(…ـ بعد 355هـ/… ـ 966م) أبو نصر، مطهر بن طاهر المقدسي، نسبته إلى بيت المقدس، ويعد أحد علماء التاريخ من أواخر القرن الرابع للهجرة، كما يقال إنه أحد خمسة علماء، هم مؤلفو «رسائل إخوان الصفا وخلاّن الوفا». ويدل على مكانته العلمية التاريخية ما توصّل إليه المستشرق كليمان هوار Cl.Huart في أثناء تحقيقه، على أنه المؤلف الحقيقي لكتاب «البدء والتاريخ» المنسوب تأليفه خطأً للشيخ الإمام «أبي زيد أحمد بن سهل البلخي» المتوفى سنة 340هـ.
وهذا المصنّف «البدء والتاريخ» كتاب مفيد يهتم بالتاريخ الإنساني والحضاري أكثر من اهتمامه بالأحداث، ويبرهن على أن صاحبه على معرفة جيدة بالديانات القديمة والغربية ويؤكد قيمتها الحضارية إلا أنه يجعل للإسلام القيمة الحضارية الكبرى، وقد تتبع مؤلفه في الكتاب صحاح الأسانيد في مبدأ الخلق ومنتهاه، فابتدأ بذكر حدود النظر والجدل، وإثبات القديم، ثم ابتداء الخلق، وقصص الأنبياء عليهم السلام، وأخبار الأمم وتواريخ الملوك إلى زمانه.
وقد طبع من هذا الكتاب خمسة أجزاء، ومعه ترجمة إلى اللغة الفرنسية بقلم كليمان هوار، وكان الطبع في «شالون ـ باريس»، بين سنوات 1899 ـ 1906.
ويقول المترجم هوار ناشر هذا الكتاب ما ملخصه: «لدى مطالعتي كتاب «تاريخ الفرس» الذي نشره العلاّمة «زوتنبرغ Zotenberg»، تحقّق لديّ أن مؤلف كتاب «البدء والتاريخ» هو «المطهر بن المطهر المقدسي»، وقد ألفه سنة 355هـ، وقد نسب إلى أبي زيد البلخي استناداً إلى ما ذكره صاحب «كشف الظنون»، والغالب أن «حاجي خليفة» صاحب هذا الكتاب قد اطّلع على النسخة التي بيدنا، وكانت هذه النسخة قد دخلت في ملك الصدر الأعظم «الداماد إبراهيم باشا»، وكتب عليها وهماً أن مصنفها هو «أبو زيد البلخي» المتوفى سنة340هـ».
ومما يؤيد هذا الرأي أن النديم صاحب «الفهرست» لم يذكر هذا الكتاب في جملة مصنّفات أبي زيد البلخي.
ومما يؤسف له هو الجهل بهذا العالم المطهر بن طاهر المقدسي سوى مؤلفه هذا، وسوى أنه كان في «بست» من بلاد «سجستان» في أواسط «آسيا».
