(1903 ـ 2000) الحبيب بن علي بورقيبة زعيم وطني ورجل دولة تونسي قاد المسيرة التي بدأها المصلح الكبير خير الدين التونسي[ر] (1822-1889)، وسار على نهجه حتى نالت تونس استقلالها. ولد بورقيبة في بلدة المنستير الساحلية على خليج الحمامات في تونس، في أسرة كبيرة، الأب فيها ضابط في الجيش العامل لدى باي تونس. تلقى معارفه الأولى في العربية والعلوم الدينية الإسلامية في مدينة تونس العاصمة، إضافة إلى المعارف والأفكار الغربية واللغة الفرنسية، ثم درس القانون والسياسة في جامعة السوربون في باريس بين عامي 1924 و1927، حيث تشرب الأفكار التحررية والنضالية باحتكاكه بالجزائريين والمغاربة المناضلين في سبيل التحرر من الاستعمار الفرنسي. وتعد هذه المرحلة بداية تكوينه السياسي وتلمسه طريق مقارعة الاستعمار. وبعد عودته إلى تونس عام 1927 عمل محامياً إضافة إلى انخراطه في العمل السياسي التونسي في ظل الاحتلال الفرنسي، وأصدر صحيفة وطنية باللغة الفرنسية عام 1932 كانت لسان حال مجموعة من السياسيين الشباب الذين لم يكونوا راضين بأسلوب حزب الدستور وعمله من أجل استقلال تونس. ولما صار واضحاً لبورقيبة وزملائه وأنصاره الوطنيين عجز حزب الدستور، الكتلة السياسية الوطنية الوحيدة حينذاك، عن مقارعة الفرنسيين، انفصل ورفاقه عنها وأسس حزب «الدستور الجديد» عام 1934. وقد جذبت مبادئ حزب الدستور الجديد الكثيرين من الوطنيين التونسيين، وصار قائد مسيرة تونس إلى التحرير. وقد قام بورقيبة بتنظيم كوادره تنظيماً جيداً ودقيقاً، ومد نشاطه من المدينة إلى الريف والصحراء، حيث تأسست فروعه وخلاياه، فعمت أفكار الحركة الوطنية البلاد، وبدأ الصراع الفعلي الشعبي ضد المستعمرين يتصاعد في تونس كلها، وأصبح الحبيب بورقيبة الأمين العام للحزب قطب النضال الوطني المعبر عن أمل التونسيين بالاستقلال. وقد تعرض الوطنيون لملاحقة السلطات الفرنسية والتنكيل بهم وسجنهم وإبعادهم، كان نصيب الحبيب منها ما مجموعه عشر سنوات من السجن (1934-1936) ثم (1938-1942) و(1952-1955). وفي زمن الحرب العالمية الثانية حين كان بورقيبة سجيناً في فيشي، في فرنسة، حاولت دول المحور كسب الحركة الوطنية التونسية وزعيمها إلى صفها، لكن بورقيبة قاوم ذلك وجاهد لإبقاء تونس والحركة على الحياد. ثم قام بين 945 و1946 وعام 1951 بجولات كثيرة إلى بلدان المشرق العربي والولايات المتحدة الأمريكية وآسيا وأوربة لكسب التأييد للقضية التونسية، أعقب ذلك انتقال الصراع من العمل السياسي السلمي إلى مرحلة الكفاح المسلح مما أجبر فرنسة على قبول التفاوض مع بورقيبة عام 1954، فتمكن من انتزاع اعتراف فرنسة بحكم ذاتي في تونس (1955م) مع بقاء شؤون الدفاع والخارجية بيد السلطات الفرنسية. واستمر في قيادة النضال حتى نالت تونس استقلالها في 20آذار 1956، وجلت القوات الفرنسية عن الأرض التونسية (1957م)، باستثناء القاعدة الفرنسية البحرية في بنزرت، فألغى الملكية، وأعلنت تونس دولة جمهورية انتخب لها الحبيب بورقيبة أول رئيس للبلاد. وفي عام 1961 طالب فرنسة بإعادة القاعدة البحرية إلى تونس، فرفضت مما أدى إلى قيام نزاع مسلح هاجم فيه التونسيون القاعدة التي انسحبت منها فرنسة عام 1963، وكلفت تونس نحو ألف شهيد.
