
أظهر موريس منذ شبابه ميلاً واضحاً نحو قيم القرون الوسطى في الثقافة والأخلاق، وقد تجلّى ذلك في عمله الفني باستخدام تقنيات مدرسة ماقبل رافايلو[ر] Pre-Raphaelitism التي كانت تهدف إلى مناهضة الذوق الفكتوري المهيمن على الفن الإنكليزي في منتصف القرن التاسع عشر بالعودة إلى مبدأ «نقاء الفن» المعتمد لدى الفنانين الإيطاليين السابقين لرافايلو. وعندما تأسست أخوية «ما قبل رافايلو» Pre-Raphaelite Brotherhood كان من أول المنتسبين إليها وقام بدور مهم في شهرها. ترك موريس التصوير باكراً ليصب اهتمامه على العمل الفني اليدوي، يدفعه نحو ذلك رفضه الشناعة التي ينشرها التقدم الصناعي. وكان يتطلع إلى تأسيس جماعات حرفية كتلك التي وجدت في العصور الوسطى التي كانت تجمع بين العملين اليدوي والفني في إنتاج أغراض الحياة العادية لتلبية حاجات الناس أيّاً كان مستواهم الاجتماعي. وجمع حول أفكاره هذه عدداً من مريديه فيما صار يُعرف باسم مدرسة «فنون وحِرَف» Arts & Crafts التي كانت تطالب بالمساواة بين الحرفيين والفنانين وتدعو إلى إحياء المهن الحرفية المنتجة لكل ما هو جميل بدلاً من الصناعة التي لا تنتج إلا القبيح، وطُبِقت هذه الأفكار عملياً في بيته المسمّى «البيت الأحمر» Red House. ولكي يساعد على نشر المنتجات الحرفية الفنية أنشأ موريس عدداً من الشركات الخاصة بهذه الصناعات وبتسويقها، كما أنشأ عام 1891 مطبعة كِلْمسكوت Kelmscott المتخصصة بطباعة الكتب الفنية الفخمة.
رأى موريس في فنون العصور الوسطى وآدابها غاية الإبداع الفني, فتغنى في كتبه الشعرية والقصصية بجماليات تلك العصور، كما في قصائده الطويلة «دفاعاً عن غوينيفير وقصائد أخرى» The Defence of Guenevere, and Other Poems ت(1858)، و«حياة ياسون ومماته» The Life and Death of Jason ت(1867)، و«الفردوس الأرضي» The Earthly Paradise المنشورة بين عامي 1868 و1870، وفي روايته التاريخية «حكاية سيغورد الفولْزُنغي وسقوط النيبلونغ» The Story of Sigurd the Volsung and the Fall of the Nibelungs ت(1876) التي يسترجع فيها تراث الساغا[ر] Saga الاسكندناڤية بأسلوبها الملحمي وأساطيرها وحكاياتها. لكن أكثرأعمال موريس الأدبية شهرة هو رواية «أخبار من لا مكان أو زمن للراحة» News from Nowhere or An Epoch of Rest ت(1890)، وهي رواية طوباوية تحكي قصة جماعة تعيش حياة مثالية تحكمها القوانين الإنسانية العادلة.
يجمع النقاد على عدّ موريس مؤسس الفانتازيا البطولية heroic fantasia في روايتيه الأخيرتين «البئر عند نهاية العالم» The Well at the World’s End، و«الغابة في ما وراء العالم» The Wood Beyond the World المنشورتين عام 1892.
صبغت اهتمامات موريس الجمالية وطوباويته أفكاره الاشتراكية، فاتهمه ماركس بأنه حالم يبالغ في الاهتمام بالجميل، في حين نجح الفوضويون الإنكليز Anarchists بطرده من رابطة الاشتراكيين. فقد رأى أن بناء الاشتراكية يبدأ من قاع المجتمع مما يتطلب تطبيق الديمقراطية في أدق تفاصيل الحياة اليومية وليس على المستوى السياسي فحسب، وهذا يعني خوض الصراع الطبقي على مستويات الحياة كافة، ورفض التركيز على الدولة. نشر موريس آراءه السياسية في مقالات نقدية ضد التيارات الاشتراكية الفاعلة في الحياة السياسية البريطانية في نهاية القرن التاسع عشر، وقد جُمعت هذه المقالات بعد موته في كتاب «كتابات وليم موريس السياسية» The Political Writings of William Morris.
حسان عباس
مراجع للاستزادة:
- JEAN-MICHEL BAISSUS, “William Morris, poète”, Université de Lille-III (1981).
- LIN CARTER, editor, The Well at the World’s End (Ballantine, New York 1972).