
هي احدى فرق المعتزلة اسسها ابراهيم بن سيار النظام البصري في النصف الاول من القرن الثاني الهجري سميت بالنظامية نسبة الى مؤسسها الذي انكر جميع ما روي في معجزات النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) من انشقاق القمر وتسبيح الحصى بيده ونبوع الماء من بين اصابعه .
عوامل الظهور :
ـ كان ابراهيم النظام في اول امره من رجال الهذيلية، ولكنه خرج بعد الخلاف الذي وقع بينه وبين العلاف في بعض المسائل اهمها مسالة الجزء هل يتجزأ ام لا ؟ وعلى اثر هذا الخلاف خرج النظام ببعض اصحابه ليكون لنفسه فرقة حملت اسمه فيما بعد.ـ كان لشخصية النظام الأثر الكبير في التفاف الناس حوله وذلك لكثير من الامور تميز بها كحفظ القرآن والزبور والتوراة والانجيل مع كثرة حفظه للأشعار والاخبار واختلاف الناس بالفتيا.
ـ استطاع النظام ان يفرض وجوده في الساحة الفكرية عندما اعلن عن محاربة الثنوية والدهرية وابطال كلامهم وذلك من خلال المناظرات الفكرية التي كانت تدور بينهم وتمكن النظام ان يسقط الثنوية عن مركزهم في الشرق الادنى.
النشأة والتطور :
ـ نشأت الفرقة النظامية في مدينة البصرة في النصف الاول من القرن الثاني على أثر الخلاف الذي دار بين العلاف وبين النظام البصري، وبعد ان كون النظام لنفسه مجموعة استطاع ان يشن الحملات الكلامية على الثنوية التي كانت مستفحلة آنذاك واستطاع خلال هذه الفترة ان يعدَّ رجالا عرفوا بقدراتهم الكلامية حيث استطاعوا ان يدحروا الثنوية والدهرية وذلك عن طريق المناظرات وبذلك استطاع النظام ان ينشر فرقته في الكثير من ارجاء العالم الاسلامي.الافكار والمعتقدات :
ـ ان الله تعالى خلق الموجودات دفعة واحدة على ما هي عليه الآن معادن، ونباتاً، وحيواناً، وانساناً، ولم يتقدم خلق آدم (علیه السلام) على خلق اولاده، غير ان الله تعالى اكمن بعضها في بعض. فالتقدم والتأخر انما يقع في ظهورها من مكامنها دون حدوثها ووجودها.ـ ان الله لا يقدر على ظلم احد أصلاً ولا على شيء من الشر وان الناس يقدرون على ذلك كله، وان الله لا يقدر على اخراج احد من جهنم ولا اخراج احد من اهل الجنة عنها، ولا طرح طفل في جهنم وان الناس والملائكة والجن يقدرون على ذلك كله.
ـ ان الطلاق لا يقع بشيء من الكنايات كقول الرجل لأمرأته انت حلية، أو برية، او حبلك على غاربك، أو الحقي بأهلك، أو اعتدي، او نحوها من كنايات الطلاق عند الفقهاء سواء نوى بها الطلاق او لم ينوه.
ـ انكروا حجية الاجماع وحجية القياس في الفروع الشرعية، وانكروا الحجية في الاحكام الشرعية الا في قول الامام المعصوم.
ـ لا يقدر الله ان يفعل بعباده في الدنيا ما لا صلاح لهم فيه، ولا يقدر في الآخرة ان يزيد أو ينقص من ثواب وعقاب لأهل الجنة والنار، وان اهل الجنة يبقون في الجنة واهل النار معذبون بنارهم.
ـ ان الباري تعالى ليس موصوفاً بالارادة على نحو الحقيقة، فاذا وصف بها شرعاً في افعاله فالمراد بذلك انه خالقها ومنشئها على حسب ما علم، واذا وصف بكونه مريداً لأفعال العباد فالمعني به انه آمر بها وناه عنها.
ـ انه لا فعل للانسان الا الحركة، وانه لا يفعل الحركة الا في نفسه، وان الصلاة والصيام والارادات والكراهات والعلم والجهل والصدق والكذب وكلام الانسان وسكوته وسائر افعاله حركات وكذلك سكون الانسان في المكان انما معناه انه فيه وقتين.
