سبتيميوس سفيروس

Friday, February 6, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
سبتيميوس سفيروس

(146 ـ 211م) لوكيوس سبتيميوس سفيروس غيتا L.Septimius Severus Geta أول امبراطور روماني من أصول عربية كنعانية، ومؤسس أسرة حاكمة دانت لها الامبراطورية ما يقرب من نصف قرن (193ـ235ق.م)، وعرفت باسم السلالة السيفيرية أو الليبية ـ السورية.

ولد عام 146م في مدينة لبتيس الكبرى Leptis Magna (لبدة اليوم) في إقليم طرابلس الغرب من أسرة بونيقية «مترومنة» تنتمي إلى طبقة الفرسان.

تلقى سبتيميوس علومه القانونية والعسكرية في لبدة، التي كانت تضم مستعمرة رومانية، ودرس الآداب والفلسفة في أثينا، ومارس المحاماة، وصار عضواً في مجلس الشيوخ الروماني عام 173م، وتقلد عدة مناصب إدارية وعسكرية كبيرة توجها بالقنصلية عام 190م.

كان حاكماً لولاية بانونيه العليا (النمسا والمجر اليوم) وقائداً لجيش الدانوب عند اغتيال الامبراطور كومودوس Commodus عام 192م، الذي أعقبه أحداث دامية وصراع على العرش، شبيه بما حدث عام 68م بعد مصرع الامبراطور نيرون، فقد اغتيل خليفته برتيناكس Pertinax عام 193م على أيدي الحرس الامبراطوري، الذي نصب ديدوس يوليانوس D.M.Julianus، أكثر المزاودين عطاء على العرش،فثارت الجيوش الرومانية على هذه الأوضاع، وبدأت تعلن قوادها أباطرة. وهكذا نادى جيش الدانوب عام 193م بقائده سبتيميوس امبراطوراً، الذي سارع بالزحف على روما معلناً أنه يريد أن يثأر لمقتل برتيناكس وتغلب بسهولة على يوليانوس الذي قتل بأيدي حراسه، واستتبت له الأمور وأعلنه مجلس الشيوخ امبراطوراً في عام 193م. وفي أثناء ذلك كان بسكينيوس نيجر Pescennius Niger، حاكم سورية وقائد جيوش الشرق، قد أعلن نفسه امبراطوراً، فتحالف سبتيميوس مع حاكم بريطانيا ألبينوس Albinus، ثم تحرك بقواته نحو الشرق، وتمكن، في معركة دامية جرت في إيسوس عند المضائق السورية، من تحطيم جيش نيجر، الذي فر إلى أنطاكية، ثم قتل في تشرين الثاني عام 194. ودخل سبتيميوس أنطاكية، وعاقبها بأن جعلها تابعة لمدينة اللاذقية، لأنها ناصرت خصمه المهزوم، كما قام بحملة مظفرة على الفرثيين الذين كانوا يهددون ولاية سورية.عاد بعدها إلى بلاد الغال، لمواجهة منافسه ألبينوس الذي أعلن نفسه امبراطوراً، وخاض معه معركة ضارية قرب ليون الفرنسية انتهت بهزيمته وانتحاره عام 197م. وهكذا صار سيد الامبراطورية بلامنازع، وأصبح بإمكانه التوجه إلى الشرق لمجابهة الفرثيين، الذين استغلوا غيابه في الغرب لمهاجمة سورية. ودامت الحرب عامين كاملين (197 ـ 199م)، انتهت بدخول عاصمتهم طيسفون وإجبارهم على عقد صلح تخلوا بموجبه عن شمالي بلاد الرافدين (الجزيرة السورية اليوم) التي صارت ولاية رومانية باسم اوسروينه، قاعدتها نصيبين التي غدت حصناً رومانياً منيعاً. لكن سبتيميوس أخفق في السيطرة على مدينة الحضر[ر] بسبب مناعة أسوارها واستبسال القبائل العربية في الدفاع عنها. وأمضى الامبراطور وأسرته ثلاث سنوات في الشرق، زار فيها سورية ومصر ومعالمها المشهورة ونظم أمورها، وعاد بعدها إلى روما ليحتفل بمرور عشر سنوات على وصوله إلى العرش، وليدشن (203م) قوس النصر الذي أمر بإقامته مجلس الشيوخ تخليداً لانتصاراته في الشرق، والذي لايزال قائماً حتى اليوم، ويعد من أشهر آثار روما.

