ابن منير الطَّرابلسي
Monday, June 26, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
شهدت طرابلس في عهد الشَّاعر حركةً ثقافيَّةً واسعةً، إذ كانت إمارة مستقلَّةً يحكمها بنو عمَّار، وكانت ولادته بعد سنةٍ واحدةٍ من تجديد بناء مكتبة طرابلس، ودار الحكمة بها.
نشأ في أسرةٍ فقيرةٍ يتكسَّب مع أبيه من حرفةِ رفوِ الثِّياب، قال الشِّعرَ صبيّاً، وكان أبوه حسنَ الصُّوت ينشد المدائحَ النبويَّةَ في أسواق طرابلسَ، وعندما تعرَّضت طرابلس لحصار الروم خرج منها سنة 502هـ/1109م، ونزل دمشقَ، ثم نزل الموصل ومدحَ أعيانها.
كان مرهوبَ اللِّسان خبيثَ الهجاءِ، حبسَهُ الملكُ تاجُ الملوك «بوري» صاحب دمشق لفحشـه في هجاء الناس، وعزم على قطع لسانه، فاستوهبه منه الحاجبُ يوسف بن فيروز، فوهبه له فنفاه، ثمَّ رحل عن دمشقَ فأقام بشيزر عند بني مُنْقِذ، وكان رحيله عن دمشق لوشاية دسَّها له أعداؤه لدى رئيس دمشق ابن الصُّوفيِّ، إذ ادَّعوا أنَّه ذكره بسوء في شعره، وابن الصُّوفي هذا ذكره العماد في «الخريدة»، والصَّفدي في «الوافي بالوفيات» وقال: «ابن الصوفي رئيس دمشق مؤيد الدولة»، وذكر أنَّه كان مدبِّر دولة مجير الدين آبق في دمشق يحكم بأمره، وإنَّما هرب ابن منير خوفاً من بطشه به، ثم إنه عاد بعد ذلك إلى دمشق فاتَّصل بالملك العادل نور الدِّين محمود بن زنكي ومدحه، فمن ذلك قوله فيه:
يا مُحْيِيَ العدل ويا مُنْشِــــرهُ
مِن بَينِ أَطبـاقِ البلى وقد هَمَدْ
المَلكُ العـــادِلُ لَفظٌ طابَقَ الـ
مَعنى وَفي الوَصفِ مُعادٌ مُستَرَدْ
أكثرَ من الهجاء، وعارض الشَّاعرَ القيسرانيَّ في زمانه، فكأنَّهما جرير والفرزدق في المناقضة والمعارضة، وشعرُه في الهجاء أجودُ من شعره في المدح، ولا يكاد يسلمُ من هجائه منعمٌ عليه ولا مسيءٌ إليه، حتى قيل: «كان يَصِلُ بهجائه لا بمدحه وثنائه». جعله الحافظُ الذَّهبيُّ ممَّن يقول الهزل الذي يُراد به الجدُّ، ووصفه بالأديب البارع والشـــاعر المحسن.
من هجائه اللَّطيفِ قولُه في قاضٍ:
هو قاضٍ كما تقول ولكنْ
ما عَلَيهِ مِنَ القَضــاءِ عَلامَه
عِمّةٌ تَملأ الفَضاءَ عَلَيـهِ
فوق وجهٍ كعُشْرِ عشر القُلامَهْ
وله فوق ذلك شعرٌ غزليٌّ رقيقٌ فيه لطافةٌ تستخفُّ القلبَ وتملك السَّمعَ، ومن رقيق غزله قوله في الاسـتعطاف:
أَحلى الهوى ما تُحِلُّهُ التُّهَــمُ
باحَ بِهِ العـاشـقونَ أَو كَتمُـوا
تمشي فتُرْدِي القضيبَ من أَسَفٍ
وتكْسِــفُ البدرَ حين تبتسـمُ
وتُخْجِلُ الرَّاحَ منك أربعـــةٌ:
خَــدٌّ وثَغْـرٌ ومُقْلَـةٌ وفَــمُ
له شعرٌ في الجهاد، غير أنَّ التَّصنعَ فيه واضحٌ، والتكلُّف فيه ظاهرٌ، يظهر فيه من غريب اللُّغة، وتكلُّفِ الجناس ما ليس في سائر شعره، كقوله:
والرُّها لو لم تكن إِلاّ الرُّها
لكَفَتْ حشْــماً لشكِّ المُمْتَرينْ
سَمَطْتَ أَمسَ سُمَيْسَاط بِها
نَظْمَ جَيـــشٍ مُبْهجٍ لِلنّاظرين
لكنَّه إذا انصرف إلى الغزل والوصف رقَّ شعره، وعَذُبَ قولُه، وصار نظمُه سلساً يجري على الطَّبع.
أسامة سلمان اختيار
مراجع للاستزادة:
ـ أبو شامة، كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية، تحقيق إبراهيم الزيبق (مؤسسة الرسالة، بيروت 1997).
ـ العماد الأصفهانيّ، خريدة القصـر وجريد ة العصر، قسم شعراء الشَّام (المطبعة الهاشميَّة، دمشق 1964).
ـ ابن منير الطرابلسي، ديوانه (دار الجيل، بيروت 1986).
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.
آخر أعلام
الأكثر زيارة في الأسبوع
موارد بیشتر برای شما
الشعر في مشهد، العاصمة الدينية لإيران
الانهيار البطيء للنظام السعودي..بن سلمان وحيدا في القمة!
معركة فاصلة على الرئاسات الثلاث في البرلمان العراقي
امريكا تصعد هجماتها الإعلامية ضد وزيرخارجيتها السابق
كاتب بريطاني: ابن زايد يستغل جهل ابن سلمان
مفاجأة... لماذا قرر عمر البشير حل الحكومة؟
الأنواء تعلن حالة الطقس في العراق للأيام المقبلة
اليابان تجرب مصعدا إلى الفضاء!
استخدام تقنية التعرف على الوجه في مطارات الهند
روسيا تستأنف إنتاج أضخم "سفينة طائرة" في العالم
جماعة علماء العراق: حرق القنصلية الايرانية تصرف همجي!!
البرلمان العراقى يعقد جلسة استثنائية لمناقشة الأوضاع بالبصرة اليوم
قمة طهران تخطف صواب الغرب وتذهل ساسته
معلومات لم تسمعها عن "المختار الثقفي"..من أديا دوري الامام الحسين وأخيه قمر بني هاشم؟!
الأمم المتحدة تطالب الصين بالإفراج عن مليون مسلم من الأويغور