «فاطمة بضعة منّی»، ومع ذلک فقابل بنو أُمیّة عظیم هذه الحقوق بالمخالفة والعقوق، فسفکوا من أهل البیت دماءهم، وسبوا نساءهم، وأسروا صغارهم، وخرّبوا دیارهم، وجحدوا شرفهم وفضلهم، واستباحوا سبّهم ولعنهم، فخالفوا وصیّته وقابلوه بنقیض قصده، فوا خجلتهم إذا وقفوا بین
یدیه، ویا فضیحتهم یوم یعرضون علیه، فالوصیّة بالبرّ بآل البیت على الاطلاق، وأمّا الاقتداء فإنّما یکون بالعلماء العاملین منهم، إذ هم الذین لا یفارقون القرآن. قال الشریف السمهودی: هذا الخبر یفهم وجود من یکون أهلاً للتمسّک به من عترته فی کلّ زمان إلى قیام الساعة(23) .
فیکون حدیث «إنّی تارک فیکم الثقلین» دلیلاً على إمامة أئمّتنا، وعددهم فی حدیث الائمّة بعدی إثنا عشر، وفی ذلک الحدیث أیضاً تصریح بأنّهم موجودون إلى قیام الساعة.
هذا بنحو الاختصار، وقد ترکت بعض القضایا الاُخرى التی کنت قد سجّلتها هنا فیما یتعلّق بالنص على الائمّة الاثنی عشر.
فکان دلیلنا على إمامة الائمّة الاثنی عشر من النصوص: حدیث الائمّة بعدی إثنا عشر، وحدیث الثقلین.
العصمة والافضلیة
وأمّا العصمة:
فحدیث «إنّی تارک فیکم الثقلین» یدلّ على عصمة الائمّة من العترة النبویّة بکلّ وضوح، کما سنذکر ذلک فی بحث العصمة إنْ شاء الله تعالى.
وأمّا الافضلیّة:
أی: أفضلیّة أئمّتنا سلام الله علیهم، فإنّه یدلّ على أفضلیّتهم حدیث الثقلین من جهات عدیدة، لانّ حدیث الثقلین دلّ على تقدّمهم فی العلم وغیر العلم، وهذه جهات تقتضی الافضلیّة بلا شک، وإن کنتم فی شک فأقرأ لکم بعض العبارات:
قال التفتازانی فی شرح المقاصد ـ وأرجو الملاحظة بدقة ـ: وفضّل العترة الطاهرة، لکونهم أعلام الهدایة وأشیاع الرسالة، على ما یشیر إلیه ضمّهم ـ أی ضمُّ العترة إلى کتاب الله ـ فی إنقاذ المتمسّک بهما عن الضلالة(24) .
ولو راجعتم شرّاح حدیث الثقلین، وحتى اللغویین ـ لو تراجعونهم فی معنى ثِقْل أو ثَقَل حیث یتعرضون لحدیث الثقلین ـ یقولون: إنّما سمّاهما ـ أی الکتاب والعترة ـ بالثقلین إعظاماً لقدرهما وتفخیماً لشأنهما.
وقد نصّ شرّاح الحدیث، کالمنّاوی فی فیض القدیر، والقاری فی المرقاة فی شرح المشکاة، والزرقانی المالکی فی شرح المواهب اللدنیة، وغیر هؤلاء: على أنّ حدیث الثقلین یدلّ على أفضلیّة العترة.
ولاحظوا کلام نظام الدین النیشابوری فی تفسیره المعروف، یقول بتفسیر قوله تعالى: (وَکَیْفَ تَکْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَیْکُمْ آیَاتُ اللهِ وَفِیکُمْ رَسُولُه)(25) .
