(1265 - 1347هـ/1849 - 1928م) قاض وكاتب ومفكر وزعيم هندي مسلم. ولد في «أوهان» من إقليم «أود» في الهند لأب مسلم اسمه سعادة علي. وهو سليل أسرة عربية شيعية تنتمي إلى آل البيت كانت تستوطن خراسان، وكان عميدها محمود صادق خان واحداً من كبراء البلاط الفارسي أيام الشاه عباس الصفوي. وحين خلف نادر شاه الصفويين، انتظم أحد أبناء محمود صادق في جيش نادر شاه الذي غزا الهند أواسط القرن الثامن عشر. وبعد ارتداد نادر شاه عن الهند، وضع هذا الجندي نفسه، مثلما وضعت أسرته نفسها بالتعاقب في خدمة بلاطات سلاطين التيموريين (المغول العظام) في دلهي، ثم في خدمة شركة الهند الشرقية الإنكليزية. وكان سيّد أمير علي الحفيد الرابع لذلك الجندي. درس سيّد أمير علي أولاً في الكلية المحسنية هوغلي Hooghly قرب كلكتة، وتعلم فيها العربية وآدابها والشريعة إلى جانب القانون والآداب الإنكليزية، وسافر إلى لندن، فنال فيها إجازة القانون عام 1873م، ثم عاد إلى كلكتة وعمل في المحاماة، واختير أستاذاً للشريعة الإسلامية في كلية كلكتة فمديراً لمدرسة الحقوق. وصارت بعض كتبه مراجع معتمدة في القانون الإنكليزي الإسلامي.
ولما كان سيد أمير علي على دراية عميقة في مجالات عدة، بوصفه أستاذاً للقانون الإسلامي ومحامياً، وعاملاً في الخدمة الاجتماعية، والإدارة الحكومية، وفي السياسة والأدب، فقد صار في 1883م واحداً من الأعضاء الهنود الثلاثة والمسلم الوحيد في مجلس نائب الملك.
وفي عام 1890م شغل منصب المستشار في محكمة البنغال العليا وظل فيه حتى اعتزاله القضاء في 1904م. وبعد ذلك عاد إلى لندن ليستقر في إنكلترة محاطاً بشهرة واسعة مع زوجته الإنكليزية إيزابيل كونستام التي أنجبت له ولدين، وظل مقيماً في إنكلترة حتى وفاته.
وفي 1909م كان سيد أمير علي الهندي الأول الذي سمي عضواً في اللجنة القضائية «للمجلس المخصوص» في لندن بصفة مستشار ملكي في هذا المجلس وفي المجال الاجتماعي كانت نشاطات سيّد أمير علي مرموقة وموضع تقدير. ومن هذه النشاطات إعطاؤه كفالته لبيت إصلاح الأطفال في (أَليبّور - كلكتة) وكونه واحداً من الأعضاء النشيطين في الجمعية البريطانية للصليب الأحمر، إضافة إلى مساعيه الحميدة في الدعوة إلى تأسيس جمعية الهلال الأحمر.
لكن الاهتمامات السياسية والاهتمامات الفكرية كانت هي الغالبة على حياة هذا الزعيم الهندي البارز. ففي المجال السياسي، أسس سيّد أمير علي في 1877م «الجمعية الوطنية المحمدية» التي غدت بُعيد تأسيسها تنظيماً وطنياً يضم أربعة وثلاثين فرعاً، تنتشر من مدراس إلى كراتشي. وكان هدفه قبل أي شيء تشجيع الصداقة و الأخوة بين مختلف العروق والمعتقدات الهندية بالتلازم مع هدف حماية المسلمين وحفظ مصالحهم ومساعدتهم على اكتساب الدّربة السياسية.
وقد استشعر سيد أمير علي ولادة ضمير الإسلام الهندي السياسي. وعبّر عن حالة هذه الروح في كتبه وحضّ عليها، معارضاً في ذلك رأي سيّد أحمد خان في الوحدة الهندية الإسلامية، وملاءمة الوقت لثقافة حديثة مستمدة من الغرب، كانت ترسخ وضعها آنذاك في البلاد. وقد شارك في إنشاء فرع لندن للرابطة الإسلامية، لكن تعلقه الحقيقي ببريطانية واستقامته قاداه إلى الاستقالة منها في عام 1913م عندما انضمت الرابطة إلى المؤتمر الهندي في مباحثات الحكم الذاتي مع بريطانية. وربما يرجع هذا إلى موقفه المعروف آنذاك بتأييده للحكم البريطاني في الهند بوصفه بديلاً من سيطرة الهندوس على البلاد في حال استقلالها.
