عبد العزيز جاويش

Wednesday, April 8, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
عبد العزيز جاويش

(1293 ـ 1347هـ /1876 ـ 1929م) عبد العزيز بن خليل جاويش من رجال الحركة الوطنية بمصر، خطيب بارع وكاتب إسلامي وصحافي جريء، ولد في الإسكندرية من أسرة ذات أصول تونسية، قدم والده إلى مصر سنة 1834م، وتزوج فيها، فأنجب عدداً من الأولاد أحدهم عبد العزيز.

دخل الكتاب فحفظ القرآن الكريم، وتعلم أصول اللغة العربية، كان ميالاً للعلم منكباً على طلبه، فأثار بذلك حفيظة والده الذي كان يريد منه الانصراف إلى التجارة مهنة والده وأشقائه، فاضطر إلى مغادرة منزل الأسرة، والإقامة في جامع الشيخ إبراهيم، الذي كان يتلقى فيه العلم، وإزاء إصراره على موقفه، وافق والده على سفره إلى القاهرة، فقدمها سنة 1892م، حيث جاور في الأزهر الشريف، وتتلمذ فيه لعدد من العلماء، التحق بعدها بعامين بمدرسة دار العلوم، وتخرج فيها سنة 1897م، وأتاحت له هذه المرحلة، فرصة لقاء عدد من أقطاب الفكر والعلم في مصر، كان أبرزهم الشيخ رشيد رضا، ومحمد عبده، ومصطفى كامل، فأخذ عنهم، وتأثر بهم، وبأفكارهم في ميادين شتى.

درس في مدرسة الزراعة، ثم أوفد للدراسة في بريطانية، فدرس ثلاث سنوات في إحدى جامعاتها دراسات تربوية مع محافظته على زيه التقليدي، العمامة واللباس العربي، ولما عاد إلى مصر، عين مفتشاً في وزارة المعارف سنة 1901م، ثم عاد ثانية إلى بريطانية، فدرس اللغة العربية في جامعة أكسفورد خمس سنوات (1902 - 1906)، وفرت له هذه المرحلة إلماماً باللاتينية واليونانية، وعلوم اللاهوت والطبيعة والقانون والاقتصاد، وعلم طبقات الأرض وغيرها من المعارف والعلوم فازدادت خبراته، وتوسعت مداركه.

اختير عضواً في مؤتمر المستشرقين الذي عقد في الجزائر سنة 1905م، وتصدى فيه للرد على المستشرق فولرز J.A.Vullers الذي قال إن القرآن أول كتاب بالعامية، وبعد عودته إلى مصر، انخرط في العمل الصحفي الذي اتخذه منبراً عبر فيه عن حقيقة مواقفه الوطنية الصادقة، فكان صوتاً داوياً، ندد بالاستعمار،والمستعمرين وأعوانهم، فقد رأس تحرير جريدة «اللواء» من سنة 1908م حتى سنة 1910م، انتقل بعدها إلى العمل في جريدة «العلم» التي صدرت في سنة 1910م، زار في أثنائها الآستانة حاضرة الدولة العثمانية سنة 1909م، وتعرف فيها عدداً من رجالات الفكر والسياسة من العرب والأتراك.

ولأنه حمل بعنف في مقالاته الجريئة على الاحتلال الغربي، وندد بالاستعمار والاحتلال والاستبداد الداخلي والمستوزرين، قدم للمحاكمة إبان هذه الحقبة ثلاث مرات، وحوكم سنة 1908م، من جراء نشره مقالة «دنشواي أخرى في السودان»، ثم حوكم ثانية في حزيران 1910م، لمقدمته التي كتبها لديوان «وطنيتي» لعلي الغاياتي، وسجن ثلاثة أشهر أخرى، وبسبب مواقفه الوطنية اضطر إلى المهاجرة في شباط 1912م، وظل ينتقل فيما بين ألمانية وتركية، وقد أنشأ في تركية صحيفة «الهلال العثماني»، وغدت دارها موئلاً للسياسيين والداعين للحرية، وبعد سقوط محمد سعيد باشا رئيس الوزارة المصرية بين 1910-1914م، أنشئت له جريدة أخرى، باسم «الحق يعلو»، و«مجلة الهداية» ثم مجلة «العالم الإسلامي»، ثم أوفدته الدولة العثمانية إلى برلين في أثناء الحرب العالمية الأولى للدعاية، وما لبث أن عاد أدراجه إلى مصر سراً، ثم أظهر نفسه، شارك في إنشاء جمعية الشباب المسلمين، وعاد إلى تركية، ولكن الأوضاع الجديدة اضطرته إلى مغادرتها سراً سنة 1918م إلى ألمانية، وبعد طول غياب، عاد إلى مصر في كانون الأول 1923م، فعاد إلى ممارسة التعليم سنة 1925، وعين مديراً للتعليم الأولي وظل في هذا المنصب حتى وفاته.

كان يؤمن أن الأمم لا تنهض أساساً إلا بالتربية والتعليم، وأن العمل السياسي أو الوطني هو عامل مساعد، وأن التعليم ليس هو كل شيء بل إن التربية هي أساس بناء الأمم، وأن إنشاء الخلق والفضائل والقيم في نفوس (النابتة) هو العمل الأكبر.

تتلمذ على يديه عدد كبير من أعلام مصر، في مقدمتهم طه حسين، وغيره كثير، وكان علماً من الأعلام، برز في مجال التربية والتعليم والصحافة السياسية والتجديد الإسلامي، وكانت حياته صراعاً بين القيم والمصالح،والمثل والأهواء، لم يكن رجلاً سياسياً فيه مكر الساسة ودهاؤهم، بل كان صادق الإيمان، قوي العاطفة، يرى أن الدين والوطن فوق كل شيء.

قال عنه الشيخ محمد عبد المطلب: «شاب بهي الطلعة، وضيئ المحيا، ساطع الوقار، جياش الأدب، غزير المادة على حداثة سنه»، وكتب عنه تلميذه طه حسين، «كان عذب الروح حلو الحديث في حذق واحتشام، شديد الحياء حتى ما يكاد يرفع بصره عن محدثه، وكان مع هذا، حاد المزاج، يثور لأقل ما يتوهم فيه الغض من كرامته وخلوص النية، سمحاً كريماً، يجود بقوته ولو لم يكن إلى سواه سبيل».

كان خطباً مفوهاً، ورجلاً بارزاً من أعلام الحركة الوطنية في مصر، صادقاً في حبه لوطنه وأمته، ظل ثابتاً في مواقفه، وراسخاً في عقيدته، وهذا ما جر عليه المحن، فذاق مرارة السجن مرات، وحاق به الطرد والنفي خارج وطنه، بعيداً عن الأهل والخلان، إلا أن كل هذا لم يفت في عضده، ولم يخفف من حدة مواقفه أو غلوائه، وضع عدداً من المؤلفات منها:

«إرشاد المعلمين»، و«غنية المؤدبين في الطرق الحديثة للتربية والتعليم»، و«الصحف الخالدة»، و«الإسلام دين الفطرة»، و«أثر القرآن في تحرير الفكر البشري»، و«خواطر في التربية والسياسة»، و«أبحاث عن المرأة المصرية»، وغير ذلك من المقالات الكثيرة التي عبر فيها عن آرائه في الصحف والمجلات التي عمل فيها داخل مصر وخارجها.
 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.