(247 ـ 296هـ/861 ـ 909م) عبد الله بن الخليفة المعتز بن المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد، شاعر وناقد، وخليفة ليوم واحد، ترجح الروايات أنه ولد في سامراء من أم رومية. ترعرع ابن المعتز في سعة من العيش، وعاش حياته الأولى في طمأنينة في ظل الدولة العباسية التي أخذت في النصف الثاني من القرن الثالث تميل إلى الاضطراب، وبلغ الاضطراب السياسي أوجه عندما صمم الجنود الأتراك على خلع الخليفة المعتز سنة 255هـ؛ لأنه لم يستجب لمطالبهم بزيادة رواتبهم فكان أن هاجموه وعذبوه ثم جصصوا سرداباً بالجص الثخين. أدخلوه فيه وأطبقوا عليه بابه فمات؛ فتولت جدة ابن المعتز تربيته، وعينت له المؤدبين في اللغة والأدب والفقه والحديث، وهيأت له مكتبة عامرة واستطاع أن يستفيد من العناية التي ظفر بها فجمع ثروة فكرية لم يتيسر لأحد قبله أن يجمع مثلها وذلك على أيدي كبار المؤدبين والمعلمين وكان عنده نزوع إلى محبة الموسيقى والنغم، وعندما قرر أن يتخلى عن السياسة وينصرف للشعر والأدب والحياة الثقافية جاءَته النكبة، ففي سنة 296هـ اجتمع جماعة من القواد والكتاب والقضاة وعلى رأسهم محمد بن داود الجرّاح وأبو المثنى أحمد بن يعقوب القاضي على خلع الخليفة المقتدر بالله الذي كان بويع بالخلافة سنة 295هـ وهو ابن ثلاث عشرة سنة واجتمع رأيهم على عبد الله بن المعتز فبايعوه بالخلافة، فأقام يوماً وليلة ووثب عليه غلمان المقتدر بقيادة مؤنس الخادم فخلعوه وقبضوا عليه وسلموه للمقتدر الذي سلمه إلى مؤنس الخادم فخنقه.
وقد ذكر الذين ترجموا لابن المعتز أن له عدداً من المؤلفات منها، «كتاب البديع»، و«طبقات الشعراء»، و«الزهر والرياض»، و«مكاتبات الإخوان بالشعر»، و«أشعار الملوك»، و«الجوارح و الصيد»، و«كتاب الآداب»، و«حلى الأخبار»، و«الجامع في الغناء»، و«كتاب السرقات»، و«أرجوزة في ذم الصبوح»، و«فصول التماثيل»، و تنسب إليه رسالة في محاسن أبي تمام و مساوئه. تتجلى أفكار ابن المعتز من خلال عرض كتابين من أهم كتبه النقدية اللذين تركا أثراً واضحاً في الحركة النقدية في القرن الثالث «كتاب البديع» الذي ألفه سنة 274، المتميز بلون الثقافة العربية الخالصة فهو مظهر لثقافة أدبية واسعة، تنم على اطلاع عميق على كتب الأدب و النقد والبيان، ألفه قبل أن يلم بثقافة أخرى. والكتاب حافل بالنصوص الأدبية من الشعر والنثر، ساقها في نظام جميل من نصوص أدبية من القرآن والأحاديث النبوية واللغة و كلام الصحابة و الأعراب ثم من عيون الشعراء الجاهليين و المحدثين، وختم كلامه على كل لون بذكر ما عيب من شواهده المختلفة الخارجة عن حدود البيان.
و أفصح عن غرضه عندما قال: «وإنما غرضنا من هذا الكتاب تعريف الناس أن المحدثين لم يسبقوا المتقدمين إلى شيء من أبواب البديع». و البديع عند ابن المعتز خمسة أنواع: الاستعارة، و التجنيس، و المطابقة، و رد أعجاز الكلام على ما تقدمها ، و المذهب الكلامي. و ما عدا ذلك يسميه (محاسن الكلام) و هي ثلاثة عشر نوعاً. وأول من نشر «كتاب البديع» المستشرق الروسي أغناطيوس كراتشكوفسكي الذي كتب مقدمة باللغة الإنكليزية في دراسة عن ابن المعتز وكتابه. وكتابه الثاني هو«طبقات الشعراء» سماه حمزة الأصبهاني في «الاختيار من شعر المحدثين». وُصف الكتاب بأنه أهم كتاب وجد في تراثنا الأدبي، يعرض المؤلف فيه ألواناً من الشعر والتراجم لطائفةٍ من شعراء الدولة العباسية المسمين بالمحدثين، بلغت تراجمهم 128 ترجمة لشعراء وشاعرات، أثبت فيه أشعاراً تزيد على ألف و خمسمئة بيت لا توجد في كتاب سواه، ولم يترجم ابن المعتز لجميع الشعراء العباسيين، فقد أهمل ذكر العشرات منهم، مع أنه ألفّه في آخر حياته، و قد حاول بعض المصنفين أن يتحرى الطبقات فوجدها -تخميناً- طبقة المدّاح، و طبقات المجّان والموسوسين و النساء، و مدارس الشعر المحدث و مدرسة الحكمة، و مدرسة الطبع. وللكتاب مختصر سمي «المختار من طبقات الشعراء» صنعه أبو البركات المبارك بن أحمد الإربلي المتوفى 637هـ.
وقد وصف أبو الفرج الأصبهاني ابن المعتز بأنه «تقدم جميع أهل عصره فضلاً وشرفاً وأدباً وشعراً وظرفاً وتصرفاً في سائر الآداب وأنه أشعر بني هاشم وأرق الناس في الأوصاف والتشبيهات، ومن شعره يصف يوماً من أيام الربيع كانت الدنيا فيه كالجنة المزخرفة:
حَبّذا آذارُ شـــــهراً
فيه للنَّوْرِ انتشارُ
ينقُص الليلُ إذا جـــا
ءَ ويمتدُّ النّهارُ
وعلى الأرض اخضرارٌ
واصفرارٌ واحمرارٌ
فكأن الرَّوضَ وشــيٌ
بالغت فيه التِّجارُ
نَقْشه آسٌ ونســريـ
ـنٌ ووردٌ وبَهارُ
عبد الله بن محمد ابن المعتز
Sunday, October 16, 2016
الوقت المقدر للدراسة:
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.
آخر أعلام
الأكثر زيارة في الأسبوع
موارد بیشتر برای شما
الشعر في مشهد، العاصمة الدينية لإيران
الانهيار البطيء للنظام السعودي..بن سلمان وحيدا في القمة!
معركة فاصلة على الرئاسات الثلاث في البرلمان العراقي
امريكا تصعد هجماتها الإعلامية ضد وزيرخارجيتها السابق
كاتب بريطاني: ابن زايد يستغل جهل ابن سلمان
مفاجأة... لماذا قرر عمر البشير حل الحكومة؟
الأنواء تعلن حالة الطقس في العراق للأيام المقبلة
اليابان تجرب مصعدا إلى الفضاء!
استخدام تقنية التعرف على الوجه في مطارات الهند
روسيا تستأنف إنتاج أضخم "سفينة طائرة" في العالم
جماعة علماء العراق: حرق القنصلية الايرانية تصرف همجي!!
البرلمان العراقى يعقد جلسة استثنائية لمناقشة الأوضاع بالبصرة اليوم
قمة طهران تخطف صواب الغرب وتذهل ساسته
معلومات لم تسمعها عن "المختار الثقفي"..من أديا دوري الامام الحسين وأخيه قمر بني هاشم؟!
الأمم المتحدة تطالب الصين بالإفراج عن مليون مسلم من الأويغور