كما شارك في مفاوضات جرت في لندن، بخصوص مشروع للإصلاحات السياسية في الهند. وقام بعد الحرب العالمية الأولى بدور مهم في الدفاع عن حركة مناصرة الخلافة، وهو الذي كان يعتقد بأن نفوذ الخلافة الروحي ضروري لسلامة سلطان تركية السياسي ولكونه عماداً للتضامن الإسلامي، الأمر الذي أصابه بخيبة أمل مريرة من انقلاب أنقرة العلماني المعادي للدين الذي محا الخلافة وألغى آثارها ورسومها الدينية. وقد لقيت رسالته المشتركة مع آغاخان، الموجهة إلى عصمت باشا أحد قادة الاتحاديين الأتراك، معارضة عنيفة في تركية التي كانت حكومتها وقتئذ قد ألغت الخلافة. وقد ناهض سيّد أمير علي مع ذلك شروط الصلح المفروضة على تركية في أعقاب الحرب، وكان لنفوذه لدى أصدقائه من السياسيين الإنكليز أثر مفيد في فوز تركية بتعديل شروط الصلح وفي مجريات مؤتمر لوزان ونتائجه. وانسجاماً مع ما عرف عنه من تعاطف مع هموم الشعوب الإسلامية أينما وجدت، وجّه أمير علي، إبان ثورة الريف التي واجه فيها الأمير عبد الكريم الخطابي في المغرب الجيوش الإسبانية والفرنسية معاً، خطاباً مشهوراً إلى رئيس الجمهورية الفرنسية يناشد فيه فرنسة ألا تقضي على أماني شعب صغير مجاهد.
كان سيّد أمير علي كاتباً نشيطاً يشارك في أعمال تأسيسية، وداعية نهضة إسلامية، ومفكراً إسلامياً مستنيراً مطّلعاً على المدنية الغربية نشيطاً في التعريف بالإسلام وتراثه وشعوبه، وبالعرب وتاريخهم، بدراسات ومؤلفات شهيرة، كُتِبت جميعها بلغة إنكليزية رفيعة، وتتصف بالاعتدال والموضوعية واعتماد المنطق، ولربما كان من أهمها كتاب «روح الإسلام» الذي صدر بطبعات متعاقبة. وكتاب آخر هو «مختصر تاريخ العرب» وقد طبع مراراً وترجم إلى الأوردية. ولقد استقبلت نظرة سيّد أمير علي المتحررة والعصرية إلى الإسلام برضى، وتركت تأثيراً مؤكداً في الغرب الذي كانت تسوده تيارات التعصب والتشويه والتحامل على الإسلام وعالم الإسلام. وقد أسهمت مؤلفاته ودراساته الكثيرة كذلك، في تعديل موقف الكثيرين من الغربيين والمسلمين من ماضي الإسلام، وتكمن أهمية سيّد أمير علي التاريخية في المهمة التي نهض بها لجعل الغربيين ينظرون إلى الإسلام بعين التقدير، وفي جعل المسلمين المستغربين يحملون النظرة نفسها إلى الإسلام.
سيد أمير علي
Friday, October 10, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.
آخر أعلام
الأكثر زيارة في الأسبوع
موارد بیشتر برای شما
الشعر في مشهد، العاصمة الدينية لإيران
الانهيار البطيء للنظام السعودي..بن سلمان وحيدا في القمة!
معركة فاصلة على الرئاسات الثلاث في البرلمان العراقي
امريكا تصعد هجماتها الإعلامية ضد وزيرخارجيتها السابق
كاتب بريطاني: ابن زايد يستغل جهل ابن سلمان
مفاجأة... لماذا قرر عمر البشير حل الحكومة؟
الأنواء تعلن حالة الطقس في العراق للأيام المقبلة
اليابان تجرب مصعدا إلى الفضاء!
استخدام تقنية التعرف على الوجه في مطارات الهند
روسيا تستأنف إنتاج أضخم "سفينة طائرة" في العالم
جماعة علماء العراق: حرق القنصلية الايرانية تصرف همجي!!
البرلمان العراقى يعقد جلسة استثنائية لمناقشة الأوضاع بالبصرة اليوم
قمة طهران تخطف صواب الغرب وتذهل ساسته
معلومات لم تسمعها عن "المختار الثقفي"..من أديا دوري الامام الحسين وأخيه قمر بني هاشم؟!
الأمم المتحدة تطالب الصين بالإفراج عن مليون مسلم من الأويغور