ظهير الدين محمد بابر

Monday, October 20, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
ظهير الدين محمد بابر

(888 ـ 937هـ/1482 ـ 1530م) ظهير الدين محمد بابر (ربما من الفارسية بَبْر بمعنى نمر) مؤسس دولة السلاطين التيموريين (أباطرة المغول) الإسلامية في الهند. حفيد تيمورلنك من الدرجة الرابعة. ويرقى نسبه من ناحية أمه إلى جنكيزخان. والده عمر شيخ ميرزا حاكم فرغانة في ما وراء النهر، وقد مرت حياته السياسية بطورين:

في ما وراء النهر وكابل: توفي والده فجأة ولم يكن لبابر من العمر سوى اثني عشر عاماً. وطمع بمملكته عمه صاحب سمرقند وخاله حاكم طشقند، ولكن الأقدار أنجته منهما؛ فقد انتشر الوباء في خيول عمه ومرض خاله في أثناء الحرب فانسحب كل منهما إلى بلده. واستطاع السلطان الفتى بابر توسيع أملاكه فدخل سمرقند (903هـ/1497م). ولكنه لم يلبث بها سوى مدة يسيرة إذ اضطره الأوزبك إلى تركها، كما قامت عليه ثورة في فرغانة بقيادة أخيه أطاحته، فأضحى بلا مُلْك. فاتجه عام 910هـ/1504م في قلة من جنده إلى خراسان وتابع منها جنوباً إلى إقليم غزنة. ويسر له اضطراب الأحوال فيهما امتلاكهما في العام نفسه، ثم توسع منهما جنوباً إلى هراة وقندهار. ونجح في سنة (919هـ/1513م) باسترجاع سمرقند بمحالفته شاه إسماعيل الصفوي على الأوزبك، كما استولى على بخارى. ولكن الأوزبك تمكنوا ثانيةً من إخراجه من ماوراء النهر، وأخذوا يهددونه في مملكته الجديدة في كابل، مما جعله يفكر بالدخول إلى الهند، ومع نجاحه باسترجاع أغلب أجزاء ماوراء النهر بعد هزيمة الأوزبك أمام جيوش إسماعيل الصفوي، فقد شعر أن رعيته بدأت تكرهه لتحالفه مع الفرس، مما قوى عزمه على التوجه إلى الهند.

في الهند: كانت الفوضى تعم هذه البلاد في عهد إبراهيم لودهي، آخر حكام أسرة «لودهي» الأفغانية. وبدأت مقاطعات الهند تنفصل عن الحكومة المركزية. واستغل بابر الوضع. فقام أولاً بعدة غزوات استطلاعية لهذه البلاد. ثم تمكن في سنة (932هـ/1525م) من احتلال البنجاب ودخول عاصمته لاهور. وتقدم من هناك شرقاً إلى مدينة «باني تبت» شمال دهلي (دلهي اليوم) حيث انتصر على إبراهيم لودهي ودخل عاصمته دهلي. ثم تقدم إلى أغرة، فاتخذها عاصمة له، وتربع على عرشها وسط ترحيب السكان في 29 رجب من العام نفسه (12آب 1525م).

ولم يستتب الأمر لبابر في الهند بادئ بدء، فقد واجه ثورات أمراء المقاطعات، وكان عليه أن يخوض بمساعدة ابنه همايون معارك كثيرة للقضاء عليها. وكانت أهم هذه المعارك معركة «خانواه» التي واجه فيها الأمراء الهنادكة (الهنود غير المسلمين)، ومن انضم إليهم من أمراء اللودهيين، عند مشارف منطقة راجبوتانا المعقل الرئيسي للهنادكة (933هـ/1527م). وكان النصر فيها حليف بابر، الذي طار صيته بعدها في بلاد الهند. ورسخت أسس دولة السلاطين التيموريين.

لم يعد بابر يقاتل لتثبيت عرشه بعد معركة خانواه الفاصلة، وإنما لتوسيع رقعة ملكه، فعمد إلى انتزاع الحصون التي كان يعتصم بها بعض أمراء الهنادكة واحداً بعد آخر، وكان أهمها حصن «جندري» جنوب أغرة. ثم ولّى وجهه شطر الشرق، وكان اللودهيون قد اجتمعوا حول محمود أخي إبراهيم لودهي في إقليم بهار في أقصى الشرق. وبعد سلسلة من المعارك استطاع بابر القضاء على قوة الأفغان فجاؤوا إليه مستسلمين. وعقد معاهدة مع حاكم البنغال تنص على عدم اعتداء أحدهما على الآخر. ولكن حاكم البنغال لم يلتزم ببنود المعاهدة، وأخذ يؤوي عنده الأمراء اللودهيين. فكان ذلك مسوغاً لبابر كي يزحف إلى البنغال ويلحقه بدولته، التي امتدت من كابل في الغرب إلى البنغال في الشرق، ومن  سفوح الهيمالايا في الشمال إلى حصن جندري في الجنوب.

عاد بابر إلى عاصمته بعد هذه الحروب في (935هـ/1528م). وبدأت صحته تتدهور، ولكنه لم يلبث أن خرج منها إلى لاهور وفي نيته أن يعبر السند إلى أرض كابل، لدفع خطر الأوزبك الذي ظهر من جديد. ولكنه لم يقدر على متابعة الرحيل، فعاد إلى عاصمته، حيث اشتد عليه المرض وتوفي.

يُعد بابر من أقدر الحكام الذين تولوا العروش، لا في عصره فحسب وإنما في مختلف العصور. ويظهر ذلك بالمقابلة بين مبدأ حياته السياسية فتىً مطروداً من مُلكه في فرغانة وكونه مؤسس دولة عمرت بعده قرنين ونيفاً. كان بابر جم النشاط سريع الحركة خطيباً مفوهاً، يؤثر في عواطف جنده، فيندفعون بحماسة في المعارك لإدراك النصر على الرغم من قلة عددهم وكثرة أعدائهم. جمع في شخصه صفات التركي المقاتل إلى صفات المثقف الفارسي المتحضر، وكان يجيد كلتا اللغتين التركية والفارسية.

وجد بابر على رغم حروبه الكثيرة متسعاً من الوقت لتجميل عاصمته أغرة بالقصور والحمامات والحدائق والقنوات، ونظم البريد، وأولع بالتصوير وجمع عدداً من اللوحات التي رسمت في الهند قبل عهده. وكان بلاطه موئل العلماء الكبار، ولعل من أشهرهم المؤرخ الفارسي محمد خاوند صاحب كتاب «حبيب السير». وظلت لبابر بعض الصفات التي ورثها عن أجداده التتر والمغول كالميل إلى تقتيل الأعداء والتفاخر بتكديس رؤوس القتلى على شكل منائر.

كان بابر فوق ذلك شاعراً نظم الشعر بالتركية والفارسية. وترك ديواناً بالشعر التركي. يعده بعض الباحثين ثاني اثنين في الشعر التركي في زمنه بعد الشاعر «أمير علي شيرنوائي». كما وضع بابر كتاباً في علم العروض.

وتعد سيرته التي اشتهرت باسم «بابرنامه»، أعظم آثاره الأدبية. كتبها بالتركية بأسلوب ينم على تمكن صاحبها من الثقافة الإسلامية وآداب العربية والفارسية. ولم يذكر بابر متى بدأ بكتابتها. وقد ضاع أصلها التركي. ولكنها ترجمت إلى الفارسية وإلى بعض اللغات الأوربية. وتدل ترجمتها على قيمتها التاريخية فضلاً عن قيمتها الأدبية.



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.