(وَکَیْفَ تَکْفُرُونَ) استفهام بطریق الانکار والتعجب، والمعنى من أین یتطرّق إلیکم الکفر والحال أنّ آیات الله تتلى علیکم على لسان الرسول غضّة، فی کلّ واقعة، وبین أظهرکم
رسول الله یبیّن لکم کلّ شبهة، ویزیح عنکم کلّ علة [ فرسول الله إنّما یکون بین الاُمّة ویبعثه الله الى الناس لهذه الغایة وهی: یبیّن لکم کلّ شبهة ویزیح عنکم کلّ علّة ] قلت: أمّا الکتاب فإنّه باق على وجه الدهر، وأمّا النبی فإنّه وإن کان قد مضى إلى رحمة الله فی الظاهر، ولکن نور سرّه باق بین المؤمنین، فکأنّه باق، على أنّ عترته ورثته یقومون مقامه بحسب الظاهر أیضاً، فیکونون ـ أی العترة ـ یبیّنون کلّ شبهة ویزیحون کلّ علّة، ولهذا قال: «إنّی تارک فیکم الثقلین»(26) .
فمسألة الافضلیّة أیضاً واضحة على ضوء أحادیث القوم وکلمات علمائهم.
وأمّا حدیث السفینة، فذاک دلیل آخر على أفضلیّتهم وعلى عصمتهم أیضاً، ولربّما نتعرّض للبحث عن حدیث السفینة فی مباحث العصمة إن شاء الله تعالى.
أفضلیة الائمة واحداً واحداً
وأمّا أفضلیّتهم واحداً واحداً، أی من الحسن والحسین إلى آخرهم (علیهم السلام)، فأقرأ لکم حول کلّ إمام بعض الکلمات وبسرعة:الحسنان سلام الله علیهما
ثبتت أفضلیّتهما بآیة المباهلة وآیة التطهیر وغیرهما، وبالاحادیث المتّفق علیها الواردة فی حقّهما، کقوله (صلى الله علیه وآله وسلم): «الحسن والحسین سیّدا شباب أهل الجنّة»، رواه أحمد فی المسند، الترمذی والنسائی فی صحیحیهما والحاکم فی المستدرک، وهو أیضاً فی الاصابة وغیر هذه الکتب(27) ، وحتّى أنّ المنّاوی یقول عن السیوطی: إنّ هذا الحدیث متواتر(28) .الامام السجّاد (علیه السلام)
وصفه النبی (صلى الله علیه وآله وسلم)بزین العابدین، والحدیث متّفق علیه، ومن رواته صاحب الصّواعق(29) ، وعن یحیى ابن سعید إنّه قال: هو أفضل هاشمی رأیته فی المدینة(30) ، وقصیدة الفرزدق فی حقّه معروفة ومشهورة(31) .الامام الباقر (علیه السلام)
أعلم الناس وأفضلهم فی عهده، ولذا لقّبه النبی بالباقر، لانّه بقر العلم، وکان من الاخذین عنه أبو حنیفة وابن جریج والاوزاعی والزهری وغیرهم، وهؤلاء أئمّة أهل السنّة فی ذلک العصر.الامام الصادق (علیه السلام)
قال أبو حنیفة: ما رأیت أفقه من جعفر بن محمّد(32) ، وقد حضر عنده هو ومالک بن أنس وغیرهما من أئمّة أهل السنّة، وفی مختصر التحفة الاثنا عشریة عن أبی حنیفة إنّه قال: لولا السنتان لهلک النعمان(33) ، یعنی السنتین اللتین حضر فیهما عند الامام الصادق (علیه السلام)، وقال ابن حبّان: من سادات أهل البیت فقهاً وعلماً وفضلاً.الامام الکاظم (علیه السلام)
لقّبوه بالعبد الصالح کما فی تهذیب الکمال وغیره من المصادر(34) ، وقال الحافظ ابن حجر العسقلانی: مناقبه کثیرة(35) ، وقال ابن حجر المکی فی الصواعق: کان أعبد أهل زمانه وأعلمهم وأسخاهم(36) ، قالوا: وکان معروفاً عند أهل العراق بباب قضاء الحوائج عند الله(37) ـ أی فی حیاته وبعد حیاته ـ وقد ذکروا له کرامات عجیبة، کقضیّته مع شقیق البلخی التی ذکرها ابن الجوزی فی صفة الصفوة(38) .الامام الرضا (علیه السلام)
ذکروا إنّه کان یجلس فی المسجد النبوی ویفتی الناس وهو ابن اثنتین وعشرین سنة، لاحظوا هذه الکلمة فی تهذیب التهذیب وفی المنتظم لابن الجوزی وغیرهما من الکتب(39) ، وقد رووا أنّ من تلامذته: أحمد بن حنبل کما فی سیر أعلام النبلاء(40) ، وقال الذهبی عن الامام الرضا (علیه السلام): کان سیّد بنی هاشم فی زمانه وأجلّهم وأنبلهم وکان المأمون یعظّمه ویخضع له(41) ، وقال ابن حجر: قال الحاکم ـ رجاءً لاحظوا هذه القضیة ـ: سمعت أبا بکر بن المؤمّل بن الحسن بن عیسى یقول: خرجنا مع إمام أهل الحدیث أبی بکر بن خزیمة، وعدیله أبی علی الثقفی مع جماعة من مشایخنا وهم إذ ذاک متوافرون، خرجنا إلى زیارة قبر علی بن موسى الرضا بطوس، فرأیت من تعظیمه ـ أی تعظیم ابن خزیمة ـ لتلک البقعة وتواضعه لها وتضرّعه عندها ما تحیّرنا(42) .فلیسمع من یحرّم زیارة القبور والتضرّع عند القبور فی المشاهد المشرفة.
