غوستاف كوربيه

Sunday, July 26, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
غوستاف كوربيه

(1819 ـ 1877) غوستاف كوربيه Gustave Courbet مصور وطباع على الحجر lithographe ورسام فرنسي رائد الواقعية Réalisme. ولد في أورنان Ornans، لأب كان مزارع كروم بارعاً، وجده من الفقهاء المدافعين عن الفكر التحرري الجمهوري. ومع انتسابه إلى المدرسة الملكية في بيزانسون Besançon، كان الفتى كوربيه يتلقى أيضاً دروس الرسم على يد الفنان شارل أنطوان فلاجولو Ch.A.Flajoulot الذي كان من تلاميذ المصور دافيد David.

في عام 1840 سافر كوربيه إلى باريس لدراسة الحقوق، ولكنه ما لبث أن أهمل الدراسة لشعوره بأن مستقبله في فن التصوير دون غيره؛ فراح يتردد على المراسم الحرة في الأكاديمية السويسرية ليتمرن على رسم النماذج (الموديلات)، أو يحمل أدوات الرسم ليرسم الطبيعة في غابة فونتينبلو Fontainebleau أو في أورنان، أو يزور متحف اللوڤر[ر] لينسخ لوحات الفنانين الكبار ولاسيما الهولنديين والإسبان منهم.

غوستاف كوربيه: «هوماك» (1844)

كان طبعه مميزاً يجمع بين القسوة والإخلاص، والتمسك بالمبادئ التي نشأ عليها. وكان محباً لأهله وبلدته أورنان التي كان يزورها سنوياً للاطمئنان على أهله وأصدقاء الطفولة. وفي عام 1839 زيَّن بالرسوم ديوان شعر لصديقه ماكس بوشون M.Buchon الذي كان يشاركه في آرائه الاشتراكية والتحررية. ومن أعماله الأولى التي تصطبغ بالرومنسية الشاعرية لوحة «النبي لوط وبناته» (1841) مستقياً قصتها من ملحمة الشاعر لامارتين Lamartine، ولوحة «كوربيه والكلب الأسود» (1842) التي تبين حب الفنان للظهور والإعجاب بالنفس، وقد عرضت في معرض الصالون عام 1844، في حين رفضت لوحته المسماة «هوماك» في العام التالي من قبل لجنة التحكيم، وتمثل فتاة نائمة في أرجوحة، والتي رسمها بأسلوب جامد يخلو من العاطفة ويشبه أساليب القرن السابع عشر، مما دعا الفنان إلى التنبه والعودة إلى أسلوبه الخاص.

في عام 1846 ارتبط الفنان بصداقة مع الكاتب والشاعر الفرنسي المعروف بودلير Baudelaire، وقام بتصويره، واللوحة المشهورة هذه موجودة اليوم في متحف فابر Fabre. كما رسم لوحة «رجل وغليون» التي كشفت عن مهارته، ولاسيما بعد أن زار هولندا، إذ كان معجباً بأعمال الفنانين رمْبرانت Rembrandt وفرانز هالز Frans Hals.

وفي الوقت ذاته تعرف كوربيه الأديبين برودون Proud’hon وشانفلوري Champfleury والأخير هو أول من أطلق اسم الواقعية في الفن التشكيلي. وتعرف أيضاً الصحفي دورانتي Duranty الذي أصدر عام 1856 جريدة اسمها «الواقعية». وكان كوربيه يوصي زواره من الفنانين الشباب بألا يتجهوا إلى الإبهار في أعمالهم بل إلى النقل الصادق عن الواقع: «فالفن هو نقل ما نراه».

في عام 1849 قدم لوحة «بعد العشاء في أورنان» لعرضها في الصالون الرسمي، فأثارت نقاشاً حاداً في الأوساط الفنية، كما أثار الموضوع سخط الفنان أنغر Ingres، وقال الفنان دولاكروا Delacroix فيها: «إنها عمل ثوري».

وصوَّر في السنة ذاتها لوحة «كسَّارو الحجارة» بألوان تميل إلى الرمادية وتمثل معاناة العامل في المهن الصعبة. وقد عدها الأديب برودون أول لوحة اشتراكية، كما صوَّر موضوعاً مشابهاً بعنوان «مغربلو القمح» (1854)، وعلى الرغم من تشابه الموضوعين إلا أن الألوان في اللوحة الثانية بدت أكثر إشراقاً.

ولوحة «مرسم الفنان» التي رسمها عام 1855، وتمثل الفنان أمام لوحته محاطاً برفاقه من الأدباء مثل بودلير وبرودون وشانفلوري وبورياس، وبعض الفنانين الشباب، ونماذجه، وكلبه، غارقين جميعاً في جو عاتم وإضاءة موزعة بإحكام تُذكِّر بأجواء المسرح. وقد رفض المحكِّمون عرض اللوحة في «المعرض العالمي» الذي افتتح في العام ذاته، فقام الفنان بعرض لوحته هذه مع تسع وثلاثين لوحة أخرى في معرض مجاور سُمِّي: «جناح الواقعية»، فأثارت سخط النقاد واستياءهم. وهي اليوم معروضة في متحف اللوڤر.

واكتشف حين زيارته ألمانيا ومشاركته في رحلات الصيد الجمال المأسوي، والمتمثل بجمال الطبيعة المثير للشجن والمترافق مع مأساة الحيوان الجريح. فرسم لوحات عدة حول الموضوع ذاته مثل: «وعل في الماء» (1861)، متحف الفنون الجميلة في مرسيليا.

غوستاف كوربيه: «البحر البرتقالي» (1870)

وبعد سنوات عدة رحل إلى ساحل المانش برفقة الفنان الشاب بودان Boudin وصوَّر مجموعة لوحات للساحل الصخري مع خلفية ذات جو درامي مثل لوحة «جرف الصخور بعد العاصفة» (متحف اللوڤر). كما عدت لوحته «البحر البرتقالي» الموجودة في اللوڤر، بألوانها الحارة المتدرجة إرهاصاً للأسلوب الانطباعي، وبلمسات الألوان الكثيفة مبشراً بالأسلوب التعبيري.

وفي عام 1870 رفض اسـتلام جائزة (جوقة الشرف) Légion d’Honneur التـي منحه إياهـا مسؤولو الامبراطورية الثانية، وبرر رفضه بقناعته أن الدولـة الملكية لـم تقم برعايـة الفن والفنانين الرعاية الكـافية. وبالحقيقة رفض الجـائزة لمناهضته للملكية وتأييده للجمهورية.

وفي عام 1871 حين قيام حركة «الكمونه» Commune الباريسية الثورية انتخب عضواً فيها وممثلاً للفن التشكيلي. وفي هذه الفترة احتج بشدة على وضع عمود الفاندوم Vendôme في الساحة المسماة باسمه؛ لأنه أحد رموز الامبراطورية. وبقي وحده معارضاً بقاء العمود حتى بعد سقوط الكومونة، وقد قُدم للمحاكمة متهماً بتحطيم جزء من العمود، وسجن وغُرِّم بمبلغ 320000 فرنك لإصلاح العامود المذكور، ولجأ أخيراً إلى سويسرا مكسور الخاطر حيث توفي في بلدة تور دو بلز Tour-de-Peilz، ونظمت له في سويسرا جنازة، في حين كانت الصحافة الفرنسية تصب جام غضبها عليه.



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.