ـ ان ما يقدر عليه الله من اللطف لا غاية به. وان ما فعل من اللطف، لا شيء اصلح منه، الا ان له عند الله سبحانه امثالاً، ولكل مثل مثل. ولا يقال يقدر على اصلح مما فعل ان يفعل، ولا يقال يقدر على دون ما فعل ان يفعل، لأن فعلَ ما دون نقصٌ، ولا يجوز على الله عز وجل فعل النقص. ولا يقال يقدر على ما هو اصلح لأن الله سبحانه لو قدر على ذلك، ولم يفعل كان ذلك بخلاً.
ـ ان اعجاز القرآن من حيثٌ الاخبارُ عن الامور الماضية والآنية، ومن جهة صرف الدواعي عن المعارضة، ومنع العرب عن الاهتمام به جبراً وتعجيزاً، حتى لو خلاهم لكانوا قادرين على ان يأتوا بسورة من مثله بلاغة وفصاحة ونظماً.
ـ ان علياً كان مصيباً في حرب طلحة والزبير وغيرهما، وان جميع من قاتل علياً وحاربه كان على خطأ ووجب على الناس محاربتهم مع علي (علیه السلام)، والدليل عندهم على ذلك قول الله في كتابه « فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ الى امر الله ».
ـ ان الخبر المتواتر ـ مع خروج ناقليه عند سامع الخبر عن الحصر، ومع اختلاف الناقلين واختلاف دواعيهم ـ يجوز ان يقع كذباً، هذا مع قولهم بان من اخبار الآحاد ما يوجب العلم الضروري.
ـ لا امامة الا بالنص والتعيين ظاهراً مكشوفاً، وقد نص النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) على علي (علیه السلام) في مواضع واظهره اظهار على الجماعة الا ان عمر كتم ذلك، وهو الذي تولى بيعة ابي بكر يوم السقيفة، وهو الذي شك يوم الحديبية عندما سأل الرسول (صلی الله علیه وآله وسلم)، وهو الذي ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى القت الجنين من بطنها. وكان عمر يصيح احرقوا دارها بمن فيها، وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين، وهو الذي غرب نصر بن الحجاج من المدينة الى البصرة، وابدع التراويح، ونهى عن متعة الحج، ومصادرته العمال. اما عثمان فقد رد الحكم بن أمية وهو طريد رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) نفى ابا ذر الى الربذة وقلده الوليد بن عقبة الكوفة وهو من افسد الناس ومعاوية الشام وعبد الله بن عامر البصرة، وزوَج مروان بن الحكم ابنته وهم افسدوا عليه امره، وضرب عبدالله بن مسعود على احضار المصحف.
ـ انكروا ما روي في معجزات النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) من انشقاق القمر وتسبيح الحصى في يده ونبوع الماء من بين اصابعه.
ـ الوعد والوعيد : ان من خان بمئة وتسعة وتسعين درهماً بالسرقة او الظلم لم يفسق بذلك حتى تبلغ خيانته نصاب الزكاة وهو مئتا درهم فصاعداً فحينئذ يفسق.
ـ ان الانسان جزء لا يتجزأ، ويحيلون ان يكون الانسان اكثر من جزءٍ، لأنه لو كان اكثر من جزء لجاز ان يحل في احد الجزءين ايمان وفي الآخر كفر فيكون مؤمناً وكافراً في حال واحد.
ـ ليست الاستطاعة شيئاً غير نفس المستطيع، والعجز آفة دخلت على المستطيع.
ـ ان قولهم بنفي الجزء الذي لا يتجزأ جرهم الى القول بالطفرة، وهو ان الجسم قد يكون في مكان ثم يصير منه الى المكان الثالث أو العاشر، من غير مرور بالأمكنة المتوسطة بينه وبين العاشر ومن غير ان يصير معدوماً في الاول ومعاداً في العاشر.
ـ ان الالوان والطعوم والروائح والحرارات والبرودات والاصوات والآلام اجسام لطيفة.
ـ يرون في قهر المتضادات على الاجتماع دليلاً على وجود الخالق سبحانه وتعالى.
ـ حرموا نكاح الموالي من العربيات، ونهوا عن ميقات الحج، وان من نام مضطجعاً لا ينتقض وضوؤه ما لم يخرج منه الحدث، ولا يلزم قضاء الصلاة اذا فاتت.