الامام الجواد (علیه السلام)
قال الذهبی بترجمته: من سادات أهل بیت النبوّة، وکذا قال الصفدی(43) ، وفی تاریخ الخطیب ما یفید أنّه کان یرجع إلیه ـ أی إلى الامام الجواد ـ فی معانی الاخبار وحقائق الاحکام(44) .الامام الهادی (علیه السلام)
قال الخطیب: أشخصه جعفر المتوکل من مدینة رسول الله إلى بغداد، ثمّ إلى سرّ من رأى، فقدمها وأقام فیها عشرین سنة وتسعة أشهر، ولذا عرف بالعسکری(45) ، وقال الذهبی: کان المتوکل فیه نصب وانحراف(46) ، وقد شهد أعلام أهل السنّة بفقه الامام الهادی وعبادته وزهده، قال الیافعی: کان الامام علی الهادی متعبّداً فقیهاً إماماً(47) ، وقال ابن کثیر: کان عابداً زاهداً(48) ، وکان سلام الله علیه أعلم علماء عصره، وقد ظهرت منزلته العلمیّة فی قضیّة اتّفقت للمتوکل عجز العلماء عن إعطاء الرأی الصحیح فیها، وکان الرأی فی تلک القضیة للامام (علیه السلام)، ذکر القضیّة الخطیب البغدادی فی تاریخ بغداد(49) .الامام العسکری (علیه السلام)
کان أکثر عمره تحت النظر، وکان الناس ممنوعین من الالتقاء به، والاستفادة منه، وحال الحکام دون أن تظهر علوم هذا الامام (علیه السلام) للاُمّة، ومع ذلک فقد ظهرت منه فوائد، وظهرت منه کرامات، ونقلت عنه روایات کثیرة، وبإمکانکم المراجعة إلى کتاب حلیة الاولیاء وإلى لسان المیزان(50) ، إلى الفصول المهمّة فی معرفة الائمّة(51) وإلى الصواعق المحرقة(52) وإلى نور الابصار(53) والى روض الریاحین للیافعی(54) وإلى جامع کرامات الاولیاء للنبهانی(55) ، وغیر هذه الکتب.الامام المهدی عجّل الله فرجه
روى ابن مسعود وحذیفة أن النبیّ صلّى الله علیه وآله وصف الامام المهدیّ صلوات الله علیه وآله فقال: خَلْقه خَلْقی. کما روى جابر الأنصاریّ أنّه صلّى الله علیه وآله قال: أشبه الناس بی خَلْقاً وخُلقاً. فهو سلام الله علیه أشبه الناس حُسناً برسول الله صلّى الله علیه وآله، وأجمل الناس وجهاً وأحسنهم سَمْتاً، قد أشرق وجهه بنور الإمامة.. للاطلاع اکثرعلی حیاة وفضائل الائمة الاثنی عشر علیهم السلام راجع الرابط التالی http://ar.rasekhoon.net/article/4446
المصادر:
1- مسند أحمد 5/106.
2- مسند أحمد 1/398.
3- مسند أحمد: 5/86.
4- صحیح مسلم 3/1452 رقم 5.
