ألكسندر الثاني

Thursday, October 9, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
ألكسندر الثاني

(1818 ـ 1881) ألكسندر نقولايفتش Alexandr Nikolayevich قيصر روسية (1855- 1881)، الابن الأكبر للقيصر نقولاي الأول (1825-1855)، تلقى تربية تقليدية في ظل أب مسيطر طاغي الشخصية ومرب رومنسي متحرر هو الشاعر فاسيلي  جوكوفسكي Vasily Zhukovsky، وقد ترك ذلك بصماته على سلوك ألكسندر الثاني في الحكم. تزوج في عام 1841 الأميرة الألمانية ماري هس دارمشتادت (ماريا ألكسندرفنا بعد الزواج)، وقد ولدت له ستة أبناء ذكور وابنتين.

رقي ألكسندر العرش بعد وفاة والده في شهر شباط 1855، أيام كانت حرب القرم على أشدها. وقد أظهرت هذه الحرب مدى تخلف روسية عن الدول الغربية المتقدمة مثل إنكلترة وفرنسة، وقرر القيصر الجديد القيام بإصلاحات جذرية لتحديث البلاد، وكان من أول اهتماماته، بعد عقد معاهدة باريس (1856) المجحفة بحق روسية، توفير طرق المواصلات الضرورية  للبلاد، فازداد طولها من 960كم إلى 22500كم ربطت مختلف المدن المهمة بعضها ببعض. مما أدى إلى نهضة اقتصادية شملت الزراعة وتربية الحيوان وتنوع الاستثمارات إضافة إلى زيادة نشاط المصارف.

وكان لإلغاء نظام القنانة الذي تم سنة 1861 أثر في دعم تلك النهضة وفي تحرر اليد العاملة، كما أدخلت تحسينات كثيرة في المؤسسات الإدارية وفي القضاء، وأحدثت مجالس محلية منتخبة عرفت باسم «زيمستفو» منحت صلاحيات واسعة. كذلك جرت إصلاحات جذرية في صفوف القوات المسلحة وتنظيماتها وفي المدارس العسكرية التي فتحت أبوابها للشباب من كل الطبقات الاجتماعية. أما أهم تلك الإصلاحات فكان الانفتاح على الثقافات الغربية وتقنياتها، وتحرير السجناء السياسيين وإعادتهم من المنفى وتخفيف القيود عن الطوائف الدينية، وعن تنقل الأجانب، والتخفيف من قبضة الحكم الروسي في بولندة. وكان لهذه الإصلاحات في المقابل ردود فعل عكسية لعدم استعداد روسية بَعْدُ لتقبل الحكم الدستوري وحكومة منتخبة. فلم تكد تخفف قيود الحكم في بولندة حتى عمّت المظاهرات الوطنية شوارعها، وجرت أكثر من محاولة اغتيال، وآل الأمر إلى ثورة وطنية (1863) لم تخمد إلا بصعوبة. وانتشرت في الوقت نفسه المذاهب الفوضوية بين الشباب الروس، ونشطت في روسية الجمعيات السرية والحركات الثورية، وردت الحكومة بإطلاق يد أجهزة الأمن والشرطة السرية، وبلغ التوتر أقصاه في ربيع عام 1866 حين جرت محاولة اغتيال القيصر نفسه، ولكنه نجا منها بصعوبة. ودفعه هذا العمل إلى الوقوع  تحت تأثير المحافظين الذين تزعمهم وزير الشرطة السرية بيوتر شوفالوف Pyotr Shuvalov، وكانت محاولة الاغتيال تلك نقطة تحول في حياة القيصر وسلوكه، وبداية ارتباطه بالأميرة الشابة يكاترينا دولغروكيا Yekaterina Dolgorukaya. وقد أضعفت هذه العلاقة مركز ألكسندر في أسرته وفي مجتمع بطرسبرغ، كما أضعفت موقفه بين القوميين السلاف الذين جعلوا من القيصرة ماريا مدافعةً عن قضاياهم في ثورة الصرب على العثمانيين سنة 1876، واضطر القيصر إلى الدخول في حرب مع العثمانيين في العام التالي، وقد تمكنت قواته من تحقيق النصر النهائي بعد سلسلة من الهزائم، وتوقفت عند سواحل بحر مرمرة، وفرضت على  العثمانيين معاهدة سان ستيفانو (1878) التي حررت البلقان من التبعية العثمانية وأقرت استقلال بلغارية الكبرى، إلا أن هذه الإنجازات أقضت مضاجع القوى الغربية ولاسيما بريطانية فتنادت إلى عقد مؤتمر في برلين لتعديل تلك المعاهدة والاتفاق على تسوية شاملة، وكان لهذا الإخفاق العسكري والدبلوماسي أثره في تفاقم الاستياء العام في روسية فبدأت ريح الإرهاب تهب عليها، وتركزت على شخص القيصر الذي راح يتعرض من جديد لمحاولات اغتيال متتالية، بإطلاق النار عليه أو إخراج قطاره عن السكة، أو وضع متفجرات في القصر الشتوي في بطرسبرغ (مقر القيصر)، ولم تنجح أي محاولة منها، فازداد إيمانه بالقدرة الإلهية التي اختارته لقيادة شعبه، ومنح وزير داخليته الكونت مليكوف صلاحيات واسعة للقضاء على الإرهاب، وبعد وفاة القيصرة ماريا (1880) راح يستعد لإعلان زواجه من الأميرة يكاترينا وكانت قد ولدت له ثلاثة أولاد. وفي محاولة منه لاسترضاء الشعب وقع بياناً يعلن فيه رغبته بمنح البلاد دستوراً انتخابياً، وفي اليوم الذي تم فيه توقيع البيان (1 آذار 1881) أصيب بجروح قاتلة في انفجار قنبلة ألقيت على عربته وهو في طريقه إلى مقره.

تبوّأت  شخصية  ألكسندر الثاني مكانة مرموقة في تاريخ روسية، وتكاد الإصلاحات التي قام بها ترقى إلى مستوى ما قام به بطرس الأكبر ولينين. إذ كان في موقع الحاكم المطلق لامبراطورية مترامية الأطراف في مرحلة مهمة من مراحل تطورها، ففي عهده حصلت روسية على القاعدة المادية التي أهلتها لتتحول إلى دولة رأسمالية صناعية، وقيض لها توسعها في آسيا إمكانات ضخمة عوضتها عن خسائر حرب القرم وخسارة شبه جزيرة ألاسكة[ر] التي باعتها إلى الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1867 إذ حصلت على مقاطعات بحرية على المحيط الهادئ (1858- 1860) حيث تأسست مدينة فلاديفوستوك (1860) وسيطرت سيطرة تامة  على مناطق القفقاس[ر] واستعارتها، واستولت على جميع مناطق آسيا الوسطى (خيوة وبخارى وتركستان[ر])، الأمر الذي مهد الطريق أمامها لتتحول إلى دولة امبريالية من الدرجة الأولى.



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.