تيميستوكليس

Friday, December 5, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
تيميستوكليس

تيميستوكليس Themistocles سياسي وقائد عسكري أثيني، ولد عام 523ق.م تقريباً، توصل إلى أكبر المناصب بفضل نبوغه وجده. وتولى زعامة الحزب الديمقراطي، وأصبح الحاكم الأول في أثينة Archon عام 493ق.م ولما يتجاوز الثلاثين من عمره. كان ينتسب إلى أسرة نبيلة وفقيرة، وفي الوقت نفسه كان شاباً طموحاً أجاد صنعة الكلام وتمتع بكل الصفات التي تجعله سياسياً ناجحاً. وكان بحق الرجل الذي ترك أثراً عميقاً في تاريخ أثينة يكاد لا يرقى إليه سياسي آخر، باستثناء بركليس[ر] Perikles.

كان الهدف الرئيسي من سياسة تيميستوكليس أن ينهض بأثينة[ر] بحرياً، وأن يجعل منها أكبر قوة بحرية في العالم اليوناني، إذ أدرك بثاقب نظره الأسباب التي تجعل إنشاء الأسطول شرطاً ضرورياً لحياة بلاده ومجدها، وبدأ في وضع حجر الأساس لهذا المشروع منذ أن كان حاكماً سنة 493-492ق.م، إذ قرر نقل ميناء أثينة من موقع فاليريوم المفتوح وغير الصالح إلى مرفأ بيرايوس Piraios العميق والمنيع. وأخذ يسرع في إنشاء أسطول، رغم معارضة قوية من بعض المتنفذين لسياسته البحرية، ولكن إعلان جزيرة إيجانية أو إيينه Aegina الحرب على أثينة وعجز الأخيرة عن صدها، أعطى سياسة تيميستوكليس مبرراً كانت تحتاج إليه، إلى جانب الرغبة في الاستعداد ضد احتمال غزو فارسي.

ومما زاد في حرج الموقف، انقطاع ورود الحبوب من مقاطعتي تسالية وبيئوتية اللتين أصبحتا معاديتين لأثينة. ثم إن آسيا الصغرى والمسالك إلى البحر الأسود كانت في أيدي الفرس، فلا سبيل إلى وصول شيء من الإمدادات من تلك الأنحاء، لذلك لم يبق أمام أثينة سوى الاتجاه إلى جنوبي إيطالية وجزيرة صقلية، وللوصول إلى هناك واكتساب النفوذ وإنشاء علاقات تجارية، كان لابد من وجود أسطول أثيني كبير. ومما عزز موقف تيميستوكليس، اكتشاف مناجم جديدة للفضة في جبل لوريوم أو لايفريون Laurium  سنة 483ق.م، التي تغلب بموجبها على المصاعب المالية التي كانت تواجه إنشاء الأسطول. وهكذا لم تنقض مدة سنتين حتى صار لدى أثينة، ما يقرب من مائتي سفينة. وقد شكل هذا الأسطول درعاً قوياً بيد تيميستوكليس، مكّنه من أن يكسب النصر لليونانيين في موقعة سلاميس[ر] Salamis عام 480ق.م، والتي أسفرت عن إلحاق هزيمة كبيرة بالأسطول الفارسي، إضافة إلى ذلك، كان هذا الأسطول سنداً قوياً لأثينة لتكوين «امبراطورية» انتشر فيها نفوذها، فبلغت أوج عظمتها في السيطرة السياسية وازدهار الحضارة اليونانية.

وفي عام 479ق.م، أخذ الأثينيون في إعادة بناء مدينتهم أثينة التي خربها الفرس مرتين، ومرفئها الجديد في بيرايوس، وربط الموقعين بسور ضخم، يكفل للأثينيين الدفاع عن مدينتهم، ولاسيما أنهم اتفقوا على أن تتركز قوتهم في البحر وليس في البر. وتدل الظواهر على أن تيميستوكليس هو الذي اقترح ذلك، وأنه كان يريد به تأكيد حق أثينة في إدارة شؤونها بنفسها، وتأمين استقلالها عن حلفائها حتى تستطيع أن تتبوأ المكانة اللائقة بها وتنفرد بالسيطرة على بلاد اليونان.

وتشير المصادر القديمة، إلى أن تيميستوكليس قد بذل جهوداً عظيمة في سبيل تنظيم بيرايوس وتقدمها، فاستصدر قانوناً بإعفاء أصحاب المهن من الضرائب تشجيعاً لهم على الإقامة في هذا المرفأ وزيادة عدد سكانه، ثم فرض على كل واحد من كبار الأغنياء أن يصنع سفينة ويتولى تجهيزها والإنفاق على بحارتها. وكذلك استصدر قانوناً خاصاً يحتم على الحكومة صنع عشرين سفينة في كل عام، وأخيراً فهو الذي قام بتأسيس «شرطة المرافىء» وتنظيمها.

وبعد موقعة سلاميس، أُبعد تيميستوكليس عن ميدان العمل الرسمي. ولكنه كان لا يزال يمارس نفوذاً كبيراً في سياسة أثينة، بوصفه زعيم الحزب الديمقراطي، وظهر كيمون Kimon زعيماً للحزب الأرستقراطي الذي كان يعمل تحت زعامة أريستيدس Aristides منذ تكوين حلف ديلوس[ر] Delos  شتاء 478-477ق.م، والذي كان تيميستوكليس من أكبر الداعين لإقامته، ولذا يعد الأب الروحي لحلف ديلوس، في حين كان أريستيدس المؤسس الحقيقي للحلف.

وفي عام 476ق.م، أصبح كيمون القائد الأعلى وظل محتفظاً بمنصب القيادة حتى عام 462ق.م، وكان يدعو مع أريستيدس إلى التعاون مع إسبرطة والتسليم لها بالزعامة العسكرية في البر، على نقيض تيميستوكليس الذي كان يعارض هذه السياسة ويرى في حلف ديلوس القوة المسيطرة الوحيدة في بلاد اليونان، وبحيث تستمر الزعامة الكاملة لأثينة في جميع أنحاء العالم اليوناني. وإزاء هذا الخلاف، واجه تيميستوكليس في عام 471ق.م تهمة الخيانة والتعامل مع الفرس، وجهها إليه زعيما الحزب الأرستقراطي أريستيدس وكيمون، وقد أحس تيميستوكليس بخطر الإدانة، فالتجأ إلى الفرس، وتوفي بعد مدة قليلة في كنفهم، نحو عام 459ق.م، فكانت نهاية مزرية لبطل معركة سلاميس.



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.