(1867 ـ 1939م) هو محمد علي بن أحمد عزت (باشا) بن هولو (باشا) العابد أول رئيس جمهورية في سورية، ينتمي إلى عشيرة المشارفة أحد فروع قبيلة الموالي العربية التي استوطنت بادية الشام منذ الفترة العباسية.
ولد بدمشق وبدأ دراسته الابتدائية بالكتاتيب والمدارس الدينية المتوافرة في ذلك العصر، وفي عام 1885 انتقل إلى بيروت حيث تتلمذ على يد الشيخ محمد عبده الذي كان منفياً إليها، وقد درس على يديه علوم العربية من نحو وصرف وفقه وحديث وتفسير إضافة إلى الأدب والشعر. ولما انتقل أبوه إلى الأستانة للعمل في بلاط السلطان عبد الحميد الثاني أتم دراسته في مدرسة »»غلطة سراي» حيث أتقن اللغتين التركية والفرنسية قبل أن يذهب إلى باريس لدراسة الحقوق والأدب الفرنسي. وبعد عودته من فرنسا عام 1905 عُيِّن مستشاراً قانونياً في الباب العالي، ثم انتقل عام 1908 إلى وزارة الخارجية العثمانية وأُرسل وزيراً مفوضاً إلى واشنطن.
بعد خلع السلطان عبد الحميد عام 1909 انتقل إلى أوربا وأقام في باريس مع عائلته حتى عام 1919 حين عاد إلى دمشق وانخرط في العمل السياسي وصار عام 1923 وزيراً للمالية. وفي عام 1932 رُشّح لرئاسة الجمهورية على قائمة الكتلة الوطنية ففاز بها ضد مرشح الفرنسيين صبحي بركات. وبعد انتهاء ولايته غادر عام 1936 البلاد إلى أوربا حيث عاش إلى أن أدركته الوفاة بجنوة بإيطاليا، ونُقل جثمانه إلى دمشق ودفن بمقبرة العائلة في حي الميدان.
كتب عنه محمد كرد علي رئيس المجمع العلمي (مجمع اللغة العربية حالياً) بدمشق فصلاً في مذكراته بعنوان: «أول رئيس جمهورية في سورية» فقال: «وهو أعظم رجل سياسي عرفته الديار الشامية في دورها الأخير وأول وآخر سفير عثماني من أبناء العرب استوفى شروط الرئاسة لمعرفته التامة بالشؤون السياسية، ولا عجب في ذلك فقد كانت بيئته من أرقى البيئات في الأستانة إبان صولة أبيه، فقد كُتب له أن يجتمع إلى عظماء الدول وعلماء الأمم في ما لم يكتب لأحد من رجالنا مثله، فقد كان ذا معرفة ثاقبة بتاريخ أمته، وذاكرته قوية إذ كان كثيراً مايتلو علينا قطعاً من الأدب العربي والفرنسي حفظها أيام الصبا، وكان إضافة إلى هذا على جانب من الظرف والكياسة واللباقة، غير أن أعداءه وحساده يتهمونه بالإمساك، وما كان في الحق ممسكاً على ما صوروه، فقد كان يطعم الفقراء كما كان يطعم الأغنياء ويتصدق ويعطي من يراه أهلاً للعطاء، وكان ينفق من ماله الخاص على القصر الجمهوري ليظهر بلاده أمام القريب والبعيد بالمظهر اللائق. كان محمد علي العابد متواضعاً أشد التواضع، فعلى الرغم من معرفته بما تقتضيه رئاسة الجمهورية من مراسم ورسميات لم يحرم نفسه من الاستمتاع بحريته، يزور أصحابه كما يزورونه، ويعاشرهم معاشرة الإخوان. وكانت تُعقد في داره جلسات تضم كبار القضاة وأساتذة الجامعة وأعضاء المجمع العلمي وغيرهم من أهل الفضل والعلم والثقافة يتناقشون ويتذاكرون في موضوعات أدبية وسياسية واجتماعية ودينية. تتكشف لهم خلالها سعة اطلاع رئيسهم وعمق ثقافته وتنوع معارفه». ويؤكد الأستاذ خليل مردم بك[ر] ما سبق ذكره ويضيف قولته الشهيرة: «لم أر طوال حياتي رجلاً اسمه أصغر من حقيقته مثل محمد علي بك العابد».
