ابن المفرِّغ الحميري

Monday, May 29, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
ابن المفرِّغ الحميري (يزيد بن زياد) (… ـ 69هـ/… ـ 688م) أبو عثمان، يزيد بن زياد بن ربيعة الحميري، من شعراء الدولة الأموية، ومفرّغ لقبُ جدّه ربيعة، قيل إنه راهَنَ على سِقاء من لبنٍ يشربه كُلّه، فشربه حتى فرَّغه، فسُمّي «مفرّغ».

ونَسَبهُ إلى حِمير لم يكن موضع تسليم، فقد ذكر بعض النسّابين أنه كان مولى لآل خالد بن أسيد بن أبي العيص الأموي، وقيل بل كان عبداً للضحاك بن عبد عوف الهلالي، وأشار بعضهم إلى أن جده مفرغاً كان شعَّاباً بتبالة، وهي بلدة على طريق اليمن للخارج من مكة.

وابن مفرّغ من الشعراء الذين لا يكادون يُعرفون إلا بالهجاء، وهو هجاء صبّه على زياد بن أبيه وولديه عبيد الله وعباد.

وترجع المصادر سبب هذا الهجاء إلى أن ابن مفرغ كان قد صحب عباد بن زياد إلى سجستان، وكان هذا الأخير والياً عليها، والظاهر أنه انشغل عن ابن مفرّغ بحروبه مع الترك ولم يُنِله ما كان يرجوه من أعطيات فشرع ابن مفرّغ يعرض به ويذمه، وكانت البداية حين أصاب الجندَ مع عباد ضيقٌ في أعلاف دوابهم فقال ابن مفرغ:

ألا ليت اللحى كانت حشيشاً               فنعلفها خيول المسلمينا

وكان عباد عظيم اللحية، فبلغه هذا الشعر وبلغه أيضاً أن ابن مفرغ يسبه ويذمه وينال من عرضه، فدَسّ إلى قومٍ كان لهم دَين على ابن مفرّغ أن يقدّموه إليه، ففعلوا، فحبسه، وأضرّ به، وباع له جميع ما يملك ولا سيما جاريته «أراكة» وغلامه بُرْد، ومما قاله في ذلك:

شَرَيْتَ بُرْداً ولو مُلِّكْتُ صفقته            لما تطلّبت في بيعٍ له رشدا

لولا الدعيُّ ولولا ما تعرّض لي           من الحوادث ما فارقته أبدا

«شريت: بعت»

ولما خرج من الحبس اتجه إلى البصرة وتمادى في هجاء بني زياد والتعريض بانتمائهم إلى أبي سفيان، كقوله:

ألا أبلغ معاوية بن حرب                 مغلغلةً من الرجل اليماني

أتغضب أن يقال أبوك عَفٌّ               وترضى أن يُقال أبوكَ زانِ

فأشهد أن رِحمَكَ من زياد                 كرِحْمِ الفيلِ من ولدِ الأتانِ

فطلبه عبيد الله بن زياد أمير البصرة آنذاك، وكتب إلى الخليفة معاوية في الشام يشكوه إليه، فأمر معاوية بطلبه، فجعل يتنقل في البلاد حتى لفظته الشام، فأتى البصرة، ولم يجرؤ أحد على إجارته إلا المنذر بن الجارود العبدي، وكانت ابنته زوجاً لعبيد الله، فلما علم عبيد الله بذلك بعث إلى دار المنذر بالشرط وأتوه بابن مفرّغ ، فأمر بحبسه وكتب إلى معاوية يستأذنه في قَتله فكتب إليه معاوية: إياك وقتله، ولكن تناوله بما ينكله ويشد من سلطانك، فإن له عشيرة هي جندي وبطانتي، ولا ترضى بقتله مني، ولا تقنع إلا بالقود منك.

فأمر عبيد الله أن يطاف بابن مفرّغ في شوارع البصرة، في قصّة معروفة، ثم ردّه إلى الحبس، ثم حمله إلى أخيه عباد بسجستان، فتكلمت اليمانية بشأنه عند معاوية فأرسل رسولاً إلى عباد فحمل ابن مفرغ من عنده حتى قدم على معاوية وهو يقول مخاطباً ناقته:

لعمري لقد نجَّاك من هوّة الردى                  إمامٌ  وحبلٌ للأنام وثيقُ

سأشكر ما أوليت من حُسن نعمة                  ومثلي بشكر المنعمين حقيقُ

ولابن مفرغ أبيات جميلة في النسيب اختارها أبو تمام في حماسته وهي:

ألا طرقتنا آخر الليل زينب                       عليك سلامٌ هل لما فات مَطلَبُ

وقالت تجنبْنا ولا تَقْرَبننا                          فكيف وأنتم حاجتي أتجنب

يقولون هل بعد الثلاثين ملعب                    فقلت وهل قبل الثلاثين ملعبُ

لقد جل خطب الشيب إن كان كلما                بدت شيبةُ يَعْرَى من اللهو مركبُ

 فاطمة تجور
مراجع للاستزادة:

ـ ابن جرير الطبري، تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (دار المعارف، مصر1970)

ـ الأصفهاني، الأغاني (دار الكتب العلمية، بيروت1992).

ـ محمد بن سلام الجمحي، طبقات فحول الشعراء، شرحه محمود محمد شاكر (دار المعارف، د.ت)

ـ يزيد بن مفرغ الحميري، ديوانه، جمع وتحقيق عبد القدوس أبو صالح (مؤسسة الرسالة 1975).
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.