أظهر الدستور الأول الذي أوعز بورقيبة بوضعه عام 1959 اتجاهه في حكم البلاد ونهجها العام، حافظ فيه على دور الدين في المجتمع، فجعل الإسلام ديناً للدولة، لكنه تدخل في بعض التشريعات الدينية مثل الطلاق والصوم، وألغى تعدد الزوجات. وقد اهتم في تسيير البلاد بالسياسة المرحلية التي عرفت عنه، وأولى التربية والتعليم والصحة عنايته الخاصة، وخصها بنحو 80٪من إجمالي ميزانية الدولة، كما اهتم بتوطين البدو، وأعاد النظر في التقسيمات الإدارية، وشجع قطاع السياحة ومقوماتها حتى غدت تونس مقصد ملايين السياح سنوياً. وقد ازدهر الاقتصاد التونسي في عهده الذي دام 30سنة، على الرغم من تأزم العلاقات مع فرنسة بسبب تأميم مزارع وممتلكات المستوطنين الفرنسيين والطليان والمالطيين، وإخراج الفرنسيين من القاعدة العسكرية البحرية، ومحاولة فرنسة فرض عقوبات على تونس. أما على الصعيد العربي فقد كان بورقيبة حذراً ومتحفظاً في تعامله مع الجامعة العربية والدول العربية القومية والوحدوية، مركزاً اهتمامه الأول على بناء الدولة التونسية الحديثة، على أسس اشتراكية معتدلة بعيداً عن الشيوعية والماركسية، بمساندة من حزب الدستور الجديد ووقوفه في وجه المعارضين. أما على الصعيد الدولي، فقد أدرك بورقيبة أن مصالح تونس تكمن في الانفتاح على الدول التي تعتمد عليها اقتصادياً وفكرياً واستراتيجياً مثل فرنسة، والبقاء في علاقاتها مع سائر الدول على الحياد ما أمكن. وقد ساعده في تطبيق سياساته المحلية والعربية والدولية إعادة انتخابه رئيساً للجمهورية أكثر من مرة حتى عام 1975 حين أصبح رئيساً مدى الحياة، وبقاؤه في الحكم ثلاثة عقود امتدت حتى عام 1987، وهو العام الذي عين فيه وزير الداخلية السابق الجنرال زين العابدين بن علي رئيساً للوزراء، فقام بتنحية بورقيبة عن الحكم في تشرين الثاني من العام نفسه بذريعة مرضه وشيخوخته وعجزه عن القيام بأعباء رئاسة الجمهورية، إذ كانت أعراض اضطرابات صحية بدأت بالظهور على بورقيبة وتصرفاته منذ عام 1970، استفحلت حين أقال رئيس الوزراء محمد مزالي ثم رشيد صفار وجاء بزين العابدين بن علي، وقد وُضع بورقيبة قيد الإقامة الجبرية المنزلية في ضاحية قريبة من تونس العاصمة حتى 24/10/1988، حين سُمح له بالانتقال إلى المنستير مسقط رأسه، حيث توفي عن عمر يناهز السادسة والتسعين عاماً.
الحبيب بن علي بورقيبة
Sunday, November 16, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.
آخر أعلام
الأكثر زيارة في الأسبوع
موارد بیشتر برای شما
الشعر في مشهد، العاصمة الدينية لإيران
الانهيار البطيء للنظام السعودي..بن سلمان وحيدا في القمة!
معركة فاصلة على الرئاسات الثلاث في البرلمان العراقي
امريكا تصعد هجماتها الإعلامية ضد وزيرخارجيتها السابق
كاتب بريطاني: ابن زايد يستغل جهل ابن سلمان
مفاجأة... لماذا قرر عمر البشير حل الحكومة؟
الأنواء تعلن حالة الطقس في العراق للأيام المقبلة
اليابان تجرب مصعدا إلى الفضاء!
استخدام تقنية التعرف على الوجه في مطارات الهند
روسيا تستأنف إنتاج أضخم "سفينة طائرة" في العالم
جماعة علماء العراق: حرق القنصلية الايرانية تصرف همجي!!
البرلمان العراقى يعقد جلسة استثنائية لمناقشة الأوضاع بالبصرة اليوم
قمة طهران تخطف صواب الغرب وتذهل ساسته
معلومات لم تسمعها عن "المختار الثقفي"..من أديا دوري الامام الحسين وأخيه قمر بني هاشم؟!
الأمم المتحدة تطالب الصين بالإفراج عن مليون مسلم من الأويغور