5- صحیح البخاری 9/101 ـ دار إحیاء التراث العربی ـ بیروت.
6- سنن الترمذی 4/106 رقم 2223.
7- سنن أبی داود 4/106 رقم 4280 ـ دارالفکر ـ بیروت.
8- فتح الباری فی شرح صحیح البخاری 13/180 ـ دار إحیاء التراث العربی ـ بیروت ـ 1402.
9- المعجم الکبیر للطبرانی 2/196 رقم 1794 ـ دار إحیاء التراث العربی.
10- فتح الباری فی شرح صحیح البخاری 13/180.
11- منهاج السنة 8 / 242.
12- البدایة والنهایة المجلد 3 الجزء 6/249 ـ 250 ـ دارالفکر ـ بیروت.
13- لنا بحث طویلٌ حول هذا الحدیث، یقع فی جهتین:
14- الاسراء: 60
15- عارضة الاحوذی فی شرح الترمذی 9/69.
16- فتح الباری فی شرح صحیح البخاری 13/180.
17- فتح الباری فی شرح صحیح البخاری 13 / 181.
18- کفایة الاثر فی النص على الائمة الاثنی عشر: 44 ـ انتشارات بیدار ـ قم ـ 1401.
19- کفایة الاثر: 89.
20- کفایة الاثر: 130.
21- فیض القدیر 3/15.
22- الصواعق المحرقة: 232.
23- شرح الزرقانی على المواهب اللّدنیّة 7/7 ـ 8 ـ دار المعرفة ـ بیروت ـ 1414.
24- شرح المقاصد 5/303 ـ الشریف الرضی ـ قم ـ 1409.
25- سورة آل عمران: 101.
26- تفسیر غرائب القرآن ورغائب الفرقان 2/221 ـ دار الکتب العلمیة ـ بیروت ـ 1416.
27- مسند أحمد 3/3، 62، 64، 82، سنن الترمذی 5/656 رقم 3768، مستدرک الحاکم 3/167، الاصابة 2/12
28- فیض القدیر 3/415.
29- الصواعق المحرقة: 302 ـ 304.
30- فیض القدیر فی شرح الجامع الصغیر 3 / 415.
31- دیوان الفرزدق 2/178 ـ دار صادر ـ بیروت.
32- سیر أعلام النبلاء 6/257 ـ مؤسسة الرسالة ـ بیروت ـ 1405.
33- مختصر التحفة الاثنا عشریة: 9.
34- تهذیب الکمال 29/44، تاریخ بغداد 13 / 27.
35- تهذیب التهذیب 10 / 303.
36- الصواعق المحرقة: 307.
37- الصواعق المحرقة: 307.
38- صفة الصفوة 2/185.
39- تهذیب التهذیب 7/339 ـ دارالفکر ـ 1404، المنتظم لابن الجوزی 10/119 ـ 120 رقم 1114
40- سیر أعلام النبلاء 9/388 ـ مؤسسة الرسالة ـ 1405.
41- تاریخ الاسلام من 201 ـ 210: 270 ـ دار الکتاب العربی ـ 1411.
42- تهذیب التهذیب 7 / 339.
43- تاریخ الاسلام من 211 ـ 220: 385، وفیه «کان من سَرَوات آل بیت النبی (صلى الله علیه وسلم).
44- تاریخ بغداد 3 / 54.
45- تاریخ بغداد 12/56.
46- سیر أعلام النبلاء 12 / 35، الکامل فی التاریخ 7 / 55.
47- مرآة الجنان 2/119 ـ دار الکتب العلمیة ـ بیروت ـ 1417.
48- البدایة والنهایة المجلد 6 الجزء 11/15 ـ دارالفکر ـ بیروت.
49- تاریخ بغداد 12/56 ـ 57.
50- لسان المیزان 1 / 209.
51- الفصول المهمّة: 284 ـ 290 ـ منشورات الاعلمی طهران.
52- الصواعق المحرقة: 314.
53- نور الابصار: 183 ـ 185 ـ دارالفکر ـ بیروت.
54- روض الریاحین، وعنه جواهر العقدین ق2 ج2 / 431.
55- جامع کرامات الاولیاء 2/18 ـ دار الکتب العلمیة ـ بیروت ـ 1417.
/ج