ابن البُهلول

Saturday, November 15, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
ابن البُهلول

(231 ـ 318هـ/845 ـ 930م) أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول التنوخي الأنباري، قاض فقيه ومحدّث وأديب. ولد بالأنبار في بيت علم خرج منه علماء أعلام، منهم أبوه إسحاق بن البهلول (ت252هـ)، وكان من كبار الحفّاظ، وله مسند كبير حسن، وكان أخوه الحافظ الناقد الثقة بُهلول بن إسحاق (ت298هـ)، قاضي الأنبار، وابن أخيه داود بن الهيثم بن إسحاق، وكان نحوياً لغوياً مفوّهاً، وابن أخيه أيضاً يوسف بن يعقوب بن إسحاق وكان من جلّة الكتاب.

أوتي أحمد بن بهلول من ذكاء القلب ومن قوة الحفظ ما كان معه آية من الآيات، وله في الحفظ خبر عجيب مع الإمام الطبري (ت 310هـ) شيخ المؤرخين والمفسّرين، رواه ابنه القاضي أبو طالب محمد بن أحمد بن إسحاق.

وقد كان للجو العلمي الذي نشأ فيه، مع ما أُوتيه من مواهب وخلال، أثر في تصرفه في العلوم، فقد سمع الحديث من أبيه ومن إبراهيم بن سعيد الجوهري (ت 247هـ) وأبي سعيد الأشجّ (ت257هـ) وغيرهم، وروى عنه محمد بن إسماعيل الورّاق وأبو الحسن الدارقطني (ت385هـ). وأبو علي القالي (ت356هـ) صاحب «الأمالي»، وتفقه على مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وربما خالفهم في مسائل كثيرة، واتّسع في حفظ الأخبار الطوال والسير والتفسير، مما سيكون من أدواته في ولاياته الطويلة في القضاء فيما بعد.

إلاّ أن الأدب مع ذلك كان أغلب عليه، فقد كان عالماً باللغة، قيّما بالنحو على مذهب الكوفيين، وله فيه تصنيف، قال فيه ابن الأنباري إمام الكوفيين في عصره: «ما رأيت صاحب طيلسان أنحى منه» أي أعرف بالنحو. وقد شهد سنة مئتين وخمس وخمسين، وكان ما يزال في صدر شبابه، مجلساً في بغداد لأبي العباس ثعلب، إمام الرواية والعربية في عصره، فوصفه وصفاً أخاذاً.

وكان واسع الحفظ للشعر القديم والمعاصر له، شاعراً كثير الشعر، ولم يتكسب بشعره، حسن الخطابة، مجيد الترسل إذا كاتب، والبلاغة إذا خاطب، وكان إذا ذاكر في الشعر والأدب والعلم بعض نظرائه أو من يقرب منه اجتمع عليهما الناس كما يجتمعون على القصاص.

وكان القضاء مركز حياته العاملة، تولاه أزيد من خمسين عاماً، تقلد أولاً الأنبار وهيت وطريق الفرات، منذ أيام المعتمد، ثم تولى ذلك للمعتضد، ثم تولى بعض كور الجبل للمكتفي سنة 292هـ، ولم يخرج إليها، ثم قلده المقتدر سنة 296هـ، قضاء مدينة المنصور من بغداد وطسوج قطربل ومسكن والأنبار وهيت وطريق الفرات، ثم أضاف إلى ذلك، بعد سنين، القضاء بكور الأهواز السبع، بعد وفاة قاضيها محمد بن خلف المعروف بوكيع (ت306هـ)، وكان متشدداً في أحكامه محمود الأثر في ولاياته، وله فيها أخبار تؤثر، ذكر بعضها ياقوت في «معجم الأدباء» وابن الجوزي في «المنتظم» وابن كثير في «البداية والنهاية»، ويبدو فيها استمساكه بالحق وحصافته في الرأي ونفاذ نظره.

صرف عن القضاء سنة سبع عشرة وثلاثمئة، في خلافة المقتدر، ثم أريد على الرجوع إليه فامتنع، وقال: «أحب أن يكون بين الصرف والقبر فرجة، ولا أنزل من القلنسوة (يعني القضاء) إلى الحفرة».

لم يبق من آثار أحمد بن إسحاق إلا نماذج من شعره ذكرها ياقوت، وأورد بعضها السيوطي في «بغية الوعاة»، لا تزيد في جملتها إلا قليلاً على المعهود من الشعراء العلماء. على أن في بعضها طرافة وبراعة فكر جديرتين بأن ينوه بهما.



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.