(1860 ـ 1948) جون جوزيف بيرشنغ John Joseph Bershing جنرال جيش (فريق أول)، كان رئيساً لهيئة الأركان العامة للجيش الأمريكي، اشتهر بلقبه جاك الأسود Black Jack لحزمه وانضباطه الشديدين. ولد في أسرة متواضعة، في بلدة لاكليد من مقاطعة لين ولاية ميسوري Laclede, Lynn county. نجح في امتحان القبول في كلية وست بوينت الحربية وتخرج فيها ضابطاً في الخيالة عام 1886م.
خاض بيرشنغ أول معاركه الحربية في مواجهة الهنود الحمر، ثم عين مدرباً عسكرياً في جامعة نبراسكة، الأمر الذي أتاح له فرصة متابعة الدراسة الجامعية ونيل شهادة الحقوق عام 1893. أُرسل إلى الفيليبين عام 1891، و شارك في الحرب الإسبانية الأمريكية، ونال وساماً لبسالته. أوفد إلى منشورية مراقباً عسكرياً في الحرب الروسية اليابانية (1904-1905)، ورُفِّعَ بعد عودته إلى رتبة عميد. وبعد مدة أخرى قضاها في الفيليبين (1906-1913) عُيّن بيرشنغ قائداً لحملة تأديبية للقضاء على ثورة المكسيك بزعامة فرانشسكو بانشوفيلا (1916)، ونفذ مهمته بنجاح، ورقّيّ إلى رتبة لواء.
بعد أن أعلنت الولايات المتحدة الحرب على ألمانية في نيسان 1917، اختار الرئيس وودرو ويلسن الجنرال بيرشنغ قائداً لقوات الحملة المزمع إرسالها إلى أوربة، ومنحه الصلاحيات الكاملة لتجييش القوات البرية التي يراها ضرورية لخوض الحرب، على أن تعمل تلك القوات متكاملة في جيش مستقل، بالتعاون مع قوات الحلفاء. وقد تمت الموافقة على توصيات بيرشنغ التي جاءت على غير مايرغب فيه الحلفاء، إذ إن مجلس حرب الحلفاء الذي ضم جورج كليمنصو من فرنسة ولويد جورج من بريطانية وفيتوريوعمانويل من إيطالية كان يرغب في الحصول على تعزيزات بشرية يسد بها الفراغ الحاصل في قوات الحلفاء التي استنزفتها حرب المواضع.
اختار بيرشنغ مسرح عملياته على جبهة «اللورين»[ر:الحرب العالمية الأولى] لتكون على مقربة من خطوط إمداده عن طريق المرافئ الفرنسية على الساحل الغربي، ولا تتقاطع في الوقت نفسه مع خطوط إمداد الحلفاء. وكان خط الدفاع الألماني في اللورين يؤلف بروزاً عميقاً في خطوط الحلفاء ويهدد جناحيها. وفي إبان الاستعدادات الجارية نجح قائد القوات الألمانية المارشال لودندورف[ر] في إحداث صدع في خطوط الدفاع الحليفة وهدد باريس في خامس محاولة هجومية له (آذار ـ حزيران 1918)، في معركة المارن الثانية، واضطر الحلفاء بسبب ذلك إلى تأليف قيادة موحدة للقوات المتحالفة برئاسة المارشال فوش[ر[. كما اضطر بيرشنغ إلى وضع فرقتين بتصرف المارشال فوش، تمكنتا من إيقاف هجوم الألمان في قطاع شاتو تييري Chateaa Thierry على جبهة المارن Marne، وفي أيلول 1918 شنت قوات الحملة الأمريكية بقيادة بيرشنغ هجومين متتاليين، فاخترقت بروز سان مييل S.Mihiel بنجاح، ثم شاركت قوات الحلفاء في الهجوم العام على جبهة موز ـ أرغون بعد إعادة تجميع قصيرة الأمد، وكان من نتائج ذلك الهجوم تحطيم المقاومة الألمانية في فرنسة، وعقد الهدنة التي أنهت الحرب في 18 تشرين الثاني 1919.
واجه بيرشنغ انتقادات كثيرة بسبب أخطائه العملياتية والإدارية، ولكن نجاحه في تأليف قوات الحملة منطلقاً من الصفر، والنجاحات التي حققها في العمليات، جعلته من أبرز القادة العسكريين في العالم، فعاد إلى وطنه وقد ذاع صيته، ومنح في عام 1919 رتبة «جنرال الجيوش» General of the Armies وهي رتبة فريدة في تاريخ الولايات المتحدة (تعادل رتبة «مارشال» في جيوش الغرب) ولم ينلها أحد قبله أو بعده. واختير في تموز 1921 رئيساً لهيئة أركان الجيش الأمريكي، ثم أحيل على التقاعد سنة 1924، وأرسل في عام 1925 رئيساً للجنة الاستفتاء العام في أمريكة الجنوبية لتسوية الخلاف بين البيرو والتشيلي، وأمضى ما تبقى من عمره رئيساًَ فخرياً للجنة النُّصُب التذكارية الأمريكية، وتوفي في واشنطن ودفن في مقبرة آرلنغتون الوطنية.
حاز بيرشنغ أوسمة كثيرة من وطنه ومن دول أوربية وأمريكية جنوبية، ومنح درجة دكتوراه فخرية في القانون. وقد ترك بيرشنغ مذكرات له بعنوان «تجاربي في الحرب العالمية» نشرت في مجلدين (1931).