على أن شعبية الرئيس العابد كانت تنحصر في حلقة مغلقة من النخبة الأرستقراطية المثقفة، فقد كان كمعظم رؤساء عصره بعيداً عن الجماهير الشـعبية التي كانت تسـمع به ولا تعرف عنه إلا أنه رجل يحكم البلاد ويمتلك ثروة طائلة ولا يخالط إلا فئة قليلة من رجال العلم والأدب والقانون يؤمون مجلسه بانتظام، يأنس بهم ويطرب لأحاديثهم وأسمارهم.
وعلى هذا كان محمد علي العابد رئيساً أرستقراطياً، ساعد على سنِّ القوانين والتزمها ونفذّها حتى على نفسه. وافتقر إلى الجماهيرية التي كان يحققها آخرون عن طريق الخطابة والمجاملة في المناسبات، كما افتقر إلى وسائل إعلام تكفل تسويغ القرارات والمراسيم الصادرة عنه وعن إدارته. وأسهمت دولة الانتداب في تعزيز الخلاف بينه وبين رئيس وزرائه المؤيد من قبلها تاج الدين الحسني الذي أتقن لعبة التعامل مع العامة، ومع ذلك لم يسلم من ألسنتهم.
وبسبب هذا الود المفقود بين الرئيس ورئيس وزرائه، والذي كانت تغذيه دولة الانتداب، لم يتمكن محمد علي العابد في فترة رئاسته إلا من توطيد الأمن ومنع التعديات وإحقاق الحقوق، وفي عهده عزفت موسيقى الجيش للمرة الأولى النشيد الوطني الذي ألفه الشاعر الكبير خليل مردم بك وكان ذلك بمباردة شخصية منه، ورفعت دوائر الدولة العلم السوري الجديد الأخضر والأسود والأبيض مع ثلاثة نجوم حمراء، كما مُدّ في عهده خط الحافلات الكهربائية «الترام» إلى حي المهاجرين بدمشق، وتم توسيع شبكة الكهرباء والمياه بدمشق.
محمد علي العابد
Saturday, September 19, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.
آخر أعلام
الأكثر زيارة في الأسبوع
موارد بیشتر برای شما
الشعر في مشهد، العاصمة الدينية لإيران
الانهيار البطيء للنظام السعودي..بن سلمان وحيدا في القمة!
معركة فاصلة على الرئاسات الثلاث في البرلمان العراقي
امريكا تصعد هجماتها الإعلامية ضد وزيرخارجيتها السابق
كاتب بريطاني: ابن زايد يستغل جهل ابن سلمان
مفاجأة... لماذا قرر عمر البشير حل الحكومة؟
الأنواء تعلن حالة الطقس في العراق للأيام المقبلة
اليابان تجرب مصعدا إلى الفضاء!
استخدام تقنية التعرف على الوجه في مطارات الهند
روسيا تستأنف إنتاج أضخم "سفينة طائرة" في العالم
جماعة علماء العراق: حرق القنصلية الايرانية تصرف همجي!!
البرلمان العراقى يعقد جلسة استثنائية لمناقشة الأوضاع بالبصرة اليوم
قمة طهران تخطف صواب الغرب وتذهل ساسته
معلومات لم تسمعها عن "المختار الثقفي"..من أديا دوري الامام الحسين وأخيه قمر بني هاشم؟!
الأمم المتحدة تطالب الصين بالإفراج عن مليون مسلم من الأويغور