كان سبتيميوس من أقدر الأباطرة الرومان، قام بإصلاحات سياسية وعسكرية وإدارية وقانونية كبيرة، تركت بصماتها على العصور اللاحقة، فقد حل الحرس البريتوري الذي كان سند الأباطرة منذ عهد أغسطس، ثم صار نقمة عليهم، وكان حكراً على الإيطاليين الرومان، وشكل بدلاً منه وحدة جديدة من خيرة الجند في الامبراطورية، وخاصة من سورية وشمالي إفريقيا، كما أنه قسم ولاية سورية ولايتين للحد من طموحات حكامها وتطلعهم إلى عرش الامبراطورية. واهتم بتنظيم القضاء والمحاكم، وارتقى في عهده علماء القانون إلى أعلى المناصب، وهكذا برز الفقيه بلاوتيانوس Plautianus الإفريقي الذي تسلم قيادة الحرس الامبراطوري، وصار له شأن كبير في البلاد، وخاصة بعد أن تزوج ابن الامبراطور كركلا من ابنته بلاوتيلا، وكي يعطي حكمه الدعامة الشرعية، أعلن سبتيميوس انتماءه إلى الأباطرة الأنطونيين وأنه ابن الامبراطور ماركوس أوريليوس [ر] بالتبني، وسمى ابنه الأكبر باسيانوس: ماركوس أوريليوس أنطونينوس.

أما مجلس الشيوخ فقد تغير تركيبه في عهده، وفقد مركزه السابق واقتصر دوره على تصديق القرارات الامبراطورية، وأبعد الشيوخ عن القيادات العسكرية الكبيرة، وأحل محلهم رجال القانون في مجلس الامبراطور الاستشاري، وزاد الاعتماد على جهاز الموظفين الذين تنامت أعدادهم ورتبهم واختصاصاتهم، ووضعوا تحت إشراف قواد الحرس الذين صاروا يجمعون بين أعلى المراتب العسكرية والمدنية.

تزوج سبتيميوس عام 187م الأميرة السورية يوليا (جوليا) دومنا Julia Domna، وهي سليلة أسرة كهنوتية عريقة من حمص، كان قد عرفها حين تولى قيادة إحدى الفرق العسكرية في سورية، وقد أنجب منها ابنيه كركلا وغيتا اللذين سيخلفانه على عرش الامبراطورية. وهكذا حظيت سورية ـ مثل موطنه إفريقيا ـ بعناية الامبراطور ورعايته، فأغدق عليها كثيراً من الامتيازات، وازدانت مدنها بالمنشآت الفخمة التي لايزال بعضها قائماً حتى اليوم، مثل قوس النصر في اللاذقية وآثار لبدة الشهيرة.

وأخيراً استدعته الأحداث في بريطانيا إلى ساحات القتال مجدداً، فانطلق عام 208م لمحاربة القبائل الاسكتلندية، التي كانت تغير عليها، فتمكن من دحرها وكسر شوكتها، وأعاد تحصين سور هادريان، وكان ينوي ضم كلدونيا (اسكتلندا) إلى الولاية الرومانية، ولكن المرض أقعده وفارق الحياة في 4 شباط عام 211م في مدينة يورك الانكليزية، ونقل رماده ليدفن في ضريح الأباطرة في روما، تاركاً العرش لابنيه كركلا وغيتا، وكانت وصيته لهما: «كونا متحدين وابذلا المال للجند ولا تهتما بشيء بعد ذلك».

وهكذا فإن الجيش كان عماد سلطته ومنطلقها، لذلك أغدق عليه الهبات وزاد في مرتبات جنده وضباطه ومنحهم كثيراً من الامتيازات، وكان ذلك بداية تسلط الجيوش الرومانية على مقرات الحكم.

كان سبتيميوس من أحسن الرجال تربية وأكثرهم علماً وثقافة في عصره، وقد جمع حوله الشعراء والفلاسفة والمؤرخين ورجال القانون، وعلى رأسهم الفقهاء السوريون بابيان وأولبيان وباولوس.

كان وسيم الطلعة، قوي البنية، بسيطاً في مأكله وملبسه وسلوكه، بارعاً في الفنون العسكرية، لا يهاب الردى في القتال وقديراً صارماً في أحكامه. كان رجل دولة من الطراز الأول، قَوى مركز الامبراطور وصان وحدة الامبراطورية، ومنحها في سنوات حكمه السلام والاستقرار، وحقق انتصارات حربية مشهودة على منافسيه وعلى أعداء الامبراطورية في الشرق والغرب.
 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.