ـ ان الروح جسم لطيف مشابك للبدن مداخل للقلب بأجزائه مداخلة المائية في الورد، والدهنية في السمسم، والسمنية في اللبن، وان الروح هي التي لها قوة، واستطاعة وحياة ومشيئة. وهي مستطيعة بنفسها، والاستطاعة قبل الفعل.
ـ ان الروح جنس واحد، وافعاله جنس واحد وان الاجسام ضربان : حي وميت، وان الحي منها يستحيل ان يصير ميتاً، وان الميت يستحيل ان يصير حياً.
ـ ان الله تعالى يخلق كل ما خلق في وقت واحد دون ان يعدمه.
ـ ان العقارب والحيات والخنافس والذباب وسائر الحيوانات تحشر يوم القيامة الى الجنة.
ابرز الشخصيات :
1 ـ ابراهيم بن سيار النظام2 ـ الجاحظ
3 ـ الفضل الحدثي
4 ـ احمد بن خابط
مواقع الانتشار :
ـ انتشرت الفرقة النظامية في مدينة البصرة في النصف الاول من القرن الثاني الهجري.
احداث :
ـ ناظر ابراهيم النظام استاذه العلاف في الجزء فالزمه ابو الهذيل مسأله الذرة والنمل وهو اول من استنبطها، فتحير النظام فلما جن عليه الليل نظر اليه ابو الهذيل واذا النظام قائم ورجله في الماء يتفكر، فقال يا ابراهيم هكذا حال من ناطح الكباش، فقال يا ابا الهذيل جئتك بالقاطع انه يظفر بعضاً ويقطع بعضاً، فقال ابو الهذيل ما يَقْطعُ كيف يُقطَعَّ ؟من ذاكرة التأريخ :
ـ روي ان الخليل قال للنظام وهو شاب ممتحناً له وفي يد الخليل قدح زجاج يا بني صف لي هذا فقال : امدح ام اذم ؟ قال بل امدح فقال : نعم يريك القذى، ولا يقبل الاذى، ولا يستر ما ورى، قال : فذمها قال : سريع كسرها، بطيء جبرها. قال : فصف لي هذه النخلة فقال مادحاً حلوٌ مجتناها باسق منتهاها، ناظر اعلاها، وقال ذاماً هي صعبة المرتقى بعيدة المجئنى محفوفة بالاذى. فقال الخليل يا بني نحن الى التعلم منك احوج، الى غير ذلك من المحاسن.ـ روِيَ ان النظام والنجار تواعدا للمناظرة في الرحبة بالبصرة وحضر الناس، فقال النجار للنظام، لمَ تدفع ان الله تعالى كلف الناس ما لا يطيقونه ؟ فسكت النظام. فقيل له : اجب. فقال. لا اكلمه قيل : ولم ؟ قال : لاني اردت بمناظرته ان الزمه تكليف ما لا يطاق، فاذا الزمته ولم يستحي فماذا الزمه بعد.
الخلاصة :
ـ هي احدى فرق المعتزلة اسسها إبراهيم بن سيار النظام البصري في النصف الأول من القرن الثاني الهجري.ـ نشأت هذه الفرقة على اثر الخلاف الذي دار بين النظام والعلاف في مسألة الجزء الذي لا يتجزأ وكوّن العلاف لنفسه فرقة عرفت بالواصلية.
ـ نشأت الواصلية في مدينة البصرة وأخذت بالانتشار في جميع ارجاء العالم الإسلامي وذلك بفضل جهود رجال الفرقة.
ـ انكروا جميع ما ورد عن النبي (صلی الله علیهوآله وسلم) من المعجزات من انشقاق القمر وتسبيح الحصى ونبوع الماء من بين أصابعه، وقالوا ان الله تعالى خلق الموجودات دفعة واحدة علي ماهي عليه الآن، وان الله لايقدر على ظلم احد ولا على شيء من الشر، وان الناس يقدرون على ذلك كله، وان الروح جسم لطيف مشابك للبدن. وكان من أبرز شخصيات هذه الفرقة هم : الجاحظ، والفضل الحدثي، واحمد ابن خابط.
المصدر : تحقیق راسخون 2014
/ج